• Post on Facebook
  • Twitter
  • pdf
  • نسخة للطباعة
  • save
الأكثر شعبية

ظلم منقذ البشرية وانكار انجازاته بطريقة دس السم في العسل.

بواسطة |   |   عدد القراءات : 1318
حجم الخط: Decrease font Enlarge font
ظلم منقذ البشرية وانكار انجازاته بطريقة دس السم في العسل.

 

بقلم الشيخ عبد الحكيم الخُزاعي 

قد يمارس الباحثون طريقة دس السم في العسل من خلال ضرب شخصية معينة عبر مدح شخصية اخرى. 

فقد اطلعت على محاضرة للكاتب السيد احمد القبانجي في اليوتيوب واثار استغرابي حينها!!

 حيث قال عن ثورة الامام الحسين عليه السلام (أنها ثورة وجدانية) ، وجاءت تحت عنوان فيه إساءة للنبي محمد صلى الله عليه وآله وهو: (ثورة الحسين ثورة وجدانية وثورة النبي اضطهادية) ،و هنا اجد من الضرورة تحليل وعرض نظريته عن الموضوع ثم الرد عليها . 

وقد بنى نظريته على أسس محددة وهي:  

 • 1. يرى القبانجي أن الدين مكون تخيلي في الإنسان وليس عقليا ،وتبنى نظرية الفيلسوف كانت في عدم امكانية معرفة الله بالعقل المجرد . 

 • 

 • 2. هناك عمل ديني وعمل اخلاقي ،العمل الديني له غاية وهدف ،والعمل الأخلاقي ليس له غاية أو هدف بل هو نفسه هدف. 

 • 

 • 3. إن عمل الرسول  والنبي محمد صلى الله عليه وآله عمل ديني اسلامي ،وعمل الامام الحسين عليه السلام عمل أخلاقي وجداني.

 • 

٤.عمل الرسول صلى الله عليه وآله كانت نتيجته الحروب والفتوحات ولم يبن وجدان المسلمين ثم كانت سنة ستين للهجرة حيث ثار الامام الحسين عليه السلام وقوم وجدان المسلمين الذي مات عبر الحروب . 

والنتيجة : (ثورة الحسين عليه السلام ثورة وجدانية أخلاقية فقط).


مناقشة النظرية  

 •  اولاً: إننا لا نسلم بنظرية كون الدين مكون خيالي في الإنسان فقط وأن العقل لا يستطيع إثبات وجود الله كما ذهب إلى ذلك الفيلسوف كانت في كتابه (نقد العقل) بل نرى أن الدين ومسألة الخالق عقلية يمكن اثباتها عبر مسلمات العقل التي لا يشك فيها أحد مثل قانون العلية ، والسببية ،وان إرجاع الدين للوجدان والخيال فقط هو تفريط فيه ، وانزاله إلى مستوى الشعر والقضايا الخيالية والوجدانية فقط ،مع اعترافنا أن الدين يلعب دوارا مهما في الوجدان عبر الإيمان بالغيب والمعارف الدينية وغير التجربة الإيمانية العميقة ، والبحث في ذلك يعود إلى نظرية المعرفة وليس محله الآن . 

 •  

 •  ثانياً: إن التفرقة بين العمل الديني والعمل الأخلاقي بهذا الشكل لا نقره ولا نقبل به؛ لأسباب كثيرة ومن اهمها:

 • لايمكن للإنسان أن يتحرك دون هدف محدد ، حتى العمل الأخلاقي في الاخير له هدف مثل راحة الضمير والوجدان اذا لم يكن له هدف آخر ، وايضا الدين فيه درجات وهو ينظر إلى الجميع فهناك من لايحركه الا الهدف البسيط من ثواب وعقاب ، وهناك من يتحرك لأجل غايات عظيمة يكون الله تعالى هو نفس الهدف كما ورد (الهي ماعبدتك خوفا من نارك ولا طمعا في جنتك ولكنني وجدتك اهلا للعبادة فعبتدك).

 • وورد عن الامام علي عليه السلام أيضا ( أن قوما إن قوما عبدوا الله رغبة فتلك عبادة التجار، وإن قوما عبدوا الله رهبة فتلك عبادة العبيد، وإن قوما عبدوا الله شكرا فتلك عبادة الأحرار). وقمة العمل الديني هو العمل لوجه الله دون مقابل بل حبا وعشقا . 

