(الوحي وشبهات المعاصرين)

عنوان الحلقة النقاشية التي عقدها مركز الامام الصادق (ع) للبحوث والدراسات الاسلامية بمناسبة ذكرى استشهاد الرسول الاعظم محمد صلى الله عليه واله وسلم في يوم الجمعة الموافق 9/ 11 / 2018 وكان المحاضر (سماحة الشيخ الاستاذ الدكتور كريم السراجي)

رئيس قسم العقيدة والفكر الاسلامي في جامعة الكوفة وتضمنت الحلقة النقاشية معلومات ومناقشات في غاية الاهمية تخص الوحي ، وكان ابرز ما جاء في هذه الحلقة :

 1/   ان الرسالة المحمدية الاسلامية مليئة بالقيم الرائعة التي لو اخذت طريقها في جميع مناحي الحياة لأوصلت الناس الى الخير والسعادة ,وهي تنافس الحضارات الاخرى باعتراف مفكري الغرب أنفسهم .

2/ المجتمعات الغربية عندها استراتيجيات تختلف مع ما يريده الاسلام فعملت على زرع الكتٌاب والمفكرين الذين ينتمون الى المجتمع الاسلامي وصنعت منهم امكانات بحيث استطاعت ان تؤثر في بعض المساحات الاسلامية واخذوا يعملون على التراث الاسلامي بمنظار غربي ومن هؤلاء اركون ، ومحمد عابد الجابري ، وعبد الكريم سروش.

 3/ موضوع الوحي من المواضيع الحساسة والمهمة ليس على مستوى علم الكلام القديم فحسب بل تمتد اهميته لتشمل علم الكلام المعاصر.

 4/  عبد الكريم سروش نركز عليه باعتبار اخذه لمساحة واسعة في كتابه بسط التجربة النبوية, وهو من الوسط الاسلامي وله كتابات جميلة في نهج البلاغة.ويمتلك لغة لايستهان بها في طرح الافكار.

5/ وهذه الافكار ليست جديدة ووليدة اليوم ، بل هي مرافقة للوحي منذ اعلانه عن نفسه ونزوله على نبينا محمد صلى الله عليه واله وسلم. وكذلك في الديانة النصرانية فان لهم نظرة تختلف عن النظرة الاسلامية, وكذلك ان الانجيل ليس كالقران ,فالانجيل كتب بعد عيسى عليه السلام , وبعد سيطرة الكنيسة على مفاصل الحياة اعتلت صيحات من الغرب محاولة التغيير والتحديث في المفاهيم الدينية ومن ضمنها مفهوم الوحي واستبعاد الدين عن الواقع الاجتماعي.

6/ ومن جهة اخرى نرى صيحات في الغرب تركز على فطرية الدين وضرورته في الحياة الانسانية.

7/ من كل هذا افرزت دراساتهم : ان الوحي ليس الهيا ،  بل هو حالة نفسية ... ، على سبيل المثال يقول  المستشرق الفرنسي برمنكهام :  لقد ادرك محمد بشخصيته الباطنية خواء الشرك ولكن لكي يبلغ مقام النبوة جرد نفسه لعبادة الله ...وكان دائم التفكير حتى ايقن انه النبي وكان هذا يترائى له كأنه وحي من السماء ينزل عليه وان ذلك الخطاب يبعثه اليه على انه جبرائيل وهذا بالواقع وساوس نفسية.

 8/ فجاءت كتابات المستشرقين امثال نولتكه, ومنتوكمري واط, وبرمنكهام على اساس ان الوحي تجربة شخصية تنبع من داخل النبي بينما عند المسلمين ان الوحي خارجي وهو علقة بين الله تعالى وبين من اختصه من عباده حسب قوله تعالى : (( وَمَا كَانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُكَلِّمَهُ اللَّهُ إِلا وَحْيًا أَوْ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ أَوْ يُرْسِلَ رَسُولا فَيُوحِيَ بِإِذْنِهِ مَا يَشَاءُ إِنَّهُ عَلِيٌّ حَكِيمٌ)) الشورى /51.

9/ وقد تبع المستشرقين في هذه الافكار حول الوحي جملة من المفكرين المسلمين منهم عبد الكريم سروش.

