يصدر قريبا عن مركز الإمام الصادق (عليه السلام) كتاب : الحجاب في الاسلام للشيخ علي الخفاجي
امتازت الدعوة الإسلامية في تشريع الأحكام الشرعية بمميزات كبيرة ومهمة في مجال تأسيس التشريع الجديد والتعامل مع التشريعات السابقة من دون إثارة حساسية المجتمع أو عدم تقبل تلك التشريعات أو التمسك بما إعتاده المجتمع من تشريعات وتعاملات حيث تتضح القدرة الفائقة التي يمتلكها الإسلام في مجال التشريع والحنكة الكبيرة للنبي (صلى الله عليه و آله) في تغيير ما إعتاده المجتمع من دون إثارة حساسيته خصوصاً إذا أخذنا في نظر الإعتبار بعض تلك الأحكام تتعارض مع المصالح الشخصية لبعض فئات المجتمع كما في أحكام العبيد والأحكام المالية من قبيل الزكاة والخمس والأحكام العبادية كالصلاة والصيام والحج
دون الأحكام المعاملاتية التي أقرتها الشريعة و التي كانت جارية قبل الإسلام وأمضاها الاسلام وأبقاها مع تغييرات وإضافات طفيفة .
فالميزة الأولى التي راعتها الشريعة الإسلامية هي أن التغيير لم يطل كل الأحكام وإنما شمل بعضها وسميت حكاماً تأسيسياً وبعضها أحكام إمضائياً.
والميزة الثانية هي في أسلوب التبليغ والايصال وليس في تأصيل الأحكام فإن الشريعة الإسلامية إتبعت أسلوب التدريج في تبليغ الرسالة وإيصال الأحكام الشرعية حتى لا تثار النفوس من التغيير الحاصل في الأحكام.
ومن أهم الأحكام التي إهتمت بها الشريعة الإسلامية هي أحكام الحجاب وما يتعلق بها من مسائل الستر والعفة والنظر للأجنبية والعلاقة بين الرجل والمرأة وغيرها من التفرعات ..
والقرآن الكريم تناول موضوع الحجاب في جملة من الآيات الشريفة التي تفيد حكم الإلزام بالنسبة للمرأة فكما أشار القرآن الكريم إلى وجود الخمار والجلباب قبل الإسلام وأنه كان متداولاً عند نساء العرب أيام الجاهلية إلا أنه ليس الذي يريده القرآن الكريم فالجلباب والخمار الذي يعتبره القرآن الكريم ويدعوا إلى الإلتزام به هو الذي يكون ساتراً للمرأة وغير مبرزاً لمفاتنها وزينتها فلا تبدي المرأة الزينة الا لبعلها كما ذمر القرآن ذلك ..
ويعالج القرآن الكريم مسألة أخرى تعتبر من أهم المسائل المتعلقة بالحجاب وهي مسألة نظر الرجل للمرأة ونظر المرأة للرجل حيث فرض على الرجل غض البصر وعدم التمعن في النساء لما في ذلك من آثار أخلاقية واجتماعية.
وكذلك سيرة الرسول الكريم (صلى الله عليه و آله) حافل بالنصوص والروايات التي تنقل لنا أهمية هذه المسألة وكيف تعامل المسلمون ونسائهم معها كما نقلت ذلك روايات عن السيدة فاطمة (عليها السلام) والسيدة زينب (عليها السلام) وايضاً توجد روايات تنقل لنا كيف تفاعلت المسلمات مع تشريع الحجاب في بداية تشريعه كما نقلت لنا ذلك زوجات النبي (صلى الله عليه و آله) عائشة وأم سلمة .
وإذا راجعنا هذه الآيات وتاريخ نزولها وايضاً الروايات التي نقلت لنا أجواء النزول يتبين لنا الاهتمام البالغ بهذه الفريضة وأنها مشتملة على المميزات التي ذكرناها والتي تساعد على تقبل الناس للفريضة حيث راعت جانب التدريج في التشريع والتبليغ خصوصاً وأنها تتعلق بقضية شخصية من جانب وهو اللباس الخاص بكل إنسان وفي كل مجتمع ومن جانب آخر أنها تتعلق بقضية نفسية وهو اهتمام المرأة بمظهرها وجمالها ولأجل ذلك كان موضوع الحجاب من المواضيع الحساسة جداً في التشريعات الإسلامية والتي تكشف عن الحكمة الإلهية والقدرة الفائقة للنبي (صلى الله عليه و آله) في توظيف الزمان والمكان لصالح الأحكام الشرعية وتسهيل تقبلها من المجتمع.
مركز الإمام الصادق عليه السلام للدراسات والبحوث الإسلامية التخصصية