التمهيد للظهور المبارك بين الشرائط والعلامات
.
بقلم الشيخ عمار النصرالله
لاشك ان نفوس المؤمنين تواقة للظهور المبارك للمولى صاحب العصر والزمان عجل الله فرجه والذي سيزين الارض بالعبودية لله وحده لا شريك له . وهو الوعد الالهي في قوله تعالى { هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَىٰ وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ }١.
حيث ورد في الخبر عن سماعة عن أبي عبد الله عليه السلام في تفسير هذه الاية انه قال: ((إذا خرج القائم لم يبق مشرك بالله العظيم ولا كافر الا كره خروجه)) ٢.
وكلما يأتي ذكر الظهور المبارك يتوارد الى الاذهان مفهومان مألوفان لشدة ارتباطهما بذلك الظهور . ولكن اغلب الناس يجهلون طبيعة علاقة كل منهما بخروج القائم من ال محمد عليه السلام من جهة . وتكليفهم تجاه كل من هذين المفهومين من جهة اخرى . وهذان المفهومان هما : ( علامات الظهور . وشرائط الظهور ) .
وفيما يلي ساحاول بيان كل منهما وتوضيح علاقتهما بظهور الامام عجل الله فرجه :
فعلامات الظهور هي عبارة عن الاحداث والوقائع التي يعرف من خلالها المؤمن المتتبع لإمام زمانه اقتراب موعد ظهوره المبارك . وليس من تكليف الناس التدخل في تحقيقها والعمل على ايجادها . كالصيحة السماوية وخسف البيداء وقتل النفس الزكية ...الخ . وبالتالي ليس للاهتمام بها وصرف الجهد والوقت في تحققها اي اثر عملي على مستوى التمهيد للظهور الميمون الا بمقدار مايتعلق بالاستعداد النفسي لذلك الحدث الالهي العظيم . خصوصا اذا علمنا ان الاعم الاغلب من تلك العلامات ليس حتمي الوقوع .
مضافا الى انها قد تتكرر على طول خط التأريخ ولايعلم مصداقها المطلوب من تلك الحالات المتكررة . ويكفي في صرف الجهد والوقت في تتبعها انها ليست الا كاشفة عن قرب الظهور وليست مسببة له . حيث يمكن تشبيهها بالدخان الذي يكون علامة على وجود النار وليس هو سبب الاحتراق .
اما شرائط الظهور فهي عبارة عن تلك العوامل الرئيسية التي يتوقف عليها الظهور المبارك . بحيث يمكننا القول وبضرس قاطع انه لاوجود له الا بعد تحققها . وهي وإن لم يرد ذكرها صريحا في الروايات الشريفة كالعلامات الا انها مستفادة من قبل محققي علمائنا من خلال آطلاعهم على مجموع الروايات الخاصة بالظهور المبارك .
ومن مميزات هذه الشرائط انها بالاضافة الى كونها سببا رئيسيا لقيام الامام المهدي عليه السلام فإنها ثلاثة فقط . إثنان منها متحققان فعلا وواقعا . وبقيت واحدة يكون طرفها بيد المكلف ويمكن ان يشارك في ايجادها وتحققها . وبها ينفتح له الباب على مصراعيه ليكون من الممهدين لدولة العدل الالهي في آخر الزمان . وسيتبين لك عزيزي القارئ كل ذلك بعد معرفة تلك الشرائط الثلاث :
١- وجود الدستور والقانون الذي يضمن تحقيق دولة العدل الالهي .
٢- وجود القائد الفذ الذي يطبق ذلك القانون على اتم واكمل وجه .
٣- وجود قاعدة جماهيرية تعين القائد على تطبيق ذلك القانون العادل .
وبعد عرض تلك الشرائط لا اعتقد بأنه سيطول بك التفكر لمعرفة ماتحقق منها وما لم يتحقق . حيث ان تحقق الشرط الاول واضح بعد معرفتنا انه لا نجاة للعالم بأسره الا باتباع قانون خالق الكون والعارف بما يصلحه وما يفسده وهو الاسلام .
والشرط الثاني متحقق بوجود الامام المهدي عليه السلام الذي نصت الاحاديث الشريفة بانه هو من سيملأها قسطا وعدلا بعد ان تملأ بالظلم والجور .
ولم يبقى الا الشرط الثالث وهو وجود القاعدة الجماهيرية التي تعين القائد على تطبيق الاسلام . وهنا يأتي دورنا في التمهيد على مستوى الاعداد النفسي والاسري والاجتماعي لاعداد تلك القاعدة الواعية التي تحتضن القائد الموعود والقانون الالهي المبارك لتتم اركان دولة الله في الارض . فلو افنى ابن ادم حياته وكل كيانه في سبيل تحقيق هذا الشرط لما كان عند الله ملوما . وفي ذلك فليتنافس المتنافسون .
عمار جاسم النصرالله
٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠
١- الاية ٣٣ من سورة التوبة .
٢- تفسير العياشي ج٢ ص٨٧