• Post on Facebook
  • Twitter
  • pdf
  • نسخة للطباعة
  • save

آية التطهير

بواسطة |   |   عدد القراءات : 9802
حجم الخط: Decrease font Enlarge font

آية التطهير

 بقلم: الشيخ أحمد جعفر الفاطمي

آية التطهير منقوشة على باب مرقد الإمام الرضاع في مشهد

آية التطهير كما يصطلح على تسميتها مُفَسِّروا الشيعة والسنَّة، هي الجزء الأخير من الآية ( 33 ) من سورة الأحزاب، وهي واقعة بين آيات يغلب عليها خطاب الوعد والوعيد والتحذير والتشديد لنساء النبي محمد.

وقد استدلّ بها الشيعة على طهارة وعصمة أهل البيت ع، التي تساوق القول أنّهم (ع) معصومون من كل خطيئة أو مستقبحٍ لدى الشرع والعقل، وكذلك قالوا: أنّها نزلت في خصوص أصحاب الكساء الخمسة، ’’ النّبيّ ص، وعلي بن أبي طالب، وفاطمة بنت الرسول، وابنيهما الحسن والحسين (ع) ‘‘، ولهم في ذلك أدلة.

بينما ذهب جمهور علماء أهل السنّة والجماعة إلى أنّ آية التطهير تدلّ على طهارة أهل البيت ع من الشرك ،[1] أو من الإثم ،[2] أو من السوء،[3] ومن وساوس الشيطان، [4]وزاد عليهم الماوردي أنّهم مطهرون من الشك والمعاصي،[5] بل هم مطهّرون من كل النقائص والعيوب كما قاله الجزيّ في تفسيره،[6] وقال ابن عطية: أنّ الرجس يقع على الإثم والعذاب وعلى النجاسات والنقائص فأذهب الله جميع ذلك على أهل البيت ع،[7] ولكن رغم قولهم بتطهير أهل البيت (ع) من كل ماذكروه، إلاَّ أنَّهم لم يذهبوا للتصريح بعصمتهم، التي هي نفي الإثم والمعاصي والوساوس عنهم ع.

وكذلك قالوا بأنّ نساء النّبيّ ص مشمولات بآية التطهير، مستندين في ذلك على رواية لابن عبّاس، وقول لعكرمة البربري مولى عبد الله ابن عبّاس، وبعضهم استدلّ بوحدة السياق، لكون آية التطهير وقعت بين آيات تتكلم حول نساء النّبي ص.

محتويات

1نص الآية

2دلالات الآية

3معاني مفردات الآية

4تفسير الشيعة للآية

5أدلّة تفسير الشيعة

o 5.1الدليل القرآني

o 5.2الدليل الروائي

6تفسير علماء السنّة للآية ومبانيهم

o 6.1اختلافهم في مفهوم الرجس

6.1.1ردّ الشيعة على أقوالهم

o 6.2اختلافهم في تشخيص أهل البيت

6.2.1رد الشيعة على أقوالهم

o 6.3اختلافهم في مفهوم التطهير

6.3.1رد الشيعة على أقوالهم

o 6.4تفسيرهم الإجمالي للآية

7مواضيع ذات صلة

8الهوامش

9المصادر والمراجع

نص الآية

قال تعالى في سورة الأحزاب الآية (33):﴿إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا﴾.

دلالات الآية

يمكن أن يستفاد من آية التطهير عدّة أمور ملازمة لمعناها الظاهر، منها:

عصمة أهل البيت ، لأنّ إذهاب الرجس عنهم وتطهيرهم منه، هو بعينه مفاد معنى العصمة التي يقول به الشيعة.

أنّ العصمة أمر مولوي، أي أنّها بيد المولى تعالى، وهو لطف إلهي يهبه ويُوفِّق له من يشاء من خلقه، ويدلّ على ذلك تعلّق إرادة المولى تعالى بعصمةأهل البيت .

