• Post on Facebook
  • Twitter
  • pdf
  • نسخة للطباعة
  • save
الأكثر شعبية

حكم تزيّن وتجمّل النساء ولوازمه في الشرع

بواسطة |   |   عدد القراءات : 1635
حجم الخط: Decrease font Enlarge font
حكم تزيّن وتجمّل النساء ولوازمه في الشرع

بقلم: الشيخ ميثم الفريجي


هذا الموضوع بمكان من الأهمية في حياة الفرد والأسرة والمجتمع، فالمرأة جزء مهم من المجتمع يتأثر بها وتتأثر به، ويترتّب عليه جملة من الأمور الشرعية المهمة، ونظرة الدين الإسلامي اليه نظرة دقيقة وعادلة، تدعو الى الاعتدال والاتزان فلا افراط ولا تفريط، وإذا راجعنا الى الأدلة الشرعية كتابا وسنة، نجد أننا أمام دوائر أربع، لكل واحد منها حكمٌ يخصها:

الأولى: دائرة الزوج، وحكم التزيّن هو الاستحباب، بل ربما يكون واجبا، فقد حثت الأدلة الشرعية المرأة على التزيّن والتجمّل والتبذّل للزوج، لتدخل عليه السرور، وتحفظ المودة، وتسعد العلقة الزوجية بينهما، كما قال تعالى: (وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجاً لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ) الروم: 21   

ومن لطيف ما ينقل في الروايات أنّ الزوجة يستحب منها الزينة لزوجها، وان كان أعمى، ففي الرواية عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: (سئل رسول الله صلى الله عليه واله ما زينة المرأة للأعمى، قال: الطيب والخضاب فانه من طيب النسمة)[1]

بل قد يوصف التزيّن بالوجوب شرعا حينما يكون ملائماً للزوج، ويُعد تركه تنفيرا له، ومنعاً عن استيفاء حقه في التمكين.

ومن المؤسف ما نسمعه من شكوى بعض الأزواج بعدم أداء هذا الحق من قبل زوجاتهم، فلا يبدين اهتماما بأنفسهن من ناحية التجمّل والتزيّن للزوج مع كونها مؤمنة وملتزمة، وهذا غير مقبول شرعا، وهو تفريط بالحق الشرعي للزوج، وإنّما العكس هو ما يرضي الله تعالى، فتتبذّل وتتزيّن لزوجها وتوفر له الانس والراحة إذا أقبل عليها، وبذلك يُحفظ بيت الزوجية، وتدوم المودة والرحمة التي أرادها الله منه    

الثانية: دائرة المحارم وبقية النساء المسلمات، وحكم التزيّن هنا هو الجواز والاباحة بمقدار لا يثير الريبة واللذة لدى المقابل وان كانت أمرأه، والمراد بالمحارم من يحرم عليها نكاحه أبدا من جهة النسب (كالأب والاخ والابن والعم والخال ...)، أو الرضاع (كالابن والاخ من الرضاع...)، أو المصاهرة (كزوج الأم أو زوج البنت ...)

ومنه يتضح: أن زوج الاخت ليس من المحارم بالنسبة الى اخت زوجته، فلابد ان تتقيّد بالحجاب الشرعي أمامه، وأن يكون الحديث بينهما خاليا ممَّا يثير الريبة واللذة والشهوة، فأن التسامح في مثل هذه الامور مدعاة لفتح أبواب الشيطان الذي يسوّل للإنسان الاثم ويزيّن له المعصية.

قال تعالى: (وَقُلْ لِعِبَادِي يَقُولُوا الَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ الشَّيْطَانَ يَنْزَغُ بَيْنَهُمْ إِنَّ الشَّيْطَانَ كَانَ لِلْإِنْسَانِ عَدُوّاً مُبِيناً) الأسراء: 53

   ومع الاسف فالشواهد تشير الى وقوع بعض المشاكل الحقيقية في هذا المجال ممِّا يستدعي أن يكون المؤمن حذرا ومتيقظا لمكائد الشيطان وخدعه وخطواته

قال تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ ۚ وَمَنْ يَتَّبِعْ خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ فَإِنَّهُ يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ ۚ وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ مَا زَكَىٰ مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ أَبَدًا وَلَٰكِنَّ اللَّهَ يُزَكِّي مَنْ يَشَاءُ ۗ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ) النور: 21

