عقيدة المهدي المنتظر من ابرز نقاط الاشتراك بين الاديان
بقلم : الشيخ عمار جاسم النصرالله
تعتبر قضية المصلح والمنقذ العالمي الذي يخرج في آخر الزمان لينشر راية الهدى ويقيم دولة العدل الالهي في كل اصقاع العالم , من ابرز نقاط الاشتراك بين الاديان السماوية , حيث يجد المتتبع لشؤون تلك الاديان أن الكثير من النصوص قد وردت من قبل انبياء الله تعالى لتبشر بذلك المصلح الذي سيخرج في آخر الزمان ليملأ الارض قسطا وعدلا بعدما تملأ بالظلم والجور , يقول ابن القيم وهو من علماء اهل السنة في القرن السابع الهجري { والأمم الثلاث الاسلامية والمسيحية واليهودية تنتظر منتظرا يخرج في آخر الزمان ، فإنهم وُعدوا به في كل ملة . والمسلمون ينتظرون نزول المسيح عيسى ابن مريم من السماء لكسر الصليب وقتل الخنزير وقتل أعدائه من اليهود وعبّاده من النصارى ، وينتظرون خروج المهدي من أهل بيت النبوة يملأ الأرض عدلا كما ملئت جورا }[1]
وهذا إن دل على شئ فإنما يدل على كون قضية الامام المهدي عليه السلام من القضايا الدينية الاصيلة , والتي تحتل موقعا مهما في سجل القضايا الالهية المصيرية على مدى العصور , وأنَّ ما قُدِّرَ من إتمامٍ لشرائع الله تعالى على يدي ذلك المنقذ ليس حدثا عابرا , بل يكشف في احد جنباته عن الحاجة الفطرية الملحة لكل البشر في انه لابد في نهاية المطاف من ان تسود المحبة والألفة والرخاء كل اصقاع العالم تحت رايةِ حكومةٍ الهيةٍ عادلةٍ تُضمن فيها الحقوق لكل ابناء النوع الانساني على اختلاف ألسنتهم وألوانهم , فتكون على ذلك القضية المهدوية ليست فرضية فلسفية ابتدعتها العقول المضطهدة التي عانت وتعاني الامرين من سياسة الحكام والسلاطين الظلمة كما يروج البعض لذلك [2], وكذلك ليست اسطورة من الاساطير التي تحكيها العجائز عندما يجتمع الصبية حول المدفئة في ليالي الشتاء الباردة , و إنما تعتبر هذه القضية من اهم القضايا التي دعت اليها الاديان والشرائع السماوية وأكثرها اصالة ,
وبدلا من ان يكون هذا الاتفاق بين الاديان على قضية المصلح وضرورة خروجه في آخر الزمان من نقاط القوة للقضية المهدوية وتحسب لها كما هو المفروض , لجأ اهل الباطل وأعداء الحق كما هي العادة الى قلب المسألة رأسا على عقب وقلبوا الموازين , حيث صارت عقيدة المهدي المنتظر عليه السلام حسب زعم هؤلاء المُغرضين من العقائد اليهودية والمسيحية التي يجب على المسلمين تجنبها والحذر منها قدر الامكان بل وترك الخوض فيها من الاساس , لِيُنَفِروا الناس من تلك العقيدة الدينية الاصيلة ويجعلوها في خانة "الإسرائيليات " , وأخذوا يتناولونها بالتشويه تارة وبالسخرية والاستهزاء تارة اخرى متناسين ان التوحيد والعدل والنبوة والمعاد والصلاة والصيام والزكاة كذلك كانت في شرائع اليهود والنصارى وغيرها من شرائع الله تبارك وتعالى , فلماذا تتحسس العقلية الاسلامية فقط من ذكر القضية المهدوية دون باقي المشتركات الاخرى مع الديانتين اليهودية والمسيحية ؟! أليس في هذا الأمر ما يدعو للريبة والشك في نوايا أولئك المنكرين للمهدي عليه السلام ؟