العفة وسعادة الدارين

بواسطة |   |   عدد القراءات : 2450
حجم الخط: Decrease font Enlarge font
العفة وسعادة الدارين

العفة وسعادة الدارين

# مرت على البشرية كثير من المراحل الفكرية التي تذبذبت فيها الإنسانية بين الترقي في السلوك البشري إلى مراتب عالية في التكامل ‏والتسامي الأخلاقي وهذا كان بالذات خط الأنبياء والرسل (صلى الله عليه واله)فمنهم ومن خلالهم تعلمت البشرية العقائد الحقة التي ‏ترتبت عليها السلوكيات الإنسانية التي بلغ منها حد يمكن أن يقال أنه مفخرة للإنسانية من حيث الأثر الذي ترتب على نقاء تلك العقيدة, ‏فسلوك الإنسان وأخلاقَه وتصرفاتِه في الحياة مظهرٌ من مظاهر عقيدته في حياته الواقعية وممارساته اليومية، فإن صلَحت العقيدة الإيمانية ‏صلَح السلوك واستقام، وإذا فسَدت فسد واعوجَّ.‏

# فقد جاء النبي (صلى الله عليه واله) ليتمم مكارم وصالح الأخلاق ومن بين تلك الأخلاق الرفيعة خلق العفة فها هو(صلى الله عليه واله) ‏يرسى معالم العفة ويحث النفوس على الاستقبال إليها والصيرورة من أهلها.‏

# فالانسان اذا عرف الاخلاق الصالحة, وعزم على تحصيلها؛ افتقر الى مجاهدة النفس بحملها وتسيرها على تلك الاخلاق, وهذة المجاهدة قد ‏تكون امرا شاقا على نفس الانسان, لا سيما اذا القت نفسه خلاف ما اريد لها, فمجاهدة النفس سبب لهداية العبد الى سبل الخيرات ‏ولتاييد الله تعالى له, لقوله تعالى: { وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ } (سورة العنْكبوت: 69), ولهذا كان ‏المنهج السديد في اصلاح الناس وتقويم لسلوكهم, وتيسير سبل الحياة الطيبة لهم – ان يبدا المصلحون باصلاح النفوس وتزكيتها وغرس ‏معاني الاخلاق الجيدة فيها؛ ولهذا يحتاج الانسان الى امور تعينه في اكتساب الاخلاق الصالحة والسلوك القويم وهذة الامور هي:‏

‏1- قوة الصلة بالله تعالى (العبادة)‌‎ ‌‏ ‏

‏2- الصبر عند الشداد‎ ‎

‏3- اتخذ الاسوة الحسنة عن طريق الصحبة والمجالسة: فالجليس الذي ينتفع الانسان بمجالسته هو ؛ المؤمن التقي الذي يذكرك اذا ‏نسيت, ويعينك اذا ذكرت ومن له علم وعقل , ومن اعطاه الله حظا من الحكمة والحلم, وكان ناصحا لله ولرسوله ولخلقه , فهو للمجالس ‏كالغذاء للبدن وكالدواء عند السقم.‏

# ولهذا اكد الاسلام على اصلاح النفوس, وطمانينة وقلق وعز وذل, كل ذلك ونحوه تبع لتغيير ما بانفسهم من معان وصفات.{ إِنَّ اللهَ لَا ‏يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ } (سورة الرعد :11) .‏

# ‏ وعلى ذلك تُشكِّل العفة إحدى الفضائل الأخلاقيّة؛ وتُعدّ واحدةً من أُمّهات الفضائل الأربع (العفّة، الشجاعة، الحكمة، والعدالة) وهي ‏من الصفات الممدوحة لدى الناس، وهي أيضًا من الأخلاق التي يصعب على النفس الالتزام بها لما فيها من مجاهدة نزوات النفس البشرية، ‏وأغلب الأخبار والروايات تُشير إلى ضرورة عفّة البطن والفرج، وكفّهما عن مشتهياتهما المحرّمة، يدلّ على أنّهما من أفضل العبادات لكونهما ‏أشقّهما على النفس، وملازمة النفس لهذه المشتهيات منذ نشأة الإنسان حتى صارت جزءًا منه. فإذا وجدت هذه العفة لم تر إمرأة متبرجة ‏ولا شاباً متسكعاً، رأيت جِداً في الشباب وعفة في الفتيات، رأيت مجتمعاً طاهراً نقياً هذه العفة التي تعصم من الحرام تجديد وتقوية وزيادة ‏للإيمان وسعادة في الدارين . والحمدلله رب العالمين.... ‏

جاسم القره غولي

Powered by Vivvo CMS v4.7