• Post on Facebook
  • Twitter
  • pdf
  • نسخة للطباعة
  • save
الأكثر شعبية

بيان مركز الإمام الصادق (ع) في ذكرى هدم قبور ائمة البقيع عليهم السلام

بواسطة |   |   عدد القراءات : 1353
حجم الخط: Decrease font Enlarge font
بيان  مركز الإمام الصادق (ع) في ذكرى هدم قبور ائمة البقيع عليهم السلام

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

 وَصَلَّى اللَّهُ عَلَى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ الطَّيِّبِينَ الطَّاهِرِينَ 


قَالَ اللَّهُ تَعَالَى : 

وَكَذَٰلِكَ أَعْثَرْنَا عَلَيْهِمْ لِيَعْلَمُوا أَنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَأَنَّ السَّاعَةَ لَا رَيْبَ فِيهَا إِذْ يَتَنَازَعُونَ بَيْنَهُمْ أَمْرَهُمْ ۖ فَقَالُوا ابْنُوا عَلَيْهِم بُنْيَانًا ۖ رَّبُّهُمْ أَعْلَمُ بِهِمْ ۚ قَالَ الَّذِينَ غَلَبُوا عَلَىٰ أَمْرِهِمْ لَنَتَّخِذَنَّ عَلَيْهِم مَّسْجِدًا . 

أَعْظَمَ اللَّهُ أجورنا وأجوركم بِذِكْرَى تَهْدِيم قُبُورُ أَهْلِ الْبَيْتِ عَلَيْهِمْ السَّلامُ فِي الْمَدِينَةِ الْمُنَوَّرَةِ خُصُوصًا أَئِمَّةِ الْهُدَى عَلَيْهِمُ السَّلامُ (الامام السّبْط الْحَسَن و الْإِمَام زَيْنِ الْعَابِدِينَ وَالْإِمَام الْبَاقِر وَالصَّادِق عَلَيْهِمْ أَفْضَلُ الصَّلَاةِ وَالسَّلَامُ وَبَاقِي قُبُورُ أَهْلِ الْبَيْتِ عَلَيْهِمْ السَّلامُ وَأُمَّهَات الْمُؤْمِنِين وَصَحَابَة رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ ) وَفِي هَذِهِ الْمُنَاسَبَةَ الأليمة الَّتِي قَالَ فِيهَا الشَّاعِر 

إلَّا أَنْ حَادِثَة البقيـــــــــع . . . . . . . . . . . يَشِيب لهولها فَوْد الرضيـــــع 

 

وَسَوْف تَكُون فَاتِحَة الرَّزَايَا . . . . . . . . . إذَا لَمْ نَصَحُوا مِنْ هَذَا الْهُجُوع . 

نُرِيدُ أَنْ نُبَيِّنَ بَعْضِ الْأُمُورِ 

أَوَّلًا : الْحُكْمِ الشَّرْعِيِّ فِي بِنَاءِ الْقُبُور فَوْق الْأَئِمَّة وَالْأَوْلِيَاءِ وَالصَّالِحِينَ ، فَقَد صَدَّرْنَا بياننا بِالْآيَةِ الشَّرِيفَةِ الَّتِي اسْتَفَاد مِنْهَا عُلَمَاءُ الْإِسْلَامِ جَوَازُ الْبِنَاءِ عَلَى الْقُبُورِ 

فَبِنَاء الْمَسْجِد فَوْق مَزار أَوْلِيَاءِ اللَّهِ لَهُ جذُور قُرْآنِيَّة ، « لَنَتَّخِذَنَّ عَلَيْهِمْ مَسْجِدًا » . 

 

‏ورد فِي تَفْسِيرِ الْأَمْثَل فِي ذَيْلِ هَذِهِ الْآيَةِ الْكَرِيمَةِ مَا نَصُّهُ 

ظَاهِرُ تَعْبِيرِ الْقُرْآن أنّ أَصْحَابِ الْكَهْفِ مَاتُوا أَخِيرًا و دَفَنُوا ، و كَلِمَة « عَلَيْهِم » تؤيّد هَذَا الْقَوْلِ . بَعْدَ ذَلِكَ قرّر محبّوهم بِنَاءِ مَسْجِدٍ بِجِوَار مَقْبَرَتِهِم ، و قَدْ ذَكَرَ الْقُرْآنِ هَذَا الْمَوْضُوعُ فِي الْآيَاتِ أَعْلَاه بِلَهْجَة تَنْمُ عَنْ الْمُوَافَقَةِ ، وَ هَذا الْأَمْرِ يَدُلُّ علی أنّ بِنَاءِ الْمَسَاجِدِ لاحترام قُبُور عُظَمَاء الدِّينِ لَيْسَ أَمْرًا محرما- كَمَا يَظُنَّ ذَلِكَ الوهابيون- بَلْ هُوَ عَمَلُ حَلَالٌ و محبّذ و مَطْلُوبٌ . 

