كيفَ تُرْجَمُ الشياطينُ بالنجوم؟

بواسطة |   |   عدد القراءات : 1742
حجم الخط: Decrease font Enlarge font

كيفَ تُرْجَمُ الشياطينُ بالنجوم؟
خَطَّأَ الفادي المفترِي القرآن، لأَنه صَرَّحَ بأَنَّ اللهَ جعلَ النجومَ رُجوماً
للشياطين.
وقد نَصَّ القرآنُ على ذلك.
قال تعالى: (وَلَقَدْ زَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا بِمَصَابِيحَ وَجَعَلْنَاهَا رُجُومًا لِلشَّيَاطِينِ وَأَعْتَدْنَا لَهُمْ عَذَابَ السَّعِيرِ (5) .
وقال تعالى: (إِنَّا زَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا بِزِينَةٍ الْكَوَاكِبِ (6) وَحِفْظًا مِنْ كُلِّ شَيْطَانٍ مَارِدٍ (7) لَا يَسَّمَّعُونَ إِلَى الْمَلَإِ الْأَعْلَى وَيُقْذَفُونَ مِنْ كُلِّ جَانِبٍ (8) دُحُورًا وَلَهُمْ عَذَابٌ وَاصِبٌ (9) إِلَّا مَنْ خَطِفَ الْخَطْفَةَ فَأَتْبَعَهُ شِهَابٌ ثَاقِبٌ (10) .
وقال تعالى: (وَلَقَدْ جَعَلْنَا فِي السَّمَاءِ بُرُوجًا وَزَيَّنَّاهَا لِلنَّاظِرِينَ (16) وَحَفِظْنَاهَا مِنْ كُلِّ شَيْطَانٍ رَجِيمٍ (17) إِلَّا مَنِ اسْتَرَقَ السَّمْعَ فَأَتْبَعَهُ شِهَابٌ مُبِينٌ (18) .
تَذْكُرُ هذه الآياتُ وظيفتَيْن من وظائفِ النجومِ والكواكب:
الأُولى: تَزيِينُ السماءِ الدُّنيا وتَجميلُها، فهي في الليلةِ الصافيةِ تكونُ
مضيئةً متلَأْلِئَة، تُرْسِلُ أَضواءَها الجميلة، فتبدو السماء في أَفضلِ أَحوالِها،
وأَجملِ صُوَرِها: (وَلَقَدْ زَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا بِمَصَابِيحَ) .
(إِنَّا زَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا بِزِينَةٍ الْكَوَاكِبِ) .

