الحركة النوراني

بواسطة |   |   عدد القراءات : 1738
حجم الخط: Decrease font Enlarge font

الحركة النوراني

ظهرت في الآونة الأخيرة وتحديداً بعد سقوط النظام بسنتين تقريباً مجموعة تطلق على نفسها (الرحمة) أو (النورانية) تطغي عليها السرية، حيث يقوم أتباع هذه الجماعة بكسب الشباب والنفوذ إليهم من منافذ خطيرة _والدخول من مداخل، كل مدخل منها هو أخطر من سابقه في أنه يؤدي بصاحبه إلى متاهات الضلال، وظلم الجهل والانحراف. وهذه المخاطر هي:

١_ جعله يقلد في غير موارد التقليد:

يأتي المدعي من أفراد هذه المجموعة لشاب من الشبان فيسأله: كيف هي صلاتك من ناحية الخشوع والتوجه؟ وهل تمتنع أنت عن المعاصي بشكل مطلق؟ يبدأ الكلام معه بشيء من الموعظة والترهيب من النار والقبر والآخرة ويستشهد لذلك ببعض أقوال أمير المؤمنين عليه السلام وغيرها، ثم يبين له قبح المعصية ويرغبه بالطاعات، ثم يقول له سأعطيك ذكراً من الأذكار وهو سر أهل البيت عليهم السلام على أن تعاهد الله تعالى بعدم البوح بهذا السر لأي أحد كان، وتداوم على قراءته قبل الصلاة وبعدها أيضاً، وإذا استطعت أن تداوم على هذه الأذكار طول الوقت فبها ونعمت، منها (الله يسمعني ويراني) و(الله أقرب إليَّ من حبل الوريد) وبعد مرور أسبوع أو أكثر يرى هذا الشاب أنه قد حصل تغيير في سلوكه من ناحية التوجه والخشوع في الصلاة والابتعاد عن المعصية وحب الطاعات...

 

...  وبعد الوصول إلى هذه المرحلة يأتيه المدعي من هذه الجماعة فيقول له:أنت الآن قد دخلت في الرحمة الإلهية، فما عليك إلا أن تسمع وتطيع فأنا الذي أوصلتك إلى هذه المرحلة بحيث انك تبكي في الدعاء وتتلذذ بقراءة القرآن الكريم، فأنا مولاك ومن الآن أصبحت مولى لك. وهنا يتجلى الحال بأنه فر من المطر ليقف تحت الميزاب اذ جعله يفر من التقليد في الفروع ليقع في التقليد في الاصول.

 

٢_ حصر طريق الولاية بشخص الداعي منهم فقط:

 

حيث يقول داعيتهم: واعلم أن الإمام المهدي عليه السلام ينتظر الظهور المبارك وهو عليه السلام يحتاج إلى قاعدة جماهيرية تنصره لإظهار ولاية آل محمد عليهم السلام، وهذه القاعدة لا يمكن أن تكتمل إلا من خلال هذا الطريق الذي نسلكه، لأن الذي لا يصفّي باطنه لا يمكن أن يكون من أنصاره عليه السلام، فإذا لم يشرق نور الإمام عليه السلام في قلبك فإنك لا تكون موالياً وناصراً لدين الله تعالى، فالولاية لا تكون إلا من خلال هذا الطريق لأن الولاية هي التسليم والطاعة، وبما أني المولى لك فعليك أن تسلم لي وتطيع، وإن طريقنا هو الطريق الوحيد الذي يريده الله تعالى والإمام عليه السلام.

 

٣_ الاتصال المباشر وإخراج الإمام من الغيبة:

 

فكما يرد على السنتهم: نحن لدينا اتصال مباشر بالإمام عليه السلام من خلال حلقة متسلسلة من الموالي إلى مباشرة الإمام عليه السلام، بمعنى أنا مولاك وأنا لي مولى ولمولاي مولى أعلى منه وهكذا.

 

٤_ السرية وعدم السماح بالسؤال:

 

مثلما يقول داعتيهم لمن يدعوه إلى مجموعته: لا يحق لك أن تسألني عن مولاي من هو، وكذلك أنا لا يحق لي السؤال عن مولى مولاي والتعرف عليه، وما دامت الرحمة قد وصلت إلينا وعشنا اللذة المعنوية فلماذا السؤال والتدقيق، ثم ان المرحلة قد اقتضت هذا الكتمان، وما دمنا نحن نبلّغ هذه الرسالة فنحن المنذرون للناس في هذا الزمان لأن الأرض لا تخلو من حجج على العباد وكيف يترك اللهُ تعالى الناسَ هكذا وهو القائل ((كُلَّما أُلْقِيَ فِيها فَوْجٌ سَأَلَهُمْ خَزَنَتُها أَلَمْ يَأْتِكُمْ نَذِيرٌ)). يجعلون انفسهم بدلا عن الائمة عليهم السلام ويفسرون الادلة باهوائهم.

