الشيخ محمد تقي بهجت
الشيخ محمد تقي بهجت
آية الله العظمى الشيخ محمد تقي بهجت (قدس سره)
الحمد لله والصلاة والسلام على محمد وآله آل الله، واللعن على أعدائهم أعداء الله.. يكفينا اقتطاف وردة من بستان هذه الدنيا، ويكفينا من هذه الأرض مكان واحد تحت ظلال الشجرة، والله تعالى معنا فما هو الداعي لطلب المزيد؟!.. ويكفينا الانشغال في الحديث والأنس مع الله تعالى.
ولادته:
ولد سماحة الشيخ البهجت أواخر عام (1334 هـ)، في مدينة فومن، ويعتبر والده محمود الكربلائي البهجت من الرجال المعتمدين في تلك المنطقة.
دراسته واساتذته:
أنهى دراسته الابتدائية بمدينة فومن، ثم أكبَّ على تعلّم العلوم الدينية.
ثم هاجر إلى مدينة قم، عام (1348 هـ)، بعد إتقانه للأدب العربي في مدينة فومن، وأقام فيها مدة قصيرة.
رحل بعدها إلى مدينة كربلاء المقدسة، وحضر دروسًا لكبار الأساتذة هناك.
ثم غادرها بعد ذلك إلى مدينة النجف الأشرف، سنة (1352 هـ) لإكمال دراسته، فدرس الإشارات لابن سينا، والأسفار للملاَّ صدرا الشيرازي.
ودرس الفقه والأصول لدى المرحوم محمد كاظم الشيرازي، والسيد حسين البادكوبي.
ودرس بحوث الخارج على يد الآيات العظام: الشيخ ضياء الدين العراقي، والشيخ محمد حسين النائيني، والسيد أبو القاسم الخوئي (قدس سرهم).
كما حضر دروس آية الله العظمى الشيخ محمد حسين الغروي الإصفهاني، المشهور بالكمباني، وآية الله العظمى السيد أبي الحسن الإصفهاني.
ثم عاد إلى إيران عام (1356 هـ)، ليحضر دروس آية الله العظمى الكوهكمري، وآية الله العظمى السيد البروجردي في الفقه والأصول.
تدريسه:
بدأ سماحة الشيخ بتدريس البحث الخارج في الفقه والأصول منذ قرابة (50) عامًا، ويُعزى السبب في عدم اشتهاره كونه قد اعتاد التدريس في منزله.
مؤلفاته: نذكر منها ما يلي:
1- رسالة توضيح المسائل.
2- مناسك الحج.
3- دورة كاملة في الأصول.
4- حاشية على مكاسب الشيخ الأنصاري.
5- كتاب الطهارة (شرح شرائع الإسلام).
6- دروة كاملة في كتاب الصلاة
عبادته:
وعندما تنظر إلى عبادته تراها عبادة أسطورية، وبعيدة عن التصديق، وهي كالعبادة التي تنقل عن الأولياء الماضين.. فهل تصدق بأنه يصلي صلاة الليل كل يوم بهدوء وتأن، ويقرأ كل يوم زيارة الجامعة الكبيرة، وزيارة عاشوراء الكاملة مع اللعن والسلام مائة مرة، ويقرأ دائمًا دعاء الصباح، وزيارة سيدة نساء العالمين، والسيدة فاطمة المعصومة سلام الله عليها، ويصلي دائمًا صلاة جعفر الطيار، ويسجد السجدات الطويلة دائمًا، ويذكر الله –تعالى- في كل حين ومن دون انقطاع أبدًا ولو للحظة واحدة، ويعبد الله كثيرًا، ويقوم بعبادات لم نسمع بها أبدًا، ويكفينا القول عنه: بأننا لا نعلم بأنه ملك أو إنسي؟!.. وَمَا شَهِدْنَا إِلاَّ بِمَا عَلِمْنَا!…
وعندما تنظر إلى انشغاله بالتحقيق والتعليم -وهو لا يزال يدرس ويدرس وله من العمر ما يقارب التسعين عامًا- وكأن صحبته للكتاب والدفتر والتحقيق أصبحت جزءًا من شخصيته وسماته، وربما أنه قام بمجاهدة نفسه وتنمية مواهبه في الصعيد الأخلاقي والعرفاني منذ سنوات المراهقة، فلهذا ينقل عنه حكايات عجيبة وغريبة عن اهتمامه بالكتب والكتابة من ذلك الحين.