المكانة المميزة والعظيمة لأهل البيت  عند المولى تعالى، والتي لا يمكن لأحد بلوغها من المسلمين قاطبة، فلولا المكانة العالية لهم بحيث سَمَوْ عن باقي المسلمين، لما عصمهم المولى تعالى وهو أعدل العادلين وأحكم الحاكمين. 

معاني مفردات الآية

تتكون آية التطهير مجموعة من المفردات، وهي:

﴿إِنَّمَا﴾ : لفظة مركبة في الأصل من حرفين " إنّ " التي تفيد معنى الإثبات، و " ما " الكافة، ومع الجمع بين الحرفين تصير " إِنَّمَا " التي هي أداة تفيد معنى الحصر والقصر،[8] أي حصر أمرٍ بأمرٍ آخر على وجه التخصيص به، فالتأكيد إذا ما أعقبه نفي يدلّل على معنى الحصر على قول المشهور ، وعملها في الآية هو حصر إرادة المولى تعالى في إذهاب الرجس وتطهير أهل البيت  تطهيرا. [9]

﴿يُرِيدُ﴾ :وفيها جملة من المسائل:

المسألة الأولى: إنّ القَرْن الحاصل بين لفظة " يُرِيدُ " مع لفظة الجلالة « الله »، يدلّل على كون الإرادة الواردة في الآية والمتعلقة بتطهير أهل البيت  وإذهاب الرجس عنهم، هي الإرادة الإلهية، التي هي صفة من صفاته تعالى

المسألة الثانية: وبما أنّ الإرادة الواردة في آية التطهير هي إرادة إلهية، ففي تعلّقها بالموجودات المادية أو المعنوية تكون على نحوين:[10]

إمّا أن تكون في تعلقها بالشيء على نحو إيجاده الحتمي فتسمى حينئذ " إرادة تكوينية " والتعلّق بهذا النحو لايمكن أن يتأخر فيه الشيء المُراد عن إرادة المولى تعالى، وبالتالي فوجود الشيء المراد تحقّقه حتمي لا محال، وهذا المعنى من الإرادة نلحظه في الأمور الإيجادية أو الاعدامية أي إيجاد الشيء أو إعدامه، وهذا ما يدلّ عليه قوله تعالى:﴿إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ﴾،[11] الذي وقع بعد جملة من الآيات التي تتحدث عن الخلق والإيجاد.

وإمّا أن تكون في تعلّقها بالشيء على نحو التنظيم والتشريع والتقنين، فتسمى عند ذلك " إرادة تشريعية "، وهذا النحو من التعلق يمكن أن يتأخر فيه المُراد عن إرادة المولى تعالى لأنّه يفيد معنى التخيير لا أكثر، أي أنّ إرادة المولى تعالى تتعلّق بالشيء الذي فيه مصلحة فيوجب القيام به أو تتعلّق بما فيه المفسدة فينهى العبد عن ارتكابه، ثمّ يترك للعبد الخيار أيهما يختار، والإرادة بهذا النحو تكون في المسائل التشريعية والتنظمية لا المسائل التي فيها خلق وإيجاد أو إعدام، وهذا نجده في قوله تعالى:﴿وَلَـكِن يُرِيدُ لِيُطَهِّرَكُمْ وَلِيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ﴾[12] الذي وقع كتعليل من المولى تعالى على تشريعه لجملة من الأحكام الشرعية التي ذكرها قبل هذا القول الكريم.

المسألة الثالثة: أنّ الظاهر من الآية هو كون الإرادة الواردة ، هي الإرادة بالنحو الأول، أي الإرادة التكوينية لا التشريعية ، ولهذا القول قرائن عديدة من نفس آية التطهير منها : العناية الخاصة التي أولاها المولى تعالى بأهل البيت  في هذه الآية الكريمة، وهذه العناية يكشفها الآتي:

فمع العودة للآية يُلحظ أن المولى تعالى قد ابتدأ الآية بأداة الحصر، التي تحصر إرادته بإذهاب الرجس وتطهير أهل البيت ، فلو كانت إرادته تشريعية لما كان للحصر معنى.

