العفة وسعادة الدارين
العفة وسعادة الدارين
# مرت على البشرية كثير من المراحل الفكرية التي تذبذبت فيها الإنسانية بين الترقي في السلوك البشري إلى مراتب عالية في التكامل والتسامي الأخلاقي وهذا كان بالذات خط الأنبياء والرسل (صلى الله عليه واله)فمنهم ومن خلالهم تعلمت البشرية العقائد الحقة التي ترتبت عليها السلوكيات الإنسانية التي بلغ منها حد يمكن أن يقال أنه مفخرة للإنسانية من حيث الأثر الذي ترتب على نقاء تلك العقيدة, فسلوك الإنسان وأخلاقَه وتصرفاتِه في الحياة مظهرٌ من مظاهر عقيدته في حياته الواقعية وممارساته اليومية، فإن صلَحت العقيدة الإيمانية صلَح السلوك واستقام، وإذا فسَدت فسد واعوجَّ.
# فقد جاء النبي (صلى الله عليه واله) ليتمم مكارم وصالح الأخلاق ومن بين تلك الأخلاق الرفيعة خلق العفة فها هو(صلى الله عليه واله) يرسى معالم العفة ويحث النفوس على الاستقبال إليها والصيرورة من أهلها.
# فالانسان اذا عرف الاخلاق الصالحة, وعزم على تحصيلها؛ افتقر الى مجاهدة النفس بحملها وتسيرها على تلك الاخلاق, وهذة المجاهدة قد تكون امرا شاقا على نفس الانسان, لا سيما اذا القت نفسه خلاف ما اريد لها, فمجاهدة النفس سبب لهداية العبد الى سبل الخيرات ولتاييد الله تعالى له, لقوله تعالى: { وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ } (سورة العنْكبوت: 69), ولهذا كان المنهج السديد في اصلاح الناس وتقويم لسلوكهم, وتيسير سبل الحياة الطيبة لهم – ان يبدا المصلحون باصلاح النفوس وتزكيتها وغرس معاني الاخلاق الجيدة فيها؛ ولهذا يحتاج الانسان الى امور تعينه في اكتساب الاخلاق الصالحة والسلوك القويم وهذة الامور هي:
1- قوة الصلة بالله تعالى (العبادة)
2- الصبر عند الشداد
3- اتخذ الاسوة الحسنة عن طريق الصحبة والمجالسة: فالجليس الذي ينتفع الانسان بمجالسته هو ؛ المؤمن التقي الذي يذكرك اذا نسيت, ويعينك اذا ذكرت ومن له علم وعقل , ومن اعطاه الله حظا من الحكمة والحلم, وكان ناصحا لله ولرسوله ولخلقه , فهو للمجالس كالغذاء للبدن وكالدواء عند السقم.
# ولهذا اكد الاسلام على اصلاح النفوس, وطمانينة وقلق وعز وذل, كل ذلك ونحوه تبع لتغيير ما بانفسهم من معان وصفات.{ إِنَّ اللهَ لَا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ } (سورة الرعد :11) .
# وعلى ذلك تُشكِّل العفة إحدى الفضائل الأخلاقيّة؛ وتُعدّ واحدةً من أُمّهات الفضائل الأربع (العفّة، الشجاعة، الحكمة، والعدالة) وهي من الصفات الممدوحة لدى الناس، وهي أيضًا من الأخلاق التي يصعب على النفس الالتزام بها لما فيها من مجاهدة نزوات النفس البشرية، وأغلب الأخبار والروايات تُشير إلى ضرورة عفّة البطن والفرج، وكفّهما عن مشتهياتهما المحرّمة، يدلّ على أنّهما من أفضل العبادات لكونهما أشقّهما على النفس، وملازمة النفس لهذه المشتهيات منذ نشأة الإنسان حتى صارت جزءًا منه. فإذا وجدت هذه العفة لم تر إمرأة متبرجة ولا شاباً متسكعاً، رأيت جِداً في الشباب وعفة في الفتيات، رأيت مجتمعاً طاهراً نقياً هذه العفة التي تعصم من الحرام تجديد وتقوية وزيادة للإيمان وسعادة في الدارين . والحمدلله رب العالمين....
جاسم القره غولي