وكان الإمام يوصي جماعة المدرسين ليطلبوا منه أن يدرس الأخلاق، بل أرشد الإمام ذات مرة أعضاء مجلس الخبراء لينتفعوا من الشيخ بهجت في سلوك السبيل المعنوي، وعندما تبين البعض الهدوء الظاهري الذي كان الشيخ بهجت متصفًا به إزاء الأمور الاجتماعية والسياسية -وذلك قبل مرجعيته- وذكروا ذلك للإمام الخميني، قال الإمام: يكفينا دعاء الشيخ بهجت.
ومن حسن الحظ طبعت لحد الآن عدة كتب حول بيان حالات وكرامات، والتعاليم الأخلاقية والعرفانية والسياسية المرتبطة بشخصية آية الله الشيخ بهجت دام ظله، وقد احتوت بعض الكتب الأخرى أيضًا على بعض النكات المهمة جدًا في هذا المجال.. ولكننا مع ذلك بحاجة إلى كتابات أكثر دقة، وأرفع علمية.
ونحن أيضًا نكتفي في هذا المقام بالإشارة إلى أمور من سيرته وكرامات من سلوكه:
الأولى: يقول آية الله عباس القوجاني: كانت بيني وبين الشيخ بهجت صداقة حميمة، فرأيته فترة عند دراسته في النجف الأشرف يتناول طعام العشاء بمجرد غروب الشمس، ثم يتجه نحو النوم، ولا يوقد المصباح للمطالعة أو الدراسة، فظننت بأنه يرقد في أول الليل ليستيقظ ساعتين أو ثلاث ساعات قبل أذان الصبح، ولكنني عرفت بعد ستة أشهر بأن الشيخ بهجت لم يكن عنده وقود للمصباح، وكان يكتم هذا الأمر بحيث لم يلتفت إليه أحد، وكان الشيخ بهجت أيضًا لا يشتري شيئًا من أصحاب المحلات بالسلف.
الثاني: ذهبت في يوم 14شهر رمضان المبارك عام 1416 إلى منزله لأكون معه خلال فترة ذهابه من المنزل إلى المسجد، ولأصلي صلاة الظهر والعصر بإمامته. وبعد خروجه من المنزل، جاءه شخص بعد لحظات وعرّف نفسه ثم قال: أنا أعمل طيلة عشرين عامًا في طباعة الكتب ونشرها، فهل تمنحونني الإذن بجمع النكات الأخلاقية التي تذكرونها خلال الدرس وطباعتها؟..
قال آية الله بهجت- دام ظله-: نحن لم ندرس الأخلاق، إنما هو درس الفقه والأصول الذي يؤدي إلى بيان هذه المسائل!..
قال ذلك الناشر: نجمع ونطبع تلك الأمور الواردة في درس الفقه، والأصول والكلام الذي تنقلونه من العظماء الماضين.
قال سماحة الأستاذ: بشرطين: الأول: عدم ذكر اسمي، والثاني: ينبغي أن تكتب الأمور كما ذكرتها وأن لا يضاف عليها أو ينقص منها حرف واحد!..
فرد الناشر: لا يضاف على كلامكم ولا ينقص منه شيء -إن شاء الله- ولكن لا يمكن عدم ذكر اسمكم، فإن المطبوع سيكون مجهول القائل!..
قال الشيخ بهجت: لا.. في هذه الحالة لا أسمح لكم بذلك ولا أمنحكم الإذن.. اكتبوا على الغلاف: (أحد أهل العلم) وأنا لحد الآن لم أسمح لأحد أن يذكر اسمي.
الثالث: جاء ذات يوم أحد المفسدين في الساحة الاقتصادية إلى آية الله بهجت، وكان يعطي هذا الشخص لكبار الشخصيات والمسئولين الكثير من الأموال من أجل استمالتهم والانتفاع منهم بعد ذلك لأغراضه الشخصية، واستمر هذا الشخص على هذا المنوال حتى اطلع السيد القائد بحكمته ودرايته على أعماله، فبعث به إلى المحكمة حتى صدر عليه الحكم المطلوب، فجاء هذا الشخص قبل فضيحة أمره إلى آية الله بهجت، وكأنه- والعياذ بالله- كان يطمع به فلم يستقبله آية الله بهجت، وقال له عند الباب: اذهب وقل: استغفر الله إزاء جميع الأعمال الحسنة والسيئة التي قمت بها!.. ثم اتضح بعد ذلك بأن الأعمال الحسنة التي كان يقوم بها هذا الشخص من قبيل العطاء لهذا وذاك ومساعدة الآخرين، كان منشؤها القروض الطائلة التي كان يأخذها بدهاء وشيطنة من البنوك باسم العمران، وكان يصرفها في سبيل أغراضه الشخصية وأعماله السيئة.
