• Post on Facebook
  • Twitter
  • pdf
  • نسخة للطباعة
  • save
الأكثر شعبية

مشروعية بناء وتعمير قبور الأئمة عليهم السلام

بواسطة |   |   عدد القراءات : 1062
حجم الخط: Decrease font Enlarge font
مشروعية بناء وتعمير قبور الأئمة عليهم السلام

 

انتشر في مواقع التواصل الاجتماعي مؤخرا مقاطع لخطب صلاة الجمعة لجماعة معروفة بانحرافها عن خط أهل البيت عليهم السلام، يدعو فيها الخطباء إلى هدم المراقد المقدسة لائمة الهدى عليهم السلام، والاستخفاف برياضهم المقدسة، وبث بعض الشبهات الوهابية القديمة. 

وعمدة ما ورد في هذه الخطب هو الاستشهاد بما ورد عن الإمام أمير المؤمنين عليه السلام في كتب غيرنا، من أنه قال لابن الهياج الأسدي: ألا ابعثك على ما بعثني عليه رسول الله صلى الله عليه وآله، لا ادع تمثالاً إلا طمسته ، ولا قبراً مشرفاً إلا سويته. 

وهذا النص المنسوب لأمير المؤمنين عليه السلام ورد في صحيح مسلم 2 / 666 باب 31 ح 93 ، وفي مسند أحمد بن حنبل 1 / 96 و 129 ، وفي سنن النسائي 4 / 88 وفيه : ولا صورة في بيت الا طمستها ‎، وفي سنن أبي داود 3 / 215ح 3218 ، وفي الجامع الصحيح للترمذي 3 / 366 باب 56 ح 1041 )

ويمكن الرد على هذا النص وغيره من عدة وجوه، منها:

أولا: أنه من مرويات المخالفين ولم يرد في مصادر الشيعة، فهو ليس حجة على الشيعة، حتى مع نسبة الكلام لأمير المؤمنين عليه السلام، فهذه النسبة لا تجعل النص صحيحاً، فكثير من مروياتهم عن رسول الله صلى الله عليه وآله وأهل بيته عليهم السلام لا أصل لها وهي من وضع وعاظ السلاطين، فوصف هذا النص بأنه كلام لأمير المؤمنين عليه السلام يعتبر من الكذب المحرم. 

ثانيا: أنه وبقطع النظر عن سند هذا النص، فإنه يمكن مناقشته من حيث دلالته، وهل أنه فعلا كاف لاثبات حرمة بناء مراقد الأئمة المعصومين عليهم السلام؟ مع أن الائمة الأربعة لأهل السنة والجماعة فهموا منه الكراهة دون الحرمة، إذن فإجماع فقهاء المسلمين من الشيعة والسنة وغيرهم في نفى حرمة البناء على القبور، وشذ عن هذا الإجماع طائفة الوهابية خاصة. 

ثالثا: أن سيرة المسلمين المتدينين في كل عصر ومصر منعقدة على جواز البناء على قبور الصالحين، بل تعاهدها بالأعمار والاحترام والتقديس، ومن ذلك قبر النبي الأعظم صلى الله عليه وآله وسلم في المدينة المنورة وقبور أئمة البقيع وحمزة عم النبي صلى الله عليه وآله وسلم، وقبور عبد المطلب وابو طالب وخديجة في مكة المكرمة، وابو حنيفة وعبد القادر الكيلاني في العراق، وبلال وجعفر الطيار في الشام، والشافعي في مصر، وعشرات القبور في اسيا وأفريقيا للعلماء والصالحين. 

رابعا: ما ورد في القرآن الكريم في سورة الكهف من قول المؤمنين في أصحاب الكهف: (فقالوا ابنوا عليهم بنياناً رَبّهم أعلم بهم قال الذين غلبوا على أمرهم لنتخذن عليهم مسجداً) (الكهف:21)، ولا يقال انه لعل البناء على القبور كان جائزا في الشرائع السابقة وحرمه الإسلام، وهذه الآية ينسجم معأحكام تلك الشرائع دون الاسلام، فإنه يقال: اننا نعتمد على إقرار القرآن الكريم لهذه الدعوى وعدم الرد عليها وهو ظاهر بالجواز، ومن قال بتبدل الحكم يحتاج لدليل وهو مفقود في المقام بل هو محل النقاش والاختلاف هنا. 

نعم ورد في القرآن الكريم والشريعة المقدسة النهي عن البناء على قبور الكفار والمشركين والمنافقين، كما في قوله تعالى: (ولا تصلّ على أحد مات منهم أبداً ولا تقم على قبره) (التوبة:84)، وهذا النهي خارج عن كلامنا، لأننا نتكلم عن قبور الصالحين من الأئمة والاولياء، فلا يشملهم هذا النهي. 

خامسا: أن الأعم الأغلب من فقهاء المسلمين من الفرق المختلفة عدا الفرقة الوهابية افتوا بجواز زيارة قبور الأولياء والتشفع بهم لله تعالى، بل حتى بعض مصادر السلفية والوهابية ورد فيها هذا الحكم، مثل ما ورد في كتاب المغني لابن قدامة المقدسي، وهو من المصادر الفقهية المهمة عند الوهابية (ص588 ج2): (فصل) يستحب زيارة قبر النبي (صلى الله عليه وآله) لما رواه الدارقطني عن ابن عمر قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): (من حَجَّ فزار قبري بعد وفاتي فكأنما زارني في حياتي). وفي رواية (من زار قبري وجبت له شفاعتي).

 

سادسا: انه من الثابت تاريخيا وجود بناء على قبر الإمام الحسين عليه السلام في كربلاء وان الطاغية العباسي المتوكل هو من أمر بهدمه، وهذا يعني معاصرة الائمة الأطهار لحالة البناء علي القبور وعدم صدور اي نهي منهم، بل العكس هو الثابت من حيث انهم كانوا يحثون شيعتهم على زيارة تلك القبور المبنية وتعهدها والإهتمام بشحنها. 

وهذه الوجوه الستة تعتمد بصورة كلية على ماورد في القران الكريم وكتب المخالفين وسيرة عامة المسلمين، وهي خالية من ذكر استدلالات علماء الأمامية اعزهم الله تعالى، وألا فيكفينا ما صنفه علماء الأمامية من كتب المزار المشحونة بروايات الحث على زيارة قبور الأئمة الأطهار صلوات الله عليهم بل إتيان هذا العمل وبشكل مكرر من قبل المعصومين عليهم السلام كما في زيارة النبي صلى الله عليه واله لقبور شهداء أحد وغيرها من الروايات الكثيرة البالغة حد التواتر في هذا الباب، فلا يصغى لهذه الدعوات الضالة المضلة .

نسأل الله تعالى الثبات على ولاية اهل البيت صلوات الله عليهم أجمعين.

 

مركز الإمام الصادق عليه السلام للدراسات والبحوث الإسلامية التخصصية

Powered by Vivvo CMS v4.7