أنّه تعالى وضّح وعيّن الجهة التي تعلّقت بها إرادته، وهم { أَهْلُ البَيـْتِ } ، فكان يمكن أن لا يذكرهم في الآية بدون أن يقع أي خلل في سياقها، فيقول { إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس ويطهركم تطهيرا }، وعليه فذكرهم بنحو الإختصاص يكشف بوضوح على العناية الخاصة بهم.

التأكيد لعملية التطهير ، فَفِعْل " يطَهِّرَكُم " جاء ليؤكد أكثر عملية التطهير، فالمولى تعالى كان يمكن أن يستغنى عن التأكيد فتكون العبارة { إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت }، وبدون أن يختل سياق العبارة، وعليه فهذا التأكيد الحاصل في الآية كاشف عن الإرادة الخاصة والعناية الزائدة.

أنّه تعالى نَكَّرَ مصدر { تَطْهِيرَا }، ليُدلل على الإكبار والتعظيم، فيكون المعنى " يطهركم تطهيرا عظيما. وعليه فالحصر لإرادته، وتعيين الأفراد المتعلّق بهم التطهير وإذهاب الرجس، وتأكيد إذهاب الرجس والتطهير، وتنكير لفظة " تطْهِيرا " للدّلالة على التعظيم، لهي قرائن لفظية تكشف عن العناية الزائدة والإرادة الخاصة، وهذا كلّه لا ينسجم مع الإرادة التشريعية، بل هو ظاهر في أنّ الإرادة تكوينية.[13]

﴿ليُذْهِبَ﴾ : فعل مضارع مشتق من " الإذهاب " الذي هو بمعنى الإزالة، وعليه فمعناه في آية التطهير هو أنّ المولى تعالى يريد إزالة الرجَس من أهل البيت .

﴿عَنْكُم﴾ : جار ومجرور، والمجرور ضمير متصل للجمع المذكر، ويجوز استعماله في الجمع المختلط بين الذكور والإناث، وهذا متفق عليه بين الجميع.

﴿الرِّجْسَ﴾ : بكسر الراء وتشديدها، لفظة لها مصاديق كثيرة، منها: العذاب، الحرام، اللّعنة، الكفر...الخ،[14] ولكن يمكن القول أنّ لفظة " الرّجس " مشترك معنوي أي أنّ له معنى واحد عام وهو كل ماهو مكروه ومستقذر، وهذا المعنى أي المكروه والمستقذر، له مصاديق وأفراد عدّة منها الكفر والإثم والمعصية والشرك والشك...إلخ،[15] وعليه يكون معناه في آية التطهير أنّ المولى تعالى يريد إزالة وتنقية أهل البيت  من كل ماهو منفر عنهم أو مستقذر في نظر الشرع والعقل.

﴿أَهْل البَيْتِ﴾ : المقصود بأهل البيت  في آية التطهير، هم أصحاب الكساء، وبالتحديد الرسول الأكرم  و الإمام علي بن أبي طالب  و السيدة فاطمة الزهراء  وإبنيهما الحسن و الحسين ، وقد نصَّت على ذلك الروايات الواردة من طرق الشيعة و السنّة على حدٍّ سواء، والتي تحدّد من هم أهل البيت  المقصودين في الآية الكريمة.

﴿يُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا﴾ : لفظ يفيد معنى التنقية وإزالة البواقي، والتطهير يفيد أيضا معنى الإزالة من خلال إزالة الأسباب، وعليه فيكون معناه في آية التطهير، أنّ المولى تعالى يريد أن يزيل الرجس منأهل البيت  من خلال إزالة أسبابه المولِّدة له.

