الشيخ زين الدين-الشهيد الثاني
الشيخ زين الدين-الشهيد الثاني
الشيخ زين الدين بن علي بن أحمد العاملي الجبعي الشهيد الثاني (قدس سره)
ولد الفقيه الجليل والعالم الكبير الشيعي الشيخ زين الدين بن علي بن أحمد العاملي الجبعي المعروف بالشهيد الثاني في 13 شوال سنة 911 هـ في أسرة من أسر العلم والفقه وهو أحد أعيان و مفاخر فقهاء الشيعة وأحد المتبحرين في العلوم الإسلامية وأحد أساطين الفقه والاجتهاد الذين قل نظيرهم.
دراسته:
1- أنهى الشهيد الثاني دراسة المقدمات عند والده نور الدين علي بن أحمد ثم انتقل إلى قرية ميس وحضر عند الشيخ علي بن العالي الميسي المتوفى سنة 938 هـ فواصل دراسته وقرأ عليه شرائع الإسلام للمحقق الحلي والإرشاد والقواعد للعلامة الحلي.
وقد قام بسفرات عديدة إلى مختلف نقاط العالم الإسلامي لإدامة دراسته.
2- ثم انتقل إلى كرك نوح ودرس النحو وأصول الفقه عند السيد جعفر الكركي وبعد إقامة دامت ثلاث سنين في جبع سافر إلى دمشق في سنة 937 هـ وحضر عند الشيخ محمد بن مكي الحكيم و الفيلسوف الكبير ودرس شطرًا من كتب الطب والحكمة والهيئة واشترك أيضًا في درس أحمد بن جابر وقرأ عليه كتاب الشاطبية في علم القراءة والتجويد.
وقرأ الشهيد الثاني أيضًا صحيح مسلم وصحيح البخاري عند شمس الدين بن طولون في دمشق.
3- وسافر إلى مصر سنة 942 هـ وقد درس في مصر عند ستة عشر أستاذًا بارزًا في علوم العربية وأصول الفقه والهندسة والمعاني والبيان والعروض والمنطق والتفسير وغيرها.
4- سافر سنة 948 هـ إلى بيت المقدس وحصل على إجازة في الرواية من الشيخ شمس الدين بن أبي اللطيف المقدسي ثم عاد إلى وطنه.
5 – ثم عزم على السفر إلى الروم الشرقية فسافر سنة 949 هـ إلى القسطنطينية وقد بعث رسالة تحوي عشرة من العلوم إلى القاضي عسكر محمد بن محمد بن قاضي زادة وبعد أن التقى به وتباحث معه اقترح عليه القاضي الرومي أن يدرس في أية مدرسة شاء واختار الشهيد الثاني بعد الاستخارة مدرسة النورية في بعلبك وقد أوكل إليه القاضي إدارة أمور هذه المدرسة.
6 – بعد أن زار الشهيد الثاني مراقد الأئمة الأطهار عليهمالسلام سنة 953 هـ عاد إلى جبع واستقر في وطنه الأصلي واشتغل بالتدريس والتأليف.
مرجعيته وشهرته:
تسنم الشهيد الثاني بعد إقامته في بعلبك بفضل شهرته العلمية مقام المرجعية وقد شد إليه الرحال العلماء والفضلاء من أقصى البلاد للانتهال من علمه وأخلاقه.
و قد بدأ التدريس الجامع هناك حيث كان ملمًا بالمذاهب الخمسة وكان تدريسه على أساس جميع هذه المذاهب وفي الحقيقة فإنه كان يدرس الفقه المقارن والعقائد التطبيقية وقد كان عامة الناس يستفتونه فكان يجيبهم طبقًا لمذاهبهم.
أقوال العلماء فيه:
يقول المرحوم الخونساري صاحب روضات الجنات حول الشهيد الثاني: (لم ألف إلى هذا الزمان أحدًا من العلماء الأجلة يكون بجلالة قدره وسعة صدره وعظم شأنه وارتفاع مكانه وجودة فهمه ومتانة عزمه وحسن سليقته واستواء طريقته ونظام تحصيله و كثرة أساتيذه وظرافة طبعه ولطافة صنعه ومعنوية كلامه وتمامية تصنيفاته وتأليفاته بل كاد أن يكون في التخلق بأخلاق الله تبارك وتعالى تاليًا لتلو المعصوم.
كان الشهيد الثاني مع علو مقامه ومنزلته العلمية والفقهية يسعى لتأمين بعض من ضروريات معاشه فقد ذكر أنه كان يخرج من منزله ليلاً ويركب حماره ويخرج إلى خارج المدينة ويجلب الحطب إلى منزله).
