لاتعمر الاوطان الا بالإيمان رسالة بين عيسى وامامنا المهدي عليهما السلام ؟!
بقلم الشيخ محمد الجوراني
قال تعالى ( وَإِذْ قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُم مُّصَدِّقًا لِّمَا بَيْنَ يَدَيَّ مِنَ التَّوْرَاةِ وَمُبَشِّرًا بِرَسُولٍ يَأْتِي مِن بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ فَلَمَّا جَاءَهُم بِالْبَيِّنَاتِ قَالُوا هَٰذَا سِحْرٌ مُّبِينٌ ) وهذه الاية تبين الوحي الالهي المشترك بين الرسل والحجج الربانيين وتبين روح الارتباط بين الشرائع الكريمة في كثير من الثوابت التي لاتتغير بفعل الزمان والمكان ومنها القضايا العقدية والاخلاقية وغيرها وانما سيرت البلدان بقوانين الهية دقيقة وكان الايمان على راسها اكيدا (فَلَوْلَا كَانَتْ قَرْيَةٌ آمَنَتْ فَنَفَعَهَا إِيمَانُهَا إِلَّا قَوْمَ يُونُسَ لَمَّا آمَنُوا كَشَفْنَا عَنْهُمْ عَذَابَ الْخِزْيِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَمَتَّعْنَاهُمْ إِلَىٰ حِينٍ )
هذه المنظومة الأخلاقية ليست ممكنة فحسب، بل ضرورية لأنها تشكل شيم حب الوطن، والشعور بالواجب والاحساس بالآخرين وتقديم العون لهم وتخليصهم مما يسبب لهم شقاوة الدارين فالدين فيه الخير كله وله القدرة على منع الشرّ والفساد والظلم وكل انواع الفواحش التي تكون الاسباب المهلكة لاي بيئة او مجتمع او حتى وطن قال تعالى ﴿فَلْيَعْبُدُوا رَبَّ هَذَا الْبَيْتِ الَّذِي أَطْعَمَهُم مِّن جُوعٍ وَآمَنَهُم مِّنْ خَوْفٍ﴾ فيظهر ان هنالك تلازم كبير بين عبادة الله والايمان به وبين نعمة الامن والعيش الكريم وتحسن الحالة الاقتصادية
ان فكرة اعمار الوطن والبلد ومجتمعه هي ليست فكرة وضعتها النفس الانسانية بقدر ماوضعها خالق تلك النفس ومدبر شؤونها فهي بالاول والاساس سنة الهية ثم مزجها الباري بفطرة الانسان وميوله الى طيب العيش وعمران الارض ووراثتها وعلى ذلك سار جميع الانبياء والمرسلين وحتى خاتم الحجج الحجة ابن الحسن عجل الله فرجه
فالفطرة جبلت على حب الخير والسعادة وبغض الشر والشقاوة فالدين بخلاف بقية الانظمة الوضعية فهو يبنى منظومة أخلاقية متكاملة لها القدرة على بناء الذات وتطوير السلوك بشكل ينسجم مع الفطرة ومع كل خير يريده الله تعالى من اصل الخلقة بحسب غاياتها التكاملية من دون أن تترك هذه المنظومية اي ضرر يذكر
فالنص الديني يؤسس لمجتمع صالح ووطن امن
قال تعالى ( هُوَ أَنْشَأَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ وَاسْتَعْمَرَكُمْ فِيهَا ) وعز من قائل (لاَ أُقْسِمُ بِهَذَا الْبَلَدِ. وَأَنْتَ حِلٌّ بِهَذَا الْبَلَدِ ) وقال سبحانه ( بَلْدَةٌ طَيِّبَةٌ وَرَبٌّ غَفُورٌ ).وقوله عزوجل ( الَّتِي لَمْ يُخْلَقْ مِثْلُهَا فِي الْبِلاَدِ ).و يقول تعالى( قَالُوا وَمَا لَنَا أَلاَّ نُقَاتِلَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَقَدْ أُخْرِجْنَا مِنْ دِيَارِنَا ).ونلاحظ القرآن الكريم كما في الايات الكريمة يطلق كلمة الارض وبلده والبلاد وديار..كل هذه الالفاظ تعني الوطن