تفسير الشيعة للآية

بناءً على ما تقدم من تفسير لمفردات آية التطهير، و انسجاما مع حديث الكساء، وباقي الأحاديث الوارد في تحديد من نزلت فيهم آية التطهير، فقد فسّر علماء ومفسرو الشيعة آية التطهير كالآتي:

« إنما يريد الله بإرادته التكوينية التي هي حتمية الوقوع والتحقّق أن يزيل الرجس عنكم يا أهل الكساء الخمسة ويطهركم من المعاصي والذنوب ووساوس الشيطان وكل ماهو مستقذرشرعا وعقلا تطهيرا تامًّا  ».[16][17][18][19][20][21]

وذهب علماءالشيعة إلى أنّ آية التطهير فيها دلالة واضحة على عصمة أهل البيت ، مستندين في ذلك على إذهاب الرجس والتطهير الواردين في آية التطهير، وقالوا:ليس من المعقول أن يكون هناك فردا طاهرا من كل مايمكن أن يصدق عليه رجس ولا يكون معصومًا!.

 

وكذلك قالوا أنّ المقصود بأهل البيت  في الآية هم أصحاب الكساء الخمسة، « الرسول الأكرم ، و علي، و فاطمة، وإبنيهما الحسن و الحسين  »، ولهم في ذلك بيان وأدلّة.

أدلّة تفسير الشيعة

استدلّ الشيعة على ما ذهبوا إليه من تفسير لآية التطهير بنوعين من الأدلة:

الدليل القرآني

القرائن التي استند عليها علماء الشيعة في تفسيرهم لآية التطهير، هي:

أولاً: أنّ أداة الحصر ’’ إنَّمَا ‘‘ تدلّل على حصر إرادة المولى في إذهاب الرجس بمن يصدق عليهم ’’ أهل البيت ‘‘، وهذا هو عمل هذه الأداة في آية التطهير.[22]

ثانيًا: أنّ لفظة ’’ يريد ‘‘ المذكورة في الآية هي الإرادة التكوينية لا التشريعية، وذلك لأنّ الإرادة التشريعية متعلّقة من خلال أدلّة أخرى بكل مسلم، فالمولى تعالى تشريعًا طلب من المسلمين السير نحو تطهير أنفسهم، وبالتالي فلو كانت الإرادة تشريعية لتناقض ذلك مع الحَصَرْ المشار إليه في الآية بـــ ’’ إِنَّمَا ‘‘، وعليه فالإرادة التكوينية هي المحصورة بأهل البيت(ع)، أمّا الإرادة التشريعية فهي متعلّقة بعموم المسلمين. [23]

ثالثًا: أنّ الجار والمجرور « عَنْكُم » هو جمع مذكر، وبالتالي يكشف على أنّ آية التطهير، متعلِّقة بجمع إمّا مذكر فقط، أو جمع فيه مذكر ومؤنث معًا، لجواز استخدام جمع المُذكَر عند العرب في الجماعة المختلطة بين الذكور والإناث، وقول أنّه مختص بالذكور لا دليل عليه عند أحد، ولم يقل به أحد من المسلمين، أما القول الثاني فهو الصحيح، يبقى تشخيص من هم هذه الجماعة المختلط فيها الذكور والإناث، فالروايات و الأحاديث المتواترة تكشف أنّ الذين نزلت فيهم هذه الآية هم خمسة لا غير، وهم أصحاب الكساء الخمسة، والدليل على ذلك هي نفسها الأدلّة التي وضّحت من هم المقصودين في الآية بــ ’’ أهل البيت ‘‘.[24]

رابعًا: أن لفظة ’’ الرّجْسَ‘‘ ومن خلال إطلاقها تشمل الأرجاس الظاهرية والباطنية، غير أنّ المُتَلَائِم مع الإرادة التكوينية هي خصوص الأرجاس والمُسْتَقْبحَات الباطنية، سواء كان ذلك بنظر الشرع أو العقل أو من جهة الطبع، لوضوح أن التطهير من الأرجاس الظاهرية مقدور عليها عند كلّ مُكلَّف، بل هو مُكَلَّف بها، ولا تحتاج لعناية وتدخُّل من المولى تعالى، وانصراف لفظ الرجس للمستقبحات الباطنية هو الظاهر من كلمات كل المفسرين، حين ذكرهم لمصاديق الرجس فقالوا: أنَّه الشرك، و المعاصي، والشكّ، والشيطان، والإثم....، كما أنّ إطلاق لفظ الرجس في الآية ينفي حصره بمصداق واحد، بل بإطلاقه يشمل كل مصاديق الرجس.[25]

