ليلة المبعث ليست هي ليلة الإسراء والمعراج
بقلم الشيخ ميثم الفريجي
ليلة المبعث النبوي الشريف هي ليلة السّابع والعِشرين من شهر رجب الأصب ، وهي من اللّيالي المباركة التي ورد الحث على إحيائها ، وإدامة الذكر فيها..
وهي ليلة نزول الوحي بالرسالة على النبي الخاتم محمد ( صلى الله عليه وآله ) ، ونزول القران الكريم على قلبه المبارك
فقد روى الشيخ الطوسي في مصباح المتهجد عن أبي جعفر الجواد (عليه السلام) أنه قال : (( انّ في رجب ليلة هي خير للنّاس ممّا طلعت عليه الشّمس، وهي ليلة السّابع والعشرين منه نُبِّي رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) في صبيحتها ، وأنَّ للعامل فيها من شيعتنا مثل أجر عمل ستّين سنة ..... الحديث )
وقد ذُكرت جملة من أعمال هذه الليلة في مفاتيح الجنان فراجع
أما الإسراء والمعراج حيث أُسري بالنبي ( صلى الله عليه وآله ) من المسجد الحرام إلى بيت المقدس حيث المسجد الأقصى ، فهي واقعة اُخرى ، غير واقعة المبعث النبوي ، ولا ينبغي أن تندمج معها .
والمراد بالإسراء هو الإنتقال ، وهو مأخوذ من السير ليلا ، ومن بيت المقدس عرج بالنبي نحو السماء
فقد ذكر في منتهى الآمال :( إن الآيات والأحاديث المتواترة تثبت أن الله تعالى عرج برسوله الكريم في ليلة واحدة من مكة إلى بيت المقدس ثم إلى السماوات حتى بلغ سدرة المنتهى والعرش الأعلى ، وآراه الله تعالى من آيات السماوات والأرض وعَلَّمَه الأسرار الخفية والمعارف اللامتناهية ، وأنَّ النبي الكريم عبد الله تعالى في البيت المعمور تحت العرش ولاقى الأنبياء ودخل الجنة ورآى منازل أهل الجنة ، كل ذلك كان في ليلة واحدة ببدنه وبروحه لا بروحه فقط وفي اليقظة لا في المنام وعلى ذلك دلَّت الأخبار المتواترة من طرق الخاصة والعامة )..
وهناك من يرى أن الإسراء حصل بالروح والجسد معا ، أمّا المعراج فقد حصل بالروح فقط ، والمشهور أن كليهما بالروح والجسد
وروى القطب الراوندي في " الخرائج والجرائح " عن علي (عليه السلام) : أنه لما كان بعد ثلاث سنين من مبعثه (صلى الله عليه وآله) أُسري به إلى بيت المقدس وعرج به منه إلى السماء ليلة المعراج ، فلما أصبح من ليلته حدث قريشاً بخبر معراجه .
وأن في ليلة الإسراء والمعراج أقوالاً متعددة ليس محل بحثها هنا .
فنلاحظ حصول الخلط بين المبعث والإسراء مع أنهما واقعتان لا واقعة واحدة ، فلا ينبغي الخلط بينهما ، ولعل ذلك حاصل من لفظ المبعث الذي هو مشترك بين بعث النبي صلى الله عليه وآله بالرسالة ، وبعثته إلى السماء في المعراج..
ولعلَّه اُدُّعي ( أنهما واقعة واحدة لا واقعتان ) لأجل نكران حمل السيدة خديجة بالزهراء ( عليهما السلام ) ، وقد كانت في ليلة القدر ، وميلادها عليها السلام بعد تسعة اشهر (20 جمادي الثاني) وذلك عندما أُسري بالنبي (صلى الله عليه وآله وسلم) إلى بيت المقدس ، ثم عُرج به (صلّى الله عليه وآله) إلى السماء ودخل الجنة وأكل (تفاحة) بأمر من الله تعالى ونزل وقارب خديجة فحملت بالزهراء (عليها السلام) وكان ذلك في ليلة 21 رمضان المبارك .
ولأجل تعمية هذا الطريق ونكران هذا الخبر أشاروا بالأحاديث المصطنعة إلى يوم 27 رجب بأنه يوم الإسراء والمعراج والله العالم..
فقد ورد في تفسير مجمع البيان ج ٦ ص ٣٧ : (( ... عن أبي عبد الله (عليه السلام) : كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يكثر تقبيل فاطمة عليها السلام ، فأنكرت عليه بعض نسائه ذلك ، فقال صلى الله عليه وآله وسلم : إنه لما أسري بي إلى السماء ، دخلت الجنة وأدناني جبرائيل عليه السلام من شجرة طوبى ، وناولني منها تفاحة ، فأكلتها ، فحوّل الله ذلك في ظهري ماءً ، فهبطت إلى الأرض ، وواقعت خديجة ، فحملت بفاطمة ، فكلَّما اشتقت إلى الجنة قبلتها ، وما قبلتها إلَّا وجدت رائحة شجرة طوبى ، فهي حوراء إنسية ))
والمهم أنَّنا وددْنا الإشارة الى الظاهرة الخاطئة التي جرى بها البعض على منوال غيرنا بالاحتفال بليلة السابع والعشرين من رجب على أنَّها ليلة الإسراء والمعراج ، وهذا خاطئ كما بينّا..
والحمد لله رب العالمين...
☆☆☆☆☆☆☆☆
الشيخ ميثم الفريجي .