يصدر قريبا عن مركز الامام الصادق (عليه السلام) التكافل الاجتماعي في الاسلام واثره الاقتصادي
( التكافل الاجتماعي في الاسلام واثره الاقتصادي )
جمعية المبرات الخيرية في لبنان ومؤسسة العين للرعاية الاجتماعية في العراق إنموذجاً
يعتبر التكافل الاجتماعي في الاسلام احد ابرز الادوات الرئيسية للتوازن الاقتصادي في المجتمع فهو اداة تحرك ضمير الانسان وتحاكيه تبعاً لطبيعته الاولى وفطرته السليمة التي تميل الى السلام والحب للجميع اذا ما لوثتها المطامع الشخصية او الموروثات الهمجية .
وفي هذا البحث الذي ارتكز على استخدام المنهج العلمي في الاستدلال من خلال طرح الفكرة ثم تثبيت حجيتها بالأدلة القرآنية والاحاديث النبوية الشريفة والمشاهد التاريخية والوقائع الحالية لتكون صورة التكافل الاجتماعي في الاسلام ليست اطاراً للتنظير فقط بل هو اداة فاعلة وفعالة في المجتمع الاسلامي .
لقد تم تقسيم البحث الى ثلاثة فصول يتضمنها مباحث متنوعة ، الفصل الاول شمل مبحثين الاول تعريف التكافل الاجتماعي في الاسلام واسسه واهدافه والتوجيهات الاسلامية التي تقرهٌ , منها توجيهية تخاطب نفس الانسان وعقلانيته ومنها الزامية تضبط تحكم النفس لتسير باتجاه الخير لها وللمجتمع ، اما المبحث الثاني في هذا الفصل فقد تم بيان ابرز المعوقات التي تواجه تنفيذ التكافل في المجتمع ثم التطرق الى الحلول والتشريعات التي تعمل على تفكيك تلك المعوقات او تحول دون وقوعها مسبقاً والتي منها تحريم الكسب الحرام ونواهيه وفرض الضرائب المالية لمعالجة التفاوت الطبقي وتشريع نظام الارث وتعدد مستحقيه وبيان حرمة الاكتناز الذي يهدف الى الجمع والامتلاء خارج الحدود الشرعية وعلى حساب الطبقات الاجتماعية المتعددة .
اما الفصل الثاني فقد تم التركيز فيه على عنصرين مهمين هما مسؤولية والية التنفيذ ، في المبحث الاول كان شرح وبيان تعدد المسؤوليات وتكاملها، فتم البدء بالفرد الواحد ومسؤولياته التي تبدأ من حماية نفسه وتحوطها ووقايتها والحفاظ عليها ثم الاسرة وما يتبعها من واجبات الفرد تجاه والديه وزوجته واولاده واقربائه ، لتنتقل المسؤولية بعدها الى المجتمع كونه كيان متعدد الافراد يتعايش مع بعضه البعض فتم بحث المبادئ التي تحكم المجتمع الاسلامي والانساني ثم توضيح الالية التي تتحقق بها تلك المبادئ وتطبق اذا ما اردنا تكوين مجتمع يتم بنائه على السلم والسلام، اما المسؤولية الاخيرة فكانت واجب الدولة في تحقيق التكافل الاجتماعي في الاسلام منها مراقبة الافراد والمجتمعات والاخذ بيدهم الى تحقيق التكافل ومنها ما هو واجب عليها تنفيذه ، لأحقية الأفراد في الأموال والموارد العامة التي تديرها الدولة وهي نائبة عنهم في الحماية والتصرف وفق الضوابط الشرعية والمصلحة العامة لحفظ الكيان العام للمجتمع .
فيما تناول المبحث الثاني من هذا الفصل القاعدة المالية التي تنفذ التكافل الاجتماعي في الاسلام وتحافظ على ديمومته فالتمويل والانفاق هما اساس استمرار التكافل، وتنوع الموارد المالية كانت لها صبغة شمولية لفئات متعددة ، فالزكاة والخمس والوقف والكفارات والنذور والوصية وغيرها وجدت لمعالجة حالات الفقر والعوز التي تصيب الاطفال واليتامى وابناء السبيل والنساء بتعدد حالاتهن والشيخوخة وغيرها .
