الشهيد السيد قاسم شبر
الشهيد السيد قاسم شبر
الشهيد السيد قاسم شبر (قدس سره)
(1308 هـ – 1399 هـ)
اسمه ونسبه:
الشهيد السيّد قاسم شبّر، وينتهي نسبه إلى الإمام زين العابدين (عليه السلام)، وقال البحَّاثة جعفر آل محبوبة: آل شبر أسرة عراقية قديمة في الهجرة، وكان مقرّها الأصلي في الحلّة الفيحاء، ولم تزل بقيَّتهم بها حتّى اليوم، وبها عرفت، ومنها تفرَّعت.
ولادته:
ولد السيّد شبر عام 1308 هـ بمدينة النجف الأشرف.
وكالته:
في الأربعين من عمره انتقل إلى مدينة النعمانية بوكالة من السيّد أبي الحسن الموسوي الأصفهاني عام 1935 م، ثمّ أصبح وكيلاً للسيّد محسن الطباطبائي الحكيم بعد وفاة السيّد الأصفهاني.
أساتذته: نذكر منهم ما يلي:
1- السيّد محمود الحسيني الشاهرودي.
2- السيّد محمّد الحسني البغدادي.
3- الشيخ علي الإيرواني.
4- السيّد أبو الحسن الأصفهاني.
5- الشيخ محمّد حسين الغروي النائيني.
ولاؤه لأهل البيت (عليهم السلام):
كان السيد شديد التعلّق بأهل البيت (عليهم السلام)، وبالذات الإمام الحسين (عليه السلام)، حيث كان يذهب كل ليلة جمعة إلى مدينة كربلاء المقدّسة لزيارة الإمام الحسين (عليه السلام)، حيث كان له مَحَبَّة فريدة في قلبه، كما وجد مع كفن الشهيد كيس كتب عليه: هذه المناديل تُنشر على صدري وكتفي في القبر، لأنّني جفَّفت بها الدموع التي جرت على الإمام الحسين (عليه السلام).
مؤلفاته: نذكر منها ما يلي:
1- المؤمنون في القرآن.
2- شرح نهج البلاغة.
3- تقريرات لبعض أساتذته في الفقه والأُصول.
مواقفه من الحُكَّام الظلمة وأعوانهم:
عُرف السيّد أنّه منذ أن حطَّت رجله أرض النعمانية لم يسجِّل له التاريخ أنّه خاف أو تراجع عن مُقارعة الظالمين، فقد تسلَّح أبان المد الشيوعي سنة (1959 م)، وحمل السلاح بوجههم، وكان يجهر على المنبر بكفرهم، كما حارب البعثيين في أيّامهم، حيث عملوا ما عملوا من جرائم وفساد، حيث دمّروا الحوزات العلمية بأفكار اِلتقاطية، وتفضيل القومية على الدين، واتِّهام المؤمنين، وزجِّهم في المعتقلات الرهيبة، وإعدامهم، وتشريدهم.
قصة اعتقاله:
يوم الجمعة 15 / 6 / 1979 م، أي بعد أربعة أشهر من انتصار الثورة الإسلامية في إيران، وبعد يوم واحد من آخر خطبة له، وأثناء صلاتي المغرب والعشاء، جاء جمع من البعثيين، وطُوِّقوا الجامع من كل جانب، ثمّ تناول أحدهم ميكروفون الجامع، وأخذ يقرأ افتتاحية جريدة الثورة التي تهاجم الثورة الإسلامية وقائدها، وفي نهاية كلمتهم لم يتحمّل الشباب ما قيل من كلمات ضِدَّ دين الله، وفي بيت من بيوت الله، فبدأ الشباب يهتفون بصيحات (الله أكبر) بوجوه هؤلاء الجبناء، ممّا دعاهم أن يهربوا أمام شباب الإسلام كالجرذان الخائفة.
وما أن خرج السيّد من المسجد قاد المظاهرة الكبرى، التي تشكّلت من جماهير الأمّة الإسلامية في مدينة النعمانية، واستمرت المظاهرة إلى أن وصل السيّد إلى بيته، فتفرَّقت المظاهرة، فطلب السيّد منهم الحِيطَة والحذر، وفي نفس تلك الليلة في الساعة الحادية عشر أعلن البعثيّون حالة إنذارٍ قُصوى في المدينة، وجاءت سرايا من الأمن والجيش الشعبي من مدينتي الكُوت والحسينية وغيرهما، ونصَبوا مَفَارِز تفتيش.
فسُدَّت جميع الطرق والأزقة المؤدّية إلى بيت السيّد، وتصدَّى لهم الشباب المؤمن، وحصلة معركة غير متكافئة، فالمجرمون بالرشاشات والبنادق، والمؤمنون بالسكاكين وقطع الحديد والخشب، أمّا السيد فكانت بيده مطرقة يدافع بها، على الرغم من ضعفه البدني، وكبر سنه، فاستطاع السيّد وأنصاره أن يطردوا البعثيِّين خارج الدار، وغلَّقوا الأبواب، وتحصَّنوا داخل الدار.
وفي الساعة الثانية بعد منتصف الليل عاود المجرمون الكَرَّة، ولكن بطريقة ماكرة، حيث استعانوا بأحد وجهاء البلدة، ويُحتمَل أنّهم خدعوه، وطلبوا منه أن يذهب إلى السيّد ويقول له: إنّه لا عداوة لهم معه، وإنّما مجرد حديث وجلسة مع محافظ الكوت، وبأنّه إن امتنع عن ذلك فإنّ الحكومة ستهدم داره على من فيها، فدخل هذا الشخص الوجيه في البيت كما يقول أحد أصحابه، وطلب من السيّد ما قالوا له.
فقال أحد الأشخاص المقرَّبين من السيّد: سيّدنا الكريم، إنّ هؤلاء لا عهد لهم، وإنّهم غدرة فجرة، وهذه مَكيدة أمْن، ولكن هذا الشخص أخذ يلحّ على السيّد، وأن لا يأخذ بكلام الشباب والمراهقين، ثمّ تهيَّأ السيّد، فكتب بعض الكلمات والوصايا سريعًا، فقد كان متأكّدًا من عدم الرجوع، فلبس عباءته، وأمسك بعصاه، وفتح الباب.
وبمجرد أن خرج السيّد من البيت دخل جلاوزة الأمن، لا يدعون شيئًا أمامهم إلاّ كسروه، وأطلقوا النار عشوائيًا، وبعثروا مكتبته الكبيرة، ثمّ أُحرقت بعد ذلك، وأخذوا السيّد وعشرين شخصًا من أصحابه، وقد احمرَّت ملابسهم بالدماء أثناء المواجهة، وأخذوهم إلى مدينة الكوت للتحقيق، وفي اليوم الثاني من وصولهم إلى مدينة الكوت تمَّ نقلهم إلى مديرية الأمن في العاصمة بغداد.
شهادته:
استُشهد السيّد شبر (قدس سره) في السادس من شعبان 1399 هـ، بأمر الإعدام بالرصاص الذي أصدره الحاكم المجرم مسلم الجبوري، هذا ولم يُعلم في أيِّ مكان دفن لعدم تسليم جثّته.