الجنّة في القرآن الكريم

بواسطة |   |   عدد القراءات : 1884
حجم الخط: Decrease font Enlarge font
الجنّة في القرآن الكريم

الجنّة في القرآن الكريم

 

________________________________________

 

يقول الله عزّ وجلّ: ﴿ وَبَشِّرِ الَّذِين آمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ كُلَّمَا رُزِقُواْ مِنْهَا مِن ثَمَرَةٍ رِّزْقاً قَالُواْ هَذَا الَّذِي رُزِقْنَا مِن قَبْلُ وَأُتُواْ بِهِ مُتَشَابِهاً وَلَهُمْ فِيهَا أَزْوَاجٌ مُّطَهَّرَةٌ وَهُمْ فِيهَا خَالِدُونَ ﴾ 

إعلم أنّ الإيمان والعمل الصّالح بكامل معانيه يكمل أحدهما الآخر، والله سبحانه في هذه الآية بشّر الّذين آمنوا وعملوا الصّالحات بأنّ لهم جنّات تجري من تحتها الأنهار. ولهم فيها أزواج ورزق وهم فيها خالدون هذه الجنّات الّتي هي مثوى الموحّدين والمحسنين وهي مكان راقٍ جدًّا إلى درجة أنّنا لا يمكننا إدراك حقيقتها في الجنّة - أعلى وأسمى من هذه المفاهيم - إنّ هناك نعمًا في الجنّة لم ترها عَيْن ولا سمعت بها أذن ولا خطر على قلب بشر.

إنّ الجنّة الّتي ورد ذكرها في القرآن الكريم والأحاديث تعني البستان الزّاخر بالأشجار، وقد وصفت بأنّها بستان أو بساتين مليئة بالأشجار الخضراء الجميلة الّتي تجري من تحتها الأنهار ذات المياه العذبة الباردة تتدلّى منها الفواكه المختلفة المتنوّعة الجميلة من أغصانها.

إنّ فواكه الجنّة لذيذة وجذّابة جدًّا وهي في متناول المؤمنين هناك كلّما اشتهى المؤمن شيئًا منها تدنو إليه الأغصان وتضع ثمارها بين يدَيْه بمنتهى الخضوع ليأكل منها ما يشتهي ويخلق الله تعالى مكانها مثلها.

وفي الجنّة هناك أنواع المشروبات الّلذيذة وبوفرة كبيرة، وفيها أنهار جارية من اللّبن والعسل المصفّى والماء العذب الهنيء ولا يطرأ على فواكه الجنّة ومشروباتها فساد ولا تتغيّر ولا تتعفّن ولا تنتن.

المؤمنون يتّكئون على كراسي وأرائك مريحة وهم يلبسون أفضل وأجمل الألبسة ويحادثون الأنبياء والشّهداء وعباد الله سبحانه الصّالحين ويعيشون مع أزواج جميلة وحنونة لطيفة المعشر ويتمتّعون بنعمة الأنس والمودّة وأنواع الملذّات يقوم بخدمتهم باستمرار غلمانٌ في منتهى الجمال والأدب وبأنواع الوسائل الفخمة والأدوات والأواني الجميلة الجذّابة.

إنّ الجنّة مكانٌ واسعٌ جدًّا سعة السّماوات والأرض بل أوسع، الجنّة مكان أمن واستقرار وراحة ولذّة، ولا مكان في الجنّة للشّيخوخة ولا للضّعف والمرض والموت والأذى والانزعاج.

الجنّة مكان دائم وخالدٌ للمؤمنين ليعيشوا إلى الأبد، فمفهوم الجنّة بالإضافة إلى ما ذكر: هي دار النّعيم في الدّار الآخرة وهو المكان الّذي أعدّه الله سبحانه للموحّدين والمحسنين ولدينا آيات كثيرة حول تعريف الجنّة ووصفها نشير إلى بعضها.