أساتذته:
لقد سعى الشهيد الثاني من خلال أسفاره العديدة أن يحضر عند أساتذة يمكنه أن يستفيد منهم بأكبر قدر ممكن ومع أننا نعجز عن ذكر جميع أساتذته لا سيما وأنه قد حضر عند أساتذة من المذاهب الخمسة فإننا نذكر منهم ما يلي:
1- أبوه علي بن أحمد العاملي الجبعي المتوفى 925 هـ
2- الشيخ علي بن عبد العالي الميسي المتوفى 938 هـ
3- الشيخ محمد بن مكي الحكيم والفيلسوف الكبير
4- السيد حسن بن جعفر الكركي
5- شمس الدين طولون الدمشقي الحنفي
6- الشيخ أبو الحسن البكري
7- الشيخ شمس الدين أبو اللطيف المقدسي
8- الملا حسن الجرجاني
9- شهاب الدين بن نجار الحنبلي
10- زين الدين الحري المالكي
مؤلفاته:
جاء في أمل الآمل أن الشهيد الثاني خلف ألفي كتاب منها مئتان كانت بخطه من مؤلفاته وغيرها.
ومن مؤلفاته:
1– روض الجنان في شرح إرشاد الأذهان
2- مسالك الأفهام في شرح شرايع الإسلام
3- الفوائد العملية في شرح النفلية
4- المقاصد العلية في شرح الألفية
5- مناسك الحج الكبير ومناسك الحج الصغير
6- الروضة البهية في شرح اللمعة الدمشقية
7- البداية في علم الدراية و شرحه وقد كان الشهيد الثاني أول من كتب في هذا المجال.
8- تمهيد القواعد الأصولية لتفريع الأحكام الشرعية
9- غنية القاصدين في اصطلاحات المحدثين
10- كتاب في الأحاديث و يحوي 1000 حديث أختارها من كتاب المشيخة للحسن بن محبوب.
11- رسالة في الأدعية ورسالة في آداب الجمعة
12- حقائق الإيمان
13- منظومة في النحو وشرحها
14- منية المريد في أدب المفيد والمستفيد في آداب التعليم والتعلم وهو كتاب مفيد جدًا في التربية والتعليم.
15- مسكن الفؤاد عند فقد الأحبة والأولاد وتلخيصه والذي كتبه بعد أن فقد عددًا من أولاده لتسلية نفسه والآخرين.
16- كشف الريبة عن أحكام الغيبة
البشارة:
يذكر الشيخ حسين بن عبد الصمد الحارثي والد الشيخ البهائي بأنه دخل يومًا على الشهيد الثاني فوجده مستغرقًا في فكر عميق فسأله عن الأمر الذي شغل باله فقال: يا أخي أظن أني سأكون ثاني الشهيدين لأني رأيت البارحة في المنام أن السيد المرتضى علم الهدى قد أقام وليمة جمع فيها علماء الإمامية في بيت فلما دخلت عليهم قام السيد المرتضى ورحب بي و قال لي: اجلس بجنب الشيخ الشهيد فلما استوي بنا المجلس انتبهت
شهادته:
كان الشهيد الثاني كغيره من شهداء الفضيلة ضحية المطامع الشخصية لبعض المنبوذين والساقطين في المجتمع. الذين يحاولون من خلال الحرية تصفية حساباتهم الخاصة.
وكانت القصة كما يلي:
يترافع شخصان من أهالي مدينة جبع إلى الشهيد الثاني ليحكم بينهما وبالفعل يقوم بالفصل في تلك المرافعة على أساس موازين الدين وضوابط الشريعة المقدسة غير أن الشخص الذي حكم الشهيد الثاني عليه في تلك الدعوى يخرج مملوءًا بالغضب ويذهب إلى قاضي صيدا ليتهم الشهيد الثاني بالرفض والتشيع. فيقوم القاضي بنقل هذا الأمر إلى السلطان سليم حاكم الروم العثماني في ذلك الوقت ليقوم السلطان بإرسال شخص من قبله لإلقاء القبض على الشهيد غير أنه لم يوفق في العثور عليه.
فأمر السلطان سليم وزيره رستم باشا بتعقب الشهيد وإلقاء القبض عليه حيًا ونقله إلى السلطان ليتعرف بنفسه على حقيقة مذهبه ولما عرف الوزير أن الشهيد كان قد سافر إلى الحج فترصد له في الطريق إلى مكة فألقى القبض عليه هناك غير أن الشهيد الثاني طلب منه أن يمهله حتى يتم سفر الحج فوافق على ذلك ولما أنهى حجه أخذه إلى السلطان ولكنه في الطريق عند ما وصل بلاد الروم و بجوار شاطئ البحر قام بقتل هذا الأستاذ الكبير وذلك بتحريض من أحد الأشخاص ثم قطع رأسه وأخذه إلى السلطان فوبخه السلطان وعاتبه على ذلك عتابًا شديدًا ولكن الدم الطاهر للشيخ الشهيد لم يضع هدرًا فإن الوزير رستم باشا قد حكم عليه بالموت لهذه الجريمة النكراء والفعلة الشنعاء وذلك بوجود السيد عبد الرحيم العباسي.
وكانت شهادة هذا العالم الكبير سنة 966 هـ وبقي جسده ثلاثة أيام على الأرض ثم ألقي هذا الجسد الطاهر في البحر.
أعيان الشيعة للسيد محسن الأمين العاملي والخلاصة للعلامة الحلي.