 • ثالثاً :إن التفرقة بين عمل النبي صلى الله عليه وآله وعمل الامام الحسين عليه السلام دعوى فارغة بل لايمكن ذلك لا من حيث نفس النبي صلى الله عليه وآله الذي قال (حسين مني وانا من حسين ) ولا من حيث الامام الحسين عليه السلام الذي استند على قول الرسول صلى الله عليه وآله في نهضته المباركة حيث ورد عنه أنه قال (أما بعد فقد علمتم أن رسول الله صلى الله عليه وآله قد قال في حياته: " من رأى سلطانا جائرا مستحلا لحرم الله، ناكثا لعهد الله، مخالفا لسنة رسول الله، يعمل في عباد الله بالاثم والعدوان ثم لم يغير بقول ولا فعل، كان حقيقا على الله أن يدخله مدخله ).

فكيف يمكن التفرقة بين عمل الامام الحسين عليه السلام وعمل رسول الله صلى الله عليه وآله؟  

نعم السيد القبانجي أخذ رسول الله صلى الله عليه وآله بما فعل الخلفاء من بعده من فتوحات ، واعمال لو كان رسول الله صلى الله عليه وآله حاضرا لكان اول الرافضين لها ،بل نحن نرى امتداد عمل رسول الله صلى الله عليه وآله بأمير المؤمنين ثم الحسن عليه السلام ثم الحسين عليه السلام ،فهم الممثلين الحقيقيين للحقيقة المحمدية وليس المسار العام الذي سارت عليه الخلافة ، والدليل أن أمير المؤمنين عليه السلام قاد ثورة إصلاحية داخلية ضد الجور والطغيان وضد الاستئثار والطبقية . 

 • · ثم إننا نقول إن حصر ثورة الامام الحسين بالعامل الأخلاقي والوجداني هو حصر غير حاصر ،فهي فيها وجهة أخلاقية اكيدا لكنها فيها جوانب أخرى موضوعية فإن الجنبة الأخلاقية والوجدانية جنبة جوانية ليس لها محدد واضح جدا ،وثورة الحسين عليه السلام لها جنبة موضوعية محددة واضحة سنعرض لها باختصار :

 • 


١- ان لها جنبة سياسية واضحة حول شكل الحكم وإدارة المسلمين آنذاك فهل تكون عبر البيعة بالغصب والعدوان كما فعل معاوية مع يزيد ، وعلى الآخرين فقط البيعة دون مشورة من أحد،ام الحكم يكون عبر بيعة الناس بارادتهم الحرة بحيث تصوت وتختار من تريد .


٢- ان لها جنبة اقتصادية حيث قال سيد الشهداء عليه السلام عن بني أمية انهم (استأثروا بالفئ واتخذوا مال الله دولا ). 

٣- لها جنبة دينية حيث حرفوا الدين وهذا ينفي دعوى السيد القبانجي كونها ليست دينية حيث ورد عن الامام الحسين عليه السلام (  _ قد لَزِموا طاعةَ الشيطانِ وتَولَوا عن طاعةِ الرحمنِ، وأظهرُوا الفسادَ وعطلّوا الحدودَ واستأثَروا بالفيء، وأحَلّوا حرامَ اللَّهِ وحَرَّموا حلالَهُ، وإنّي أحقُّ بهذا الأمر).

٤- لها جنبة قانونية ففي الحديث السابق أو الخطبة السابقة يعبر سيد الشهداء عليه السلام أن بني أمية عطلوا الحدود ، والحد قانون اسلامي واضح له موضوعية ومحددات فقهية يتم استخراجها عبر الفقه  . 

٥- لها جنبة إنسانية ترتبط بحرية الإنسان حيث ورد عنه في ذمه لبني أمية حيث قال لهم (كونوا أحرارا في دنياكم). 

فهذه المحددات الموضوعية إضافة للبعد الوجداني الأخلاقي تبطل نظرية كون العامل الوحيد هو فقط العامل الوجداني وان ثورة الحسين عليه السلام جاءت تصحيحا لثورة النبي صلى الله عليه وآله التي هي ثورة دينية بل اضطهادية !!

ان امثال هذه النظريات البعيدة عن الإنصاف لا تضر بشخص النبي (صلى الله عليه واله) بقدر ما تلفت النظر الى سوء فهم أصحابها وانحيازهم وابتعادهم عن الامانة العلمية. 

والله العاصم

Powered by Vivvo CMS v4.7