 

 

عَرْضُ الجنّة

 

 

يقول الله سبحانه وتعالى: ﴿ وَسَارِعُواْ إِلَى مَغْفِرَةٍ مِّنْ رَّبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ ﴾ 

يعني بادروا إلى الأعمال الّتي توجب نَيْل المغفرة كاجتناب المعاصي والتّوبة والعمل الصّالح لنَيْل جنّة عرضها كعرض السّماوات السّبع والأرضين السّبع إذا ضمّ بعضها إلى بعض وقد روي عن النّبيّ (صلّى الله عليه وآله وسلّم) أنّه سئل إذا كانت الجنّة عرضها السّماوات والأرض فأين تكون النّار؟ فقال (صلّى الله عليه وآله وسلّم): سبحان الله إذا جاء النّهار فأين الّليل؟

 

 

الجنّة في مقابل الأعمال الصّالحة

 

 

يقول الله سبحانه: ﴿ وَالَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصَّالِحَاتِ سَنُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَداً لَّهُمْ فِيهَا أَزْوَاجٌ مُّطَهَّرَةٌ وَنُدْخِلُهُمْ ظِلّاً ظَلِيلاً  ﴾ 

يعني الّذين آمنوا بكلّ ما يجب الإيمان به وعملوا الصّالحات من إقامة الصّلاة وإيتاء الزّكاة والحجّ والجهاد والأمر بالمعروف والنّهي عن المنكر وأداء الأمانة والوفاء بالعهد إلى غير ذلك إذا عملوا بإخلاص فمصيرهم الجنّة الّتي تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها أبدًا.

وقال سبحانه أيضًا في هذا المجال: ﴿ فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصَّالِحَاتِ فَهُمْ فِي رَوْضَةٍ يُحْبَرُونَ ﴾

قال ابن عبّاس: أيْ يكرمون وقيل يتلذّذون بالسّماع وروي مسندًا عن أبي أمامة الباهليّ أن رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) قال: ما من عبد يدخل الجنّة إلا ويجلس عند رأسه وعند رجلَيْه اثنتان من الحور العين تغنيانه بأحسن صوت سمعه الإنس والجنّ وليس بمزمار الشّيطان ولكن بتمجيد الله وتقديسه.

 

 

الجنّة الّتي وُعد بها المتّقون

 

 

يقول الله سبحانه: ﴿ مَّثَلُ الْجَنَّةِ الَّتِي وُعِدَ الْمُتَّقُونَ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ أُكُلُهَا دَائِمٌ وَظِلُّهَا تِلْكَ عُقْبَى الَّذِينَ اتَّقَواْ وَّعُقْبَى الْكَافِرِينَ النَّارُ ﴾ 

وقال سبحانه أيضًا: ﴿ إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ (45) ادْخُلُوهَا بِسَلَامٍ آمِنِينَ (46) وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِم مِّنْ غِلٍّ إِخْوَاناً عَلَى سُرُرٍ مُّتَقَابِلِينَ (47) لَا يَمَسُّهُمْ فِيهَا نَصَبٌ وَمَا هُم مِّنْهَا بِمُخْرَجِينَ ﴾ 

وقال سبحانه: ﴿ جَنَّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَهَا تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ لَهُمْ فِيهَا مَا يَشَاؤُونَ كَذَلِكَ يَجْزِي اللَّهُ الْمُتَّقِينَ (31) الَّذِينَ تَتَوَفَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ طَيِّبِينَ يَقُولُونَ سَلَامٌ عَلَيْكُمُ ادْخُلُواْ الْجَنَّةَ بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ ﴾ 

 

 

أفضل نِعَم الجنّة

 

 

﴿ وَعَدَ اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَمَسَاكِنَ طَيِّبَةً فِي جَنَّاتِ عَدْنٍ وَرِضْوَانٌ مِّنَ اللَّهِ أَكْبَرُ ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ ﴾ 

يعني رضا الله تعالى عنهم أكبر من ذلك الأجر والثّواب فقد روي عن النّبيّ (صلّى الله عليه وآله وسلّم) أنّه قال: عدن دار الله الّتي لم ترها عَيْن ولم تخطر على قلب بشر لا يسكنها غير ثلاثة النّبيّين والصّدّيقين والشّهداء، يقول الله عزّ وجلّ طوبى لمن دخلك، مع ذلك رضوان الله ذاك اليوم أكبر وأفضل وقال سبحانه عن جنّات عدن: ﴿ أُوْلَئِكَ لَهُمْ جَنَّاتُ عَدْنٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهِمُ الْأَنْهَارُ يُحَلَّوْنَ فِيهَا مِنْ أَسَاوِرَ مِن ذَهَبٍ وَيَلْبَسُونَ ثِيَاباً خُضْراً مِّن سُندُسٍ وَإِسْتَبْرَقٍ مُّتَّكِئِينَ فِيهَا عَلَى الْأَرَائِكِ نِعْمَ الثَّوَابُ وَحَسُنَتْ مُرْتَفَقاً ﴾ 

