تأملات مختصرة في أدعية ايام شهر رمضان المبارك ... دعاء اليوم الثالث
بقلم: الشيخ عبد الحكيم الخزاعي
اللَّهُمَّ ارزُقني فيهِ الذِّهنَ وَالتَّنبيهَ، وَباعِدني فيهِ مِنَ السَّفاهَةِ وَالتَّمويهِ، وَاجعَل لي نَصيباً مِن كُلِّ خَيرٍ تُنزِلُ فيهِ، بِجودِكَ يا أجوَدَ الأجوَدينَ.
يترقى العبد ويتكامل في طلبه وادعيته وفي هذا اليوم الثالث يسأل الله الرزق المعنوي إذ الرزق رزقان معنوي ومادي.
وهذا السؤال عجيب قلما نجده في أدعية أخرى ان العبد يسأل الله الذهن والتنبيه .
الذهن هو قوة العقل اي يكون ذهنه متوقدا وليس بليدا في هذا الشهر الكريم فلا يلتفت إلى عظمته وثوابه وأحواله فيكون حاله حال الآخرين من الغافلين ، فالذهن مقدمة للنباهة والتنبيه فالنباهة مطلوبة والا يقع الإنسان في السفاهة والتمويه.
فالعبد يسأل قوة العقل ويريد البعد عن السفاهة والتمويه اي تتموه عليه الأمور فلا يفرق بين الحق والباطل والصواب والخطأ ، فالسفيه الغير راشد والغير نبيه وغير متقد الذهن يقع مطية الشيطان وتختلط عليه الأمور كاتباع معاوية وكالخوارج الذين لم يفرقوا بين امير المؤمنين عليه السلام وبين معاوية ، لذلك يحتاج الإنسان رؤية الحق ويسأل الله في ذلك كما ورد اللهم ارني الحق حقا ، واكبر بلية يصاب بها الإنسان هي السفاهة وعدم الرشد فيكون مطية المشاريع الشيطانية شياطين الانس والجن.
لماذا يسأل العبد الله سبحانه وتعالى الذهن والعقل ؟
قد يقول قائل إن قوة الذهن تأتي عبر العلوم وعبر المعرفة فلا نحتاج الى أن نسأل الله ذلك .
ولكن الصحيح انه لا مؤثر في الوجود الا الله فالمعرفة والعلم والمطالعة هي مقدمة لافاضة العلم الحقيقي من الله تعالى فنحن معدات وليس عللا حقيقية كما قال تعالى (أَ فَرَأَيْتُمْ ما تَحْرُثُونَ أَ أَنْتُمْ تَزْرَعُونَهُ أَمْ نَحْنُ الزَّارِعُونَ) فنحن نحرث فقط نقدم المقدمات اما الزارع والموجد الحقيقي فهو الله تعالى.
ثم انه في هذا الشهر الخير كثير على مستوى المادة والمعنى والعبد يسأل الله ان يرزقه من كل خير فلا بخل في ساحته تعالى ،والعبد فقير فيه أنواع الفقر على جميع المستويات والمفيض والمعطي غني بالاطلاق وعالم بالإنسان وهو جواد بل اجود الاجودين فلماذا يبخل الإنسان بالدعاء ؟ وهو يقول:وَ إِذا سَأَلَكَ عِبادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذا دَعانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَ لْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ.
نسال الله النباهة والابتعاد عن السفاهة بحق أولياءه المعصومين.