 

‏و عَادَة فإنّ بِنَاء الأضرحة الَّتِي تخلّد الْأَشْخَاص الْكِبَار أَمْرٌ شَائِعٌ بَيْنَ أُمَمٌ الْعَالِم و شعوبه ، و يبيّن جَانِب الِاحْتِرَام لِمِثْلِ هَؤُلَاءِ الْأَشْخَاص ، و تَشْجِيع لِمَنْ يَأْتِي بَعْدَهُمْ ، و الْإِسْلَامِ لَمْ يَنْهَ عَنْ هَذَا الْعَمَلِ ، بَل إجَازَة و أقرّه . 

 

‏إنّ وُجُودُ مِثْلِ هَذِهِ الْأَبْنِيَةِ سَنَدٌ تارِيخِي للتَّدْلِيل علی وُجُودِ هَذِهِ الشَّخْصِيَّات و الرُّمُوز و علی منهجها و مواقفها ، و لِهَذَا السَّبَبِ فإنّ الْأَنْبِيَاء و الشَّخْصِيَّات الَّذِين هُجِرَت قُبُورِهِم فإنّ تَارِيخُهُم أمسی مَوْضِعًا لِلشَّكّ و الِاسْتِفْهَام . 

 

‏و يتّضح مِنْ ذَلِكَ أَيْضًا أَنَّ لَيْسَ هُنَاكَ تَضَادّ بَيْن بِنَاءِ الْمَسَاجِدِ و الأصرخة و بَيْن قَضِيَّة التَّوْحِيدِ وَ اخْتِصَاص الْعِبَادَة باللّه تعالی ، بَلْ هُمَا موضوعان مُخْتَلِفَان . 

وَالْمُحَصِّلَة أَنَّ الْبِنَاءَ فَوْقَ الْأَوْلِيَاء هُوَ ظَاهِرُهُ دِينِيَّة عَريقَة نَقَلَهَا الْقُرْآنِ الْكَرِيمِ لِيَحْكِي قِصَّة انْتِصَار الْإِيمَانِ فِي قُبَال الْوَثَنِيَّة 

وَسُنَّةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ مَعَ ذَلِكَ فَإِنْ الْأَحَادِيثِ الصَّحِيحَةِ الْوَارِدَةِ عَنْهُ فِي زِيَارَةِ قَبْرِهِ يَكْفِي فِي التدليل عَلَى الْآمِرِ وَهُوَ أَمْرٌ تَقَرُّ بِهِ جَمِيعُ الْمَذَاهِبِ الْإِسْلَامِيَّة إلَّا مِنْ شَذَّ وتطرف مِثْل الوهابية . 

وَهَذِه بَعْضِ الْأَحَادِيثِ الَّتِي وَرَدَتْ فِي صِحَاحٍ أَهْلِ السُّنَّةِ حَوْل زِيَارَةِ الْقُبُورِ 

رُوِيَ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّهَا قَالَتْ : « كُلَّمَا كَانَ لَيْلَتِهَا مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلّمَ يَخْرُجُ مِنْ آخَرَ اللَّيْلِ إلَى الْبَقِيعِ فَيَقُول : السَّلَامُ عَلَيْكُمْ دَارَ قَوْمٍ مُؤْمِنِينَ ، وَآتَاكُم مَا تُوعَدُونَ غداً مؤجلون ، وَإِنَّا إِنْ شَاءَ اللَّهُ بِكُمْ لَاحِقُونَ » . (صحيح مُسْلِم ج3 ص63) .


