سيصدر قريباً عن مركز الامام الصادق (عليه السلام) كتاب: وصف القران في القران (دراسة نحوية دلالية) لمؤلفه: ا. د. هاشم الزرفي
تتناول هذه الدراسة الآيات البينات التي يربطها موضوع واحد على الرغم من تنوع أساليبها ، وهي الآيات التي تصف القرآن الكريم ، وقد اقتضى منهج البحث أن تكون دراستها دراسة نحوية دلالية تنسجم مع روح الآيات الكريمة واتساقها في التعبير ؛ ذلك لأنَّ الآيات الواصفة للقرآن لم يسبق لها أن أفردت دراسة نحويَّة في رسالة جامعية على هذا النحو على الرغم من تعدد الدراسات حول أسماء القرآن الكريم أو صفاته ، زيادة على ما تناوله المفسرون في مقدماتهم لتلك الأسماء والصفات ، فجل تلك الدراسات لا تعدو أن تكون دراسة إحصائية لأسماء القرآن أو صفاته وتبيان معانيها ، فهي على هذه الشاكلة لا تُعنى بسياق الآيات الواصفة للقرآن الكريم جملة واحدة أو نصاً مستقلاً ، ومن هنا كانت دراستي لهذه الآيات دراسة نحوية دلالية تُعنى بالجملة إسناداً وتركيبًا ، أو قرائن دلالية ، أو ما يتمخض عنها من أساليب لغوية تؤدي وظيفتها التواصليَّة لإيصال الوصف القرآني.
وقد جاء البحث منسجماً على وفق هذا المنظور ومقسَّماً على ثلاثة فصول هي مكونات البحث مسبوقة بتمهيد عنوانه (وصف القرآن في القرآن بين المفهوم والأداء) وقد ضمَّ محورين تناول الأوَّل مفهوم الوصف بعرض مفهومه في اللغة والاصطلاح ، ، وكان المحور الثاني فقد تناول وسائل وصف القرآن الكريم وهي الوصف بالمفردات ، والوصف بالتركيب ، والوصف بالنص (المعنى).
أما الفصل الأول فقد كان منسجماً مع فاتحة الدراسة النحوية ، ألا وهي مسألة الإسناد النحوي المفضي إلى الكلام المفيد لمعناه فكان بعنوان (وصف القرآن الكريم بعناصر الإسناد النحوي) وضمّ ثلاثة مباحث كان المبحث الأول بعنوان (وصف القرآن بالمبتدأ والخبر) ، وقد بين أنماط وصف القرآن الكريم بمجيئه مبتدأ تارة وخبراً تارة أخرى ، ثم ما يتعلق بهما كدخول(إن) ، أو(لام التوكيد) عليهما ، أو الحذف الذي يعتري أحد عنصري الإسناد النحوي ، وكان المبحث الثاني بعنوان (وصف القرآن بالفعل والفاعل) ، تناول أنماط وصف القرآن بالفعل المضارع تارة ووصفه بالفاعل تارة ، وبنائب الفاعل تارة غيرهما ، وجاء المبحث الثالث بعنوان (وصف القرآن باسم الفاعل ومعموله) .
أما الفصل الثاني فقد كشف عن القرائن الدلالية في الجملة التي تصف القرآن الكريم بحركة المعاني وحيوية الجملة ، فكان بعنوان (القرائن الدلالية في الجملة الواصفة للقرآن الكريم) فجاءَ مقسّماً على ثلاثة مباحث ، كان الأول بعنوان (قرينة التخصيص بمتعلقات الجملة) ، كالتعدية في المفعول به ، والتقييد بالنعت ، والملابسة بالحال والغائية بالمفعول له ، والتوكيد بالمفعول المطلق ، والتفسير بالتمييز ، والتفصيل بالبدل .
وكان المبحث الثاني وثيق الصلة بعملية الإسناد وعلاقتها ، وكان بعنوان (قرينة المطابقة بين عناصر الجملة) ، وقد بين البحث مدى تأثير هذه القرائن المعنوية في عملية التماسك الأسلوبي وما تعمله من رصِّ أجزاء التركيب بعضها مع بعض بالمطابقة بين الفعل والفاعل ، والمبتدأ والخبر ونمطيهما : النوعي والعددي ، وكذلك المطابقة في التوابع كالمطابقة بين النعت والمنعوت ، والبدل والمبدل منه .
وجاء المبحث الثالث بعنوان (قرينة الربط بين أجزاء الجملة) تناول الربط بالضمير ، كالضمير العائد في النعت الجملة والضمير العائد في الحال الجملة وكذلك الخبر الجملة ، والربط بالاسم الموصول كالربط بالاسم الموصول (ما) و (الذي) ، والربط بوساطة الحروف ، كحروف الجر (الباء) ، و(على) ، و(إلى) ، و(من) ، و(عن) ، و(في) ، والربط بحروف العطف ، الـ(واو) ، و(ثم) ، والربط بتوارد الصفات وازدواجها وإسقاط العاطف في التركيب .