وقال سبحانه أيضًا: ﴿ جَنَّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَهَا يُحَلَّوْنَ فِيهَا مِنْ أَسَاوِرَ مِن ذَهَبٍ وَلُؤْلُؤاً وَلِبَاسُهُمْ فِيهَا حَرِيرٌ (33) وَقَالُواْ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَذْهَبَ عَنَّا الْحَزَنَ إِنَّ رَبَّنَا لَغَفُورٌ شَكُورٌ (34) الَّذِي أَحَلَّنَا دَارَ الْمُقَامَةِ مِن فَضْلِهِ لَا يَمَسُّنَا فِيهَا نَصَبٌ وَلَا يَمَسُّنَا فِيهَا لُغُوبٌ ﴾ 

 

 

في الجنّة ما تشتهيه الأنفس وتلذّ الأعين

 

 

يقول الله سبحانه: ﴿ الَّذِينَ آمَنُواْ بِآيَاتِنَا وَكَانُواْ مُسْلِمِينَ (69) ادْخُلُواْ الْجَنَّةَ أَنتُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ تُحْبَرُونَ (70) يُطَافُ عَلَيْهِم بِصِحَافٍ مِّن ذَهَبٍ وَأَكْوَابٍ وَفِيهَا مَا تَشْتَهِيهِ الْأَنفُسُ وَتَلَذُّ الْأَعْيُنُ وَأَنتُمْ فِيهَا خَالِدُونَ (71) وَتِلْكَ الْجَنَّةُ الَّتِي أُورِثْتُمُوهَا بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ ﴾ 

خصّص الله سبحانه نوعًا من الشّراب في الجنّة لأوليائه المقرّبين ولذّة للشّاربين:

يقول الله سبحانه: ﴿ إِنَّ الْأَبْرَارَ يَشْرَبُونَ مِن كَأْسٍ كَانَ مِزَاجُهَا كَافُوراً (5) عَيْناً يَشْرَبُ بِهَا عِبَادُ اللَّهِ يُفَجِّرُونَهَا تَفْجِيراً ﴾ 

ويقول سبحانه: ﴿إِنَّ الْأَبْرَارَ لَفِي نَعِيمٍ ﴾ ﴿ يُسْقَوْنَ مِن رَّحِيقٍ مَّخْتُومٍ *﴾ ﴿ عَيْناً يَشْرَبُ بِهَا الْمُقَرَّبُونَ ﴾ 

وقال عزّ وجلّ: ﴿ أُوْلَئِكَ لَهُمْ رِزْقٌ مَّعْلُومٌ (41) فَوَاكِهُ وَهُم مُّكْرَمُونَ (42) فِي جَنَّاتِ النَّعِيمِ (43) عَلَى سُرُرٍ مُّتَقَابِلِينَ (44) يُطَافُ عَلَيْهِم بِكَأْسٍ مِّن مَّعِينٍ (45) بَيْضَاءَ لَذَّةٍ لِّلشَّارِبِينَ (46) لَا فِيهَا غَوْلٌ وَلَا هُمْ عَنْهَا يُنزَفُونَ (47) وَعِندَهُمْ قَاصِرَاتُ الطَّرْفِ عِينٌ (48) كَأَنَّهُنَّ بَيْضٌ مَّكْنُونٌ ﴾ 

ويقول تبارك وتعالى: ﴿ مَثَلُ الْجَنَّةِ الَّتِي وُعِدَ الْمُتَّقُونَ فِيهَا أَنْهَارٌ مِّن مَّاءٍ غَيْرِ آسِنٍ وَأَنْهَارٌ مِّن لَّبَنٍ لَّمْ يَتَغَيَّرْ طَعْمُهُ وَأَنْهَارٌ مِّنْ خَمْرٍ لَّذَّةٍ لِّلشَّارِبِينَ وَأَنْهَارٌ مِّنْ عَسَلٍ مُّصَفّىً وَلَهُمْ فِيهَا مِن كُلِّ الثَّمَرَاتِ وَمَغْفِرَةٌ مِّن رَّبِّهِمْ كَمَنْ هُوَ خَالِدٌ فِي النَّارِ وَسُقُواْ مَاءً حَمِيماً فَقَطَّعَ أَمْعَاءَهُمْ ﴾ 

