• Post on Facebook
  • Twitter
  • pdf
  • نسخة للطباعة
  • save
الأكثر شعبية

الاعتراف بالخطأ فضيلة

بواسطة |   |   عدد القراءات : 3273
حجم الخط: Decrease font Enlarge font
الاعتراف بالخطأ فضيلة

 

بقلم السيد فاضل حاتم الموسوي


يتصور كثير من البشر ان الاعتراف والإقرار بالخطأ نوعًا من النقص والضعف في شخصيته ويزداد هذا التصور والشعور عندما يكون من اُرتكب بحقه الخطأ أقل منه في المكانة الاجتماعية او في المنصب ، حيث يبدأ عنده شعور بإنتفاخ الذات الذي يبرر له ذلك الخطأ ويزيده من إصراره ويمنعه من الشعور بالندم وهذه المسألة من المسائل التي نحتاجها في مفاصل الحياة سواء في داخل الأسرة او العمل والدائرة او في الشارع او السوق وغير ذلك .
والحقيقة ان الاعتراف بالخطأ والاقرار به السبيل الوحيد الذي يجعل صاحبه يشعر براحة نفسية ويجعله قريبًا من رحمه الله تعالى ، وذلك لأن طبيعة الانسان – عدا المعصومين (ع) – تصيبه حالة من الضعف أمام التحديات أو الغفلة أو الجهل قال تعالى: وَءَاخَرُونَ ٱعْتَرَفُواْ بِذُنُوبِهِمْ خَلَطُواْ عَمَلًا صَٰلِحًا وَءَاخَرَ سَيِّئًا عَسَى ٱللَّهُ أَن يَتُوبَ عَلَيْهِمْ ۚ إِنَّ ٱللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ ( التوبة: ١٠٢ ) ، وورد عن الإمام الباقر (ع) قال : والله ما ينجو من الذنب إلا من أقر به (الكافي ،الكليني ج٢ ، ٤٢٦  ) حيث تكون مرحلة الإقرار والاعتراف بالذنب أولى خطوات الحل الصحيح ، واذا لم يشعر الخاطئ بذنبه فإن اعتذاره يكون نوعًا من المجاملات الاجتماعية او استجابة لرغبات الاخرين ، قال أمير المؤمنين (ع) : الإقرار اعتذار والإنكار إصرار (الريشهري ، ميزان الحكمة ،ج٣: ١٨٦٠ )
ونستطيع ان نلحظ ان الخطأ الذي يصدر من الانسان يكون باتجاهين ، الأول منهما نحو الله تعالى ، وهذا يحتاج إلى أعتراف حقيقي لا يخالطه أي نوع من أنواع المجاملات او أختيار للألفاظ لانه تعالى يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور فلذلك نجد ان أعلى درجات الاعتراف والإقرار ما استخدمه الأنبياء والأئمة المعصومين (ع) والشواهد على ذلك كثيرة من القرآن الكريم والأدعية والمناجيات ، والثاني نحو الناس الذين يعيشون  معه في المحيط المجتمعي وهذا يوجب الاعتذار وبراءة الذمة وطلب الصفح منه.
يروي لنا التأريخ عن أروع قصة أعتذار جرت بين أبو ذر الغفاري الذي صدر منه كلامًا يسيء إلى بلال بن رباح الحبشي فلم يكتفِ بالاعتذار اللفظي فقط بل طلب منه ان يطأ خده برجله حتى يكسر بذلك عناد النفس وتكبرها ، ومثلها ما جرى مع مالك الاشتر في سوق الكوفة حين رماه احد تجارها بجوزة ، فلما اخبره الناس أنه قائد جيش امير المؤمنين (ع) تبعه كي يعتذر منه فوجده يصلي في المسجد فلما أنهى صلاته قال له ما دخلت المسجد إلا لأصلي لك .
وفي الوقت نفسه أكدت الشريعة الإسلامية على الطرف الثاني – الشخص الذي أُرتكب بحقه الخطأ – أن يقبل أعتذار المعتذر ويلتمس له عذراً ، ورد عن أمير المؤمنين (ع) قال : لا تصرم أخاك على ارتياب ولا تقطعه دون استعتاب لعل له عذرًا وأنت تلوم ، أقبل من متنصل عذرًا صادقًا كان أو كاذبًا فتنالك الشفاعة ( الوسائل ، العاملي ج ١٢ :٢١٧ ) وورد عنه أيضا (ع) قال : شر الناس من لا يقبل العذر ولا يقيل الذنب ( ميزان الحكمة ، الريشهري ج٢ : ١٤١٢ ) ٠

Powered by Vivvo CMS v4.7