حول عدم الاستعانة بالكافرين
حول عدم الاستعانة بالكافرين
نهى اللهُ المسلمينَ عن اتِّخاذِ الكافرينَ الأَعداءَ أَولياءَ، وأَشارَ إِلى ذلك
قولُه تعالى: (وَدُّوا لَوْ تَكْفُرُونَ كَمَا كَفَرُوا فَتَكُونُونَ سَوَاءً فَلَا تَتَّخِذُوا مِنْهُمْ أَوْلِيَاءَ حَتَّى يُهَاجِرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَخُذُوهُمْ وَاقْتُلُوهُمْ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ وَلَا تَتَّخِذُوا مِنْهُمْ وَلِيًّا وَلَا نَصِيرًا (89) .
ونَقَلَ الفادي كلامَ البيضاويِّ في تفسيرَ الجملةِ الأَخيرةِ من الآية: (وَلَا تَتَّخِذُوا مِنْهُمْ وَلِيًّا وَلَا نَصِيرًا) : يَعني جانِبوهم رأساً، ولا تَقْبَلوا منهم ولايةً ولا
نصرةً ولا نصيراً تَنْتَصِرونَ به على عدُوّكُم.
وعَلَّقَ على ذلك بقولِه: " ونحنُ نسأل: هل يَتفقُ هذا مع تاريخِ
المسلمين، الذين اسْتَعانوا بالمسيحيّين في عصورٍ كثيرةٍ؟
إِنَّ الضرورةَ الاجتماعيةَ والعسكرية تُحَتّمُ التعاونَ مع الغير، فالعزلة السياسيةُ تتعَارضُ مع القوانينِ المدنية، وقد لَفَظَها المجتمعُ لعدمِ صلاحيَّتِها ".
دَعا الإِسلامُ المسلمين إِلى عدمِ موالاةِ الكافرين، وعدمِ الاستعانةِ بهم،
وخاصةً إِذا كانوا مُحارِبين، وهذا لَم يُعجب الفادي، ولذلك رَفَضَهُ لأَنَّه يَدْعو إِلى العزلةِ السياسيةِ للمسلمينَ، ويَتعارَضُ مع القوانينِ المدنية.
ويزعمُ الفادي أَنَّ هذه الدعوةَ القرآنيةَ لم يَلتزمْ بها المسلمون أَنفسُهم،
بل خَرَجوا عليها في تاريخِهم، واستعانوا بالمسيحيين في عصورٍ كثيرة.
ونحنُ لا يُهِمُّنا ما - فعلَه المسلمون في تاريخِهم، ولا نقرُّهم على
مخالفتِهم توجيهات القرآن، ونعترفُ أَنَّ كثيراً منهم لم يلتزموا بالقرآن، في
تحدِيدِ صِلاتهِم وارتباطاتِهم بغيرِهم، فمِنهم مَن استعانَ بالنَّصارى المحارِبين،
ومنهم مَنْ تحالَفوا مع الأَعداءِ ضدَّ إِخوانِهم المسلمين، وقاتَلوا إِخوانَهم
المسلمين بهم!!
وهذه التصرفاتُ كلُّها مخالِفَة للإِسلام، نرفضها وننكرُها، في الوقتِ الذي يعتزُّ بها الفادي المفترِي؛ لأَنها مظهر من مظاهرِ مخالفةِ المسلمين لدينِهم!.
إِنَّ الآيةَ التي اعترض عليها الفادي المفترِي تتحدَّثُ عن كُفارٍ أَعداءٍ
للمسلمين، محاربين لهم، حَريصين على رِدَّتِهم عن إِسلامِهم، وبسببِ هذه
المعاداةِ فإِنَّ الآيةَ تدعو المسلمين إِلى الحَذَرِ والانتباه، وعدمِ موالاةِ هؤلاء
الأعداءِ، وعدم الاستنصارِ بهم، إِذ كيفَ يُوالونَ مَنْ هذه صِفَتُهم وكيفَ يَطلبونَ النصرةَ من الحريصين على إِضعافِهم وردَّتِهم؟
ولماذا يعترضُ المفترِي على هذه الدعوةِ القرآنية؟!.