 

٥_ الهدف الأخطر وهو إسقاط المرجعية:

 

كما في قولهم: واعلم أن جميع العلماء في الحوزات العلمية وغيرهم من مراجع ومجتهدين كلهم بعيدون عن خط الإسلام والولاية، وإن الإمام عليه السلام غير راض عنهم جميعاً. ولا ندري من أين عرفوا عدم رضاه عليه السلام؟ وأما الأحاديث الواردة مثل (فارجعوا فيها إلى رواة حديثنا فهم حجتي عليكم) فنحن رواة الحديث ونحن الحجة في هذا الزمان. _ولا نعلم ما هو الدليل على هذه الدعوى؟_ وحديث (من كان من الفقهاء حافظاً لدينه صائناً لنفسه مخالفاً لهواه مطيعاً لأمر مولاه فعلى العوام أن يقلدوه) فنحن الفقهاء لأن المواصفات التي ذكرها الحديث كلها متوفرة فينا. وواضح أنه ادعاء أجوف لا يستند إلى سند_ وخاصةً الطاعة لأمر المولى، فلم نر عالماً بهذه المواصفات فكلهم محبون للدنيا والجاه والمنصب ومختلفون فيما بينهم، ولم يتمكنوا من هداية إنسان واحد، ثم يضيف مدعي هذه الحركة بالقول: وعليك أن تفهم أن للقرآن باطناً لأن الظاهر لا يوصل إلى الله تعالى. _ونقول رداً على هؤلاء: ألم يخاطبنا الله تعالى بالظاهر؟ هذا إنكار على الله تعالى_، كما أن العمل بظاهر الشريعة لا يوصل إلى الله _هذا تطاول على الأئمة عليهم السلام الذين عملوا بظاهر الشريعة من الصلاة والصيام وغيرها_ فعلينا العمل بباطن الشريعة، وسأعطيك مفاتيح لفهم القرآن الكريم فكلما وجدت كلمة (الأرض) فمعناها القلب، و(الجبال) فهي الذنوب، و(الماء) فهي الرحمة، ومن هذا الكثير.

 

ثم يبدأ هذا الداعي بأخذ المواعيد معه _أي مع المتورط والضحية_ لإلقاء الدروس عليه والتي هي عبارة عن قراءة المناجاة والأدعية وتفسير القرآن الكريم بحيث يكون البكاء من الطرفين، وقد يشتمل الدرس على أكثر من اثنين، ويتخلل هذا الدرس بعض التوجيهات والتوصيات مثل التي ذكرناها أعلاه والتي لا يمكن حصرها بهذه الورقة، ولو سأل أحدهم ما ذنب هؤلاء الناس الذين لم تصل إليهم الرحمة والولاية؟ فيجيب: ستصل إنشاء الله لكل واحد حتى للعلماء، فمنهم من يطيع ويسلم ومنهم لا يريد الهداية فيضله الله تعالى، ويضيف: _نقول أليس هذا هو من المراجع وعمل بالظاهر و و و..._ إن هذه الرحمة والنورانية كانت موجودة عند السيد الخميني ثم بعد موته انتقلت للسيد عبد الأعلى السبزواري وبعد موته انتقلت للسيد محمد محمد صادق الصدر والدليل أنهم عملوا بالباطن وأثّروا بالناس لأنهم متصلون بنور الإمام عليه السلام، ثم انتقلت إلى أحد العوام وهو  مأمور بعدم التصريح باسمه وشخصه، فبدأ بنشرها بأمر من الإمام عليه السلام. ونقول رداً عليهم: كيف كانت عند العلماء وانتقلت فجأةً الى العوام هكذا بلا دليل؟ وكيف كانت ظاهرة وأصبحت سرية ولا يجوز اظهارها بلا دليل؟! وكيف ومتى واين وممن جاء هذا الأمر؟.

 

ويمكن حصر عقائدهم وأفكارهم بما يلي:

 

١_ يعتمدون على الأذكار والأدعية والمناجاة والعمل بالباطن وهو  ما يطلق عليه بالسلوك.

 

٢_ يعتقدون بأنهم أصحاب الولاية الحقة التي جاء بها الأنبياء والأئمة عليهم السلام، وتتمثل بالتسليم والطاعة من الموالي لمولاه، كما هو تسليم عمار وسلمان وأبي ذر رضوان الله عليهم لأمير المؤمنين عليه السلام، ومن دون هذا التسليم فلا معنى للدين، لأن الإسلام هو التسليم كما ورد في خطبة الوسيلة لأمير المؤمنين عليه السلام.

 

٣_ يعتبرون أنفسهم ومن يدخل معهم ويزكي نفسه ويصفي باطنه هم حجج الله على الخلق والمنذرون عن الله تعالى ووظيفتهم الأساسية هي هداية الناس لهذا الطريق. لأن الأرض لا تخلو من حجة.

 

٤_ يقولون نحن عرفنا أهل البيت عليهم السلام بالمعرفة النورانية، أي يتجلى نور الإمام عليه السلام في قلب الموالي، وتكون معرفة الأئمةK بأنهم أنوار وليس فقط لأنهم أئمة مفترضو الطاعة وإلا فهذا الأمر متيسر لأي أحد. وهذه السطحية لا تنفع.

