• Post on Facebook
  • Twitter
  • pdf
  • نسخة للطباعة
  • save
الأكثر شعبية

أفضل الحكومات ... بقلم الشيخ ميثم الفريجي

بواسطة |   |   عدد القراءات : 1399
حجم الخط: Decrease font Enlarge font
أفضل الحكومات ... بقلم الشيخ ميثم الفريجي

أفضل الحكومات

بسمه تعالى

تعاقبت على مرور السنين والأجيال حكومات دنيوية وضعية متعدّدة، لعلّ آخرها وأبرزها صبغة هي الحكومة الديمقراطية الانتخابية التي يكون مصدرها ومبدؤها إرادة الشعب، والغاية منها تحقيق طموحاته العامة من خلال انتخاب من يرغب بهم، لتمثيله في إدارة الحكومة، ومؤسّساتها المتنوّعة، وهو عنوان جذاب ومضمون طموح، ولكنْ يبدو أنّه مجرَّد حلم يؤمل تحقّقه، لِما يواجهه أبناء الشعب من تضليل ممنّهج تحت تأثير عوامل متعدّدة، منها: الوعود البرّاقة، والدعايات الكاذبة، والوسائل الاعلامية الموجّهة من قبل جهات وأفراد متنفّذة، ومعه تُضلَّل الشعوب، وتخرج هذه الحكومات من إرادة الشعب حقيقة، لتصير حكومات طبقات خاصة، وأحزاب وجهات معيّنة تملك المال والقرار على حساب الامة والشعب.

ومجرد القاء نظرة على حكومات المنطقة، بل حكومات الغرب التي تمثل إنموذجا للديمقراطية الحديثة يتبين لك صحة ما نقول، وآخرها ما يجري هذه الأيام في الولايات المتحدة الأمريكية من طغيان الرئيس، وهمجية الأتباع، والتشكيك بنزاهة الانتخابات، وادعاء التلاعب بأصوات الناس، والغوغاء والإرهاب في الاعتداء على مؤسسات الدولة التشريعية، وغيرها من دول الغرب في قمع انتفاضة شعوبها المطالبة بحقوقها[1]   

ومن هنا كانت أفضل الحكومات هي تلك التي تدار وفقاً لقانون الإسلام وتشريعاته العادلة التي تضمن للناس متطلبات العيش الكريم والسيادة والحرية والعدالة، كما كانت دولة الإسلام الأوْلى التي أسّسها رسول الله (صلى الله عليه واله)، وأوصى لوصيه أمير المؤمنين علي بن ابي طالب (عليه السلام) من بعده لإكمال مسيرتها، وتحقيق هدف السماء في سيادة العدل والكرامة، وإعلاء كلمة الله تعالى، وحفظ النظام الاجتماعي العام، وصيانة القانون، ورعاية كرامة الانسان.

وقد جسَّد أمير المؤمنين (عليه السلام) ذلك كلّه في دولته الكريمة رغم قصر مدّتها، واشغالها بحروب مع الناكثين والقاسطين والمارقين، وبقيت تلك الدولة محل احترام وشكر وثناء الى يومنا الحالي ممّا دفع المنظمات العالمية الراعية لحقوق الانسان[2] لإصدار تقارير متنوعة تثني عليها، وتشيد بها، وتطلب من المجتمعات اتخاذ تلك الدولة ومقرّراتها المستفادة من كلمات أمير المؤمنين (عليه السلام) في نهج البلاغة، نبراساً وقدوة في برامجها السياسية، والاقتصادية، والاجتماعية، والتعليمية.

ولازالت المجتمعات تعيش الأمل والانتظار لمثل هذه الحكومات العادلة التي تحفظ كرامة الانسان، وتلبّي طموحاته المشروعة تحت غطاء العدل الإلهي المنشود، وهذا ما سيتحقّق حينما تُملأ الأرض قسطاً وعدلاً بقيادة الإمام المهدي الموعود (عليه السلام)، ويسود معه الخير والسلام، كما وعدنا الله ورسوله، وصدق الله ورسوله.

