يوجد من اهل السنة من يضعف احاديث المهدي عجل الله فرجه بحجة عدم ورودها في الصحيحين ( البخاري ومسلم ) فكيف نجيب على ذلك ؟
الشيخ عمار النصرالله .
هذا التضعيف قائم على ثبوت كون البخاري ومسلم قد التزما بجمع وتدوين كل ما جاء في السنة النبوية من الاحاديث الصحيحة , وهذا الأمر لم يثبت بتاتا ولم يقل به اي احد , بل ورد في غيرهما من الكتب أحاديث صحيحة كثيرة قد أعتمد عليها فقهاء وعلماء اهل السنة في المعاجم الحديثية و المسانيد وغيرها من دواوين الحديث , ولم يقل أحد حتى البخاري ومسلم أنهما بصدد استيعاب كل الاحاديث الصحيحة في كتابيهما حتى يُقال بأن كل ما لم يخرجاه ضعيف ولا قيمة له ، بل جاء عنهما التصريح بخلاف ذلك كما نقل عنهما علماء هذا الفن , ومن ذلك ما قاله ابراهيم ابن معقل : سمعت البخاري يقول ما أدخلت في هذا الكتاب إلا ما صح وتركت الصحاح ( اي احاديث صحيحة اخرى ) كي لا يطول الكتاب "١ , وقال الحافظ ابن رجب : " صنَّف العلماءُ التصانيف في ذلكَ [ أي في جمع الحديث ] ، وانتشرت الكتبُ المؤلفةُ في الحديثِ وعلومِهِ ، وصارَ اعتمادُ الناسِ في الحديثِ الصحيح على كتابَي الإمامينِ أبي عبدِ اللَّهِ البخاريِّ و أبي الحسينِ مُسلم بنِ الحجَّاج القُشيريِّ ... وقد صُنِّفَ في الصحيح مصنفاتٌ أُخر بعد صحيحي الشيخين " ٢ ، وهذا يدل على وجود الاحاديث الصحيحة في غير كتابي البخاري ومسلم , هذا من جهة ,
ومن جهة أخرى فإن أحاديث الصحيحين وإن لم يرد فيها التصريح بذكر المهدي عليه السلام على نحو التفصيل والإسهاب ، إلا أنه وردت فيه احاديث تدل إجمالاً على ظهور رجل صالح يؤم المسلمين عند نزول عيسى عليه السلام في آخر الزمان ، ويصلي عيسى ابن مريم خلفه , ومن ذلك الحديث الذي أخرجه البخاري في باب نزول عيسى بن مريم ، عن أبي هريرة انه قال : قال رسول الله صلى الله عليه واله كيف أنتم إذا نزل ابن مريم فيكم وإمامكم منكم ٣.
والحديث الذي أخرجه مسلم في صحيحه عن جابر ابن عبدا لله الانصاري رضي اللّه عنه أنه سمع النبي صلى اللّه عليه واله يقول لا تزال طائفة من أمتي يقاتلون على الحق ظاهرين إلى يوم القيامة قال فينزل عيسى ابن مريم صلى الله عليه وسلم فيقول أميرهم : تعال صل لنا ، فيقول لا إن بعضكم على بعض أمراء تكرمة الله هذه الأمة ٤.
وجاء ما يفسر هذه الأحاديث في باقي الموسوعات الحديثية من مسانيد وسنن ويوضح بالتفصيل اسم هذا الأمير الذي يصلي عيسى عليه السلام خلفه وأنه هو المهدي عجل الله فرجه الشريف ، والسنة يفسر بعضها بعضاً على ما تبناه اهل السنة , ومنها حديث جابر الذي رواه الحارث بن أبي أسامة في مسنده ، قال رسول اللّه صلى الله عليه واله ينزل عيسى بن مريم فيقول أميرهم المهدي : تعال صل بنا فيقول : لا إن بعضهم أمير بعض ، تكرمة الله لهذه الأمة قال ابن القيم في كتابه " المنار المنيف " : وهذا إسناد جيد ٥ ، مما يدل على أن أصل هذه الأحاديث موجود في الصحيحين ،
ومن كل ماتقدم يثبت لطالب الحقيقة صحة احاديث النبي صلى الله عليه واله في المهدي المنتظر عجل الله فرجه وان الجدال فيها ليس الا حرفة العاجز .
٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠
١- سير اعلام النبلاء للذهبي بتحقيق شعيب الارنؤوط ج١٢ ص ٤٠٢
٢- تفسير ابن رجب الحنبلي ج١ ص ٦٠٥
٣- صحيح البخاري باب نزول عيسى ع حديث رقم ٣٢٦٥
٤- صحيح مسلم باب نزول عيسى ع حديث رقم ٢٢٩
٥- السلسلة الصحيحة للالباني ج : ه ص : ٢٧٦