الثانية: حِفْظُ السماءِ من صُعودِ الشياطينِ إِليها، فالشياطينُ يُريدونَ
الصعودَ إِلى السماءِ الدنيا، لِيَتَسَمَّعوا إِلى الملأ الأَعْلى الذينَ فيها من
الملائكة، لعلَّهم يَسمعونَ منهم كلمةً مما أَمرهم اللهُ بإِنفاذِه في عالَمِ البشر،
فَيهبطون فَوراً إِلى الأَرض، ويُقَدمونَ ما سَمِعوه إِلى أَعوانِهم من الكهنةِ
والسحرةِ والدَّجّالين، فيُخبرونَ الناسَ بذلك، ويوهمونَهم بأَنهم يعلمونَ الغيب.
وحتى لا ينجحَ الشياطينُ في استراقِ السمع، فإِنَّ اللهَ جَعَلَ على السماءِ
حُرّاساً من الملائكة، يَحْفَظونها من الشياطين، وإِذا حاولَ أَحَدُ الشياطين
الاقترابَ من السماءِ قَذَفوهُ بشهابٍ ثاقب من تلك النجومِ والكواكب، بأَنْ
يَأخُذوا قطعةً من النجمِ المُشْتَعِل، فيضربوا بها الشيطان، فيَحترقَ ويَموت!!.
فمعنى قوله تعالى: (وَجَعَلْنَاهَا رُجُومًا لِلشَّيَاطِينِ) أَنَّ اللهَ يأمرُ الملائكةَ
الحُرَّاسَ على السماءِ الدنيا أَنْ يَأخُذوا رُجوماً وحجارةً وشُهُباً مشتعلةً من
النجوم، ويَرْجُموا ويَرْموا بها الشياطين.
ومعنى قوله تعالى: (وَحِفْظًا مِنْ كُلِّ شَيْطَانٍ مَارِدٍ (7) لَا يَسَّمَّعُونَ إِلَى الْمَلَإِ الْأَعْلَى وَيُقْذَفُونَ مِنْ كُلِّ جَانِبٍ (8) دُحُورًا وَلَهُمْ عَذَابٌ وَاصِبٌ (9) إِلَّا مَنْ خَطِفَ الْخَطْفَةَ فَأَتْبَعَهُ شِهَابٌ ثَاقِبٌ) :
أَنَّ اللهَ حفظَ السماءَ بالنجومِ من كلِّ شيطانٍ مارد، وبذلك
امتنعَ الشياطينُ من التَّسمُّعِ لكلامِ الملائكةِ في الملأ الأَعلى، فإِذَا حاوَلوا
التسمُّعَ فإِنَّ الملائكةَ الحُرّاسَ يَقْذِفونهم بالشُّهُبِ الثاقبةِ من كُلِّ جانب، وإِذا
هَرَبَ شيطانٌ بكلمةٍ خَطَفَها فإِنَّ الحُرّاسَ يَتْبَعونَه ويَرْمونَه بشهابٍ ثاقبٍ من تلك النجومِ فيحترق.
فالآياتُ صريحةٌ في أَنَّ حُرّاسَ السماءِ الدنيا من الملائكة يَرْجُمونَ
الشياطينَ بشُهُبِ ثاقبةٍ مشتعلة من النجوم.
وهذا بَعْدَ نبوةِ محمد - صلى الله عليه وسلم -، أَمّا قبلَ نُبُوَّتِه فلم يكنْ ذَلك، وقد وَرَدَ هذا صريحاً في القرآن، عندما أَخْبَرَنا عن كلَامِ الجِنِّ المؤمنين.
قال تعالى: (وَأَنَّا لَمَسْنَا السَّمَاءَ فَوَجَدْنَاهَا مُلِئَتْ حَرَسًا شَدِيدًا وَشُهُبًا (8) وَأَنَّا كُنَّا نَقْعُدُ مِنْهَا مَقَاعِدَ لِلسَّمْعِ فَمَنْ يَسْتَمِعِ الْآنَ يَجِدْ لَهُ شِهَابًا رَصَدًا (9) وَأَنَّا لَا نَدْرِي أَشَرٌّ أُرِيدَ بِمَنْ فِي الْأَرْضِ أَمْ أَرَادَ بِهِمْ رَبُّهُمْ رَشَدًا (10) .

