الغدير والتمكين السلمي لآل محمد الأطهار.
بقلم فضيلة الشيخ حميد وناس آل عجمي
يمكن عد واقعة الغدير من مصاديق الفتح الاسلامي العالمي السلمي، والذي لو سارت الأمور كما أراد لها الله تعالى، لأنتهت بقيام الحكم العادل واسكان ائمة أهل البيت عليهم الأرض طوعا، ولوجدنا دخول الإسلام المحمدي الاصيل شرق الارض وغربها بكل سلاسة ويسر ومن دون حاجة لاراقة الدماء وخوض الحروب والفتوحات العنيفة .
لأن واقعة الغدير لم تكن في حقيقتها شأن شخصي من شؤون أمير المؤمنين عليه السلام، ولا بيان لفضيلة خاصة من فضائله التي يتميز بها، بقدر ما كانت تلك الواقعة بداية لتمكين الفئة المؤمنة الصادقة من الوصول إلى مواقع السلطة والحكم بعد النبي الاعظم صلى الله عليه وآله وسلم، وتمهيد الطريق لبقائهم كذلك إلى يوم القيامة .
لكن الانقلاب الذي حصل بعد رحيل نبي الإسلام صلى الله عليه واله وسلم، والذي انتج تسلط فئة بعيدة كل البعد عن مفاهيم الإيمان والصدق المحمدية الاصيلة، اضطر الامة الاسلامية والمجتمع البشري عامة لبذل جهود كبيرة وتضحيات جسيمة، في السعي لاعادة الامور لنصابها الأول الذي ترك رسول الله صلى الله عليه واله الامة عليه قبيل رحيله .
ونحن وان كنا نجزم بان ما قام به النبي الاعظم يوم الغدير من تقديم لأمير المؤمنين عليه السلام وأمر بمبايعته، هو من التنصيب الإلهي الملزم للأمة، وليس كما يدعيه البعض من انه مجرد ترشيح واقتراح نبوي بتولي علي إبن ابي طالب الخلافة بعده، لكن مبدأ حرية الاختيار وعدم الاكراه الذي قامت عليه الشريعة الإسلامية الخاتمة، يمكن ان يشرح لنا هذا القول بالترشيح دون التنصيب بوجه مقبول .
فالفعل النبوي يوم الغدير كان فعلا ترشيح ودعوة للأمة الإسلامية خاصة والبشرية عامة لقبول الحكم المحمدي، وجعلهم الولاة المحفوظين والقادة المنصورين، الى ان يتحقق لهم مقام: ( حتى تسكنه أرضك طوعا وتمتعه فيها طويلا)، لكن ومع الأسف الشديد فإن هذا الترشيح النبوي واجه حملة كبيرة جدا من التشويه والتضليل والتحريف، حتى صار كثير من المسلمين اليوم يفهم واقعة الغدير (ان كان قد سمع بها) على انها مجرد دعوة نبوية للرفق بالصحابي علي بن أبي طالب من بعده وإظهار المحبة له مع شيء قليل من الاحترام، لان الرسول الأكرم صلى الله عليه واله كان يحبه ويحترمه .
وما دام هذا التفسير لواقعة الغدير باق وهو المسيطر على الاذهان المسلمة، فلن ننجح نحن اتباع ال محمد الأطهار من الوصول بالعلاقة بين مولانا الإمام عليه السلام والامة الاسلامية لمرحلة: ( حتى تسكنه أرضك طوعا وتمتعه فيها طويلا)، لأن هذه المرحلة تحتاج لالفات نظر الامة أولا الى أهمية التمكين الطوعي السلمي لأئمة أهل البيت عليهم، وايصالهم لمواقع السلطة والحكم دون منافسة من الآخرين او اعتراض، وهو مالا يمكن الوصول إليه قبل قيادة حملة عالمية كبيرة للتعريف بشخصية أمير المؤمنين عليه السلام والمؤهلات المميزة عنده، والتي اورثها من بعده لابنائه المعصومين عليهم الصلاة والسلام، والتي على اساسها وبسببها دعا نبي الاسلام صلى الله عليه واله لمبايعته يوم الغدير .