قال تعالى: (هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَكَفَى بِاللَّهِ شَهِيداً) الفتح: 28

وروي عن النبي (صلى الله عليه واله): (لو لم يبق من الدنيا إلاّ يوم واحد لطوّل الله عزّ وجلّ ذلك اليوم حتّى يبعث فيه رجلاً من ولدي اسمه اسمي، فقام سلمان الفارسي، فقال: يا رسول الله، من أيّ ولدك؟ قال: من وَلَدي هذا وضرب بيده على الحسين)[3]

ميثم الفريجي

24 جمادى الأولى 1442 هج



([1] ) حيث سارعت الفضائيات ووكالات الصحافة والأنباء المتنوعة في العالم بنقل ما حدث في واشنطن حيث تلقت الديمقراطية الأمريكية صفعة موجعة في أحد أهم ركائزها على أثر اقتحام الرئيس المنتهية ولايته (دونالد ترامب) ليل الأربعاء 6 كانون الثاني 2021 مبنى الكونغرس الأمريكي في موعد دستوري مهم كان بموجبه يعقد المجلس التشريعي ( النواب، والشيوخ) جلسة للمصادقة على نتائج الانتخابات وإعلان فوز الرئيس الجديد (جو بايدن) في السباق الرئاسي، فعمّت الفوضى وانتشر الخراب والسرقة، وقُتل بعض الناس، وأصيب آخرون، ولازالت المخاوف لدى الجميع من سوء استخدام السلطة من رئيس هم انتخبوه، حتى اطلقوا على هذا اليوم باليوم الأسود لديمقراطية أمريكا

أقول: وما حصل في واشنطن اعتادت أمريكا على فعله في بلدان أخرى لتخلط الأوراق ولتسيطر على زمام الأمور في هذه البلدان، وقد انقلب السحر على الساحر هذه المرة  

والملاحظ أنه في عملية الاقتحام هذه لمبنى الكونغرس الأمريكي تم احتواء مواقع ووسائل التواصل الاجتماعي (تويتر، فيس بوك، انستغرام وغيرها) من قبل الدولة والنظام، ولم يسمح بنشر أي منشور يدعو الى الفوضى، وهو بخلاف وعكس ما يحدث في بلداننا حيث تلعب هذه المنصات دورا مهما وكبيرا في نشر الفوضى وتقويض النظام، فأي ديمقراطية هذه!       

([2] ) أصدرت الأمم المتحدة، في العام 2002 ميلادي تقريراً باللغة الإنجليزية بمائة وستين صفحة، أعدّه برنامج الأمم المتحدة الإنمائي الخاص بحقوق الانسان وتحسين البيئة والمعيشة والتعليم، حيث تم فيه اتخاذ الإمام علي بن ابي طالب (عليه السلام) من قبل المجتمع الدولي شخصية متميزة ومثلا أعلى في: إشاعة العدل، وقبول الرأي الآخر، واحترام حقوق الناس جميعا، وتطوير المعرفة والتعليم، وتأسيس الدولة على أساس التسامح والخير والتعدّدية، وعدم خنق الحريات العامة، وقد تضمّن التقرير مقتطفات من وصايا أمير المؤمنين (عليه السلام) المبثوثة في نهج البلاغة التي يوصي بها عمّاله، وقادة جنده، حيث يذكر التقرير أنّ هذه الوصايا الرائعة مفخرة لنشر العدالة، وتطوير المعرفة، واحترام حقوق الانسان 

([3] ) المعجم الكبير ١٠ / ١٦٦ رقم ١٠٢٢٢ باختلاف، وعقد الدرر في أخبار المنتظر : ٥٦ ، و فرائد السمطين ٢ / ٣٢٥ رقم ٥٧٥ عن حذيفة بن اليمان , والصواعق المحرقة : ٢٤٩ وما بعدها

 

Powered by Vivvo CMS v4.7