خامسًا: أنَّ عبارة « أَهْل البَيْتِ » المذكورة في آية التطهير، منصرفة لخصوص أصحاب الكساء الخمسة، وذلك بأدلَة روائية متواترة، تذكر أنّ النّبيّ الأكرم  وفي عديد المناسبات، وضَّحَ وأكَّدَ على أنّأهل بيته المقصودين بآية التطهير هم علي و فاطمة و الحسن و الحسين (ع)،[26] لا غيرهم، منها:

حديث الكساء: الذي يكشف على أنّ الآية نزلت في أصحاب الكساء الخمسة لا غير، وروى هذه الرواية زوجات النّبي  وكذلك أصحابه بشكل متواتر.[27]

حديث دق الباب:[28] والذي يكشف على أنّ النّبيّ الأعظم  قد بقي لأشهر، وحين توجّهه إلى صلاة الصبح، كان يدّق باب بيت الإمام علي و فاطمة (ع)، ويقول الصلاة يأهل البيت،﴿ إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ البَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا﴾ [29] ‘‘.

وهذا ما أشار له ابن حجر الهيثمي عندما قال: ’’ أكثر المفسرين على أنّها نزلت في علي وفاطمة والحسن والحسين ‘‘.[30]

سادسًا: أنَّ عبارة﴿ لِيُذهِبَ عَنْكُم الرِّجْسَ﴾ وعبارة﴿يُطهِّرَكُم تَطْهِيرًا ﴾ كاشفة بوضوح عن عصمة مَن نزلت فيهم آية التطهير، وذلك لوضوح تَعَلُّق الإرادة التكوينية الإلهية بأصحاب الكساء، في إذهاب كل ما يستقبحه الشرع والعقل، وكذلك يطهّرهم منه تطهيرا.[31]

الدليل الروائي

ذهب الشيعة إلى أنّ آية التطهير نزلت في خصوص أصحاب الكساء الخمسة« الرسول الأكرم ، الإمام علي (ع)، السيدة فاطمة الزهراء (ع)، الإمامين الحسن و الحسين (ع) »، وأنّ حكم التطهير وإذهاب الرجس متعلّق بهم، دون غيرهم، واستندوا في ذلك على الحديث المعروف بـــ« حديث الكساء»، والذي أخرجه جملة كبيرة من محدثي أهل السنّة و الشيعة، وأيضا بعض الروايات الأخرى التي فيها إشارة في تحديد من هم أهل البيت المقصودين في الآية.

نص الحديث عند الشيعة

ورد حديث الكساء -وغيره من الروايات التي تفيد بأنّ آية التطهير نزلت في أصحاب الكساء الخمسة- في المصنّفات الشيعية بطرق عدّة، منها ما أخرجه الشيخ الطوسي بإسناده فقال:

أخبرنا أبو عمر قال: حدّثنا أحمد قال: أخبرنا أحمد بن يحيى قال: حدّثنا عبدالرحمن قال: حدّثنا أبي، عن أبي إسحاق، عن عبد الله بن معين (مغيرة) مولى أم سلمة، عن أم سلمة زوج النبي  أنّها قالت: ’’نزلت هذه الآية في بيتها﴿إنما يريدالله ليذهب عنكم الرّجس أهل البيت ويطهّركم تطهيرا﴾، أمرني رسول الله  أن اُرسل إلى عليّ وفاطمة و الحسن والحسين(ع)، فلما أتوه اعتنق عليًّا بيمينه و الحسنبشماله و الحسين على بطنه و فاطمة عند رجله ثم فقال: ’’ اللّهم هؤلاء أهلي وعترتي فأذهب عنهم الرّجس وتطهّرهم تطهيرا ‘‘ قالها ثلاث مرات، قلت: فأنا يا رسول الله ؟ فقال: إنّك على خير إن شاء الله‘‘.[32]

