بعض دلالات عيد الغدير الاغر

بواسطة |   |   عدد القراءات : 956
حجم الخط: Decrease font Enlarge font
بعض دلالات عيد الغدير الاغر

بقلم فضيلة الشيخ عبد الحكيم الخُزاعي 

 

بسم الله الرحمن الرحيم

 وصلى الله على محمد وال محمد الطيبين الطاهرين

بعض دلالات عيد الغدير الاغر

يحمل عيد الغدير الاغر من المعاني العظيمة التي تفوق حد الاحصاء فهو جوهر الإسلام ،لذا جعله الله كمال الدين وتمام النعمة ، وهذه المعاني تحتاجها البشرية دائما بصورة عامة واهل الاسلام بصورة خاصة وقد أرادت السماء لهذه المعاني أن تتجسد وتجسديها الواقعي هو امير المؤمنين عليه السلام ومن بعده أئمة الهدى عليهم السلام.

ومن هذه المعاني:

أولا: ضرورة وجود العلة المبقية كضرورة وجود العلة الموجدة ، والا ضاعت المشاريع حتى التي ترتبط بالسماء لان الله أبى للامور إلا أن تجري باسبابها ، وظهور الاسلام ووجوده على يد النبي صلى الله عليه وآله فهو النبي المرسل من السماء وبقاؤه بأهل البيت عليهم السلام كما يقول العلامة الطباطبائي قدس سره ( انتقال الاسلام من الحامل الشخصي وهو النبي ص إلى الحامل النوعي وهم أهل البيت عليهم السلام) وهذا أمر مهم في كل المشاريع وهو من دلالات عيد الغدير الاغر.

ثانياً: أرادت السماء للدين الإسلامي أن يستمر وفق قيادة معصومة حافظة للشريعة الإسلامية بدون تحريف أو تزييف وهي تطبيق فعلي لها ،بعيدا عن الأهواء والرغبات والتسلط والقهر وهذه القيادة تتمثل فيها معالم الدين وجوهره ومحتواه فأرادت أن يطبق وفق قواعد أساسية تضمن بقاءه واستمراره وهذه القواعد ضرورة وجودية إنسانية وهي : 

*العدالة: فاي حكم لم يطبق أو يستند إلى العدالة في أحكامه وتطبيقه فهو نظام ظالم وفاشل سرعان ما يثبت فشله وان نسب نفسه إلى الإسلام وقيمه ، وامير المؤمنين عليه السلام هو صوت العدالة الإنسانية كما قال جورج جرداق وعنون كتابه عنه ، فالعدالة شعار علي عليه السلام ومنهجه وروحه وجوهر وجوده ،وهي عدالة السماء لا الأرض عدالة ليست قاسية بل تراعي الجوانب الإنسانية حتى في إجرائها ، وفي هذا أمثلة كثيرة مثلا يمنع إقامة الحد على امرأة اعترفت بالزنا رعاية لطفلها ،ثم أيضا رعاية له حتى تكمل رضاعته ، بينما لم يعرف الحاكم البعيد عن السماء هذا الجوهر وهذه الروح فقد ركزت على بعد العدالة بحرفية النص لا بروحه وجوهره.

 

*المساواة: وهي سمة بارزة عند امير المؤمنين عليه السلام على جميع المستويات الاقتصادية والاجتماعية والإنسانية ، فهو يقول ( لو كان المال مالي لساويت بينهم فكيف والمال مال الله) فقد ساوى بالعطاء بين الناس ،لان العطاء يقضي الحوائج الإنسانية وهي مشتركة بين الجميع ،فالناس شركاء في المال فاي معنى أن الدولة ترعى الطبقية وتؤسس إلى التفاوت بين الناس عبر العطاء فتوجد مبررات الحقد والحسد ومن ثم الخروج على النظام كما قال أمير المؤمنين عليه السلام عن الخليفة الثالث ( استأثر فاساء الاثرة وجزعتم فاساتم الجزع) وهكذا سار امير المؤمنين عليه السلام بهذا النهج فالناس سواسية كاسنان المشط فالناس في منطق امير المؤمنين عليه السلام ( صنفان اما اخ لك في الدين أو نضير لك في الخلق )

*الحرية: يقول امير المؤمنين عليه السلام ( لم يلد ادم عبد ولا أمة بل الناس أحرار) وقد قال الامام الحسين عليه السلام أنه يريد أن يسير بسيرة امير المؤمنين عليه السلام وقد رفع ابو عبد الله شعار ( كونوا احرارا في دنياكم) وهي حرية الضمير الذي أودعه الله في روح الإنسان وحبب اليه الايمان وزينه في قلبه ، فهو بالفطرة يكره الظلم ويكره الباطل ، وهذه الحرية حرية مسؤولة لا منفلتة حرية تأخذ بعين الاعتبار القانون الديني وضرورة الحياة والتزام الحق ، لكن مادام في الاخير هناك اختيار فلا إكراه في الدين ، لذلك سار امير المؤمنين عليه السلام على هذا النهج فللاخر أن يصلي صلاة لا يراها امير المؤمنين عليه السلام صحيحة لكنه اكتفى بالنصح ولم يستخدم القوة للردع ما دامت عبادة ، وحتى الخوارج جعلهم أحرارا ماداموا لم يستهدفوا أحدا فلهم العطاء ولهم حق العبادة ، ولكن لما بدأوا بالاعتداء على المجتمع كان الردع قويا ، وهذه ضرورة وجود الدولة والقوة ، تمنع الناس عن الظلم وتقيد الحرية في الجانب السلبي منها ،وتطلقها في الجانب الإيجابي...

ان قيم الغدير كثيرة جدا ويمكن الخروج بالعديد من الدروس والعبر وخصوصا نحن نتحدث عن نفس رسول الله صلى الله عليه وآله امير المؤمنين عليه السلام ،نسال الله أن يجعلنا من شيعته ومحبيه ومن المحشورين في زمرته...

عبد الحكيم داخل

١٨ ذي الحجة ١٤٤٣

Powered by Vivvo CMS v4.7