الرابع: شارك العقيد علي قلي بور في الحرب المفروضة، فجرح فيها بشدة بحيث بلغ إلى حد الشلل، ولكنه رأى لزوم عودته مرة أخرى إلى ساحة القتال، فنصحه البعض وأكدوا عليه البقاء في الخطوط الخليفة للجبهة، فقرر هذا العقيد أن يأخذ استخارة عند آية الله الشيخ بهجت –دام ظله- حول ذهابه إلى الجبهة.. ويقول العقيد علي قلي بور: قال لي آية الله بهجت وأنا لم أخبره بقصدي، ومن دون استخارة: (لست مكلفًا بهذا الأمر وأنت في هذه الحالة).
مقتطفات من مواعظه وتوصياته فى باب الأذكار والأوراد:
توصياته للشفاء من المرض:
قم بهذه الأعمال، ولتكن نيتك شفاء المريض إذا لم يكن موته من الأمور الحتمية:
1. اجعل كمية قليلة من تراب مدفن سيد الشهداء -عليه السلام- في ماء زمزم، ثم اقرأ عليه سورة الحمد سبعين مرة، وأعطه للمريض ليتناول منه كل يوم في أوقات متعددة، حتى يشفى.
2. أعطوا الصدقة لفقراء متعددين، وإن كان مقدار الصدقة لكل واحد منهما قليلاً.
3. اقرؤوا سورة الحمد سبع مرات في كل يوم بنية شفاء المريض.
4. ليقرأ كل من يذهب لعيادة المريض سورة الحمد لشفائه.
5. اذهبوا بالمريض إلى المشاهد (مراقد المعصومين عليهم السلام و..) وإذا لم يتمكن فليتوجه المريض بقلبه إلى ذلك المشهد، وليزر صاحب ذلك المشهد، ويكفي ذهابه إلى ذلك المزار بنية الشفاء.
6. اقرؤوا مصائب أهل البيت -عليهم السلام- عند المريض بحيث يتأثر وينقلب حاله.
7. اقرؤوا حديث الكساء (بصورة مكررة) للشفاء وأوقدوا العود في المجلس الذي يقرأ فيه هذا الحديث.
8. اذبحوا شاة وأعطوا لحمها إلى الفقراء نذرًا.
9. يصلي المريض بعد صلاة الصبح ركعتي صلاة الحاجة، وليقل بعد ذلك ثلاث مرات: (اللهم اشفني بشفائك، وداوني بدوائك، وعافني بعافيتك من بلائك، فإني عبدك وابن عبدك). ثم ليقل أيضًا مرة واحدة: (بحرمة الإمام الكاظم عليه السلام).
توصياته لإبطال السحر:
إن المسحور أو المصاب بالعين أو يحتمل ما شابه ذلك، يعمل وفق هذه التعاليم السبعة:
1. يؤذن عند وقت الأذان بصوت عال وواضح في المكان الذي يعيش فيه.
2. ليقرأ خمسين آية من القرآن جهرًا وبصورة واضحة بعد صلاة الصبح.
3. ليقرأ المعوذتين؛ (سورتي الفلق والناس) كثيرًا.
4. ليقرأ قبل النوم (سور القلاقل)؛ أي سورة الكافرون، الإخلاص، الفلق، والناس.
5. ليحمل معه (في جيبه على سبيل المثال) قرآنا يحتفظ به.
6. ليقرأ آية الكرسي كثيرًا، ولكتب هذه الآية في بيته.
7. ليحمل معه حزر الإمام الجواد -عليه السلام- في الخاتم على سبيل المثال.
توصيته للحفظ والوقاية:
للحفظ الوقاية اقرأ في كل صباح وغروب ثلاث مرات: (اللهم اجعلني في درعك الحصينة التي تجعل فيها من تريد).
توصيته للعثور على الضالة أو الأشياء المسروقة:
للعثور على أي شيء ضال أو مسروق -ولو كان إنسانًا- اقرؤوا هذا الذكر كثيرًا حتى تعثروا على ذلك الشيء: (أصبحت في أمان الله، أمسيت في جوار الله).