يُخبرُ الجنُّ أَنَّهم كانوا يَقْتَرِبون من السماء، ويَتَسَمَّعونَ كلَامَ الملأ الأَعلى
فيها، ويُبَلِّغونَ ما يَسمعونَ إِلى الكهنةِ والسحرة، فلما بَعَثَ اللهُ محمداً نبياً - صلى الله عليه وسلم - حاوَلوا الاقترابَ من السماءِ للتَّسَمُّعِ، فَمُنِعوا من ذلك، وَوَجَدوها مليئةً بالحَرَسِ الأَشدّاءِ من الملائكة، وبالشُّهُبِ المشتعلةِ من النجوم، يَضربونَ بها مَنْ يُحاولُ الاقترابَ من السماء.
وبهذا المعنى فَسَّرَ ابنُ عباس - رضي الله عنهما - الآيات.
روى الترمذيُّ والنَّسائيُّ وأَحمد عن ابنِ عباس قال: " كان الجِنُ يَصْعَدونَ إِلى السماء، يَسْمَعونَ الوحي، فإِذا سمعوا الكلمة زادوا فيها تِسْعاً، فأَمَّا الكلمةُ فتكونُ حَقّاً، وأَمّا ما زادَ فيكونُ باطلاً، فلما بُعثَ رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - مُنِعوا مَقاعِدَهم، فذَكَروا ذلك لإِبليس، ولم تكن النُّجومُ يُرْمى بها قبلَ ذلك، فقالَ لهم إِبليسُ: ما هذا إِلّا من أَمْرٍ قد حَدَثَ في الأَرض، فَبَعَثَ جُنودَه، فوَجدوا رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - قائِماً يُصَلِّي
بينَ جبلَيْنِ بمكة، فأَتوهُ فأَخْبَروه، فقال: هذا الذي حَدَثَ في الأَرض ...
وهذه الحقيقةُ القرآنيةُ لم تُعجب القِسّيسَ الفادي، واعْتَبَرَها لجهلِه خَطأً
جغرافياً وَقَعَ فيه القرآن، لأَنه يَتعارضُ مع عِلْمِ الفَلَك، وبعدَ أَنْ أَوردَ كلاماً
للبيضاويِّ في تفسيرِ الآياتِ السابقةِ طَرَحَ سؤاله التشكيكيَّ، فقال: " ونَحنُ
نَسألُ: إِذا كانَ كُلُّ كوكبٍ هو عالم ضخم، والكواكبُ هي ملايينُ العوالمِ
الضخمة، تَسْبَحُ على أَبْعادٍ شاسعةٍ في فَضاءٍ لا نَهائِيّ، فكيفَ نتصوَّرُ الكواكبَ كالحجارة، يُمسكُ بها مَلاكٌ في حَجْمِ الإِنسان، ليضربَ بها الشيطان، مَنْعاً له من استماعِ أَصواتِ سُكانِ السماء؟
هل كلّ هذه الأَجرامِ السماويةِ خُلِقَتْ لتكونَ ذَخيرةً أَو عَتاداً حربيّاً كالحجارةِ لرجْمِ الشيطان، حتى اشْتَهَرَ اسْمُه بالشَّيْطانِ الرجيم؟
! وكيفَ يَطْرَحُ الملائكةُ الكواكبَ؟
وكيفَ يُحْفَظُ توازُنُ الكونِ إِذا سارَتْ في غير فَلَكِها؟! ".

وقد طَرَحَ الفادي أَسئلتَه الاعتراضيةَ التشكيكيةَ بأُسلوبٍ تَهَكُّميٍّ، ولهجةٍ
ساخرة، تدلُّ على تهكُّمِه بالقرآن، وعَدَمِ احترامِه له، وعَدَمِ أَدَبِه معه، وهذا أُسلوبٌ لا يَليقُ به، باعتبارِه قِسّيساً ورجلَ دينٍ نصرانياً!.
واعتراضُه على كَلامِ القرآنِ يَدُلُّ على جَهْلِه، حيثُ ظَنَّ أَنَّ كُلَّ النجومِ
والكواكبِ في الفضاءِ حجارةٌ وعَتادٌ حربي، لضَرْبِ الشياطين التي تُحاولُ
الصعودَ إِلى السماء، وظَنَّ أَنّ الملَكَ الحارسَ بحجْمِ الإِنسان، أَيْ أَنَّ حَجْمه
لا يَكادُ يَزيدُ على مئةِ كيلوغرام، فكيفَ يَحملُ بين يَدَيْه نَجْماً، يَزِنْ مَلايين
الكيلوغرامات؟!.
إِنَّ هذا الظَّنَّ السخيفَ يدلُّ على غَباءِ الفادي وسخافةِ تفكيره..
لقد ذَكَرَ القرآنُ أَنَّ الملائكةَ الحُرّاسَ يَقْذِفونَ على الشياطينِ الصاعدةِ
شُهُباً ثاقِبَة، ولم يَقُلْ: إِنَ أَحَدهم يَحملُ كوكباً يَزِنُ ملايينَ الأَطْنان!.
(إِلَّا مَنْ خَطِفَ الْخَطْفَةَ فَأَتْبَعَهُ شِهَابٌ ثَاقِبٌ (10) .
فمعَ المَلَكِ شِهابٌ مُشْتَعِلٌ، وهذا الشِّهابُ يكونُ مأخوذاً من النجمِ المشتعل.
وهناك نجومٌ مشتعلةٌ ملتهبةٌ مثْلُ الشمس، وهناك نُجومٌ باردةٌ مظلمةٌ مثْلُ القَمَر ...
فلم يَقُل القرآنُ: إِنَّ كُلَّ النجومِ والكواكبِ التي تُعَدُّ بالمليارات حجارةٌ لضَرْبِ الشياطين، إنما أَخْبَرَ أَنَّ معَ الملائكةِ الحُرّاسِ شُهُباً مُبينَةً مُشْتَعِلَة، مأْخوذةً من النجوم النارية..
والشِّهابُ صَغيرُ الحجمِ يَقْدِرُ الطفلُ على حَمْلِه، فما بالك بالمَلَكِ الضخمِ القويِّ؟!.
ومَن الذي قالَ للفادي: إِنَّ حَجْمَ المَلَكِ بحَجْمِ الإِنسان؟
إِنَّ المَلَكَ
ضخمٌ كَبيرٌ عظيم، كما قل تعالى: (الْحَمْدُ لِلَّهِ فَاطِرِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ جَاعِلِ الْمَلَائِكَةِ رُسُلًا أُولِي أَجْنِحَةٍ مَثْنَى وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ يَزِيدُ فِي الْخَلْقِ مَا يَشَاءُ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ  .
وبما أَنَّ اللهَ أَخْبَرَنا في القرآنِ أَنه جعلَ النجومَ رُجوماً للشياطين، وأَنَّ
الملائكةَ الحُرّاس يأخُذونَ منها الشُّهُبَ الثاقبة يَرْمونَ بها الشياطين، فهو الكلامُ الصحيحُ الصائب، ولا نَجِدُ فيه خَطَأً فَلَكياً أَو جغرافياً، ولا يَتَعارَضُ مع العقل.

