طلبة العلوم الدينية يجب أن يكونوا روحانيين ومشرفين على الآخرة دائما؟!
بقلم الشيخ محمد الجوراني
إن شرفية طالب العلم من شرف مايطلب من معارف وعلوم إلهية تنقي ذهنه وروحه وتنير دربه ودرب من لاذ به كيف لا وهي تنسب لاشرف منبعين في الوجود القرآن الكريم والعترة المطهرة اللذان من تمسك بهما عصم من الضلالة والشقاء والزلل
فالحقيقة أن قيمة تلك العلوم بأثرها العملي وجوهرها هو البعد الروحي
فهنا أضع مثالا يدل على سعة الحالة الروحية من ضعفها وهو " الموت " ؟ كي هو شعورنا به وحضوره أمام أعيننا.!
نحن نمتلك علما يقينيا بالموت والجميع يعرف إنه سيلاقي هذا المصير لكن شعورنا تجاهه هل هو ضعيف أو منعدم !!
فالعلم بيقينة الأشياء يختلف عن الإحساس بها قال تعالى ( وَلا تَقُولُوا لِمَنْ يُقْتَلُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتٌ بَلْ أَحْيَاءٌ وَلَكِنْ لا تَشْعُرُونَ ) نحن نعلم من خلال النص الديني ،إن المقتول في سبيل الله حي لكن لانشعر بذلك ولا نحس به!!
خذ مثالا آخر قباحة المعاصي للمؤمن ولذتها للكافر الفرق هو الإحساس في بينهما، أحيانا بل غالبا ماتجد العاصي يعلم بحرمة المعصية لكن يفعلها!!
فالذي يمتلك شعورا في عباداته يشعر ليس بقبح الذنب بل يشعر بحرارة نار جهنم ولذة نعيم الجنة
قال أمير المؤمنين عليه السلام ( فَهُمْ وَالْجَنَّةُ كَمَنْ قَدْ رَآهَا، فَهُمْ فِيهَا مُنَعَّمُونَ، وَهُمْ وَالنَّارُ كَمَنْ قَدْ رَآهَا، فَهُمْ فِيهَا مُعَذَّبُونَ )
فاذا فقد العلم النافع
فقد العمل الصائب ؟!
وذهب الإحساس معهما فبقى العبد بلا شعور
تجاه مايفعل ويعمل !
فقد خسر وخاب وضاع وهوى وهي نتيجة
لايتمناها رب كريم لخلقه إلا ان يعاند العبد
ويختار ضلاله بدل هدايته وناره بدل جنته
الأدهى هنا أن طالب العلم وطالب الحقيقة وغيره أن فقد عمله الحسن وروحانيته وارتكب الذنب وخالف سيكون عقابه شديدا والسبب يعود لعلمه ومعرفته
فكل مخالفة صريحة بعد العلم بها من قبل الله تعالى فهي في عداد الكفر قال تعالى "قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ اللَّهُمَّ رَبَّنَا أَنزِلْ عَلَيْنَا مَآئِدَةً مِّنَ السَّمَاءِ تَكُونُ لَنَا عِيداً لِّأَوَّلِنَا وَآخِرِنَا وَآيَةً مِّنكَ وَارْزُقْنَا وَأَنتَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ. قَالَ اللّهُ إِنِّي مُنَزِّلُهَا عَلَيْكُمْ فَمَن يَكْفُرْ بَعْدُ مِنكُمْ فَإِنِّي أُعَذِّبُهُ عَذَاباً لاَّ أُعَذِّبُهُ أَحَداً مِّنَ الْعَالَمِينَ"
أي كفر هذا لاحظوا هو كفر بعد علم ومعرفة هو كفر بعد الإطلاع على حقائق الآخرة والغيب وتركها وراء ظهره ولكم التأمل بشدة العقوبة والوعيد !!
فحينها يأتيه الموت فهناك سيشعر بما فرط وترك لكن أنى له الذكرى لكن سيطلب اشياء ويالحسرة كلها مردودة ولات حين مندم !!
فالذي يطلب العلم دون العمل به كالذي يأخذ الدواء من بيت الشفاء ويتركه جانبا دون أن يعالج به علته ومرضه ورد في الدعاء يامن إسمه دواء وذكره شفاء ، فمعرفة الإسم وحده لا تكفي مالم يجرى على النفس والسلوك مجرى العمل والذكر !!