كيف نكون مع رسول الله ( صلى الله عليه واله)؟

بواسطة |   |   عدد القراءات : 1280
حجم الخط: Decrease font Enlarge font
كيف نكون مع رسول الله ( صلى الله عليه واله)؟

 

بقلم فضيلة الشيخ  ميثم الفريجي

 

قال تعالى: (مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ) الفتح : 29

 

المراد بالمعية هنا الإنتماء الحقيقي لرسول الله (صلى الله عليه واله)، ومنهجه، وخطه، وتعاليمه، وإنما يمثلها أتباعه وشيعته السائرون على خطه ونهجه ووصيته لأمته من بعده.

ولكي نكون مشمولين بهذا الخطاب، فعلينا أن نحقِّق هذه الصفات.

 

• (أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ)

والشدَّة المذكورة في الآية الكريمة لها مصاديق متعدِّدة ومتنوِّعة , منها:

1. الجهاد، والقتال، وبذل النفس في سبيل الهدف الأسمى الذي دعا إليه رسول الله (صلى الله عليه واله)، كما نرى جُند الإسلام في هذا الزمان يرابطون على الثغور للدفاع عن حياض الدين، وشريعة سيد المرسلين ؛ ضد الكفر، والإرهاب، والتحجِّر، والظلام، وبجبهات متعدِّدة ومفتوحة حتى يأذن الله بالنصر، قال تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ) محمد: 7

2. الجهاد بالعلم والفكر والوعي لرد الهجمات، والشبهات العقائدية، والفكرية، والإجتماعية، والأخلاقية، ونحوها، وهذه لا تقلُّ أهمية عن الجهاد بالنفس، فأعداء الإسلام، وكفَّار اليوم وجَّهوا كلَّ أسلحتهم من أجل تجريد الناس من دين الله، وأخلاق الإسلام، وقيم القرآن، وعقائد المجتمع المسلم بما ينشرون من فساد وإفساد على كلِّ المستويات، فعلينا ان نواجه بالشدَّة المطلوبة في كلا المسلكين لنكون بمعيَّة رسول الله (صلى الله عليه واله)، ومن أتباعه والمتأسين به.

 

• (رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ)

كما كان رسول الله رحمة للعالمين، وعندما نكون رحماء فيما بيننا تشعُّ هذه الرحمة، وتفيض على غيرنا، فتكون مشعل هداية للدخول في الإسلام، والإلتحاق بدين الرَّحمة والسلام، نعم هكذا يُريدنا رسول الله (صلى الله عليه واله).

فهل نحن كذلك؟

وهل يوجد هذا التراحم ما بين المسلمين، مع وجود بعض الافكار والفتاوى المتطرفة ؟، وما داعش! وأخواتها إلّا نتيجة لبعض هذه الأفكار، والفتاوى، والسلوك المنحرف الذي تحلَّى به بعض من يدَّعي العلم في ثوب الإسلام، فأساؤوا التأسي برسول الله، وتأسوا بالشيطان وجنده وأصحابه، فأصبح الشيطان قرينا لهم بدلا من أن يتأسوا بالرحمن، فيكون ملاذاً، ومأواً لهم.

وهل من التَّراحم أن تُستباح دماء الأطفال والنساء والشيوخ من المسلمين العزَّل في بعض أراضي الإسلام بسلاح الأخ المسلم الذي يوصيه رسول الله (صلى الله عليه واله) بالتَّراحم والتَّوادد مع أخيه المسلم؟

وهل توجد هذه الخصلة ـ التراحم ـ بين أتباع مدرسة أهل البيت (عليهم السلام)، وبين المؤمنين أنفسهم ؟ ويمكن الحصول على الجواب بمجرد النظر إلى واقع الحال

 

• (رُكَّعًا سُجَّدًا)

وقد كان الذين مع رسول الله (ركعاً سجداً) يسارعون، ويجتهدون في العبادة، والخضوع، والتذلل لله تبارك وتعالى كما كان سيّدهم رسول الله (صلى الله عليه واله) مُجهدا لنفسه الكريمة في عبادة الله، وتحصيل رضاه قائما راكعا ساجدا تاليا لكتاب الله تبارك وتعالى آناء الليل وأطراف النهار حتى أشفق عليه الحق وناداه بخطاب الرحمة والشَّفقة والعناية.

قال تعالى:(طه مَا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْقُرْآَنَ لِتَشْقَى) طه: 2، و: (إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحًا مُبِينًا لِيَغْفِرَ لَكَ اللَّهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ وَيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكَ وَيَهْدِيَكَ صِرَاطًا مُسْتَقِيمًا) الفتح: 1

هكذا كان رسول الله (صلى الله عليه واله) بعبادته، والذين معه لا بدَّ لهم من الإقتداء والتأسي به، فإنَّ العبادة مداد قوَّة المؤمن، وسلاحه في الشدَّة والرخاء.

 

• (يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا)

أي: لا يبتغون من غير الله في عبادتهم وأمتثالهم لأحكامه، فهو خالقهم، ورازقهم، وصاحب الفضل، والرضوان عليهم.

 

• وكذلك (سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ) علامة ظاهرية للعبادة الحقَّة، ولا يُكتفي بذلك، وإنَّما هي تعبير عن سيماء الصالحين الصادقين في عبادتهم لربِّ العالمين حيث الصفات الحميدة، والسلوك العفيف، والأخلاق الحسنة.، فهولاء هم أصحاب رسول الله (صلى الله عليه واله) حقاً، الذين كانوا، ولا زالوا، وسيبقون إلى الأبد في معيَّته وحوزته، يهتدون بنوره، ويقتفون أثره، ويتأسون بفعله وقوله، ويعملون بوصيَّته، وكتاب ربه، وعترته أهل بيته من بعده.

 

Powered by Vivvo CMS v4.7