النصارى
النصارى
النصارى أمة المسيح عيسى بن مريم رسول الله وكلمته، وهو المبعوث حقاً بعد موسى عليه السلام، المبشر به في التوراة، وكانت له آيات ظاهرة وبينات زاهرة ودلائل باهرة، مثل إحياء الموتى، وإبراء الأكمة والأبرص، ونفس وجوده وفطرته آية كاملة على صدقه وذلك؛ حصوله من غير نطفة سابقاً ونطقه البين من غير تعليم سالف.
وجميع الانبياء بدأ تبليغهم الوحي عند سن الاربعين سنة، الا عيسى فقد أوحى الله تعالى إليه إنطاقاً في المهد وأوحى إليه إبلاغاً عند الثلاثين، وكانت مدة دعوته ثلاث سنين وثلاثة أشهر و ثلاثة أيام.
فلما رُفع إلى السماء اختلف الحواريون وغيرهم فيه، وإنما اختلافاتهم تعود إلى أمرين: أحدهما كيفية نزوله واتصاله بربه، والثاني كيفية صعوده واتصاله بالملائكة وتوحد الكلمة.
وقد وردت اقوال عدة في مقتله، فقد قالوا في الصعود إنه قتل وصلب قتله اليهود حسداً وبغياً وإنكاراً لنبوته ودرجته ولكن القتل ما ورد على الجزء اللاهوتي و إنما ورد على الجزء الناسوتي.
قالوا وكمال الشخص الإنساني في ثلاثة أشياء نبوة وإمامة وملكة، وغيره من الأنبياء كانوا موصوفين بهذه الصفات الثلاث أو ببعضها والمسيح عليه السلام درجته فوق ذلك من الأنبياء و هو الذي به غفرت ذلة آدم عليه السلام وهو الذي يحاسب الخلق.
ولهم في النزول اختلاف
فمنهم من يقول ينزل قبل يوم القيامة كما قال أهل الإسلام ومنهم من يقول لا نزول له إلا يوم الحساب، وهو بعد أن قتل وصلب نزل ورأى شخصية شمعون الصفا وكلمه وأوصى إليه ثم فارق الدنيا وصعد إلى السماء.
فكان وصيه شمعون الصفا وهو أفضل الحواريين علماً وزهداً وأدباً، غير ان فولوس شوش أمره وصيّر نفسه شريكاً له وغيّر أوضاع كلامه وخلطه بكلام الفلاسفة ووساوس خاطرة.
ورأيت رسالة فولوس التي كتبها إلى اليونانيين أنكم تظنون أن مكان عيسى عليه السلام كمكان سائر الأنبياء و ليس كذلك؛ بل إنه مثله مثل ملكي زداق وهو ملك السلام الذي كان إبراهيم عليه السلام يعطى إليه العشور وكان يبارك على إبراهيم ويمسح رأسه.
ومن العجب أنه نقل في الأناجيل أن الرب تعالى قال انك أنت الابن الوحيد ومن كان وحيداً كيف يمثل بواحد من البشر!، ثم أن أربعة من الحواريين اجتمعوا وجمع كل واحد منهم جمعاً سماه الإنجيل وهم متى ولوقا و مرقس ويوحنا.
ثم افترقت النصارى اثنتين وسبعين فرقة وكبار فرقهم ثلاثة: الملكانية والنسطورية واليعقوبية وانشعبت منها: الإليانية والبليارسية والمقدانوسية والسبالية والبوطنوسية والبولية.