    وألّا يتسامح أو يتساهل في تطبيق الأحكام الشرعية وكذلك المرأة، ولعلَّها الأهم في الالتزام بذلك خاصة إذا كانت في بيت واحد مع اخ زوجها، فلتحذر من الخلوة غير الشرعية، ولتتقيَّد بالحجاب والملابس المستورة، ولا تنفتح بالكلام الذي يجانب الأدب الشرعي ولا داعي للمزاح الذي يولّد الجرأة ويرفع الحواجز الشرعية الَّا ما كان بالحدود الشرعية

الثالثة: دائرة الرجال الأجانب (غير الزوج والمحارم)، وحكم التزيّن هنا الحرمة، فيحرم على المرأة الظهور بزينتها أمام الرجال الأجانب، لقوله تعالى: (وَقُل لِّلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آبَائِهِنَّ أَوْ آبَاء بُعُولَتِهِنَّ أَوْ أَبْنَائِهِنَّ أَوْ أَبْنَاء بُعُولَتِهِنَّ أَوْ إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي أَخَوَاتِهِنَّ أَوْ نِسَائِهِنَّ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ أَوِ التَّابِعِينَ غَيْرِ أُوْلِي الْإِرْبَةِ مِنَ الرِّجَالِ أَوِ الطِّفْلِ الَّذِينَ لَمْ يَظْهَرُوا عَلَى عَوْرَاتِ النِّسَاء وَلَا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِن زِينَتِهِنَّ وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعاً أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ) النور:31

ومن هنا: تتضح حرمة خروج بعض النساء بزينتهن ومكياجهن ـ ومنه الملابس المزينة والفاتنة ـ فضلا عن ابراز جزء من الجسد، أو كشف الشعر أمام الرجال الأجانب في الأسواق، ودوائر العمل والكليات والمعاهد ونحوها، وهو نحو إفراط في التزيّن، وخارج عن حدود ما مسموح به شرعا، وهذا الحكم من واضحات الشريعة السمحاء، فقد نزل فيه قرآن يتلى آناء الليل وأطراف النهار، ليبلّغ النبي (صلى الله عليه وآله) النساء بهذا الحكم الواضح والصريح، وعجباً لما نراه في عصرنا وغيره من العصور من جرأة بعض النساء على مخالفة الله ورسوله، بالمجاهرة بالمعصية، حال الظهور بمكياجهن وزينتهن أمام الرجال الأجانب، بل كاشفات الشعور وبارزات المفاتن، (وإنَّا لله وإنَّا اليه راجعون)

الرابعة: دائرة بعض النساء خاصة، اللواتي يصفْنَ لأزواجهنَّ ما يشاهدْنَ من زينة النساء المسلمات وجمالهن، وقد خصتهنَّ الرواية باليهوديات والنصرانيات، فضلا عن غيرهن من نساء الكفر والفسوق.

 ففي الرواية عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: (لا ينبغي للمرأة أن تنكشف بين يدي اليهودية والنصرانية فإنهن يصفن ذلك لأزواجهن)[2]

أمَّا نفس فعل بعض النساء من وصف المرأة الأجنبية لرجالهنَّ بحيث يفتتنون بها، فهذا حرام شرعا.

 ففي الرواية عن النبي (صلى الله عليه وآله) قال: (ومن وصف امرأة لرجل فافتتن بها الرجل، وأصاب منها فاحشة لم يخرج من الدنيا إلا مغضوبا عليه، ومن غضب الله عليه غضب عليه السماوات السبع والأرضون السبع، وكان عليه من الوزر مثل الذي أصابها، قيل: يا رسول الله فإن تاب وأصلح؟ قال: يتوب الله عليه)[3]

ومن هنا: كنا ولا زلنا نوصي النساء بعدم التكشّف والتزيّن بأكثر من الحد المعتدل والمقبول أمام النساء، ففيهن من تصف ذلك للرجال، فيقع المحذور الشرعي، وهذا ما يكثر بحسب المسموع ـ مع الأسف ـ في مناسبات الزواج والفرح، في القاعات والنوادي بل البيوت، بلحاظ أنّه مجتمع نسوي خاص، فيجوز التكشّف والتبّرج بلا حدود بين النساء، وقد تبين ممّا تقدم المحاذير الشرعية فيه فلابد من الحذر والاحتياط .



 ([1]) وسائل الشيعة: ج 20، ص 167، باب 85، ح 2

[2] وسائل الشيعة: ج 20، ص 184، باب 98، ح 1

[3] المصدر السابق: ح 2

 

Powered by Vivvo CMS v4.7