في كتب التفاسير الشيعيّة

1. العياشي: في تفسيره.[33]

2. علي بن ابراهيم القمي: في تفسيره.[34]

3. فرات الكوفي: في تفسيره.[35]

4. الشيخ الطوسي: في التبيان.[36]

5. الشيخ الطبرسي: في مجمع البيان،[37] جوامع الجامع.[38]

6. الفيض الكاشاني: في تفسيره الأصفى،[39] والصافي.[40]

7. السيد هاشم البحراني: في البرهان.[41]

8. الشيخ الحويزي: في نور الثقلين.[42]

9. الميرزا محمد المشهدي: في كنز الدقائق.[43]

10. السيد الطباطبائي: في الميزان.[44]

11. السيد عبد الله شبر: في تفسيره.[45]

12. الشيخ مكارم الشيرازي: في الأمثل.[46]

13. قراءتي، الشيخ محسن: في تفسيره النور.[47]

14. مغنية، محمد جواد: في تفسيره الكاشف،[48] والتفسير المبين.[49]

15. السيد فضل الله، محمد حسين: في تفسيره من وحي القرآن.[50]

في كتب الحديث الشيعيّة

1. ابن بابويه القمي: في الإمامة والتبصرة.[51]

2. الشيخ الكليني: في الكافي.[52]

3. الشيخ الصدوق: في الأمالي،[53] و الخصال،[54] و كمال الدين.[55]

4. الخزاز القمي، علي بن محمد: في كفاية الأثر.[56]

5. أبو علي الفتال النيسابوري، محمد بن الحسن: في روضة الواعظين.[57]

6. الشيخ المفيد: في الأمالي.[58]

7. الشيخ الطوسي: في الأمالي.[59]

8. الطبرسي: في الاحتجاج.[60]

9. شاذان بن جبرائيل القمي: في الفضائل.[61]

رواة الحديث عند الشيعة

من الأئمة(ع)

1. الإمام علي بن أبي طالب (ع)[62]

2. الإمام الحسن المجتبى (ع).[63]

3. الإمام الحسين الشهيد (ع).[64]

4. الإمام زين العابدين (ع).[65]

5. الإمام محمد الباقر (ع).[66][67]

6. الإمام جعفر الصادق (ع).[68]

7. الإمام الرضا (ع).[69]

من أصحاب النبي

1. أم سلمة زوج الرسول  .[70]

2. عائشة زوج الرسول .[71]

3. أبو ذر الغفاري.[72]

4. أبو الحمراءهِلالُ بن الحَارِث، خادم النّبيّ .[73]

5. أبو سعيد الخدري.[74]

6. أنس بن مالك.[75]

7. جابر بن عبد الله الأنصاري.[76]

8. سعد بن أبي وقّاص.[77]

9. سليم بن قيس الهلالي.[78]

10. عبد الله بن عبّاس.[79]

11. واثلة [وائلة] ابن الأسقع الليثي روى عن أمير المؤمنين (ع).[80]

من أصحاب الأئمة

1. أبو الأسود الدؤلي.[81]

2. زيد بن علي الشهيد.[82]

3. أبو بصير، روى عن الصادق (ع).[83]

4. أبو الجارود.[84]

5. جابر الجعفيّ.[85]

6. عبد الرحمان بن كثير، روى عن الصادق (ع).[86]

7. حماد بن عثمان.[87]

8. الريان بن الصّلت.[88]

