صدر حديثاً عن مركز الامام الصادق (عليه السلام) كتاب: الشاهد الحديثي في روايات اهل البيت (عليهم السلام) ودوره في تقويم التراث.
صدر حديثاً عن مركز الامام الصادق (عليه السلام) كتاب:
الشاهد الحديثي في روايات اهل البيت (عليهم السلام) ودوره في تقويم التراث.
للكاتبة: دنيا جميل البناء
ومما جاء في مقدمته:
إن التأسيس لقاعدة من القواعد التي تبحث في متون الروايات لتميّز الصحيح منها من السقيم والحجة من عدمها يعدّ أمراً في غاية الأهمية ، لما لذلك من دور كبير في تنقيح التراث بعد اختلاط الغث بالسمين وبعد عمليات الوضع والدس والتزوير ، حتى قال رسول الله (صلى الله عليه واله) : ( أيها الناس قد كثرت علي الكذابة فمن كذب علي متعمدا فليتبوأ مقعده من النار)، وتأتي أهمية هذا البحث بعد ابتلاء الكثير من الروايات بالضعف المنهجي بحسب التقسيم الرباعي للحديث ، فابتليت الرواية بالضعف بسبب ضعف السند من إرسال أو جهالة أو غيرها من الأمور التي تقدح بالسند ومن ثمَّ سقوط الرواية عن الحجية مع احتمال صحتها مضموناً ، ولما كان ضعف السند لا يفيد القطع بعدم صدور الرواية عن المعصوم أو كذبها ، و إنَّ ضعف الرواية من طريق لا ينفي صحتها إذا اجتمعت معه طرق أخرى ، لذلك تمَّ استثمار الشاهد الحديثي الذي يُعنى بمتون الروايات بغض النظر عن الأسانيد ، فيتم تجميع الشواهد لهذه الرواية مما يؤدي إلى تعضيدها وتأييدها ، ومن ثَمَّ الاستفادة من كم هائل من الروايات التي كانت مبتلاة بالضعف ، ممّا له الدور الكبير في المساهمة العلمية للدفاع عن الحديث الشريف وصيانته وغربلته وفرز الصحيح من السقيم من الروايات .
وقد اشتمل البحث على أربعة فصول وتمهيد : أما التمهيد فقد اشتمل على ثلاثة أمور: الأول هو بيان مشكلة البحث والحاجة إلى الشاهد ، والثاني هو بيان مختصر للتعريفات الواردة في البحث ، فقد تم تعريف الشاهد والمتابع بصورة موجزة و التفاصيل سيتم توضيحها في الفصول اللاحقة ، إنما تم تعريف هذه المصطلحات بالتمهيد تعريفاً ابتدائياً لتتضح إجمالا للباحث ، ثم يأتي التفصيل في محله ، وقد عرّف الباحث في التمهيد المصطلحات غير الواضحة نوعا ما ، أما المصطلحات الواضحة كـ( الحديثي ) و ( التراث ) ، فلم يتعرض لتعريفها لوضوحها ، ولا حاجة إلى توضيح الواضحات ، والأمر الثالث ذكر فيه أهمية الشواهد ودورها في تقويم الروايات كتقويتها للرواية ونفي التفرد عنها والترجيح بين الروايات وتفسير بعضها ببعض ، لتتضح أهمية هذا البحث .
أما الفصل الأول فتألّف من مبحثين ، المبحث الأول تمَّ الاستدلال فيه على مشروعية الشاهد ، إذ تمَّ الاستدلال بالآيات القرآنية ، والروايات الشريفة ، فكان من هذه الروايات هي خطبة الإمام علي (عليه السلام) ، وروايات العرض المتواترة ، أما المبحث الثاني فذكر فيه إشارات العلماء الإمامية للشاهد ، إذ ورد ذكر الشاهد في تطبيقاتهم ومؤلفاتهم .
أما الفصل الثاني فاشتمل على بيان للمصطلحات المتعلقة بهذه القاعدة وكل ما يحيط بالشاهد من علاقات مع باقي المصطلحات ، وتم هذا في مبحثين : تتبع الباحثُ في مبحثه الأول أقوال علماء الجمهور في تعريفهم للشاهد وما يتعلق به من متابع واعتبار ، والمبحث الثاني اشتمل على تحديد مصطلح الشاهد عند الإمامية ، وعلاقته بالمتابع والاعتبار .
إلى هنا تم َّ التأصيل النظري للشاهد ، وكان لابد من التطبيق العملي لتتضح بصورة جلية ، فكان الفصلان الثالث والرابع للتطبيق ، فالفصل الثالث تم فيه تقسيم التطبيقات على أربعة مباحث تبعاً لنوع الشاهد ، إذ إن الشاهد قد يكون مطابقاً بلفظه للحديث فهذا هو الشاهد اللفظي في المبحث الأول ، وقد يكون مشابها بمعناه للحديث فهذا هو الشاهد المعنوي في المبحث الثاني ـــ أي إن التقسيم إلى لفظي ومعنوي وفق ألفاظ الحديث من حيث المطابقة وعدمها ـــ ثم قد يؤدي الشاهد إلى الاعتبار فهو الشاهد الايجابي في المبحث الثالث ، أما المبحث الرابع فهو الشاهد السلبي الذي لا يؤدي إلى الاعتبار ـــ أي إن التقسيم إلى سلبي وايجابي هو وفق مؤدى الحديث فهل يؤدي إلى الاعتبار أو لا يؤدي إلى ذلك ، مع لَحظ أن هذا التطبيق هو لبيان أنواع الشاهد ، فليس التطبيق هنا بصدد تقوية الروايات الضعيفة بروايات صحيحة لتحصل التقوية ، إنما التطبيق هنا بصدد بيان أنواع الشاهد وقد تم عرض أربعة أنواع له .
أما الفصل الرابع فكان التقسيم تبعا لدلالات الشاهد ، فدلالة الروايات قد تكون عامة وقد تكون خاصة أو مطلقة أو مقيدة ، فالشاهد لا بد أن يكون من سنخ الدلالة نفسها ، فيظهر هنا دور الشاهد في التقوية ، فيشهد الشاهد الصحيح للحديث الضعيف ذي الدلالة نفسها ، فيُصحح الضعيف تبعا لصحة الشاهد ، فاشتمل على أربعة مباحث ، المبحث الأول الشاهد العام والشاهد الخاص ، والمبحث الثاني ذُكر فيه الشاهد المطلق والشاهد المقيد ، أما المبحث الثالث فكان الكلام فيه عن الشاهد المجمل والشاهد المبين ، و جاء في المبحث الرابع من هذا الفصل الكلام حول المتشابه و المحكم ، مع التطبيقات التي يتضح منها دور الشواهد في التقوية والارتقاء بالروايات من الضعف إلى الصحة والاعتبار .