 

٥_ من تصل إليه هذه الرحمة والنورانية تكون عليه حجة في يوم القيامة فإن سلّم وأطاع فهو المطلوب، وإن لم يطع فهو في جهنم كالذي كذّب الأنبياء والمرسلين عليهم السلام.

 

٦_ الموالي في هذه المجموعة يعتبر مولاه هو الباب الذي يصل من خلاله، فمثلاً في الصلاة وقبل تكبيرة الإحرام يقول (بنورك يا مولاي) فيعتقد أن الخشوع الذي حصل عليه لأنه جعل مولاه باباً لهذا العمل، وكذلك في جميع الأعمال.

 

٧_ بعض الأسئلة التي تطرح من الموالين الجدد _وخاصة من الذين لهم بعض المعلومات والثقافة الدينية_ يجيبون عنها والبعض الآخر لا يجيبون عنها ويقولون: أنت لا تتحمل الجواب فعندما تصل إلى مرحلة معتد بها سنجيبك عنها، لأن الولاية درجات، فإيمان أبي ذر ليس كإيمان سلمان رضوان الله عليهما. أما إذا وصل الموالي إلى درجة عالية عندهم فيبدأ يستلم منهم أموراً أخرى ويعتبرها من المسلّمات التي لا يجوز النقاش فيها، لأنه (ما كذب الفؤاد ما رأى).

 

٨_ لا يقرؤون الكتب الدينية لأنهم يعتبرونها حجباً تحجب الموالي عن المنازل المعنوية. فإذا أردت شيئاً فعليك أن تأخذه من مولاك.

 

٩_ يفسرون بعض العبارات الواردة في الأدعية بتفسير خاص وبعيد عن المعنى المتعارف مثلاً (يا من دل على ذاته بذاته) بأنه الإمام المهدي عليه السلام.

 

١٠_ يسمعون ويعملون بخطبة البيان المنسوبة لأمير المؤمنين عليه السلام، والتي منها (أنا الخالق، أنا الرازق...) والتي سُئل عنها بعض العلماء فقالوا: لا سند لها.

 

١١_ يجمّدون العقل ويقولون إن العقل ليس بحجة، لأن أمير المؤمنين يقول في دعاء الصباح (إلهي عقلي مغلوب).

 

١٢_ يفسرون القرآن تفسيراً غريباً مثلاً (الرحمن، علم القرآن) و(الحمد لله رب العالمين) هو أمير المؤمنين عليه السلام.

 

١٣_ يقولون بأن المصلحة اقتضت في هذا الزمان أن يكون الشخص الذي نتّبعه مخفياً، بدليل قول أمير المؤمنين عليه السلام في نهج البلاغة (...إما ظاهراً مشهوراً أو غائباً مستوراً) _فهم يخرجون الإمام من الغيبة ويدخلون أنفسهم في غيبة_.

 

١٤_ قبل ثلاث سنوات تقريباً كان الأمر عندهم أن على الذي يدخل في هذه الرحمة أن لا يكون منتمياً لسلك الجيش والشرطة. لأن مثل هؤلاء تأتيهم أوامر من الدولة، وقد يتعارض أمر الدولة مع أمر المولى، وحسب علمنا أنهم في الفترة الأخيرة أباحوا الانتماء لهم لمن ينتمي إلى الجيش والشرطة.

 

١٥_ يقولون نحن أناس مسالمون لا نحمل ولا نملك السلاح، ومن كان في بيته سلاح ويدخل في جماعة الرحمة عليه أن يبيعه.

 

١٦_ يعتقدون أن الإمام المعصوم عليه السلام ليس في القبر فحسب بل هو في قلب الموالي. ولذلك فهم عندما يزورون قبر الإمام الحسين عليه السلام لا يأتون إلى الضريح ويقبلونه ويتبركون به بل إنهم وقبل الوصول بخمسين كيلو متراً مثلاً فيقول لهم مولاهم: الآن نرجع فالزيارة قد قُبلت. علماً أن زيارتهم هي عبارة عن أدعية وكلام في العرفان وغيره، وأنهم على طول الطريق لا يتكلمون بأمر آخر يتعلق بالدنيا.

 

١٧_ هم ضد العمامة والمعممين في الوقت الحاضر، ويقولون لو دخل معنا معمم نأمره بنزع العمامة.

 

١٨_ يقولون إن ظاهر الشريعة (الفقه)، وهو واضح وبيّن فلا حاجة للرجوع إلى المجتهدين.

 

١٩_ إنهم لا يصلون صلاة الجماعة، ويقولون إن أئمة الجماعة قلوبهم مغصوبة بحب الدنيا والشيطان لقول الإمام عليه السلام (لا تجوز الصلاة في الأرض المغصوبة) على اعتبار أنهم يفسرون الأرض بالقلب.

هذا غير ما خفي علينا من اعتقاداتهم وأفكارهم.

ونحن نرى ان مجرد عرض ضلالات هولاء يكفي في اسقاطهم ,ولا نحتاج إلى عناء في اثبات بطلان مايدعون. أعاذنا الله من مضلاّت الفتن.

 

Powered by Vivvo CMS v4.7