الحلقة الرابعة ... قاموس شحرور

بواسطة |   |   عدد القراءات : 1653
حجم الخط: Decrease font Enlarge font
الحلقة الرابعة ... قاموس شحرور

بقلم الاستاذ علي هذيلي

الحلقة ٤

قلنا في المنشور الأول من هذه السلسلة أن لدى شحرور قاموس لا يشبه قاموس اللغويين والمفسرين والاصوليين والفقهاء، وبوساطة هذا القاموس هو يمرر ما بدا له من علمانيات، وليبراليات، وماركسيات، ووجوديات، وقوميات، وإسرائيليات، وسرياليات... وهو قاموس إبداعي، لأن شحرور خلقه من عدم، لا على مثال سابق، فأتى بأشياء لم يأت بها الأولون والآخرون. وقد آن الأوان للحديث عنه، ولكن هذه المرة سنتحدث بلغة تعليمية واضحة يفهمها الجميع. 

 

لكي يتبين لنا هذا القاموس علينا، أولا، أن نعرف الفرق بين (الترادف والتباين). فالترادف هو: الفاظ كثيرة والمعنى واحد، مثل: أسد، ليث، غضنفر، قسورة، فهذه الفاظ كثيرة تشير إلى معنى واحد خارجاً. أما التباين، فهو الفاظ كثيرة ومعان كثيرة، مثل: ارض، سماء، ماء، هواء، فكل من هذه الالفاظ يشير إلى معنى يختلف عن الآخر خارجاً. ولا مشكلة لعلماء اللغة والمنطق والأصول مع التباين، ووجوده في اللغة، بل مشكلتهم مع الترادف، أ له وجود في اللغة، أم لا وجود له؟ هنا انقسم العلماء فريقين: فريق يؤيد وجود الترادف، وفرق يُنكر، وشحرور كان من المنكرين، تبعاً لبعض علماء اللغة، ومنهم أبو علي الفارسي، وابن جني. وقد طبق شحرور هذه النظرية في دراساته كلها، وإليك البيان: 

 

عندما نقرأ قوله تعالى: "ذلك الكتاب لا ريب فيه هدى للمتقين". فنحن نعتقد أن المقصود بالكتاب هو القرآن، فهما لفظان مترادفان، سواء في هذا الموضع أم في غيره. بينما يرى بعض الدارسين، ومنهم شحرور، أن الكتاب ليس هو القرآن، بل القرآن هو جزءٌ من الكتاب، وعندما يتحد هذا الجزء، مع الجزئين الآخرين يتكون الكتاب، والجزءآن الآخران هما: الذي بين يديه، وتفصيل الكتاب. وقد أخذ شحرور هذا المعنى من قوله تعالى: (ما كان هذا القرآن أن يُفترى من دون الله ولكن تصديق الذي بين يديه وتفصيل الكتاب لا ريب فيه من رب العالمين). فهذه الآية، يقول شحرور: (تدلنا على وجود ثلاثة مواضيع هي: 1- القرآن. 2- الذي بين يديه. 3- تفصيل الكتاب. ينظر: الكتاب والقرآن، ص55- 56). من جهة أخرى فإن شحرور قسّم الكتاب، من حيث الآيات، إلى ثلاثة اقسام: آيات متشابهات، وآيات محكمات، وآيات لا محكمات ولا متشابهات، ثم وزّع الأقسام الثلاثة الأولى على الأقسام الثلاثة الأخيرة، فالقرآن، عند شحرور، هو الآيات المتشابهات فقط، والذي بين يديه هو الآيات المحكمات، وتفصيل الكتاب هو الآيات لا متشابهات ولا محكمات. لذا عندما تسأل- يقول شحرور- عن آية الإرث: هل هي من القرآن؟ فالجواب: لا، هي ليست من القرآن، بل من الذي بين يديه. (ص37- 38). 

 

وهكذا، عزيزي القارئ، يجب عليك ألا تخطئ في نسبة الآية إلى كتابها، اي لا تقل أن قوله تعالى: (قل هل ننبئكم بالأخسرين أعمالا الذين ضل سعيهم في الحياة الدنيا وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعا)، لا تقل أنه من القرآن، لاحتمال ان يكون من آيات (تفصيل الكتاب)، ولعله من حصة ذلك (الذي بين يديه)، فإن قلت: من هو؟ سأقول: لا أدري، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم... وبعد، ألم أقل لكم أن شحرور مبدع وعبقري، وقد أتى بأشياء لم يأتِ بها الأولون والآخرون، وإن كانت النتيجة لا شيء. طبعا إذا استوعبتكم القضية، فبها، وإلا، فعذركم معكم، ولكني افكر بالانسان البسيط الذي حاولت أن أسهل له الأمور، لكي يشاركني محنتي، فإذا هي تصعب على ذوي الاختصاص...

Powered by Vivvo CMS v4.7