• Post on Facebook
  • Twitter
  • pdf
  • نسخة للطباعة
  • save
الأكثر شعبية

الشيخ حسين النوري الهمداني

بواسطة |   |   عدد القراءات : 1096
حجم الخط: Decrease font Enlarge font
الشيخ حسين النوري الهمداني

الشيخ حسين النوري الهمداني

آية الله العظمى الشيخ حسين النوري الهمداني (دام ظله)

 الولادة:

ولد سماحته في سنة 1304 هجري شمسي في عائلة متديِّنة وملتزمة في مدينة همدان. وكان والده المرحوم حجة الإسلام والمسلمين الحاج شيخ إبراهيم نوري الهمداني من العلماء المبجلين في همدان، ومعاصر مع آية الله العظمى آخوند ملا علي الهمداني والذي كان يسكن في نفس الحجرة معه

 الدراسة:

بدأ سماحته التعليم في السابعة من عمره، الأدبيات الفارسية، ?لستان سعدي، الإنشاء، ولقد درس ترسل النصاب و….إلى معالم الأصول عند والده المكرم. وفي سنة 1321 شمسي دخل مدرسة المرحوم آية الله العظمى آخوند الهمداني ودامت دراسته وتعلمه فيها حوالي السنة والنصف. ولكن اشتياقه وتعطشه إلى التعليم والاستعداد الفائق الذي كان في وجود سعادته والذي كان مضرب الأمثال جعله بعد مدة قصيرة من الإقامة في همدان أن يشد الرحال إلى مدينة قم المقدسة وأن يقيم في عش أهل بيت العصمة والطهارة (عليهم السلام) واستطاع بتحمل جميع مشقات ذلك الزمان أن يحظى بدروس الأساتيذ البارزين للحوزة العلمية بقم المقدسة

 الأساتذة:

وبناءً على ما بينّا انه تعلم الدروس الابتدائية في حضرة والده المعظم ثم حضر عند الكبار من الحوزة العلمية في همدان بالأخص آية ا… العظمى آخوند ملا علي الهمداني والذي نال شرف التلمذة عندهِ.

 وبعد دخوله إلى الحوزة العلمية في قم نال أكثر الاستفادة من الآيات العظام:داماد، حجت كوهكمره اي، العلامة الطباطبائي، البروجردي والإمام الخميني (عليهم الرحمة) وهذا القسم الذي نقرأه من لسان آية ا… العظمى نوري الهمداني بنفسه: 

وهو إن أحد أساتذتنا المهمين هو آية الله العظمى سيد محمد داماد والذي حضرت درس الفقه والأصول عند سعادته حوالي 12 سنة. وقد كنا عدة من التلاميذ معروفين بطلاب داماد. ولقد كان رجلاً دقيقًا ودقة نظره إنصافًا كانت جيدة جدًا. وكان يمتاز بتربية الطلاب والعناية بهم. واحتفظ بما كتبته من المرحوم. كنت اكتب دروسه ومن ثم أعرضه عليه. فكان يقرئه وكان يكتب أشياءً في الحاشية والذي حينما انظر إليها أراها تِذكارًا تعليميًا ومهمًا.

 في التواضع، في الإخلاص وبساطة المعيشة قلّ من يحصل مثله ولا أنسى أنه كان يومًا في الدرس، في مسألة الوضوء وصل إلى هذا الموضوع بان المتوضئ يجب أن يسكب الماء بنفسه ويتوضأ بنِفسه ولا يعينه احد طبعًا الاستعانة لها مراتب فبعض مراتبها تبطل الوضوء وبعض مراتبها مكروهة وقرأ لنا رواية من «الوسائل» بأن الإمام الرضا (ع) عندما ورد إلى مجلس المأمون وكان يتوضأ بشكل كان احد يسكب الماء في يده. فقال الإمام الرضا (ع) للمأمون) لا تشرك بالله يا أمير المؤمنين) فعندما قرأ هذه الكلمة بان الإمام الرضا قال للمأمون، أمير المؤمنين. فكلمة أمير المؤمنين غيرت أحواله واخذ بالبكاء بحيث انه لم يستطع ذلك اليوم أن يستمر في الدرس وتأسف كثيرًا أن تكون الحالة بهذا الشكل بحيث يقول الإمام الرضا (ع) للمأمون أمير المؤمنين!

