سورة نوح وتنوع الاساليب في الدعوة الى الله
بقلم : نافع علوان الشاهين
١-سورة نوح سورة مكية تحمل التسلسل ٧١ في المصحف الشريف تقع في الجزء ٢٩ وعدد اياتها ٢٨ اية.
وورد في فضلها
أ/عن النبي الاكرم(ص واله) : من قرأ سورة نوح كان من المؤمنين الذين تدركهم دعوة نوح.
ودعوة النبي نوح (ع)وردت في قوله تعالى: (رب اغفر لي ولوالدي ولمن دخل بيتي مؤمنا وللمؤمنين والمؤمنات) الاية٢٨.
ب/ عن الامام الصادق(ع):من كان يؤمن بالله ويقرا كتابه لايدع قراءة سورة(انا ارسلنا نوحاً الى قومه) فاي عبد قرأها محتسباً صابراً في فريضة او نافلة اسكنه الله تعالى مساكن الابرار.
٢-في السورة ملخص دعوة الانبياء وفيها تتبين الملامح العامة للرسل وقد لخصها النبي نوح(ع) في الدعوة لعبادة الله وتقاته وطاعته(ان اعبدوا الله واتقوه واطيعون) الاية ٣.
وهي تمثل مجموعة من العقائد والاخلاق والاحكام التي تعتبر علامات خضراء لكل داعية ورسالي ليسير عليها في دعوته فاساس الدعوة لله هي الطاعة لله وتقواه واتباع الحجة.
٣-في السورة بيان واضح على ان من اساليب الانبياء الترغيب والترهيب سواسية فالنبي نوح(ع) يقول لقومه (اني لكم نذير ومبين) الاية ٢ .
وهو ما يجب ان يتصف به كل داعية وصاحب رسالة ليوازن بين اساليب الترهيب والترغيب خلال حركته وعمله.
٤- في السورة بيان لرقة النبي نوح(ع) وعطفه وشفقته حيث نسب القوم الكافرين له كما في قوله تعالى(ياقومِ اني لكم نذير ومبين) الاية ٢.
اي انكم قومي يجمعكم واياي مجتمعنا ويسؤني ما اسائكم وهكذا يجب ان يستشعر كل رسالي ذلك عند الدعوة لله فالناس كما قال امير المؤمنين(ع) :صنفان اما اخٌ لك في،الدين او نظير اك في الخلق.
٥-في السورة بيان لتنوع الاساليب التي اتخذها النبي نوح(ع) لايصال رسالته وبيان معالم دعوته (قال رب اني دعوت قومي ليلاً ونهاراً) الاية ٥
(ثم اني دعوتهم جهاراً *ثم اني اعلنت لهم واسررت اسراراً)الايات ٨و٩
وهكذا يجدر بالرسالي ان ينوع اساليب الدعوة لله ولايجمد عند الية واحدة ووسيلة معينة فليسلك كل المباحات لاجل الوصول لغايته وتحقيق هدفه متحلياً بصبر كبير وعزيمة لاتلين. كما كان النبي نوح(ع).
٦-في السورة بيان لصورة غليظة من صور الاصرار والعناد وهي وضع الايادي في الاصابع لصد دعوة الحق والاعراض عنها (واني كلما دعوتهم لتغفر لهم وضعوا اصابهم في اذانهم ) الاية ٧
التي لايفعلها الا الاطفال وفيها اشارة لبدائية وسائل مواجهة الداعي ودعوته الحق وفي مقابل ذلك كانت همة النبي نوح الكبيرة وصلابته العجيبه.
وهذا ما ينبغي للعامل ان يتعلمه فلا يثنيه عن بلوغ اهدافه اي طريقة لرد دعوته وباي اسلوب قذر يواجهونه بل يجب ان يكون صلباً لاتهزه الرياح كالنبي نوح(ع).
