من اخلاق الامام المجتبى عليه السلام

بواسطة |   |   عدد القراءات : 1685
حجم الخط: Decrease font Enlarge font
من اخلاق الامام المجتبى عليه السلام

في ذكرى ولادة الامام الحسن عليه السلام

من اخلاق الامام المجتبى عليه السلام.

قال بعض علماء الاجتماع : إنما تتفاضل الامم في حال البداوة بالقوة البدنية فاذا ارتقت تفاضلت بالعلم ثم اذا بلغت من الارتقاء غايته تفاضلت بالاخلاق فالأخلاق هي غاية ما يصل إليه الانسان في سموه وكماله وتهذيبه .

إن الخلق الكامل اذا انطبع في النفس لا يمكن ان تنحرف عن الطريق القويم أو تحل الانانية محل الايثار او تستولي عليها المغريات والنقائص من اجل ذلك كانت الاخلاق من أهم العناصر التي تبتني عليها الحياة الاجتماعية والفردية كما انها من اوثق الاسباب في بقاء الامم وفى دوام حضارتها واصالتها.

إن من أقوى العلل في ظهور الشرائع السماوية وبقاء سلطانها الروحي عنايتها بالخلاق واهتمامها بتهذيب النفوس وتربيتها بالنزعات الخيرة وقد اهتم النبي بها اهتماما بالغا واعتبرها من ابرز الاسباب التي بعث من اجلها يقول (صلى الله عليه واله) : إنما بعثت لأتمم مكارم الاخلاق ؛ وقد استطاع بمكارم اخلاقه أن يوقظ البشر من سباته ويؤسس معالم الحضارة فى العالم ويغير مجرى التأريخ فقد الف ما بين القلوب ووحّد المشاعر والعواطف وجمع الناس على صعيد المحبة والاخاء.

كان النبي فى عظيم أخلاقه مثالا للرحمة الإلهية التي تملأ القلوب البائسة الحزينة رجاء ورحمة كان يزور ضعفاء المسلمين ويعود مرضاهم ويشهد جنائزهم ويجيب دعوة من دعاه ولا يرد دعوة مملوك ولا فقير ومن جالسه صابره حتى يكون جليسه هو المنصرف وما أخذ أحد بيده فجذبها منه حتى يكون الآخذ هو الذي يرسلها وكان حريصا على تطييب النفوس واجتناب الإساءة لأي انسان ؛ وهذه الاخلاق الرفيعة قد تمثلت فى الامام الحسن بحكم ميراثه من جده العظيم وقد ذكر التأريخ بوادر كثيرة من مكارم اخلاقه نسوق بعضها وهي :

1 ـ انه اجتاز على جماعة من الفقراء قد وضعوا على وجه الارض كسيرات من الخبز كانوا قد التقطوها من الطريق وهم يأكلون منها فدعوه الى مشاركتهم فأجابهم الى ذلك وهو يقول : إن الله لا يحب المتكبرين ، ولما فرغ من تناول الطعام دعاهم الى ضيافته فأطعمهم وكساهم واغدق عليهم بنعمه واحسانه.

إن التواضع دليل على كمال النفس وسموها وشرفها وفي الحديث إن التواضع لا يزيد العبد إلا رفعة فتواضعوا يرحمكم الله .

ـ ومن آيات أخلاقه أنه مرّ على صبيان يتناولون الطعام فدعوه لمشاركتهم فأجابهم الى ذلك ثم حملهم الى منزله فمنحهم ببره ومعروفه وقال : اليد لهم لأنهم لم يجدوا غير ما اطعموني ونحن نجد مما اعطيناهم .

3 ـ ومن مكارم اخلاقه أنه كان يغضي عمن اساء إليه ويقابله بالاحسان فقد كانت عنده شاة فوجدها يوما قد كسرت رجلها فقال (عليه السلام) لغلامه :

قال : من فعل هذا بها؟

قال : أنا

قال : لم ذلك؟!

قال : لأجلب لك الهم والغم ، فتبسم (عليه السلام) وقال له : لأسرك فاعتقه وأجزل له في العطاء .

4 ـ ومن عظيم أخلاقه أنه كان جالسا في مكان فأراد الانصراف منه فجاءه فقير فرحب به ولاطفه وقال له : إنك جلست على حين قيام منا أفتأذن لي بالانصراف؟؟

قال: نعم يا ابن رسول الله .

إن مراعاة حق الجليس من الآداب الاجتماعية التي توجب المحبة والإلفة وتوجد التعاون والترابط بين الناس فلذا أمر الإسلام بها وحث عليها.

5 ـ واجتاز على الامام شخص من أهل الشام ممن غذاهم معاوية بالكراهية والحقد على آل البيت فجعل يكيل للامام السب والشتم والامام ساكت لم يرد عليه شيئا من مقالته وبعد فراغه التفت الامام فخاطبه بناعم القول وقابله ببسمات فياضة بالبشر قائلا : أيها الشيخ : أظنك غريبا؟ لو سألتنا أعطيناك ولو استرشدتنا أرشدناك ولو استحملتنا حملناك وإن كنت جائعا أطعمناك وإن كنت محتاجا أغنيناك وإن كنت طريدا أويناك ، وما زال (عليها السلام) يلاطف الشامي بهذا ومثله ليقلع روح العداء والشر من نفسه حتى ذهل ولم يطق رد الكلام وبقي حائرا خجلا كيف يعتذر للامام وكيف يمحو الذنب عنه؟ وطفق يقول :اللَّهُ أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسَالَتَهُ} [الأنعام: 124] فيمن يشاء ، وهكذا كان (عليه السلام) مثالا للإنسانية الكريمة ورمزا للخلق العظيم لا يثيره الغضب ولا يزعجه المكروه قد وضع نصب عينيه قوله تعالى : {ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ} [فصلت: 34] وقد قابل جميع ما لاقاه من سوء وأذى ومكروه من الحاقدين عليه بالصبر والصفح الجميل حتى اعترف الد خصومه مروان بن الحكم بسمو حلمه وعظيم خلقه وذلك حينما انتقل الامام إلى الرفيق الاعلى فبادر مروان إلى حمل جثمانه فقال له سيد الشهداء : تحمل اليوم سريره وقد كنت بالأمس تجرعه الغيظ؟!! قال : إني كنت افعل ذلك بمن يوازن حلمه الجبال ، لقد كان الامام كجده الرسول في سعة حلمه وعظيم أخلاقه وصفحه عمن أساء إليه وقد روى التأريخ بوادر كثيرة من أخلاقه دلت على أنه في طليعة الأخلاقيين والمساهمين فى بناء الأخلاق والآداب في دنيا العرب والمسلمين.

نقلا عن كتاب الإمام الحسن عليه السلام للشيخ باقر شريف القرشي رحمه الله

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

Powered by Vivvo CMS v4.7