نص الحديث عند السنّة

أخرج الترمذي في سننه، فقال: حدّثنا قُتيبة، قال: حدّثنا محمد بن سليمان ابن الأصبهانيّ، عن يحيى بن عبيد، عن عطاء بن أبي رباح، عن عمر بن أبي سلمة ربيب النّبيّ ، قال: «‌ لمّا نزلت هذه الآية، على النّبيّ :﴿إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا﴾ في بَيْتِ أُمّ سَلَمَة، فَدَعَا فَاطِمَة وحَسَنًا وحُسَينًا فَجَلََلَهُم بِكِسَاءٍ، وَعَلِي خَلَفَ ظَهْرِهِ فَجَلَّلَه بكساءٍ، ثمّ قال: « اللَّهُم هَؤُلاَء أَهِلَ بَيْتِي فَأَذْهَب عَنْهُم الرِّجْسَ وطَهَرهم تَطْهِيرًا ». قالت أُمّ سَلَمَة: وأنا مَعَهُم يا نَبِيّ الله؟ قال: « أَنْتِ عَلَى مَكَانِكِ وَأَنْتِ إِلَى خَيْرٍ » ».[89]

وفي حديثٍ آخر قال: حَدَّثَنَا عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ قَالَ: حَدَّثَنَا عَفَّانُ بْنُ مُسْلِمٍ قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ[ قال ]: « أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَمُرُّ بِبَابِ فَاطِمَةَ سِتَّةَ أَشْهُرٍ إِذَا خَرَجَ لِصَلَاةِ الفَجْرِ يَقُولُ: «الصَّلَاةَ يَا أَهْلَ البَيْتِ»﴿إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ البَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا﴾‘‘ [90]انتهى، وعلّق الترمذي قال: «هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ غَرِيبٌ مِنْ هَذَا الوَجْهِ، إِنَّمَا نَعْرِفُهُ مِنْ حَدِيثِ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ». وَفِي البَابِ عَنْ أَبِي الحَمْرَاءِ، وَمَعْقِلِ بْنِ يَسَارٍ وَأُمِّ سَلَمَةَ».[91]

في كتب التفاسير السنّية

لقد أشار القسم الأكبر من مفسري أهل السنّة حين تفسيرهم لآية التطهير، إلى الروايات الدّالة على كون آية التطهير نزلت في أصحاب الكساء الخمسة، والقلة منهم مَنْ أشار في تفسيره إلى نزول آية التطهير في أصحاب الكساء الخمسة، دون أن يذكر الرواية، والقلّة القليلة من مجموع مفسري أهل السنة تجاهلوا ذكر أصحاب الكساء في تفسيرهم لآية التطهير.

والذين أخرجوا الروايات الكاشفة على نزول آية التطهير في أصحاب الكساء، أو الذين أشاروا إلى القول أنّها نزلت فيهم، هم:

1. ابن أبي حاتم: في تفسيره.[92]

2. ابن أبي زمنين: في تفسيره.[93]

3. ابن جرير الطبري: في تفسيره جامع البيان.[94]

4. ابن الجزي الكلبي: في تفسيره التسهيل.[95]

5. ابن الجوزي البغدادي: في تفسيره زاد المسير[96]

6. ابن عادل: في تفسيره اللباب.[97]

7. ابن عطية: في تفسيره المحرّر الوجيز.[98]

8. ابن كثير: في تفسيره.[99]

9. أبو الحسن النيسابوري: في تفسيره الوسيط.[100]

10. أبو السعود، محمد الحنفي: في تفسيره إرشاد العقل.[101]

11. أبو جعفر النّحاس: في تفسيره المعاني.[102]

12. أبو حيّان الأندلسي: في تفسيره البحر المحيط.[103]

13. أبو محمد مكي القيسي: في تفسيره الهداية.[104]

14. الواحدي: في مصنّفه أسباب نزول القرآن.[105]

15. الآلوسي: في تفسيره روح المعاني.[106]

16. الإيجي، محمد الشافعي: في تفسيره جامع البيان.[107]

17. البيضاوي: في أنوار التنزيل ( تفسير البيضاوي ).[108]

