المحقق السيد مرتضى العسكري
المحقق السيد مرتضى العسكري
آية الله المحقق السيد مرتضى العسكري
اسمه:
السيد مرتضى العسكري
ولادته:
ولد في مدينة سامراء المقدسة في الثامن من جمادي الثاني عام 1332هـ.
دراسته:
في بداية حياته درس في سامراء المقدسة بحوزتها العلمية السطوح والمقدمات مدة سنتين وبعد عام 1349 هـ هاجر إلى مدينة قم المقدسة في إيران في محرم 1350هـ وبقى فيها حتى عام 1353 هـ.
درس في قم على كبار أساتذة حوزاتها العلمية ومنهم:- السيد شهاب الدين مرعشي نجفي والشيخ محمد حسن شريعة مداري والسيد روح الله الموسوي الخميني في بعض دروس العقائد والشيخ ميرزا خليل كمري في التفسير وكان هذا الأستاذ الجليل بمثابة المربي لسماحة العلامة السيد العسكري. والسيد مهدي شهيد متولي المدرسة الرضوية حيث بقى فيها سماحته سنتين انتقل بعدها إلى المدرسة الفيضية.
خطوات على طريق الاصلاح:
أدرك السيد العسكري من خلال دراسته الحوزوية واقع الحوزة وعدم استيعابها لمتطلبات التطور الاجتماعي المتنامي فكان أن شخص خطوات الإصلاح التي يجب أن تبدأ من الحوزة ذاتها فقام بمحاولة مع مجموعة من الطلبة من بينهم المرحوم السيد محمود الطالقاني لإعادة تنظيم الدراسة الحوزوية بالشكل التي يمكنها من النهوض بمسؤلياتها في أوساط الأمة.
وكان من بين فقرات المنهاج المقترح تدريسه: التفسير والحديث والعقائد الإسلامية المقارنة إلى جانب الفقه والأصول.
كما تضمن برنامج التدريس تمرين طلبة العلوم الدينية على الخطابة والتأليف والعمل الاجتماعي مع التركيز على دراسة حالة المسلمين وحاجاتهم إلى بناء الشخصية الإسلامية الرصينة وصولا إلى المجتمع الإسلامي المنشود.
إلا أن المشروع على ما فيه من جوانب ايجابيه تساهم في إعداد وتأهيل طالب الحوزة العلمية لمركز ويمكنه من أداء رسالته الإسلامية بما ينسجم ومتطلبات العصر. توقف ولم ير النور لأسباب خاصة كان ذلك زمن مرجعية آية الله العظمى الشيخ عبد الكريم الحائري مؤسس الحوزة العلمية في قم حينما رجع السيد العسكري إلى موطنه الأصلي سامراء (العراق) لمتابعة دراسته العلمية فدرس الفقه الاستدلالي في حوزتها واستمر في تحصيله العلمي حتى قيام الحرب العالمية الثانية.
رجل العلم والعمل:
توجه العلامة العسكري ومنذ أواسط العقد الثاني من عمره نحو دراسة السيرة والتاريخ والرحلات وتنوعت مطالعاته في هذه الجوانب خرج عن حدود المألوف من اهتمامات إقرانه في ذلك الوقت مما تعارفوا عليه.
فدرس تاريخ الهجمة الاستعمارية على العالم الإسلامي واستطاع بنباهته وذكائه أن يحدد غايات الغزو الفكري الذي اجتاح بلادنا على حقيقتها والذي تواصل بشكل مبطن أو مكشوف حتى بعد انتهاء السيطرة الاستعمارية المباشرة على العالم الإسلامي.
كما أدرك خطورة محاولات الخلط المتعمد بين ما هو أصيل في فكر الإسلام وما هو طارئ عليه من إفرازات الحضارة الغربية واثر تلك المحاولات المقصودة في تشويه معالم الصحوة الإسلامية الناصعة في أذهان الأجيال المتعاقبة.
فبعد دراسته لما كتب عن قضية التنباك وقراءته للعروة الوثقى وأفكار السيد جمال الدين الأفغاني أعجب بها في البداية إلا انه غير راية فيما بعد لأنه كما عبر عن ذلك (اكتشف ما فيها من خطل وخلط لان الرجل بغض النظر عن حقيقة نواياه أراد أن يصبغ الشرق بصبغة الحضارة الغربية).