تاملوا ان الله تعالى يندد بالمتسلطين الكافرين الذين يُلجئون المؤمنين المواطنين إلى ترك أوطانهم لا لشيء إلا لتميزهم العقيدي والديني فاختلاف العقيدة والدين لا يبرر الحرمان من الوطن ومصادرة حق الإنسان في العيش في وطنه.فقوم نبي الله لوط عليه السلام توعدوه والمؤمنين به بأن يخرجوهم من بلادهم نكاية بهم لا لشيء إلا لأنهم آمنوا بالله وخالفوا السلوك المنحرف الشاذ لقومهم(وَمَا كَانَ جَوَابَ قَوْمِهِ إِلاَّ أَنْ قَالُوا أَخْرِجُوهُمْ مِنْ قَرْيَتِكُمْ إِنَّهُمْ أُنَاسٌ يَتَطَهَّرُونَ) { فَمَا كَانَ جَوَابَ قَوْمِهِ إِلاَّ أَنْ قَالُوا أَخْرِجُوا آلَ لُوطٍ مِنْ قَرْيَتِكُمْ إِنَّهُمْ أُنَاسٌ يَتَطَهَّرُونَ ).ونبي الله شعيب (عليه السلام) كذلك شهر أمامه المتسلطون سلاح الإبعاد عن الوطن لإخضاعه لآرائهم الفاسدة بالإكراه { قَالَ الْمَلأُ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا مِنْ قَوْمِهِ لَنُخْرِجَنَّكَ يَاشُعَيْبُ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَكَ مِنْ قَرْيَتِنَا أَوْ لَتَعُودُنَّ فِي مِلَّتِنَا قَالَ أَوَلَوْ كُنَّا كَارِهِينَ }.ويبدوا أن هذا هو منهج جميع المتسلطين الكافرين تجاه الأنبياء والمؤمنين يقول تعالى: { وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِرُسُلِهِمْ لَنُخْرِجَنَّكُمْ مِنْ أَرْضِنَا أَوْ لَتَعُودُنَّ فِي مِلَّتِنَا فَأَوْحَى إِلَيْهِمْ رَبُّهُمْ لَنُهْلِكَنَّ الظَّالِمِينَ }.وهنا يشرع الإسلام الجهاد والقتال للإنسان دفاعاً عن هذا الحق الطبيعي بل يشر الجهاد بكل انواعه المشروعه للدفاع عن هذا الحق الكبير لقوله تعالى ( وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة ) : حق العيش في الوطن، ويدعو إلى إعلان الحرب على المتسلطين الذين يحرمون المواطنين الأبرياء من نعمة الحياة في بلادهم وديارهم.يقول تعالى: { قَالُوا وَمَا لَنَا أَلاَّ نُقَاتِلَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَقَدْ أُخْرِجْنَا مِنْ دِيَارِنَا } ويقول تعالى: {أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَإِنَّ اللَّهَ عَلَى نَصْرِهِمْ
لَقَدِيرٌ. الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ بِغَيْرِ حَقٍّ إِلاَّ أَنْ يَقُولُوا رَبُّنَا اللَّهُ }
الاعمار الكلي وظهور النور التام على ايديهما !!
أجمع المسلمون على أن روح الله عيسى المسيح على نبينا وآله وعليه السلام ينزل من السماء إلى الأرض في آخر الزمان ، وبذلك فسر أكثر المفسرين قوله تعالى : ( وَإِنْ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ إِلا لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكُونُ عَلَيْهِمْ شَهِيداً) النساء وقد نقله صاحب مجمع البيان عن ابن عباس وأبي مالك وقتادة وابن زيد والبلخي ، وقال : اختاره الطبري.
وروى تفسيرها بذلك في البحار : ١٤/٥٣۰ ، عن الإمام الباقر عليه السلام قال : ( ينزل قبل يوم القيامة إلى الدنيا فلايبقى أهله ملة يهودي ولا نصراني إلا آمن به قبل موته ويصلي خلف المهدي)
وأحاديث نزوله في مصادر الفريقين كثيرة منها الحديث المشهور عن النبي صلى الله عليه وآله قال : ( كيف بكم ( أنتم ) إذا نزل عيسى بن مريم فيكم وإمامكم منكم ). ( البحار : ٥٢/٣٨٣ ورواه البخاري : ٢/٢٥٦ ، وروى غيره في باب : ( نزول عيسى عليه السلام )
والحمد لله رب العالمين