 أقول عن إخلاصه بأنه في ذلك اليوم ببكائه أثر فينا جميعًا ولم يستطع التدريس ووضع عباءته على رأسه وترك الجلسة.

 ومن جملة الذين درست عندهم آية الله السيد العلامة الطباطبائي والذي حضرت عنده في درس أسفاره مدة خمس سنوات ومن الجدير بالذكر أن عظمة وعلو مقام آية الله العلامة الطباطبائي من حيث الأخلاق والكمال والمعلومات وتربية الطلاب لا يحتاج إلى التوضيح والتبجيل.

 وان احد أساتيذنا الكبار هو آية العظمى سيد محمد حجت كوهكمري.

 والذي اشتركت مدة طويلة وكان درسه في قم ممتاز في ذلك الزمان.

 كان أستاذًا جليل القدر وكان حسن البيان. وكان صاحب سلاسة في التدريس. فكان يفصل الدروس إلى فصول. وكان تفصيله للدرس بطريقة يسهل كتابتها. يجب أن تكون طريقته لنا درسًا لكي ننظم مطالب الدروس. مثلاً عندما كان يدرسنا البيع الفضولي، في البيع الفضولي هناك عدة مباني: مبنا الشيخ الأنصاري، مبنا المرحوم آخوند الخراساني والذي يستفاد من حاشية آخوند الخراساني في المكاسب ـ مبنا المرحوم سيد محمد كاظم اليزدي، مبنا المرحوم شيخ محمد حسين الكم?اني الأصفهاني ومبناه هو وكانت خمسة أو ستة مباني من أول بيع الفضولي إلى الآخر ففي كل يوم كان ينظم مبحث كلٌّ منهم بطريقةِ مبناه وبطريقةٍ بحيث كان الفرد يتعجب من طريقة تفصيله وبيانه. وكان يبين في كل مسألة بهذه الطريقة ما يقتضيه من البيان من المبنا.أو في صحة ونفوذ البيع الفضولي أو موضوع الإجازة مثلا وفي النقل وأقسام الكشف وكان له تفصيل وتنظيم جميل جدًا.

 وقد خطر ببالي الحسنة الأخرى التي تتعلق به وهي انه يومًا أصبح في حافة الاحتضار فذهبت إلى داره، قرب مدرسة ألحجتيه. كنت في ساحة البيت وكان هناك أشخاص آخرون. كنا جميعا في تألم وحزن. جاء احد وقال: لقد احضروا شيئًا من تربة سيد الشهداء، أخلطوه مع قليلا من الماء. ليشربه. فأخذه سماحته وأدناه من شفتيه وقال:(آخر زادي من الدنيا تربة الحسين عليه السلام).

 فشربه وقال اشهد أن لا اله إلاَّ الله وتوجه القبلة والتحق بجوار ربه.

 وكان احد أساتيذي سماحة آية الله العظمى السيد البروجردي، وقد اشتركت في دروسه من يوم قدومه إلى قم وإلى يوم ارتحاله من الدنيا حوالي 15سنة كان لي الشرف في حضور جميع دروسه وقد كتبت المقدار الكثير من دروس الفقه والأصول لذلك الأستاذ الكبير (أعلى الله مقامه) وفي أثناء الحضور في الدرس كنت اكتب بعض المطالب لذلك الدرس وبعد الدرس كنت اعرض ذلك على سماحته وفي بعض الأحيان نظرًا لجلالته كان يشوقني.

 وكان سماحة آية الله البروجردي، من جانب الكرم والسخاء له امتياز خاص. فكان يومًا من الأيام جالسًا في المجلس (مجلس استقبال الناس)، دخلت امرأة وقد رءاها السيد. قال للخادم: انظر ماذا تريد هذه الإمرأة. قال الخادم: هذه علوية، وكانت تريد مبلغ لشراء عباءة وقد أُعطيت خمسين تومانًا. فعندما سمع السيد اسم العلوية قال: علوية وخمسين تومان؟ وكأنما قد استقلل الخمسين تومانًا للعلوية. وفي الحال الخمسين تومان ما كان بالمبلغ القليل.قال: أعطوها أربعمائة أو خمسمائة تومان. في كل الأحوال كان كل من يقصده كان يعطيهم أكثر ما كانوا يتوقعون.