وكان العسكري من أوائل المفكرين الإسلاميين في العراق الذين اكتشفوا حقيقة المناهج التربوية والتعليمية التي قررها المستشارون الأجانب في دوائر التعليم الحكومية للناشئة في بلداننا فحدد بعد دراسة معمقه التفاوت والبون الشاسع بين المناهج التي تدرس في ألمانيا وفرنسا واليابان ومثيلاتها المقررة في بلادنا الخاضعة لنفوذهم وتوصل بذلك إلى احد الأسباب الحقيقية لتخلفنا والمتمثلة بالمناهج الدراسية السائدة .. لذلك سمى مدارسنا بـ(معامل تحضير الموظفين) لأنها لا تخرج إلا الموظفين الذين يجلسون على الكراسي ويقولون نعم لأمراء الاستعمار كما تنبه سماحته حفظه الله إلى علاقة الحوزة بالجامعات الحديثة وانقطاع الصلة بين هذين القطاعين الحيويين من جسم ألامه فالحوزة منكفئة على ذاتها ولا تعني إلا بتخريج علماء للدرس والتدريس والجامعات غربية في توجهاتها وغربية عن مجتمعاتها الإسلامية.
ولذا كان لابد من انطلاقة تكسر الجمود وتزيل حالة التقوقع والخمول فتحرك العسكري من سامراء هذه المرة والحرب الثانية تنيخ بظلالها الثقيلة على العراق أرضا وشعبا. وكون حلقات للتوعية وللتدريس على شكل مدرسه أشبه ما تكون آنذاك بالكتاتيب في حين أنها لم تكن إلا عملا مدروسا خطط له السيد بعناية وأراد له أن يكون مقدمة لمشاريع أوسع وكالعادة فقد واجه العسكري شانه شان باقي المصلحين على مر العصور معارضة من ذوي الأفكار القديمة.
فشد الرحال إلى بغداد العاصمة ليستقر في الكاظمية عله يجد مجالا أرحب يستطيع من خلاله أن يعالج بالإسلام بعضا من أمراض مجتمعه.
فالتقى هناك بالمربي الفاضل الأستاذ احمد أمين صاحب كتاب التكامل في الإسلام فحصل التفاهم بينهما واتفقا على تأسيس مدرسة ابتدائية فتصدى المرحوم أحمد أمين للمشروع والعسكري يدفعه إلى العمل ويقف من وراءه فكان أن تأسست مدرسة منتدى النشر في الكاظمية التي التحقت بجمعية منتدى النشر في النجف الأشرف تسهيلا لحصولها على الإجازة الرسمية.
ورجع العلامة العسكري إلى سامراء إلى انجاز تلك المدرسة غير أن الأستاذ أحمد أمين واجهته بعض الصعوبات فاستعان بالعسكري الذي رجع ليستقر في الكاظمية ويدير بنفسه مدرسة منتدى النشر.
وبعد أن تكلل المشروع في مرحلته الأولى بالنجاح صمم السيد العسكري على البدء في تنفيذ المرحلة الثانية منه وكان قوام مادتها التعليمية تدريس العلوم الإسلامية (تخصص علوم إسلامية) إي على غرار كلية أصول الدين التي تأسست فيما بعد.
وقد واجهت عمليات التطوير عقبات هي الأخرى تمثلت في معارضة بعض المتسلطين في الكاظمية وكانت تلك الفترة مرحلة فاصله في حياة العلامة العسكري الثرية في عطاءاتها الغزيرة في إنتاجها.
فقد قفل راجعا إلى سامراء كما في المرات التي سبقت لينصرف إلى البحث والتأليف بعد أن تكاملت قدراته ووجد في نفسه الإمكانية على كتابة تاريخ الفكر الإسلامي فقسم مخطط بحثه إلى عدة أقسام تمثل مراحل نشوء وتكوين الدعوة الإسلامية المباركة والعصور الإسلامية التي تلتها انتهاء بالعصر العباسي.
وكانت العقبة الشائكة التي تقف في طريق هذا الانجاز الضخم وجود أحاديث مسلم بها عند جمهرة المسلمين إلا أنها لا تصمد عند التحقيق من صحتها أمام البحث العلمي الرصين.
