• Post on Facebook
  • Twitter
  • pdf
  • نسخة للطباعة
  • save
الأكثر شعبية

ما السرُّ في رفع راية الإمام الحسين عليه السلام في كل سنة؟

بواسطة |   |   عدد القراءات : 2364
حجم الخط: Decrease font Enlarge font
ما السرُّ في رفع راية الإمام الحسين عليه السلام في كل سنة؟

بقلم الشيخ ميثم الفريجي

 

 

يالمؤمنون في كل سنة وقبيل بداية شهر محرم الحرام لرفع راية الإمام الحسين عليه السلام في عنان السماء، ويشترك معهم في هذا المبدأ والهدف جميع المسلمين الصادقين المؤمنين بالنبي وأهل بيته، فإن راية الحسين هي راية رسول الله، ومبادؤه هي مبادئ رسول الله، ودعوته هي دعوة رسول الله، واهدافه هي أهداف رسول الله  

لذا قال (صلى الله عليه واله): (حسين مني وانا من حسين، أحب اللهُ من أحب حسينا).

بل يشترك معهم كذلك أهل الديانات والمعتقدات الأُخرى غير الاسلام لأن أنبياءهم آمنوا بالحسين، وعَلِموا بقضيته، واستعدوا لنصرته، بل وأسالوا الدمع لشهادته

فراية الحسين هي راية الأنبياء والرسل والأوصياء من بعدهم لأنَّها تدعوا الى ما دعوا اليه الناس من العدل، والانصاف، والسلام، والصلاح، والامر بالمعروف والنهي عن المنكر، وتوحيد الله تعالى، ونبذ الأصنام وكلّ ما يعبد من دون الله تعالى

قال تعالى: (قَالَتْ رُسُلُهُمْ أَفِي ٱللَّهِ شَكٌّ فَاطِرِ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ يَدْعُوكُمْ لِيَغْفِرَ لَكُمْ مِّن ذُنُوبِكُمْ وَيُؤَخِّرَكُمْ إِلَىۤ أَجَلٍ مُّسَـمًّـى قَالُوۤاْ إِنْ أَنتُمْ إِلاَّ بَشَرٌ مِّثْلُنَا تُرِيدُونَ أَن تَصُدُّونَا عَمَّا كَانَ يَعْبُدُ آبَآؤُنَا فَأْتُونَا بِسُلْطَانٍ مُّبِينٍ) إبراهيم: 10

وفي الرواية عن إسحاق بن عمار، قال سمعت ابا عبد الله (عليه السلام) يقول: (ليس نبي في السماوات إلَّا ويسألون الله تعالى أنْ يأذن لهم في زيارة الحسين، ففوج ينزل وفوج يصعد)

وهكذا يشترك معهم كلُّ الأحرار في العالم لأنهم توّاقون لرفع راية تمثل آمالهم وأحلامهم وتحقق طموحاتهم، وتضمّد جراحهم وآلامهم، وتنتصر لهم من الظالمين، وتعيد لهم حقَّهم المغتصب، وتنشد العيش الكريم لهم وتحافظ على القيم والاخلاق والمبادئ الانسانية العامة؛ وما هذه الراية إلَّا راية الحسين (عليه السلام)

فإنَّ الدماء التي سالت على رمضاء كربلاء قد أحيتْ القلوب، وأيقظت الضمائر وسيبقى صوت الحسين مدوياً في عنان السماء :(إنّي لم اخرج أشرا ولا بطرا، وأنّما خرجت لطلب الاصلاح في امة جدي، أريد ان آمر بالمعروف وأنهى عن المنكر، فمن قبلني بقبول الحق، فالله اولى بالحق، ومن رد عليّ هذا أصبر حتى يحكم الله بيني وبين القوم بالحق، وهو خير الحاكمين)

وما أروع وأجلّ كلمات الحوراء زينب (عليها السلام) حينما تخاطب يزيد بكل شجاعة واطمئنان بعد استشهاد اخيها الحسين (عليه السلام): (فكد كيدك، واسع سعيك، وناصب جهدك، فوالله لا تمحوا ذكرنا ولا تميت وحينا)

وتزداد الحاجة وتكبر الى رفع هذه الراية التي تمثل المبادئ الحسينية الفذة، في عصرنا الحاضر والعالم يرزأ تحت سياط الظلم والاضطهاد والعنصرية وسحق القيم والاخلاق وخرق نواميس الطبيعة والفطرة، فيتوق العالم الى المخلِّص الذي يستنقذهم من الظلمات الى النور

ذاك الذي ورث عصارة الثورة الحسينية بمبادئها وقيمها وأهدافها وهي مخزونة لديه، أعني: ولي الله الأعظم الإمام المهدي (عليه السلام) التاسع من ولد الامام الحسين عليه السلام، وهو من سيتولى رفع هذه الراية حال ظهوره لينادي :( يا لثارات الحسين)

ليستثمر ذلك الوعي وتلك الطاقة المعنوية التي ولّدها دم جدّه الإمام الفاتح والثائر في أوسع نطاق، ليملأ الارض قسطا وعدلا، وليعمَّ العدل والخير والانصاف في ربوع المعمورة، ويرتفع الظلم والفساد والاضطهاد ويعيش الناس متحابين متآخين في الله تبارك وتعالى

وإنّما نرفع راية الحسين عليه السلام لإدامة هذه الجذوة المباركة بأحياء شعائره والفات نظر العالم اليها وصيانتها من كل دخيل يشوّهها، أو يسيء اليها في الشكل والمضمون، واستثمارها بأفضل صورة مشرقة تحاكي العقول والقلوب وتواكب العصر والتحضّر، لأن هذه الشعائر رسائل صدق وسلام الى البشرية لتجذبها الى الاسلام المحمدي الأصيل الذي بقي واستمر وتألق بدم الحسين عليه السلام في معركة الحق مع الباطل حتى صح ما قيل: (الاسلام محمدي الوجود وعلوي المعالم وحسيني البقاء)

إنّما نرفع راية الحسين عليه السلام ليميّز العالم هذا النقاء ويفهم الحقيقة ويرى نور الاسلام الأصيل، فلا تختلط الأوراق مع ما يروّج له الاٍرهاب والتكفير وداعش من صور مشوّهة عن الإسلام

قال تعالى: (يُرِيدُونَ أَن يُطْفِئُواْ نُورَ ٱللَّهِ بِأَفْوَٰهِهِمْ وَيَأْبَىٰ ٱللَّهُ إِلاَّ أَن يُتِمَّ نُورَهُ وَلَوْ كَرِهَ ٱلْكَٰفِرُونَ) التوبة: 32

ميثم الفريجي

 ليلة غرة محرم الحرام

 1442 هج

 

Powered by Vivvo CMS v4.7