حتى يتم الخروج من القاعدة الاساس الى الواقع الملموس كان الفصل الثالث جوهر البحث ، من خلال التعمق في العمل المؤسسي الحاضر وتاريخه , فالمبحث الاول ركز على العمل المؤسسي التكافلي في العالم الاسلامي ، منها الهدف العام والغاية المنشودة والتصنيف العالمي للعمل المؤسسي التكافلي ثم الانتقال الى اهم المشاكل التي تواجه العالم بشكل عام والاسلامي بشكل خاص الا وهما الفقر والبطالة وما ينتج منهما ويترتب عليهما في حال تجاوز تلك المشاكل الحدود المقبولة لها .
في المبحث الثاني للفصل الثالث كانت المؤسسات التكافلية في لبنان والعراق واقع حال حي وملموس ونامي ومتنامي للتكافل الاجتماعي في الاسلام بعد ان تم بيان الحروب ومشاكل الفقر والفاقة فيهما ، في لبنان كانت الحروب الخارجية والداخلية سبب رئيسي في ارتفاع اعداد الايتام والارامل والبطالة والفقر العام وكانت المؤسسات التكافلية لها دور فاعل وموازي لعمل الدولة في اغلب الاحيان ، اما جمعية المبرات الخيرية في لبنان كانت المثال والنموذج المتكامل من حيث الواقعية والتنظيم في العمل والتنوع والتوسع في النشاطات والشمولية والتعددية في الفئات المكفولة في برامجها .
اما العراق الذي لم تكن تخلو الاحداث التي رافقت بناء الدولة بعد التحرر من الاستعمار من الويلات والظلم على جميع فئات المجتمع وكانت شدتها في بداية الحرب العراقية الايرانية التي بدأ العراق يتجه بها الى كوارث طبيعية وبشرية ثم ما زاد من الحرب على الكويت وبدأ الحصار الاقتصادي حتى تراجع عن مضمار الدول الغنية الى مجتمع يحتويه الفقر والفاقة ، لقد شهدت المؤسسات التكافلية في العراق تباين في عملها فهي ما ان تقدمت في بداية نشأتها حتى تراجعت بسبب الحكم الدكتاتوري لعقود، لكن بعد سقوط النظام الاخير بدأت مرحلة العمل المؤسسي التكافلي التي شاع صيتها في ميادين مختلفة ومتنوعة ، ولتسليط الضوء على فاعلية تلك المؤسسات كانت مؤسسة العين للرعاية الاجتماعية في العراق واقع الدراسة والاستشهاد بالعمل التكافلي وهي ايضاً نموذج قيم كانت ولازالت تعمل على رفع كاهل الفقر والفاقة عن فئات متعددة ومتنوعة في المجتمع العراقي فأنشطتها وبرامجها وتمويلها المتعدد وانفاقها الكبير له الاثر الملموس على تلك الفئات المشمولة في عملها .
مصادر البحث افتتحت بالقران الكريم كأساس ودستور في العمل ثم تنوعت المصادر التي كانت اهمها كتب السيرة النبوية المختصة في الاحاديث الشريفة ، التفاسير القرآنية المتنوعة ، الكتب العلمية الاقتصادية المختصة العربية والاجنبية المترجمة ، المجلات والدوريات العلمية والبحثية ، المواقع الالكترونية التي كانت مواضيعها في مجال البحث .
ان البحث ومضمونه هو مساهمة فكرية وعملية يخضع للخطأ والصواب ولقد اجتهد الباحث على تقديم كل ما هو ممكن دون تقصير او تجاهل المفردات المطلوبة الا ان ذلك ليس الكمال في العمل فالعقل هو الجوهرة الحية العاملة التي تستطيع ان تضيء مع الوقت لتقدم كل ما ه حرو جديد .