 كان احد أساتذتنا الكبار، الإمام الخميني (رحمه الله) حول الإمام يجب أن أقول أول سبيل للمعرفة مع سيادته. هو في مطلع ورودي إلى قم سنة ألف وثلاثمائة واثنان وستين هجري قمري كان يدرس الأخلاق وذلك في يوم الجمعة عصرًا. ساعة قبل غروب الشمس في مدرسة الفيضية تحت المكتبة. وبعد ذلك كانت تقام صلاة الجماعة بواسطة آية الله العظمى (الخوانساري)، وكنت اشترك في درسه الأخلاقي والعرفاني والعلمي وكان هذه الدرس من الدروس ألمقوّمه والكاملة، الآيات والأحاديث الممزوجة مع المفاهيم العلمية، الأخلاق الذي مشروح مع المفاهيم البسيطة والمتكاملة والمؤثرة والذي كان يخرج من القلب ويدخل القلب قد أوجد تحول عميق في مستمعه. 

  كانت القاعة تمتلئ من الحضور, الصفاء والمعنوية العالية كانت تطغى على الحاضرين وفي نفس الوقت كان سماحته من احد العلماء الكبار والمشاهير وكان ممتازًا في حدة النظر وعمق التفكير في واقعية الأمور وسعة البصيرة. ومن الأشياء التي كانت تُعرِّف فكرته وكان مؤثرًا كبيرًا في الناس كتابه (كشف الأسرار)

 والذي طبع في ذلك الوقت وكان في متناول أيدي الناس ومن الجدير بالذكر أن هذا الكتاب ما زال من الكتب القيّمة والممتازة.

  شخصيته كانت ذات أبعاد مختلفة احدها من جهة البعد الفلسفي ولعله لا اعرف أحدًا مثله حتى الوقت الحاضر وإن كان في ذلك الوقت في طهران لدينا المرحوم آشتياني، وفي النجف العلاّمة الطباطبائي، وكذلك أستاذ الإمام المرحوم آية الله العظمى السيد (سيد أبو الحسن القزويني) والمعروف بالعلامة (رفيعي) والذي زار قم لعدة أشهر وكان يُدرِّس المعقول وكنت ممن يحضر درسه.

 حول شخصية سماحته يمكن الحديث من جهات مختلفة والذي من نظري الشيء المهم معرفة الزمن. ويوجد في المتون الدينية يجب على العالم أن يكون عالمًا بأمور زمانه فكان سماحته من جانب معرفة الحوادث ومقتضيات الزمان له امتياز خاص. وفي وسط العلماء الكبار الذين كانت أفكارهم ومساعيهم تواكب الزمن استطاع أن يوجد تحول مشهود.

 التقدير من الأساتيذ:

مع الإلهام من الآيات القرآنية والروايات الإسلامية وبالتأسي بسلفه الصالح بالنسبة إلى التقدير والتعظيم لأساتذته لم يترك أي سعي لذلك وكان دائمًا احد توصياته إلى تلامذته ومخاطبيه التكريم والتجليل من أساتذته إلى حدٍّ أنه قال مرَّات عديدة (أنا قد دونت جميع أسماء أساتذتي وأدعو لهم في صلاة الليل حيث أن لهذا العمل بركات كثيرة ويوجب زيادة التوفيق للإنسان).

 التدريس:

سماحة آية الله نوري من بدأ دخوله الحوزة العلمية في قم ومزامنة مع الدراسة، شرع في التدريس في مواضيع مختلفة فقهية، أصولية، كلامية،أخلاقية وكانت دروسه مزدحمة ومن حضوره الفياض استفادوا تلامذة كثيرون حتى وصل الأمر أن تدريسه لنهج البلاغة في المسجد الأعظم في زمن الطاغوت كان يعد من أحسن محتويات ذلك الزمان، مواضيعه المطروحة كانت من حيث المنطق والاستدلالات قد ضيقت الخناق على نظام الطاغوت بدرجةٍ أنهم لم يجدوا بدًا الاّ بتعطيل ذلك الدرس ومع تعطيل ذلك الدرس قد حرموا المئات من فضلاء الحوزة العلمية ـ والذين هم الآن يعدون من كبار الحوزة وخادمي النظام المقدس للجمهورية الإسلامية.