توصيته لزيادة الرزق:
إن من يطلب زيادة الرزق، فليقل هذا الذكر كثيرًا، وليصل على محمد وآل محمد مرة واحدة في بداية الذكر ونهايته، فإذا أراد قراءة هذا الذكر 110 مرة فليصل صلاة واحدة على محمد وآل محمد، ثم يقرأ الذكر 110 مرة، ثم يصل صلاة أخرى على محمد وآل محمد.. والذكر هو: اللهم أغنني بحلالك عن حرامك وبفضلك عمن سواك.
توصيته لطلب الأولاد:
1. عن أبي جعفر الأول محمد الباقر بن علي الحسين -عليه السلام- أن رجلاً شكا إليه قلة الولد، وأنه يطلب الولد من الإماء والحراير فلا يرزق به، وهو ابن ستين سنة، فقال عليه السلام: قل ثلاثة أيام في دبر صلاتك المكتوبة صلاة العشاء الآخرة، وفي دبر صلاة الفجر: سبحان الله سبعين مرة.. وأستغفر الله سبعين مرة، وتختمه بقول الله عز وجل: ﴿اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا** يُرْسِلِ السَّمَاء عَلَيْكُم مِّدْرَارًا** وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَل لَّكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَل لَّكُمْ أَنْهَارًا﴾. ثم واقع امرأتك الليلة الثالثة فإنك ترزق -بإذن الله- ذكرًا سويًا، قال: ففعلت ذلك ولم يحل الحول حتى رزقت قرة عين.
2. عن زرارة عن أبي جعفر قال: وفدت إلى هشام بن عبد الملك فأبطأ علي الإذن حتى اغتممت، وكان له حاجب كثير الدنيا لا ولد له، فدنا أبو جعفر (ع) فقال: هل لك أن توصلني إلى هشام فأعلمك دعاء يولد لك ولدا?.. فقال: نعم، وأوصله إلى هشام، فقضى حوائجه.. فلما فرغ فقال له الحاجب: جعلت فداك الدعاء الذي قلت لي!.. فقال: نعم، تقول في كل يوم إذا أصبحت و أمسيت: (سبحان الله) سبعين مرة، وتستغفر الله -عز وجل- عشر مرات، وتسبحه تسع مرات، وتختم العاشرة بالاستغفار تقول: ﴿أستغفر الله إِنَّهُ كانَ غَفَّارًا يُرْسِلِ السَّماءَ عَلَيْكُمْ مِدْرارًا وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَلْ لَكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَلْ لَكُمْ أَنْهارًا﴾.. فقالها الحاجب فرزق ذرية كثيرة، وكان بعد ذلك يصل أبا جعفر وأبا عبد الله.. قال: سليمان فقلتها وتزوجت ابنة عمي، وقد أبطأ علي الولد منها، وعلمتها أهلي فرزقت ولدا، وزعمت المرأة حين تشاء أن تحمل حملت إذا قالتها، وعلمتها غيرها ممن لم يكن يولد له فولد لهم ولد كثير.
توصيته لتحقق الزواج:
سؤال: لا يتحقق زواج إحدى البنات. ولم يأت لحد الآن نصيبها، وهذه البنت تطلب منكم الإرشاد والتوجيه.
الجواب: لتصل صلاة جعفر الطيار، ثم تقرأ بعد ذلك دعاء واردًا في كتاب زاد المعاد للمجلسي (1)، ودعاء خاصًا للقراءة في هذا الوقت(2)، ثم لتسجد وتسعى لتبكي حتمًا -ولو بمقدار قليل- فإذا أغرورقت عيناها بالدموع، فلتطلب حاجتها، فإن لم تتحقق حاجتها، فلتعلم بأنها قرأت هذا الدعاء قليلاً أو أنها لم تقرأه باعتقاد كامل.. وقال سماحته أيضًا مرة أخرى في مقام الإجابة على هذا السؤال: اقرؤوا كثيرًا آية: ﴿رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا﴾.
توصيته لتقوية الفهم والحافظة:
لتقوية الفهم ونورانية الإدراك والحافظة، اقرؤوا بعد الصلاة هذا التسبيح: (سبحان من لا يعتدي على أهل مملكته!.. سبحان من لا يأخذ أهل الأرض بألوان العذاب!.. سبحان الله الرؤوف الرحيم!.. اللهم اجعل لي في قلبي نورًا وبصرًا وفهمًا وعلمًا؛ إنك على كل شيء قدير)