وكان الفصل الثالث وثيق الصّلة بالجملة باعتمادها على وجود الأداة اللغوية أو اعتمادها على الطاقة الشعورية التي تنبعث من الجملة بسياقها ، فكان بعنوان (وصف القرآن الكريم في سياق الأساليب) ، درست فيه التّوظيف النحوي لأساليب الجملة ، وقسمته على وفق أنماط تلك الأساليب فجاء على ثلاثة مباحث ، كان الأول بعنوان (وصف القرآن في سياق الأساليب الخبرية) ، تناول أسلوب النفي كالنفي بـ(لا) ، و(ما) ، و(لم) ، و(لما) و(غير) ، وتناول كذلك اسلوب القصر وأنماطه كالقصر بالنفي والاستثناء ، والقصر بـ(إنما) ، والقصر بالعطف ، كالقصر بـ(لكن) و(بل) ، أما المبحث الثاني فقد كان بعنوان (وصف القرآن في سياق الأساليب الإنشائية) ، وما تؤدّيه تلك الأساليب من دلالات حقيقيّة، وأُخرى مجازيّة لها ميزتها الدلالية في الخطاب ، وقد تناولت في هذا المبحث وصف القرآن الكريم بسياق أسلوب الاستفهام بأنواعه كالاستفهام بالهمزة ، والاستفهام بـ(أم) ، والاستفهام بـ(هل) ، والاستفهام بـ(ما) ، والاستفهام بـ(أي) ، والاستفهام بـ(ماذا) ، ، والاستفهام بـ(أنى) ، وكذلك وصف القرآن في سياق أسلوب الأمر بصيغة المعروفة ، كصيغة (أفعل) ، وصيغة الأمر المقترن بالفعل المضارع (ليفعل) ، وكذلك وصف القرآن في سياق أسلوب النهي ، وتناول النهي بـ(لا) الناهية ، والنهي بحرف الردع (كلا) ، ووصف القرآن في سياق أسلوب التحضيض ، وكذلك وصف القرآن في سياق أسلوب النداء ، ثم كان المبحث الثّالث حاملاً عنوان (وصف القرآن في سياق الأساليب الجامعة بين الخبر والإنشاء) وقد تناول هذا المبحث تلك الأساليب التي جمعت بين الخبر والإنشاء، وتناول وصف القرآن في سياق أسلوب الشرط كالشرط بـ(إذا) ، والشرط بـ(لو) ، والشرط بـ(لمَّا) ، والشرط بـ(إنَّ) ، وتناول كذلك الحذف الذي يكون في جملة الشرط كحذف فعل الشرط أوجوابه، وكذلك وصف القرآن في سياق أسلوب القسم وجوابه، كاستعمال القسم بـ(الواو) والقسم بالفعل (أقسم) المسبوق بـ(لا) ، ثم الحذف الذي يعتري أسلوب القسم كالحذف في جملة فعل القسم وجوابه .
وكان المنهج المتبع في هذه الفصول هو الدراسة التركيبية الدلالية للآيات.
ومما يجدر بالذكر أن بعض الآيات قد تكررت في غير موضع ؛ وذلك لثراء الآية القرآنية الواحدة واستيعابها لأن تدرس من جوانب .
ثم خلص البحث إلى خاتمة أبانت أهم النَّتائج التي توصّلت إليها .
وكانت قائمة المصادر والمراجع التي نهل منها البحث حاضنة لمظان كثيرة ومتنوّعة، منها النحوية : ككتاب سيبويه والمقتضب ، والأصول في النحو ، وشرح الرضي على الكافية ، والبلاغية : كدلائل الإعجاز ، ومفتاح العلوم ، والتلخيص في علوم البلاغة ، وكتب التفسير : كالكشاف ، والمحرر الوجيز ، وتفسير الفخر الرازي ، وتفسير أبي السعود ، وتفسير روح المعاني ، والتحرير والتنوير، وغيرها .
وحسب المرء أن يسعى فإن وفّقت فلي فضل السعي ، وإن أخطأت فهو من نفسي فللّه الكمال وحده، وله الحمد في الدّنيا والآخرة ، أسأله تعالى أن يكون جهدي هذا خالصاً لوجهه الكريم ، وذخراً لي يوم لا ينفع مالٌ ولا بنون ، إلا من أتى الله بقلب سليم ، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين وصلى الله على رسوله الكريم محمد وعلى آله الطيبين الطاهرين.