 

 

قصور في الجنّة

 

 

يقول سبحانه: ﴿ لَكِنِ الَّذِينَ اتَّقَوْاْ رَبَّهُمْ لَهُمْ غُرَفٌ مِّن فَوْقِهَا غُرَفٌ مَّبْنِيَّةٌ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ وَعْدَ اللَّهِ لَا يُخْلِفُ اللَّهُ الْمِيعَادَ ﴾ 

 

 

درجات الجنّة

 

 

ليس جميع أهل الجنّة في درجة واحدة، بل تختلف وتتفاضل درجاتهم بتفاوت علمهم ومعرفتهم وأخلاقهم وعملهم.

يقول الله عزّ وجلّ: ﴿ وَمَن يَأْتِهِ مُؤْمِناً قَدْ عَمِلَ الصَّالِحَاتِ فَأُوْلَئِكَ لَهُمُ الدَّرَجَاتُ الْعُلَى ﴾ وقال سبحانه أيضًا: ﴿ فِي جَنَّةٍ عَالِيَةٍ (10) لَّا تَسْمَعُ فِيهَا لَاغِيَةً (11) فِيهَا عَيْنٌ جَارِيَةٌ (12) فِيهَا سُرُرٌ مَّرْفُوعَةٌ (13) وَأَكْوَابٌ مَّوْضُوعَةٌ (14) وَنَمَارِقُ مَصْفُوفَةٌ (15) وَزَرَابِيُّ مَبْثُوثَةٌ ﴾ 

عن رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم): الجنّة مئة درجة، ما بين كلّ درجة منها كما بين السّماء والأرض والفردوس أعلاها سموًّا وأوسطها محلّة، ومنها تتفجّر أنهار الجنّة، فقام إليه رجل فقال: يا رسول الله إنّي رجل حُبّب إليّ الصّوت فهل لي في الجنّة صوتٌ حسن؟ فقال (صلّى الله عليه وآله وسلّم): إي والّذي نفسي بيده، إنّ الله يوحي إلى شجرة في الجنّة: « أن أَسْمعي عبادي الّذين اشتغلوا بعبادتي وذكري عن عزف البرابط والمزامير فترفع صوتًا لم يسمعِ الخلائق بمثله قطّ من تسبيح الرّبّ » 

 

 

أبواب الجنّة

 

 

يقول الله سبحانه: ﴿ جَنَّاتِ عَدْنٍ مُّفَتَّحَةً لَّهُمُ الأَبْوَابُ ﴾ 

يعني يجدون أبوابها مفتوحة حين يردّونها ولا يحتاجون إلى الوقوف عند أبوابها حتّى تفتح.

 

 

من تحرّم عليه الجنّة

 

 

يقول الله عزّ وجلّ: ﴿ مَن يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ ﴾ 

 

 

الجنّة محفوفة بالمكاره

 

 

يقول الله سبحانه: ﴿ أَمْ حَسِبْتُمْ أَن تَدْخُلُواْ الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَعْلَمِ اللَّهُ الَّذِينَ جَاهَدُواْ مِنكُمْ وَيَعْلَمَ الصَّابِرِينَ ﴾ 

 

 

أوصاف نِعَم الجنّة

 

 