 والآن قريب من ثلاثين سنة وهو مشتغل بالتدريس (درس الخارج) وما يقارب من ألف شخص من الفضلاء والعلماء البارزين ينهلون من فيض درسه

 التأليفات:

من حيث كتابة المطالب العلمية (سماحة آية الله العظمى نوري الهمداني) يتقيّد بتقيّد خاص ومن وصاياه المؤكدة لطلابه أنهم يجب أن يكونون أهل قلم وان يكتبوا في مواضيع مختلفة وعلى هذا الاصل سماحته له كتابات كثيرة وفي مواضيع مختلفة والتي تزيد على 50 جلدًا. فبعض تلك الكتابات طبعت وبعضها على شُرُف الطباعة وبعضها في حالة التهيئة للطبع.

 فالكتب التي طبعت لحد الآن هي:

1- الخمس

2- مسائل من الاجتهاد والتقليد

3- الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر من نظر الإسلام -عربي

4- الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر من نظر الإسلام -فارسي

5- الإسلام المجسم -شرح لأحوال كبار علماء الإسلام

6- مكان المرأة في الإسلام

7- الجهاد – فارسي

8- الربا

9- علم عصر الفضاء

10- عجائب الخِلقة

11- عالَم الخِلقة

12- الإنسان والعالَم

13- الخوارج من منظار نهج البلاغة

14- حركة ثورية في مصر

15- القصص التاريخية

16- نحن والمسائل اليومية

17- بيت المال من منظار نهج البلاغة

18- الاقتصاد الإسلامي

19- منطق معرفة الله

20- الجمهورية الإسلامية

21- رسالة توضيح المسائل

22- الاستعداد العسكري والحدودي في الإسلام

23- ألف مسألة ومسألة فقهية -استفتاءات ج1 و2

24- مناسك الحج -عربي

25- مناسك الحج -فارسي

26- منتخب المسائل -عربي

 كل من هذه المؤلفات له مخاطب خاص وتستفاد منه طبقات مختلفة

 النشاطات السياسية والاجتماعية:

سماحته بما أنه كان تلميذًا للإمام الخميني (ره) وكان متعلقًا به لدرجة العشق ولذا نجده كان متأثرًا بسلوكيات مؤسس الجمهورية الإسلامية بالأخص الجهة السياسية ولهذا النشاطات العلمية العميقة لم يغفل عن النشاطات والاجتماعية وكان في الصفوف المتقدمة للثائرين على النظام الشاهنشاهي البائد ولم يخفْ في هذا الطريق من السجن والإبعاد و… واشترى جميع هذه الأخطار بروحه ومع التوكل على الله سار في أداء هذه الرسالة الثورية بكل استطاعته والذي نسمع اليسير من لسان جلالته:

 أنا من جملة الأشخاص الذين وفقوا لعدة من السنين أن أدرس في مدرسة آية الله العظمى الإمام الخميني وإضافة على المطالب العلمية، نلت من سجاياه الأخلاقية. وفي طول هذه السنين بالنظر للمتون والموازين الإسلامية وجدت أن مسؤولية طالب العلم لا تقتصر على الدرس والتدريس ولهذا من يوم الذي سماحته بدأ بالتحول والثورة حاولت أن أسير خلفه قدر المستطاع. وفي ذلك الوقت كانت لي جلسات منظمة مع أصدقائي الذين كانوا يواكبوني بأفكارهم وكنا نتكلم حول الأوضاع الجارية في وقتها ولأجل السير إلى الأمام كنا نتخذ بعض القرارات. أحيانًا كنا نوزع المناشير ضد النظام والشاه وبالطبع أنا كنت منظم لبعض هذه المتون.

 في النشر والتوزيع أيضًا كان لي مساعد قريب. ولهذا الغرض كنا نرسل البعض إلى مناطق أخرى.