٧-في السورة اشارة في اكثر من اية منها لعظمة الاستغفار وكيف ان الانبياء الدعاة يرشدون اممهم له لكثرة نفعه (فقلت استغفروا ربكم انه كان غفاراً*يرسل السماء عليكم مدراراً *ويمددكم باموال وبنين ويجعل لكم جنات ويجعل لكم انهارا) الايات ١٠و١١و١٢.
فلغفران الذنوب اثر بالغ في رفع المصائب والنقمات وفتح ابواب السماء والارض وهو ترابط وثيق بين صلاح المجتمع وفساده مع الظواهر الكونية ومنها طيب عيشه ونكده.
فالاستغفار اذن يجب ان يتعلمه كل رسالي وداعية ويستعين به عند الملمات والصعوبات لتنفتح له ابواب السماوات.
٨-في الاية (انه كان غفاراً) ١٠
اشارة واضحة لكونه جل وعلا كثير الغفران وفيها اشارة ايضا لاستمراريتها منه عز وجل وهذا ما يجب ان يطمع به كل داعية ورسالي فابواب المغفرة كثيرة ومفتحه وما عليه الا ان يلج بها (ادخلوا الباب سجداً وقولثا حطة نغفر لكم خطاياكم)
ويدعو الاخرين لدخولها.
٩-في السورة اشارة الى تعذر العلاج احياناً وعدم صلاحية اي وسيلة الا تطهير الارض من الظالمين لكون وجودهم يجمد الدعوة لله ويحول بينها وبين الوصول لقلوب الاخرين فيكون الدعاء لاستئصال الفساد هو اخر الدواء بعد استنفاذ كافة الوسائل للدعوة لله (وقال نوح رب لاتذر على الارض من الكافرين دياراً* انك ان تذرهم يضلوا عبادك ولايلدوا الافاجراً كفاراً) الايات ٢٦ و٢٧.
ورجح بعض المفسرين ان نوح (ع)كان على استعداد بعد ازالة هذا الجيل المتعجرف الظالم ان يتحرك بالرسالة بتجارب جديدة نحو واقع ايماني جديد في مهمة تبليغية جديدة بعد الف الاخمسين عاماً من الدعوة لله وهنا يتبين لنا عظمته وعنفوانه ورساليته .
١٠-الاية الاخيرة من السورة (رب اغفر لي ولوالدي ولمن دخل بيتي مؤمنا وللمؤمنين والمؤمنات) الاية ٢٨
تبين الخلق الرفيع في حضرة الله جل وعلا فعلى جلالة قدر النبي نوح(ع) وسنوات دعوته وتبليغه يطلب من الله الغفران وان يشمله بعطفه ولطفه ليدخله الجنة وهذا درس عملي لكل مؤمن وخاصة العاملين ان يستشعروا النقص امام عظمة الله ونعمه وان يكونوا على الدوام في حالة تذلل ودعاء.
١١-قيل ان الاية الاخيرة من السورة فيها سر عجيب وهو دعوة النبي نوح(ع) للمؤمنين والمؤمنات في جميع الامكن
ة والازمنة وهذا دلالة على الحب العقائدي الوثيق الذي اودعه الله في قلوب العاملين المؤمنين المرتبطة برباط العقيدة .
فالعقيدة اذن هي الرباط الوثيق بين العاملين رغم اختلاف الزمان والمكان واللغة والجنس واللون.
١٢-السورة كانت سلوى للنبي الخاتم محمد(ص واله) وللمؤمنين في كل العصور ان يتعلموا من ثبات النبي نوح(ع) وطول صبرة وشدة قوته في ذات الله وكثرة وسائله للدعوة للحق لتعطيهم دافعاً ومحفزاً لينشطوا في طاعة الله .
المصادر
١-التفسير المعين ..محمد هويدي
٢-تفسير من وحي القران.. محمد حسين فضل الله
٣-مقاصد السور.. محمد تقي المدرسي.
٤-تفسير الامثل.. ناصر مكارم الشيرازي
٥-تفسير في ظلال القران.. سيد قطب
٦-تفسير الميزان.. محمد حسين الطباطبائي