كالأحاديث المروية عن أم المؤمنين عائشة والأحاديث المروية عن ابن عباس وانس بن مالك وأمثالهم.
ولعل الذي تحقق كان لا نظير له حين توصل السيد العسكري بالدليل القاطع إلى اكتشاف حقيقة أحاديث سيف وغيره التي خرج منها عبد الله بن سبا “خمسون ومائة صحابي مختلق”. فاهتزت أثرها حقائق تعارف عليها الناس منذ قرون خلت توارثها الخلف عن السلف.
وتداعت صروح شيد عليها الطبري وغيره من كبار المؤرخين وقائع وأحداث جسام ما انزل الله بها من سلطان.. وكانت أول الكتب التي طبعت لسماحته في هذا الصدد (عبد الله بن سبا) إلى جانب كتاب (كيف تعلم الدين) و (مع الدكتور الوردي) صدرت جميعها عام 1955.
ولم يترك السيد العسكري النشاط العلمي رغم تفرغه للبحث العلمي من اجل تأسيس المدارس والحوزات العلمية النموذجية.
ولم يفت في عزمه الصعاب والعقبات التي واجهها في هذا السبيل.
فزار لهذا الغرض ايران واتفق مع المرجع الديني الكبير السيد أغا حسين البروجردي على تشكيل (حوزة علميه خاصة) في قم يكون المسؤل عنها السيد العسكري.
لكن زحمة الأحداث التي تلاحقت على المسرح السياسي في إيران وتفجر الصراع بين الكاشاني وجماعته ومصدق والحوزة العلمية في قم دفعت العسكري بالرجوع إلى العراق ليستقر في الكاظمية ويشرع بتأسيس حوزة علميه فيها ولم يوفق بسبب المعارضة من قبل بعض الأطراف. فانصرف إلى مشروع آخر وهو (مدرسة الإمام الكاظم “ع”) التي استمرت إلى ما بعد قيام ثورة 14 تموز 1958.
المؤسسات الاسلاميه:
ونتيجة لاتساع نشاط الأحزاب العلمانية كالشيوعيين وتصاعد حملة التبشير المنظمة الممثلة بالمدارس التبشيرية كمؤسسة راهبات الكلدان وراهبات مريم العذراء التي كانت تبعث بسياراتها لتنقل الطلبة من باب صحن الإمام الكاظم (ع).
شمر السيد مرتضى العسكري عن ساعد الجد ونزل مع إخوانه من جماعة العلماء في النجف وبغداد وبرعاية مباشرة من المرجعية الدينية المتمثلة بالإمام الراحل السيد محسن الحكيم (قدس سره) لخوض معترك الصراع السياسي والفكري المحتدم.
وتميز نشاطه في هذه المرحلة بالانصراف للعمل السياسي والحركي بالإضافة إلى مهامه الدينية.
وفي إطار هذا التحرك ذهب السيد العسكري إلى منطقة البياع أولا كوكيل للمرجعية الدينية ثم انتقل منها إلى الكرادة الشرقية التي أراد لها العلامة العسكري وإخوانه المجاهدون أن تكون قاعدة الانطلاق والتغيير لبغداد كلها.
إن بداية التحرك الإسلامي كانت من داخل التحسينات فكانت مواكب الطلبة التي خرج في مقدمتها المرحوم الدكتور داود العطار ليقودها من مدرسة الإمام الكاظم (ع) إلى الصحن الشريف ثم لتتسع بعد ذلك لتصل إلى ما وصلت إليه في السنوات اللاحقة.
وللحقيقة وللتاريخ فان العلامة العسكري قد حمل على عاتقه ثقل المسؤولية الأساسي في التحرك الإسلامي الذي اتسع ليشمل كل زاوية من ارض العراق ارض المقدسات وموطن الأنبياء والأئمة عليهم أفضل الصلاة والسلام.
وكانت نظرية العسكري في التحرك قائمة على أساس أن يكون العمل الإسلامي قائما ضمن مؤسسات وليس على أساس فردي لضمان ديمومته واستمراره ولصيانته من المؤثرات الشخصية فكانت جمعية الصندوق الخيري الإسلامي التي أسسها السيد هبة الدين الشهرستاني وكان أول رئيس لها وبعده كان رئيسها السيد مرتضى العسكري ومن الجدير بالذكر أن السيد العسكري سبق له أن أسس في وقت سابق جمعية التربية الإسلامية التي تركها لاختلاف أعضاء هيئتها الإدارية فيما بينهم.