الرد على الشبهة:
إن الإسلام دين، وهو موحى به من رب العالمين يخبرنا عن صدق ويقين، وهو القائل سبحانه: (ما أشهدتهم خلق السموات والأرض ولا خلق أنفسهم وما كنت متخذ المضلين عضدا) (1) . والإسلام ليس بدعاً من الأديان ولذلك نرى أن الكتب المقدسة تذكر ذلك؛ فإن الله تعالى يقول:
(وأنا لمسنا السماء فوجدناها مُلئت حرساً شديداً وشهباً * وأنا كنا نقعد منها مقاعد للسمع فمن يستمع الآن يجد له شهاباً رصدا) (2) . قال ذلك حكاية عن الجن. وليس المعنى كما فهم المؤلف، وإنما المعنى هو أن الله جعل على السماء حراساً من الملائكة، وخلق لهم أدوات عقاب تناسب أجسام الشياطين. وهى الشهب. فإذا جاء شيطان رماه أحد الملائكة بشهاب وليست الشهب كواكب كالقمر والشمس، وإنما هى أدوات عقاب كالسيف فى يد الجندى المحارب.
وفى الإصحاح الثالث من سفر التكوين؛ أن الله لما طرد آدم من الجنة وهى جنة عدن، ليعمل الأرض التى أُخذ منها، أقام شرقى جنة عدن ملائكة تسمى الكروبيم، ووضع لهيب سيف متقلب فى أياديهم لحراسة طريق شجرة الحياة: " فأخرجه الرب الإله من جنة عدن ليعمل الأرض التى أُخذ منها؛ فطرد الإنسان، وأقام شرقى جنة عدن الكروبيم، ولهيب سيف متقلب لحراسة طريق شجرة الحياة "  .
ويقول المفسرون: " إن الكروبيم من الملائكة المقربين. وهو فى الفارسية بمعنى الحارس ". وكان عملهم وقت طرد آدم هو " حراسة الفردوس؛ لئلا يرجع الإنسان إليه ".
وفى القرآن تفسير الشهب بشواظ من نار. فى قوله تعالى: (يا معشر الجن والإنس إن استطعتم أن تنفذوا من أقطار السموات والأرض فانفذوا لا تنفذون إلا بسلطان * فبأى آلاء ربكما تكذبان * يرسل عليكما شواظ من نار ونحاس فلا تنتصران)

فقد جعل للجن غير ما جعل للإنس من أدوات العقاب. ولم يجعل للجن كواكب تُرمى بها كالقمر والشمس، وإنما جعل للجن " شواظ " أى " شهب ". اهـ (شبهات المشككين) .

وبهذا نَعرِفُ أَنَّ اعتراضَ الفادي في غيرِ مكانِه، وأَنَّ تَهَكُّمَه على
القرآنِ لعيبٍ فيه، وأَنَّهُ خَطَّأَ الصّوابَ!!.

Powered by Vivvo CMS v4.7