 سجن قزل قلعه:

بعد ما أُبعد الإمام إلى تركيا؛ المناشير التي كانت تصدر ضد النظام من قم كانت تحمل إمضائي أيضًا ولهذا هجم عدة من جانب الساواك على منزلي وفتشوا كل مكان بدقّة وحتى الكتب كانوا يتصفحونها وأخذوا مجموعة من الكتب ثم اعتقلوني وأخذوني إلى ساواك قم، والذي كان في شارع القطار، وبتُّ ليلة هناك وبعده نُقلت إلى طهران، سجن قزل قلعه هذا السجن كان احد سجون نظام الشاه والذي كانوا يسجنون فيها، في السجن، لفت نظري أن هناك بعض السادة؛ ومن الجدير بالذكر كنا في زنزانات انفرادية وفي اليوم ثلاث مرات صباحًا، ظهرًا ومساءً كانوا يفتحون باب الزنزانة وكنا نخرج من أجل تجديد الوضوء فعندما كنت خارج من أجل الوضوء من بعيد رأيت أولئك السادة وعلمت أنهم هناك.

 في داخل الزنزانة لم يوجد ضياء سوى فتحة صغيرة من فوق الباب كان شعاعًا ضعيفًا يدخل الزنزانة وكانت هذه الزنزانات بقدر من الصغر بحيث لو فتحنا ذراعينا لوصل إلى طرفي الزنزانة وأما الأرض فكانت مفروشة بأحجار غير مستوية بحيث أن المرأ لو أراد أن يضطجع لآلمته بشدة.

 حوالي ثلاثة أشهر كنت فيها بلا محاكمة أو ملاقاة ولا يسمح لنا الخروج إلاّ حين الوضوء. بعد المحاكمة كنا نخرج إلى الساحة لمدة عشرة دقائق من أجل التنفيس والتمشي. عندما أخذوني للتحقيق كان أهم كلام لهم (إنكم مؤيدون للإمام الخميني وتأيدًا له تكتبون المناشير وتوقعون عليه) وما يقارب من شهرين بعد هذه المحاكمة أُطلق سراحي.

 وبعد إطلاق سراحي بعدة شهور أصبحت لي سفرة إلى همدان. في همدان جاء لزيارتي العلماء وغير العلماء وكان الفصل صيفًا.في مدرسة همدان بدأت بالتدريس والذي قوبل بالحفاوة. إضطرب ساواك همدان لما رأى أن الشباب والأهالي أخذوا بالاتصال معي ويحضرون درسي ولهذا بعذر ألقوا القبض عليَّ وأرسلوني إلى طهران فدخلت سجن قزل قلعه مرة أُخرى وبقيت مسجونًا فيها لعدة شهور.

 ومن بعد إطلاق سراحي لمدة طويلة كنت ممنوع المنبر وما كان يسمح لي أن أعظ الناس أو أخطب فيهم ذهبت إلى رفسنجان وبعد صعودي المنبر مرتين أو ثلاث، اطلع ساواك كرمان بذلك ومنعني من الاستمرار.

  اليوم التاريخي 19 ديسمبر 56:

من ذلك التاريخ رجعت إلى قم وانشغلت بالدرس والبحث والفرص المناسبة والمختلفة كنت أواصل أهدافي حتى جاءت حوادث 19 ديسمبر 56 وذلك بالتفصيل التالي:

 في جريدة إطلاعات 17 ديسمبر 56 طبعت مقالة جسورة على الإمام الخميني، والذي كان سماحته في ذلك الوقت في النجف الأشرف. نشر هذه المقالة أثارت غضب السادة أساتيذ وفضلاء حوزة قم وبهذه المناسبة عُقدت جلسة في منزلي وقد حضر فيها السادة: المشكيني، وحيد الخراساني. وفي تلك الجلسة أُتخذ القرار بعنوان الاعتراض على انتشار مثل هذه المقالة في الخطوة الأولى أن تعطل الحوزة وسوق قم. وبالفعل تعطلت الحوزة وسوق قم. فضلاء الحوزة والسادة أصحاب السوق كانوا يترددون إلى بيوت المراجع والأساتيذ الكبار والذي كان تقام فيها مجالس الخطابة في الاعتراض على النظام. يوم 19دي والذي كان فيه قبل الظهر قد ذهب  السادة إلى بيت بعض الأساتيذ، قرروا أن يجتمعون بعد الظهر في منزلي. هذا القرار قد أُعلن في صلاة الجماعة ومن حدود ساعة بعد الظهر جاؤوا مجموعة ونصبوا عدةً من مكبرات الصوت في المنزل والزقاق الناس كانوا يأتون شيئًا فشيئًا حتى امتلأ صحن الدار وأعلى الدور(السطوح) والزقاق أصبح مملوءًا بالحضور بحيث أن الازدحام وصل إلى الشارع، في الابتداء تكلم صهري السيد سيد حسين الموسوي التبريزي، وبعده رأيت من واجبي أن أتكلم وأبين بصراحة جنايات وظلم النظام، ولهذا خطبت خطبةً جامعةً وهجوميةً على نظام الشاه.

 في هذه الخطبة كنت أرى من الواجب أن أضع الإصبع على المركز والمنبع الأساسي لهذه الجنايات؛ ولهذا جعلت المركزية هدفًا لي وفي مقايسة حركة الإمام المنجية والتي تنشأ من الإسلام والقرآن وسيرة أهل بيت العصمة مع رد الفعل الذي يصدر من الاستكبار العالمي وعملائه.

 شحن الحاضرون بالطاقة عند سماعهم هذه الخطبة الجامعة والمنطقية والمؤثرة ومع هتافات مهيجة خرجوا من المنزل. وقد رأيت من اللازم أن أتحرك مع الناس. خرجت معهم وعندما خرجنا من الزقاق ووصلنا الشارع حتى كانت مقدمة المسيرة وصلت إلى تقاطع الأربع طرق مقابل مركز الشرطة. في هذا المكان عمال النظام بدءوا بإطلاق النار على المتظاهرين ومع البنادق والرشاشات هجموا على الناس العزل الذين لم يحملوا معهم أي وسيلة للدفاع عن أنفسهم فكانت النتيجة أن استشهدت مجموعة وجرحت أخرى وسَلِمَتْ أخرى.هذه الحادثة كانت سببًا لقيام وحركة الشعب في مدن مختلفة في إيران. وبمناسبة تعظيم شهداء هذا اليوم ابتدأت النهضة في تبريز ومدن أخرى حتى شملت جميع مدن إيران.

 وبهذه المناسبة سُمّي زقاقنا (زقاق النهضة). وعندما تشرف الإمام (رحمه الله) بزيارة قم شرفنا بزيارته لنا، وقيل له إن الثورة الإسلامية قد بدأت من هذا البيت.

 وبعد حادثة الخطابة في 19 ديسمبر كنت منتظرًا أن يأتي الساواك ويعتقلني؛ وبهذه المناسبة كان لدي عمل في طهران فذهبت من أجله فعند سفري كان الساواك قد دخلوا بيتي ليلاً وقد فتشوا كل مكان. فعندما رجعت وأخبروني بالحادث جهزت نفسي أكثر وبعد الوداع والتهيئة اتصلت بالساواك وقلت: إذا تريدوني أنا رجعت من طهران وبعد نصف ساعة تقريبًا جاءوا وأخذوني إلى مركز شرطة قم. ومن هناك أبعدوني إلى خلخال.

 إبعادي إلى خلخال دام عدة شهور. في هذه المدة كانوا يقسون عليَّ. كل يوم كان يلزمني الذهاب إلى مركز الشرطة وكان عليَّ أن أوقع دفترًا هناك. كانوا يراقبون منزلنا بشدة وحتى التردد العادي كان تحت المراقبة.

 كما صعّبوا علينا شراء الحاجات من المحلات وقد أوصوهم بعدم البيع لنا.

 ففي صباح يوم من الأيام الذي كنت ذاهبًا للتوقيع في الدفتر؛ قيل لي لا ترجع إلى المنزل لأنهم كانوا يريدون انتقالي إلى سقز. وكلما أصررت عليهم أن يمهلوني أن اذهب إلى البيت واخبرهم. لم يقبلوا.نقلوني بصحبة عدة من رجال الأمن إلى سقز.