وَقَالَ النَّوَوِيُّ : « وَيُسْتَحَبُّ لِلرِّجَالِ زِيَارَةِ الْقُبُورِ لِمَا رَوَى أَبُو هريرةL قَال : زَار رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلّمَ قَبْرَ أُمّهِ فَبَكَى ، وَأَبْكَى مَن حَوْلَه . . . ثُمَّ قَالَ : فزوروا الْقُبُور فَإِنَّهَا تُذَكِّرُكُمْ الْمَوْت وَالْمُسْتَحَبُّ أَنْ يَقُولَ السَّلَامُ عَلَيْكُمْ دَارَ قَوْمٍ مُؤْمِنِينَ وَإِنَّا إِنْ شَاءَ اللَّهُ بِكُمْ لَاحِقُونَ . 

وَيَدْعُو لَهُمْ لِمَا رَوَتْ عَائِشَةُ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلّمَ : كَانَ يَخْرُجُ إلَى الْبَقِيعِ ، فَيَقُول : السَّلَامُ عَلَيْكُمْ دَارَ قَوْمٍ مُؤْمِنِينَ وَإِنَّا إِنْ شَاءَ اللَّهُ بِكُمْ لَاحِقُونَ ، اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِأَهْل بَقِيعِ الْغَرْقَدِ » . (راجع الْمَجْمُوع لمحيي الدِّينِ النَّوَوِيُّ : 5/309 

وَيُؤَكِّد الْمُؤَرِّخُون وَالْمُحَدِّثُون : أَنَّ فَاطِمَةَ الزَّهْرَاءِ عَلَيْهَا السَّلَامُ كَانَتْ تَزُور قَبْر عَمّهَا حَمْزَة ترمه ، وَتُصْلِحُه وَقَد تَعْلِمَنَهُ بِحَجَر . (وفاء الْوَفَا : لِابْنِ أَبِي شَيْبَةَ 2/112) . 

وَقَدْ رُوِيَ الْحَاكِمُ عَنْ عَلِيٍّ عَلَيْهِ السَّلَامُ أَنْ : « فَاطِمَةَ كَانَتْ تَزُور قَبْر عَمّهَا حَمْزَة كُلِّ جُمُعَةٍ فَتُصَلِّي عِنْدَه وَتَبْكِي » . (د . مُحَمَّد بَيُّومِي مِهْرَان ، السَّيِّدَةِ فَاطِمَةَ الزَّهْرَاءِ : 134) . 

وَقَدْ أَوْرَدَ السُّبْكِيّ خَمْسَةَ عَشَرَ حديثاً اسْتَدَلَّ بِهَا عَلَى مَشْرُوعِيَّةِ زِيَارَةِ قَبْرِ الرَّسُولِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلّمَ وَأَبْطَل بِهَا مُبْتَدَعَات ابْنُ تَيْمِيَّةَ بَعْدَ أَنْ حَقَّقَ أَسَانِيدِهَا ، وَنَحْنُ نَذْكُرُ هَذِهِ الْأَحَادِيثِ فَفِيهَا الْكِفَايَةِ فِي دَحْضٌ مُفْتَرَيَاتٌ ابْنُ تَيْمِيَّةَ ، قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلّمَ : 

1 . « مَنْ زَارَ قَبْرِي وَجَبَتْ لَهُ شَفَاعَتِي » . (رواه الدَّارَقُطْنِيُّ وَالْبَيْهَقِيُّ وَغَيْرُهُمَا ، رَاجِعٌ تَحْقِيق السَّنَدُ فِي شِفَاءِ السِّقَام : 65 ــ 66) . 

2 . « مَنْ زَارَ قَبْرِي حَلَّتْ لَهُ شَفَاعَتِي » . (رواه الْإِمَامُ أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بْنُ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْخَالِقِ الْبَزَّازُ فِي مُسْنَدِهِ ، رَاجِعٌ شِفَاء السِّقَام : 81) .


3 . « مَنْ جَاءَنِي زائراً لَا يَعْمَلُهُ حَاجَةٍ إلَّا زيارتي كَان حقاً عليّ أَنْ أَكُونَ لَه شفيعاً يَوْمَ الْقِيَامَةِ » . (رواه الدَّار قُطْنِي فِي أَمَالِيهِ وَالطَّبَرَانِيُّ فِي مُعْجَمِهِ الْكَبِيرِ : 12/291 ، 13149) . 

وَكَيْف يُزَارُ قَبْرُهُ إِذَا لَمْ يُبْنَى وَيُجَدِّد وَتَكُونَ عَلَيْهِ الْقَبَّاب حَتَّى يُحْفَظَ وَإِلَّا لَضَاعَ كَمَا ضَاعَت قُبُور الْكَثِيرِ مِنْ الْأَنْبِيَاءِ . 