10/  وقبل ان نتناول ما طرحه سروش نذكر الآراء بالمسألة: 

الرأي الاول: ما اطبق عليه المسلمون من ان الوحي لفظا ومعنى هو من الله تعالى 

الرأي الثاني: ان القرآن والوحي معنا من الله تعالى ولفظا من النبي

11/ والبعض اراد ان يجعل الراي الثاني له جذور في الوسط الاسلامي فنسبه لأبن كلّاب وهو من الاشاعرة ، ولكن بعد التتبع نجد ان هذه النسبة جزافية لأنه تكلم في كلام الله تعالى النفسي وليس عن الوحي. وكذلك حاولوا ايجاد ربط في كلمات ابي منصور الماتريدي ، وكذلك ينسبونه الى الباطنية ، لكن النسبة لم تلق مقبولية بعد التتبع والبحث.

12/ أشار سروش في كتابه بسط التجربة النبوية الى هذه الفكرة,فبدأ ينظر الى ان الوحي مضمونا من الله تعالى ولفظا وقالبا من النبي. ويرتب على ذلك نتائج منها : ان الوحي معصوم لكن اللفظ اذا كان من النبي فهو بشري فمن الممكن ان يخطيء وبدأ يصنف المسائل التي ممكن ان يخطأ فيها النبي الى مسائل عقيدة وشريعة عبادية واجتماعية الى غير ذلك من التقسيمات التي يريد ان يخطىء النبي فيها ، بل وصل به الامر الى القول في عدم فصاحة النبي في بعض الموارد.

12 / وفي معرض الرد على هذه النظرية نقول:

1.  هذه النظرية تقدم ذريعة لأعداء الدين الاسلامي لأضفاء الصبغة البشرية على القرآن الكريم ،  وبالتالي تجويز الخطأ عليه  ..... وهو جزء من الحرب الناعمة على الاسلام.

2.  يعلن نفس القران الكريم من خلال اياته انه من الله تعالى وكلامه وليس من كلام النبي, علما أنه لو كان اللفظ من النبي  وليس من الله تعالى فلا يصح نسبته الى الله.

3.لاشك ان الجزء الاعظم من اعجاز القران يعود الى الفاظه وكلماته وتراكيبه, حتى عدّه البعض المناط في اعجاز القران فلو كان المعنى فقط من الله تعالى والمعاني من النبي صلى الله عليه واله وسلم لذهب هذا الاعجاز.

4.  هناك ايات صريحة على ان الجعل على لسان عربي من الله تعالى قال تعالى: (( إنا جعلناه قرآنا عربيا لعلكم تعقلون))  سورة الأحقاف : 46.

5.  الاختلاف الظاهر بين الحديث النبوي وبين الآية القرآنية دليل على ان القران ليس من النبي. 

يقول الله تعالى في كتابه العزيز: { أَفَلا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلافًا كَثِيرًا } [سورة النساء: 82].

6.  وتلك المضامين العالية للقران الكريم ، وما تحمل من شمول وسعة ومعارف عقلية دقيقة التي لا يمكن لأنسان وضعها في قوالب لفظية مهما بلغت معرفته.

7.  نفس الخطابات القرانية على لسان النبي صلى الله عليه واله وسلم تثبت انه ليس من النبي قال تعالى: ((قُلْ إِنَّمَآ أَنَا? بَشَرٌ مِّثْلُكُمْ يُوحَى?? )) الكهف : 110

، وقوله تعالى : (( قَالَ الَّذِينَ لاَ يَرْجُونَ لِقَاءنَا ائْتِ بِقُرْآنٍ غَيْرِ هَذَا أَوْ بَدِّلْهُ قُلْ مَا يَكُونُ لِي أَنْ أُبَدِّلَهُ مِن تِلْقَاء نَفْسِي)) يونس :15

8.  الآيات الواردة في عتاب النبي صلى الله عليه واله وسلم ظاهرا :((وَلَوْ تَقَوَّلَ عَلَيْنَا بَعْضَ الْأَقَاوِيلِ لَأَخَذْنَا مِنْهُ بِالْيَمِينِ ثُمَّ لَقَطَعْنَا مِنْهُ الْوَتِينَ )) الحاقة:44-46.

9.  وجود كلمة قل في بعض الآيات القرآنية دليل على انه ليس من نفس النبي صلى الله عليه واله وسلم قال تعالى: ((قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ ))  الإخلاص:1.