 في سقز كان هناك عدة من السادة المبعدين.

 زمن الإبعاد كان يمر علينا بصعوبة.عندما جاءت حكومة شريف إمامي من اجل حصول الوجاهة – مثلا – كان يطلق سراح السجناء السياسيين. ويرجع المبعدين. ففي هذا الوقت أيضا أطلق سراحي.عندما أطلق سراحي من آخر مكان للتبعيد يعني سقز في كردستان كان الإمام الخميني رضوان الله عليه « في ?اريس » نوفل لوشاتو» بعد البقاء في قم عدة أيام سافرت إلى ?اريس، في نوفل لوشاتو تشرفت بزيارة الإمام رضوان الله عليه وكنت اشترك في الجلسات التي كان يعقدها الأستاذ الكبير وصاحب لواء النهضة الإسلامية وكما كانت لي معه عدة لقاءات خصوصية.

 وعند السفر إلى إيران وأعطاني ورقة مكتوبة بخطه المبارك وفيها أمور حول الحكومة الإسلامية بعد سقوط النظام لكي اجعله مورد البحث مع السادة الدكتور بهشتي والأستاذ مطهري واكتب التقرير إلى نوفل لوشاتو والذي أجبت أوامره.            

 السعي من اجل إعلان مرجعية الإمام الخميني (رحمه الله):

 من جملة الحوادث التي حصلت في ذلك الوقت، وفاة آية الله العظمى الحكيم (ره) نحن من جهة الخصوصيات العلمية والخصائص الواضحة والمعروفة التي كنا نعرفها عند الإمام، قررنا أن نعمل على تعريف هذه الخصوصيات بصورة أحسن وأكمل للذين هم خارج الحوزات العلمية. ولهذا قررنا أن نصدر منشور ليرجع الناس فيها بعد المرحوم السيد الحكيم إلى الإمام.

 اثنا عشر من مدرسين الحوزة العلمية في قم، والذي كنت أحدهم وقعنا على تأييد مرجعية الإمام بعد السيد الحكيم ووزعنا المنشور. علماء بقية المدن استقبلوا هذا المنشور استقبالاً حسنًا وفي بعض المناطق قرءوا هذا المنشور على المنابر والذي قد أثر ذلك.

 بعد نشر هذا المنشور، كنت انتظر أن يأتي علي الساواك؛ لأنّي كنت أعلم أن صدور مثل هذا المنشور لا يمرُّ من دون عقاب. وكان الأمر كذلك، في يوم من الأيام ظهرًا دخلوا رجال الساواك إلى منزلي، ونحن في هذه الحوادث عملنا بواجبنا

 الأسفار العلمية – الثقافية:

آية الله العظمى نوري الهمداني بالأخذ بالأوامر القرآنية بناءً على (سيروا في الأرض) كانت له أسفارًا كثيرةً إلى أقصى نقاط العالم وفي هذه الأسفار في ضمن إجراء المباحث العلمية ومع الالتقاء مع الأفكار والثقافات المختلفة كان يزيد على تجاربه.

 يدلي سماحته حول أسفاره خارج إيران ويقول:

كنت في سنة 58و59 ممثلاً للإمام في اورو?ا وكنت أتردد إلى تلك الديار.خلال تلك السنتين عندما كنت في قم كنت منشغلاً بالتدريس ولكن في العطلة كنت أسافر إلى ارو?ا مثل: بريطانيا، فرنسا، ألمانيا، ايطاليا، السويد، بلجيكيا، هولندا، الدانمرك، سويسرا، النرويج، فنلندا، أسبانيا، اليونان، وتركيا، وفي خلال اللقاءات وتشكيل المجالس كنت أشرح للناس الحقائق الإسلامية وعظمة الثورة الإسلامية وبتوفيق من الله تعالى كنت أجيب على الأسئلة العلمية والدينية، وكانت لي أسفار إلى باكستان وسفرة إلى تايلاند، بن?لادش، والهند وفي هذه الأسفار إضافة على المعاشرة مع الفرق المختلفة وتبيان العلوم والمبادئ الإسلامية كنت أؤكّد على مزايا الثورة الإسلامية وتعرية الاستكبار العالمي.

Powered by Vivvo CMS v4.7