ثانياً : أَنَّنَا فِي هَذِهِ الْمُنَاسَبَةَ الأليمة نَدْعُو الْمُجْتَمَع الدُّؤَلِيّ وخصوصاً الْمُنَظَّماتُ الدَّوْلِيَّةُ والعالمية مِثْل الأُمَمُ الْمُتَّحِدَةُ وَحُقُوق الْإِنْسَان ومنظمة التَّعَاوُن الْإِسْلَامِيّ وَجَامِعُه الدُّوَلُ العَرَبِيَّةُ إلَى الْوُقُوفِ بِوَجْه التَّطَرُّف وَإِرْجَاع الْحَقِّ إلَى نِصَابِهِ وَالْمُسَاعَدَة والمساهمة فِي بِنَاءِ قُبُورُ أَهْلِ الْبَيْتِ عَلَيْهِمْ السَّلامُ وَالصَّحَابَةِ الْكِرَامِ وَأُمَّهَات الْمُؤْمِنِين وَنِسَاءٌ أَهْلَ الْبَيْتِ عَلَيْهِمْ السَّلامُ فَهَذَا عَمَلٌ إِنْسانِيٌّ عَظِيمٌ يَحْفَظ التُّرَاثُ الإِسْلاَمِيُّ والإنساني وَيَحْكِي قِصَّة انْتِصَار الْعَدَالَة وَالْحُقُوق وَالحُرِّيَّات وَبَقَاء هَذِه الأضرحة مهدمة لَهِي وَصْمَة عَارٌ فِي جَبِين الْإِنْسَانِيَّة . 

ثَالِثًا : نَدْعُو الشُّعُوب الْإِسْلَامِيَّة وَالْعَرَبِيَّة وخصوصاً اتِّبَاعِ أَهْلِ الْبَيْتِ عَلَيْهِمْ السَّلامُ بالوقفة الْجَادَّةِ فِي التَّذْكِيرِ بِهَذِه الجَرِيمَة البشعة ، وَالْوُقُوف بِصَفّ وَاحِد وَإِعْلَان الْحَدَّاد وَالتَّظَاهُر وَالْمُطَالَبَة بِقُوَّة خصوصاً مَعَ وُجُودِ الانترنت والفضائيات فَهُو يُسَاهِمُ فِي تَعْرِيفِ الْعَالِم والبشرية بِهَذِه الجَرِيمَة النكراء وَمَعْرِفَةُ مَنْ هُمْ أَهْلُ الْإِرْهَاب والتطرف . 

رابعاً : نَدْعُو الْبَعْض مِمَّن اغْتَرّ بِهِم وَغَرَرٌ لَهُ مِنْ غَرَّرَ بِهِ وَأَصْبَح يُنَادِي بِنِدَاء الوهابية فِي دَاخِلِ التَّشَيُّع أَنْ يَكُفَّ عَنْ ذَلِكَ وَيَرْجِعُ إلَى رُشْدِهِ وَلَا يَنْجَرّ وَرَاء مخططات الْأَعْدَاء فَإِن الاِسْتِعْمار وَرَاء هَدَم قُبُورُ أَهْلِ الْبَيْتِ عَلَيْهِمْ السَّلامُ وَمِنْ يَسِيرُ خَلْفَ هَذِهِ الدَّعَاوَى الْبَاطِلَة فَهُو مَطِيَّة لَهُم 

 

وَأَخِيرًا نَسْأَلُ اللَّهَ يُقِرّ عُيُون الْمُؤْمِنِين بِظُهُور الْإِمَامِ عَلَيْهِ السَّلَامُ الَّذِي يُعِيدُ الْحَقِّ إلَى نِصَابِهِ وَنَسْأَلُه تَعَالَى أَنْ يُوَفَّقَ الْمُؤْمِنِينَ إلَى نَصْرَةَ دِينِهِ وَنُصْرَةَ أَهْلَ الْبَيْتِ عَلَيْهِمْ السَّلامُ وَآخَر دَعْوَانَا أَنَّ الْحَمْدَ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ وَصَلَّى اللَّهُ عَلَى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ الطَّيِّبِينَ الطَّاهِرِينَ .

Powered by Vivvo CMS v4.7