تولت (جمعية الصندوق الخيري) فتح مستوصف الرعاية الإسلامية في الكرادة الشرقية ومستوصف الرعاية الإسلامية في الكاظمية وكان على وشك الشروع ببناء مستشفى كبير يسمى مستشفى الإمام الحسين عليه السلام.
ولعل أهم ما حققه العسكري كان تأسيس معاهد تربويه الإسلامية تخرج منها جيل راسلي هادف حمل هموم الإسلام وساهم في نهضته المباركة في العراق.
ومن تلك المشاريع التربوية كانت:
-مدارس الإمام الجواد في الكراده الشرقية – بغداد -.
-مدارس بغداد الجديدة – بغداد .
-مدارس الإمام الكاظم (ع) -بغداد.
-روضة الزهراء للأطفال – بغداد.
-مركز تعليم البنات- بغداد.
-مدارس الزهراء للبنات – بغداد. (بإشراف الشهيدة بنت الهدى).
-مدارس الإمام الصادق (ع )-البصرة.
-ثانوية الإمام الباقر(ع )- الحلة.
-ثانوية الإمام الحسن (ع) -الديوانية- وكان للعلامة المجاهد الشيخ محمد مهدي شمس الدين دور كبير في تأسيسها قبل أن تتعهدها جمعية الصندوق الخيري.
-مركز تعليم البنات في العمانية الذي أسسه آية الله السيد قاسم شبر قبل أن تتعهده جمعية الصندوق الخيري.
أما الانجاز الأكبر لسماحة العامة السيد مرتضى العسكري فكان تأسيسه لكلية أصول الدين في بغداد لتكون نواة لجامعة إسلاميه متكاملة الاختصاصات.
ولا زال العلامة العسكري رغم شيخوخته وتفرغه التام لموسوعته الفذة(معالم المدرستين) ولغيرها من كتبه القيمة التي لازال الكثير منها مخطوطا ولم يطبع بعد، لازال كما عهده أبناءه وإخوته وأبناء امتنا المجاهدة في عراق التضحية والفداء حاملا لهموم الأمة ساعيا للإصلاح باذلا الجهد في سبيل رفعة راية الإسلام عالية خفاقة في كل مكان من بلاد المسلمين وخصوصا في عراقنا الجريح.
من مؤلفات السيد العسكري:
موسوعة معالم المدرستين
المطبوع منها:
1- بحوث المدرستين حول الصحابة والإمامة.
2- بحوث المدرستين في مصادر الشريعة الإسلامية.
3- اثر قيام الإمام الحسين في إحياء سنة الرسول (ص).
والمخطوط منها:
4-من سيرة الخلفاء.
5-الروايات المنتقلة، روايات وآراء انتقلت من مدرسة الخلفاء إلى مدرسة أهل البيت.
6- بحوث في الفقه المقارن بين المدرستين.
7- ا-عصور تأسيس أفكار المدرستين وتأسيس حكوماتهم.
ب-كارثة حملة المغول على البلاد الإسلامية وكيفية تعامل المدرستين معهم.
ج-افتراءات على مدرسة أهل البيت.
8-القران الكريم وروايات المدرستين -بحوث تمهيديه-.
9-القران الكريم وروايات مدرسة الخلفاء.
10-القران الكريم وروايات مدرسة أهل البيت.
11-الاستشراف والتبثير مع المدرستين.
موسوعة معالم الإسلام
المطبوع منها:
1-تعليم الإسلام.
2-أحكام الإسلام.
3-منتخب الأدعية.
المخطوط منها:
4-الآداب الإسلامية.
5-مصطلحات العقائد.
6-عقائد الإسلام من القران الكريم.
7-السياسة في الإسلام أو الأحكام السلطانية.
8- قيام الأئمة بإحياء السنة.
عوامل التحريف في سنة الرسول. الفرق الإسلامية وأسباب ظهورها.
قيام الأئمة بإحياء عقيدة التوحيد. قيام الوصي بإحياء السنة.
9-أشتات مجموعه.
وفاته:
انتقل إلى رحمة الله تعالى يوم الاثنين الخامس من شهر رمضان 1428هـ الموافق 17/9/2007.