• Post on Facebook
  • Twitter
  • pdf
  • نسخة للطباعة
  • save

زيارة أمير المؤمنين عليه السلام في يوم المبعث النبوي الشريف

بواسطة |   |   عدد القراءات : 160
حجم الخط: Decrease font Enlarge font
زيارة أمير المؤمنين عليه السلام في يوم المبعث النبوي الشريف

 

بقلم فضيلة الشيخ عبد الحكيم الخزاعي 

 

يُعتبر يوم المبعث النبوي الشريف من أعظم الأيام في الإسلام، إذ شهد بداية نزول الوحي على النبي محمد صلى الله عليه وآله، وابتداء الرسالة الخاتمة وقد ورد في أعمال هذا اليوم وليلته استحباب زيارة أمير المؤمنين عليه السلام، مع وجود زيارة مخصوصة له، إلى جانب استحباب زيارة النبي صلى الله عليه وآله.

 

هذا الأمر يثير تساؤلاً: لماذا يتم التركيز على زيارة أمير المؤمنين عليه السلام في يوم المبعث تحديداً، بينما يُلاحظ في أغلب الأيام العظيمة استحباب زيارة الإمام الحسين عليه السلام؟ وما العلة وراء تخصيص زيارة أمير المؤمنين في هذه المناسبة؟

 

لا شك أن العلل النهائية للأحكام الشرعية قد تبقى خافية عن العقل البشري، ولكن يمكن تقديم بعض الأجوبة المحتملة التي أشار إليها العلماء والروايات الواردة عن أهل البيت عليهم السلام.

 

الأسباب المحتملة لزيارة أمير المؤمنين عليه السلام في يوم المبعث النبوي الشريف

 

1. شدة الاتصال والاتحاد بين النبي والإمام علي عليهما السلام

 

ذكر الشيخ عباس القمي في كتابه مفاتيح الجنان:

"إنما وردت زيارة أمير المؤمنين عليه السلام في يوم المبعث لما بين هذين النورين الطاهرين من كمال الاتحاد وشدة الاتصال، بحيث من زار أمير المؤمنين كمن زار رسول الله صلى الله عليه وآله."

ويدعم ذلك ما جاء في القرآن الكريم في آية المباهلة:

{وَأَنفُسَنَا وَأَنفُسَكُمْ} (آل عمران: 61)، حيث اعتبر الإمام علي عليه السلام "نفس" النبي صلى الله عليه وآله. وبالتالي، زيارته تعكس زيارة النبي نفسه، لما بينهما من وحدة في الهدف والمقام.

 

2. الإمام علي عليه السلام هو أول المؤمنين بالنبوة

 

الإمام علي عليه السلام كان أول من آمن بالنبي صلى الله عليه وآله وصدّقه، وكان شاهداً على نزول الوحي. يقول عليه السلام:

"ولقد كنت أتبعه اتباع الفصيل أثر أمه، يرفع لي في كل يوم من أخلاقه علماً، ويأمرني بالاقتداء به. ولقد كان يجاور في كل سنة بحراء فأراه، ولا يراه غيري. ولم يجمع بيت واحد يومئذ في الإسلام غير رسول الله وخديجة وأنا ثالثهما."

 

هذا يدل على أن الإمام علي كان جزءاً لا يتجزأ من بداية الرسالة، وهو أول تابع ومناصر لها.

 

3. دوره المحوري في نصرة الرسالة

 

الإمام علي عليه السلام كان الدرع الذي حمى الإسلام ونصره في أحلك الظروف وتوضح السيدة الزهراء عليها السلام في خطبتها عن هذا الدور المحوري:

"كلما أوقدوا ناراً للحرب أطفأها الله، أو نجم قرن للشيطان وفغرت فاغرة من المشركين، قذف أخاه في لهواتها... مكدوداً في ذات الله مجتهداً في أمر الله."

لولا تضحيات الإمام علي عليه السلام، لما قامت للإسلام قائمة.

 

4. الإمامة امتداد طبيعي للنبوة

 

الإمام علي عليه السلام هو وصي النبي وخليفته المباشر، حيث تحتاج الرسالة إلى من يحفظها ويصونها بعد النبي. يقول النبي صلى الله عليه وآله:

"أيها الناس! لا ألفينكم بعدي ترجعون كفاراً يضرب بعضكم رقاب بعض ألا وإن علي بن أبي طالب أخي ووصيي، يقاتل بعدي على تأويل القرآن كما قاتلت على تنزيله."

(موسوعة الإمام علي عليه السلام، ج5، ص48).

هذا الدور يجعل زيارة الإمام علي عليه السلام في يوم المبعث رمزاً لاستمرار الرسالة بعد النبي.

 

5. الوحدة الروحية بين النبي والإمام علي عليهما السلام

 

في عالم المعنى، النبي والإمام علي عليهما السلام يمثلان حقيقة واحدة، وإن كانا اثنين في عالم التكوين. هذا الاتحاد الروحي يجعل زيارة أحدهما كزيارة الآخر، كما ورد في الرواية عن النبي صلى الله عليه وآله:

"من زار علياً عليه السلام فقد زارني، ومن أحبه فقد أحبني."

(مفاتيح الجنان).

 

6. التيسير على المسلمين لزيارة النبي عبر زيارة وصيه

 

يعلم الله سبحانه وتعالى أن زيارة قبر النبي صلى الله عليه وآله قد تكون متعذرة لكثير من المؤمنين، بسبب وجوده في بيئة يمنع فيها البعض زيارته الحقيقية ولهذا، فتح الله باب الرحمة بزيارة وصيه، والتي تُعتبر كزيارته جاء في الحديث:

"من أتاه زائراً فقد أتاني، وإني مجزيه يوم القيامة."

(مفاتيح الجنان).

 

 

---

 

 

 

الهوامش

 

1. الشيخ عباس القمي، مفاتيح الجنان، باب أعمال يوم المبعث.

 

 

2. نهج البلاغة، الخطبة القاصعة.

 

 

3. تفسير آية المباهلة: الطبرسي، مجمع البيان في تفسير القرآن.

 

 

4. موسوعة الإمام علي عليه السلام، محمد الريشهري، ج5، ص48.

 

 

5. الشيخ عباس القمي، بيت الأحزان، ص143.

Powered by Vivvo CMS v4.7