نظرة فقهية في صلاة يوم الأحد من شهر ذي القعدة الحرام
بقلم فضيلة الشيخ ميثم الفريجي
بسمه تعالى
نقل السيد ابن طاووس ( رضوان الله تعالى عليه ) في كتابه (اقبال الأعمال )رواية عن رسول الله ( صلى الله عليه واله ) جاء فيها :
(( خرج رسول الله (صلى الله عليه وآله) يوم الأحد في شهر ذي القعدة، فقال : يا أيها الناس من كان منكم يريد التوبة ؟ قلنا : كلنا نريد التوبة يا رسول الله ، فقال : اغتسلوا وتوضأوا وصلّوا أربع ركعات واقرؤوا في كل ركعة فاتحة الكتاب مرة ، وقل هو الله أحد ثلاث مرات والمعوذتين مرة ، ثم استغفروا سبعين مرة ، ثم اختموا بلا حول ولا قوة الا بالله العلي العظيم ، ثم قولوا : يا عزيز يا غفار، اغفر لي ذنوبي وذنوب جميع المؤمنين والمؤمنات فإنه لا يغفر الذنوب الا أنت. ثم قال : ما من أمتي فعل هذا الّا نودي من السماء : يا عبد الله استأنف العمل فإنك مقبول التوبة مغفور الذنب ،
وينادى ملك من تحت العرش : أيها العبد بورك عليك وعلى أهلك وذريتك ، وينادى مناد آخر: أيها العبد ترضى خصماؤك يوم القيامة ،
وينادى ملك آخر : أيها العبد تموت على الايمان ولا يسلب منك الدين ويفسح في قبرك وينور فيه
وينادى مناد آخر: أيها العبد يرضى أبواك وان كانا ساخطين ، وغفر لإبويك ذلك ولذريتك وأنت في سعة من الرزق في الدنيا والآخرة ، وينادى جبرئيل (عليه السلام) : انا الذي آتيك مع ملك الموت ان يرفق بك ولا يخدشك اثر الموت ، إنما تخرج الروح من جسدك سلا.
قلنا : يا رسول الله لو أن عبداً يقول في غير الشهر ؟ فقال عليه السلام : مثل ما وصفت ، وإنما علمني جبرئيل عليه السلام هذه الكلمات أيام اسرى بي )) انتهى
أقول: هنا فوائد بلطف الله تعالى :
1/ الاحوط ان يؤتى بهذه الصلاة برجاء المطلوبية
2/ صلاة الاربع ركعات لاتكون متصلة ، وانَّما لكل ركعتين تشهد وتسليم
3/ الظاهر من الرواية ان رسول الله (صلى الله عليه واله ) خرج ووجّه المسلمين بهذا العمل في يوم الأحد من شهر ذي القعدة الحرام ، ولا توجد اشارة الى انه الأحد الاول من هذا الشهر ، فيمكن اتيان الصلاة في اي أحد من آحاد هذا الشهر
4/ الظاهر ان هذا الاستغفار والدعاء الذي ورد في الرواية انّما يؤتى به بعد الصلاة
5/ الظاهر ان هذا العمل بما فيه من صلاة ودعاء واستغفار ليس مخصوصاً بيوم الأحد من شهر ذي القعدة فقط ، وانما يمكن إتيانه في اي يوم من ايام هذا الشهر ، بل وفي غيره من الشهور ودليل ذلك ما نطق به الرسول ( صلى الله عليه واله ) في ذيل الرواية عندما سأله المسلمون : ( قلنا: يا رسول الله لو أن عبداً يقول في غير الشهر ؟ فقال عليه السلام : مثل ما وصفت ، وإنما علمني جبرئيل عليه السلام هذه الكلمات أيام اسرى بي )
أي يمكن أن يقول بما وصفه رسول الله من أوصاف هذا العمل في غير هذا الشهر، وانما علّمه جبرائيل هذه الكلمات حينما اسرى به في حادثة الإسراء المشهورة .
والاعتبار يساعد على ذلك لان الرسول ( صلى الله عليه واله ) كان بصدد تعليم المسلمين عملاً يتقربون به الى الله تعالى ، ويعلنون به توبتهم ، ورجوعهم لساحة قدسه تبارك وتعالى ، وهذا لا ينحصر في شهر ذي القعدة فضلا عن أحد من آحاده
6/ انّما تكشف هذه الرواية عن سعة رحمة الله وبالغ منه ولطفه بعباده اذ فتح لهم أبواب التوبة مشرّعةً ، وأوحى الى حبيبه ( صلى الله عليه واله ) ان يعلّم الناس طرق سلوك ابواب رحمته كي يتوب عليهم
وهو القائل :(( إِلاَّ ٱلَّذِينَ تَابُواْ مِن بَعْدِ ذٰلِكَ وَأَصْلَحُواْ فَإِنَّ الله غَفُورٌ رَّحِيمٌ ))البقرة: 160
وفّق الله المؤمنين والمؤمنات الى صالح الاعمال ، وتقبلها منهم بقبول حسن ، وأدخلهم في باب توبته ورحمته ، آمين رب العالمين .
والتمس منهم ان يشملوني معهم ووالديَّ بخالص دعائهم المبارك