صدر حديثا عن مركز الامام الصادق عليه السلام كتاب( الفتنة) دراسة موضوعية في نهج البلاغة
تمهيد
في أجواء الحرب الناعمة والأساليب المتعدّدة والمتنوّعة الّتي يستخدمها أعداء الاسلام، لبثّ الفرقة والشحناء بين المسلمين، وإشعال الفتن في شتّى المجالات بينهم، كي يتسنّى لهم الاصطياد في الماء العكر، وحياكة المؤامرات، ووضع الخطط للسيطرة على مقدّراتهم، واستهداف المباني القيمية والأخلاقية في المجتمع المسلم، وتغيير النظام السلوكي العام بنماذج جديدة تتعارض من تعاليم الدين الإسلامي الحنيف، كالخلاعة، والمثلية، والالحاد بداعي التحرّر من القيود المصطنعة
وفي أجواء ما تمرُّ به المنطقة من غطرسة وتكبّر من قوى الشر، وفساد وإفساد من قبل الحكَّام والمتنفذين في مقدَّرات الشعوب، والصحوة الشعبية للمطالبة بالحقوق وضمان الحياة الكريمة للناس والخلاص من الفساد وسرقة أموال الشعوب
وفي أجواء الفِتَن المتعدّدة الّتي يعيشها عالمنا المعاصر، والوعي الّذي بدأ يتألّق لدى عامّة الناس جرّاء اتّباع الحكمة والعقل، والرجوع الى المرجعية الدينية المباركة، وانقيادهم الى القيادة الربانية.
أردنا استنطاق كلمات أمير المؤمنين (عليه السلام) في نهج البلاغة، لبيان مجريات الفتن، وإظهار حقيقتها وأهلها، وكيفية التعاطي معها، وهو بحث بمكان من الأهمية لضرورته وصيرورته محلاً للابتلاء في عصرنا الحاضر، ولعلَّ هذا من أهم واجبات أهل العلم والمعرفة، فقد ورد عنَ رَسُولُ اللَّهِ (صلى الله عليه واله): (إِذَا ظَهَرَتِ الْبِدَعُ فِي أُمَّتِي فَلْيُظْهِرِ الْعَالِمُ عِلْمَهُ، فَمَنْ لَمْ يَفْعَلْ فَعَلَيْهِ لَعْنَةُ اللَّهِ) ، ولا شك ان الفتن اذا عمَّت في المجتمع فتحت باباً واسعاً للبدع، فتنخر جسد المجتمع المسلم.
ونحن نعلم أنَّ البحث في مفردة (الفتنة) بحثٌ متشعّب وله مداخل كثيرة، فيحتاج الى احاطة تامة وشمول، وهذا لا يتناسب مع طبيعة هذه الأبحاث التي نلقيها بشكل دروس موضوعية بالاستفادة من درر وكلمات أمير المؤمنين (عليه السلام) في نهج البلاغة.
لذا سنختصر في تسليط الضوء على هذه المفردة من جهة ما تناولته تلك الكلمات النورانية في النهج الشريف، فقد كان زمن إمامة أمير المؤمنين (عليه السلام) مليئاً بالفتن؛ وقد واجهها (عليه السلام) بالتبصُّر والحكمة والوعي والتدبير، لذا احتجنا الى أن نستلهم من هذه المواقف دروساً لحاضرنا ومستقبلنا، لنقف بوجه الفتن المتنوّعة التي أحاطت بالمجتمعات المسلمة، والله المستعان، وعليه التكلان.
ميثم الفريجي
النجف الأشرف
ليلة 19 رمضان 1441هج