يقول الله سبحانه: ﴿ وَجَزَاهُم بِمَا صَبَرُواْ جَنَّةً وَحَرِيراً (12) مُّتَّكِئِينَ فِيهَا عَلَى الْأَرَائِكِ لَا يَرَوْنَ فِيهَا شَمْساً وَلَا زَمْهَرِيراً (13) وَدَانِيَةً عَلَيْهِمْ ظِلَالُهَا وَذُلِّلَتْ قُطُوفُهَا تَذْلِيلاً (14) وَيُطَافُ عَلَيْهِم بِآنِيَةٍ مِّن فِضَّةٍ وَأَكْوَابٍ كَانَتْ قَوَارِيرَاْ (15) قَوَارِيرَ مِن فِضَّةٍ قَدَّرُوهَا تَقْدِيراً (16) وَيُسْقَوْنَ فِيهَا كَأْساً كَانَ مِزَاجُهَا زَنجَبِيلاً (17) عَيْناً فِيهَا تُسَمَّى سَلْسَبِيلاً (18) وَيَطُوفُ عَلَيْهِمْ وِلْدَانٌ مُّخَلَّدُونَ إِذَا رَأَيْتَهُمْ حَسِبْتَهُمْ لُؤْلُؤاً مَّنثُوراً (19) وَإِذَا رَأَيْتَ ثَمَّ رَأَيْتَ نَعِيماً وَمُلْكاً كَبِيراً (20) عَالِيَهُمْ ثِيَابُ سُندُسٍ خُضْرٌ وَإِسْتَبْرَقٌ وَحُلُّواْ أَسَاوِرَ مِن فِضَّةٍ وَسَقَاهُمْ رَبُّهُمْ شَرَاباً طَهُوراً ﴾

وهناك آيات كثيرة في وصف الجنّة وأهلها اكتفينا بهذا المقدار وبكلمة مختصرة: يوجد للمؤمن في الجنّة كلّ ما يحبّ ويشتهي ﴿ وَفِيهَا مَا تَشْتَهِيهِ الْأَنْفُسُ وَتَلَذُّ الأَعْيُنُ ﴾ بل إنّ هناك نعمًا لم تخطر ببال أحد أصلاً ﴿فَلاَ تَعْلَمُ نَفْسٌ مَّا أُخْفِيَ لَهُم مِّنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ ﴾.

إنّها الجنة دار البقاء ودار السّلامة لا موت فيها ولا هرم ولا سقم ولا مرض ولا آفة ولا زمانة ولا غمّ ولا همّ، ولا حاجة ولا فقر وأنّها دار الغناء والسّعادة ودار المقامة والكرامة، لا يمسّ أهلها نصب ولا لغوب، لهم فيها ما تشتهي الأنفس وتلذّ الأعين، كما أشرنا وهم فيها خالدون، وإنّها دار أهلها جيران الله وأولياؤه وأحبّاؤه وأهل كرامته وهم من أنواع على مراتب، منهم المتنعّمون بتقديس الله وتسبيحه وتكبيره في جملة من ملائكته ومنهم المتنعّمون بأنواع المآكل والمشارب والفواكه والأرائك والحور العين واستخدام الولدان المخلّدين والجلوس على النّمارق والزّرابيّ ولباس السّندس والحرير وكلّ منهم إنّما يتلذّذ بما يشتهي ويريد، حسب ما تعلّقت عليه همّته ويُعطى ما عبد الله من أجله.

 

 

غرف الجنّة

 

قال: جابر بن عبد الله (رض) قال لنا رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم): « ألا أحدّثكم بغرف الجنّة؟ قال: قلت: بلى يا رسول الله بأبينا أنت وأمّنا، قال: إنّ في الجنّة غرفًا من أصناف الجوهر كلّه، يرى ظاهرها من باطنها وباطنها من ظاهرها وفيها من النّعم واللّذات والسّرور ما لا عَيْن رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر قال: قلت: يا رسول الله لمن هذه الغرف؟ قال: لمن أفشى السّلام وأطعم الطّعام وأدام الصّيام وصلّى بالّليل والنّاس نيام، قال: قلنا: يا رسول الله ومن يطيق ذلك، قال: أمّتي تطيق ذلك وسأخبرك عن ذلك من لقي أخاه فسلّم عليه أو ردّ عليه أفشى السّلام ومن أطعم أهله وعياله من الطّعام حتّى يشبعهم فقد أطعم الطّعام ومن صام شهر رمضان ومن كلّ شهر ثلاثة أيّام فقد أدام الصّيام، ومن صلّى العشاء الآخرة وصلّى الغداة في جماعة فقد صلّى باللّيل والنّاس نيام ـ يعني اليهود والنّصارى والمجوس » 

 

Powered by Vivvo CMS v4.7