حفظ الافراد والمجتمعات محكوم بقضية سننية لازمة ؟
بقلم الشيخ محمد الجوراني
مقدمة : لاشك أن السنن الإلهية قائمة على نظم من القوانين الإلهية التي لا تتخلف ولا تنفصل بين أسبابها ونتائجها وهذه هي نعمة من الله تعالى في معرفة سير الوجود فيمن التزم بها ومن خالفها واما سبب ضياع الامم وضياع المجتمع والافراد فهو في قوله سبحانه ( فَخَلَفَ مِن بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلَاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا ) فضياع الصلاة بكل أشكالها وإتباع الشهوات بكل أنواعه هما سبب خراب المجتمعات جيلا بعد جيل بلا خلاف او تخلف في هذه السنة الترابطية والعلاج هو التمسك بالصلاة والاهتمام بشانها العالي وترك الشهوات المخالفة لإرادة الحق سبحانه قال أمير المؤمنين عليه السلام "الله الله في الصلاة " الوصية السننية العظيمة !! ونحن هنا ايها الاحبة نريد ان نبحث جذر تلك السنة الالهية واساسها المتحكم بها وهو الايمان واستقراره بالنفس لإن الأعمال المتعلقة باي مشروع فردي او اجتماعي لها علة محركة لها وحافظة لها ،هو الإيمان والمخصوص بالأحاديث هو المستقر وليس المستودع لأن الثاني لايمكن التعويل عليه ،فمن خطبة لأمير المؤمنين عليه السلام ( فمن الإيمان ما يكون ثابتاً مستقرّاً في القلوب ، ومنه ما يكون عواري بين القلوب والصدور إلى أجلٍ معلوم )
الآيات الشريفة التي وعدت بالحفظ بكلا الشكلين وبينت علته ؟
( إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ إِنَّا لَا نُضِيعُ أَجْرَ مَنْ أَحْسَنَ عَمَلًا )
( فَاسْتَجَابَ لَهُمْ رَبُّهُمْ أَنِّي لَا أُضِيعُ عَمَلَ عَامِلٍ مِّنكُم مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَىٰ )
( وَالَّذِينَ يُمَسِّكُونَ بِالْكِتَابِ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ إِنَّا لَا نُضِيعُ أَجْرَ الْمُصْلِحِينَ )
علة الحفظ والتعويض في ثلاثة مواضع قرآنية متصلة؟
( أَمَّا السَّفِينَةُ فَكَانَتْ لِمَسَاكِينَ يَعْمَلُونَ فِي الْبَحْرِ فَأَرَدتُّ أَنْ أَعِيبَهَا وَكَانَ وَرَاءَهُم مَّلِكٌ يَأْخُذُ كُلَّ سَفِينَةٍ غَصْبًا
وَأَمَّا الْغُلَامُ فَكَانَ أَبَوَاهُ مُؤْمِنَيْنِ فَخَشِينَا أَن يُرْهِقَهُمَا طُغْيَانًا وَكُفْرًا فَأَرَدْنَا أَن يُبْدِلَهُمَا رَبُّهُمَا خَيْرًا مِّنْهُ زَكَاةً وَأَقْرَبَ رُحْمًا
وَأَمَّا الْجِدَارُ فَكَانَ لِغُلَامَيْنِ يَتِيمَيْنِ فِي الْمَدِينَةِ وَكَانَ تَحْتَهُ كَنزٌ لَّهُمَا وَكَانَ أَبُوهُمَا صَالِحًا فَأَرَادَ رَبُّكَ أَن يَبْلُغَا أَشُدَّهُمَا وَيَسْتَخْرِجَا كَنزَهُمَا رَحْمَةً مِّن رَّبِّكَ )
ففي اية خرق السفينة
وكذلك آية اقامت الجدار
وآية قتل الصبي
الملاحظ :ان الأفعال الثلاثة التي قام بها الخضر عليه السلام هي بداعي الحفظ والتعويض ،تأملوا
وعلة الحفظ أو ملاكه المباشر هي
المسكنه ( الذله لله )
الصلاح ( كان ابوهما صالحا )
الإيمان ( ابوا الصبي كانا مؤمنين )
احفظ لله ذلك يحفظ الله لك كل شيء في رزقك وذريتك ومشاريعك ونعمك الفردية والاجتماعية
احفظ الله في خلواتك يحفظك في إعلانك
وينعم عليك بكرامته
حفظ أمر الله بتطبيقه، حفظ نهيه باجتنابه، حفظ حدوده بعدم تجاوزها, هذا الحفظ، الآن يحفظ الله لك صحتك، وأولادك، وزوجتك، ومالك .
تجلى ذلك بقوله تعالى ﴿قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ * الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ * وَالَّذِينَ هُمْ عَنِ اللَّغْوِ مُعْرِضُونَ * وَالَّذِينَ هُمْ لِلزَّكَاةِ فَاعِلُونَ * وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ * إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ * فَمَنِ ابْتَغَى وَرَاءَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْعَادُونَ﴾
فاحذروا من تغير الإيمان في نفوسكم
واحذروا من ترك العمل الصالح
واحذروا من ذهاب المسكنة والذلة لله بشدة الانقياد والتوجه اليه
فحاصل ذلك التغيير والتبديل؟؟!
تغْيير نعمة الله :
قال تعالى: ﴿ ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ لَمْ يَكُ مُغَيِّرًا نِعْمَةً أَنْعَمَهَا عَلَى قَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ وَأَنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ ﴾
وظاهِرُ النِّعمةِ: أنَّه يرادُ بها ما يكُون فيه العِبادُ مِن سَعة الحال والرَّفاهية والعزَّة والتَّمكين والنجاح والفلاح والتوفيق وغيره .
فتتغيَّر هذه الأحوال بإزالة الذَّات، وقد يكون بإزالة الصفات، فقد تكون النعمة أُذْهِبَتْ رأسًا وقد تكون قُلِّلَتْ وأُضْعِفَتْ.
وسبب ذهاب هذه النِّعَم وتغيُّرها راجعٌ إلى:
إنَّهم قابلوا النِّعَم بالكُفر والفسوقِ والعصيانِ، فلا جرَم استحقُّوا تبْديلَ النِّعَم بالنِّقَم، والمِنَح بالمِحَن
قال السجاد عليه السلام : الذنوب التي تغيّر النعم : البغي على النّاس ، والزوال عن العادة في الخير واصطناع المعروف ، وكفران النعم ، وترك الشكر ..
قال الله عزّ وجلّ : { إنّ الله لا يغيّر ما بقوم حتّى يغيّروا ما بأنفسهم }
مشروع اهل الكهف كيف حفظ ؟
( نحن نقص عليك نبأهم بالحق إنهم فتية آمنوا بربهم وزدناهم هدى )