العفة في الشعر الجاهلي وما بعده من العصور

بواسطة |   |   عدد القراءات : 4522
حجم الخط: Decrease font Enlarge font
العفة في الشعر الجاهلي وما بعده من العصور

بسم الله الرحمن الرحيم

اللهم صل على محمد وال محمد

ــــ العفة في الشعر الجاهلي وما بعده من العصور ــــ

الحلقة الاولى

لعل من الغريب ان نسمع عن العصر الجاهلي اشعاراً وقصصاً تروي العفة والطهر في ذلك المجتمع الذي وصمه القران الكريم بهذه الوصمة التي لا تزايله ابد الدهر حين حذر النساء (ولا تبرجن تبرج الجاهلية الاولى).

وبعيدا عن موضوع الاية وسياقها الذي يخصص الوصف بالجاهلية الأولى في قضية خاصة هي التبرج، فاننا نرى الكثير من الاخلاقيات والسنن التي كانت في الجاهلية اقرها الإسلام وعمل بها وهذب بعضها ووجهها التوجيه المناسب فقد ورد عن النبي صلى الله عليه واله في وصيته لامير المؤمنين صلوات الله عليه واله : (يا علي إن عبد المطلب سن في الجاهلية خمس سنن أجراها الله له في الاسلام: حرم نساء الاباء على الابناء فأنزل الله عزوجل " ولا تنحكوا ما نكح آباؤكم من النساء "  ...) والحديث في كتاب الخصال للصدوق ج 1 ص 221.

ومن هذه الخصال والاخلاقيات (العفة) .

وان شاء الله سنلاحظ في مجموعة من الحلقات عن موضوع العفة عند الجاهليين انها لا تختص بالنساء الجاهليات، بل هي صفة بارزة عند رجال الجاهلية المبرزين بل حتى المغمورين.

وفي هذا قمة البلاغ لاجيالنا المتحضرة بأن تأخذ من هؤلاء الاقوام الذين نسمهم بالجهل والتخلف اسمى الدروس الأخلاقية في الحياء والعفة على كل مستوياتها، سواء عفة البطن وعفة الفرج وعفة اللباس وعفة اليد وعفة اللسان وعفة النظر و...

وفي هذه الحلقة سننقل بعض اشعارهم عن العفة مع الجارة وكيف يتعامل معها الرجل الجاهلي سواء وهي في بيت الشعر الذي لا يقيها من الدخيل، ولا يقيها من الناظر الخائن العين، او مع غياب زوجها في الرعي او في السفر او غيره.

1. يقول العدوي :

شراء جارتي ستراً فضول لأنني ... جعلتُ جفوني ما حييت لها سترا

وما جارتي إلا كــأمي وإننـــــــي ... لأحفظهـا سراً وأحفظهـــا جهرا

بعثت إليهــا أنعمي وتنعمــي ... فلست محلاً منك وجهاً ولا شعرا

2. ويقول بشَّار بن بشر المجاشعي:

وإني لعفٌّ عن زيارة جارتي ... وإنّي لمشنوءٌ لدى اغتيابها

          إذا غاب عنّي بعلها لم أكن لها ... زؤوراً ولم تأنس إليّ كلابها

ولم أك طلاّباً أحاديث سرِّها ... ولا عالماً من أي جنسٍ ثيابها

3. يقول مسكين الدارمي:

نَارِي وَنَــارُ الْجَارِ وَاحِدَةٌ ... وَإِلَيْهِ قَبْلِي تَنْزِلُ الْقِدْرُ

مَـا ضَرَّ جَـارًا لِي أُجَــاوِرُهُ ... أَنْ لَا يَكُونَ لِبَابِهِ سِتْرُ

أَعْمَى إذَا مَا جَارَتِي بَرَزَتْ ... حَتَّى يُوَارِي جَارَتِي الْخدْرُ

4. ويقول عنتر بن شداد :

وأَغُضُّ طرفي ما بـدَتْ لي جارَتي ... حتى يُواري جارتي مأْواهـا

5. ويقول عروة بن الورد:

وإنْ جارتي ألوَتْ رياحٌ ببيتها ... تغافلت حتى يستر البيت جانبه

والاشعار في ذلك كثيرة لمن يطلب مكارم اخلاق اقوام الجاهليين في اشعارهم، ومن هذا يمكن ان نأخذ العبرة والتسابق نحو مكارم الاخلاق ولا نقبل ان نصف قوما بالجاهلية واننا متحضرون اذا لم نرتقي باخلاقنا فوق اخلاقهم.

نسأل الله التوفيق وحسن العاقبة.

احمد جعفر الفاطمي

 

# مركز - الامام - الصادق - عليه - السلام -

Powered by Vivvo CMS v4.7