آية المودة وحزن الرسول
بقلم: شيخ علي الخفاجي
عندما يأتي المفسرون لهذه الآية( قُل لَّاۤ أَسۡـَٔلُكُمۡ
عَلَیۡهِ أَجۡرًا إِلَّا ٱلۡمَوَدَّةَ فِی ٱلۡقُرۡبَىٰۗ) يبحثون موضوع آجر الرسالة وإن الرسول صلى الله عليه وآله لم يكن يبتغي من أجر للرسالة التي تَحملها وبلغها للناس إلا المودة لأهل بيته صلوات الله عليهم أجمعين ..
والمَوَدَّةُ هي المَحَبَّةُ والمُعامَلَةُ الحَسَنَةُ المُشْبِهَةُ مُعامَلَةَ المُتَحابِّينَ وكأن النبي صلى الله عليه وآله يريد أن يقول إني رحمة الله تعالى إليكم ( وما أرسلناك الا رحمة للعالمين) وهو المبعوث رحمة للعالمين فيقضتي أن تقابل الرحمة بالرحمة
والمودة بالمودة والمحبة بالمحبة لا أن تقابل بالبغضاء والقطيعة فإن طبيعة الإنسان السليم والفطرة المودعة في قلب الإنسان تستوجب أن يكون جزاء الإحسان هو الإحسان ( وهل جزاء الإحسان إلا الإحسان) والا لن يكون هناك فرق بين الإنسان والحيوان بل حتى بعض الحيوانات اذا وجدت الإحسان لاقته بمثله..
ومع ذلك كان النبي صلى الله عليه وآله يتوقع أن سيرة الأعراب في ملوكهم ربما تكون سارية حتى مع أنبيائهم فلا يبقون لأهل بيته باقية بل يوكونون محل للطمع والظغينة ولذا كان القرآن الكريم معبراً عن هذا الشعور الذي ينتاب قلب الرسول الكريم صلى الله عليه وآله وصادقاً مع مخاوفه على دينه وأمته وأهل بيته ..
قال تعالى ( وَمَا مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولࣱ قَدۡ خَلَتۡ مِن قَبۡلِهِ ٱلرُّسُلُۚ أَفَإِی۟ن مَّاتَ أَوۡ قُتِلَ ٱنقَلَبۡتُمۡ عَلَىٰۤ أَعۡقَـٰبِكُمۡۚ وَمَن یَنقَلِبۡ عَلَىٰ عَقِبَیۡهِ فَلَن یَضُرَّ ٱللَّهَ شَیۡـࣰٔاۗ وَسَیَجۡزِی ٱللَّهُ ٱلشَّـٰكِرِینَ)
وأما الشاكرين فإن الله تعالى سوف يجزيهم خير الجزاء لان الشكر فرع المعرفة ولايمكن للإنسان أن يشكر غيره الا ان يكون عارفاً..
ومن هنا كانوا هؤلاء الشاكرين عارفين بحقيقة الدين والإسلام وإن الرسول جزائه مودة أهل بيته صلوات عليهم..
فهذه الأحزان التي كانت تمزق قلب الرسول صلى الله عليه وآله ظهرت بوادرها وهو على قيد الحياة وتجلت بشكل واضح في رزية الخميس حين أراد أن يبين الأمور فحدث ماحدث وأظهر البعض أنه سيكون لهم مع أهل بيت النبي صلى الله عليه وآله شأن خاص فكان وداع أمته بآخر وصية من وصاياه ( إني مخلف فيكم الثقلين كتاب الله وعترتي ولن يفترقا حتى يردا على الحوض..)
وهاي هي الأمة الإسلامية تجر ويلات تلك الرزية الى هذا اليوم بسبب الإبتعاد عن تعاليم الرسول ومخالفته فلم يكن نصيبهم الا الضعف والتراجع والانقياد للغير.
و القرآن الكريم يقول ( ماينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى) يقول أحدهم ام محمد ليهجر..
فكيف لا تجري سنة الله تعالى فيمن استخف برسوله وهو عازم على إنقاذهم {ومن يشاقق الرسول من بعد ما تبين له الهدى ويتبع غير سبيل المؤمنين نوله ما تولى ونصله جهنم وساءت مصيرا}