18. البغوي الحسين بن مسعود: في تفسيره المعالم.[109]

19. الثعالبي، عبد الرحمن المالكي: في تفسيره الجواهر.[110]

20. الثعلبي، أبو اسحاق أحمد: في تفسيره الكشف والبيان.[111]

21. الحاكم الحسكاني: في شواهد التنزيل.[112]

22. الخازن، علي بن محمد البغدادي: في لباب التأويل.[113]

23. عبد الرزاق الرسعني الحنبلي: في تفسيره رموز الكنوز.[114]

24. السيوطي: في تفسيره الدرّ المنثور.[115]

25. الشوكاني: في تفسيره فتح القدير.[116]

26. الطاهر بن عاشور التونسي: في التحرير والتنوير.[117]

27. الفخر الرازي: في تفسيره مفاتيح الغيب.[118]

28. القرطبي،محمد بن أحمد: في الجامع لأحكام القرآن.[119]

29. الماوردي، علي بن محمد: في تفسيره النكت والعيون.[120]

30. السمعاني، منصور بن محمد الشافعي: في تفسيره.[121]

31. الجرجاني، عبد القاهر بن عبد الرحمان: في تفسيره درج الدرر.[122]

أما الذين تجاهلوا القول والرواية، فهم :

1. ابن عرفة، محمد بن محمد الورغمي: في تفسيره.[123]

2. أبو البركات النسفي: في تفسيره مدارك التنزيل.[124]

3. أبو بكر السجستاني: في تفسيره تبصير الرحمن.[125]

4. الزمخشري، محمود بن عمر: في تفسيره الكَشَّاف.[126]

5. السمرقندي، نصر بن محمد: في تفسيره بحر العلوم.[127]

6. الشعراوي، محمد متولي: في تفسيره المعروف تفسير الشعراوي.[128]

في كتب الحديث السنّية

1. مسلم النيسابوري: في صحيحه.[129]

2. ابن أبي شيبة الكوفي: في مصنّفه.[130]

3. ابن حبّان: في صحيحه.[131]

4. ابن الدمشقي، محمد بن أحمد: في جواهر المطالب.[132].

5. ابن مردويه، أبو بكر الأصفهاني: في مناقبه.[133].

6. ابن عبد البر: في الإستيعاب.[134]

7. ابن راهويه، اسحاق بن ابراهيم: في مسنده.[135]

8. ابن شاهين، عمر: في فضائل سيدة النساء.[136]

9. ابن نصر، عبد بن حميد: في منتخب مسنده.[137]

10. ابن الصبَّاغ، علي بن محمد المالكي: في فصوله المهمة.[138]

11. أبي يعلي أحمد بن علي الموصلي: في مسنده.[139]

12. الترمذي، أبو عيسى محمد: في سننه.[140]

13. أحمد بن حنبل: في مسنده.[141]

14. الحاكم النيسابوري: في مستدركه على الصحيحن.[142]

15. البيهقي، أحمد بن الحسين: في سننه الكبرى.[143]

16. الشيباني، أبو بكر بن أبي عاصم: في أحاده ومثانيه،[144] والأوائل(أخرج الرواية ناقصة)، [145]والسنّة.[146]

17. النسائي،أحمد بن شعيب: في سننه، [147] وفي خصائصه.[148]

18. الهيثمي، علي بن أبي بكر: في مجمع زوائده،[149] وموارد الظمآن.[150]

19. الطبراني: في معاجمه الصغير والأوسط والكبير.[151][152][153]

20. الدولابي، محمد بن أحمد: في الذرية الطاهرة النبوية.[154]

21. القندوزي، سليمان بن ابراهيم: في ينابيعه.[155]

22. السبط ابن الجوزي، يوسف: في تذكرته.[156]

23. الطيالسي، سليمان بن داود: في مسنده.[157]

24. الزرندي الحنفي، محمد بن يوسف: في نظم درر السمطين.[158]

25. الزيلعي، جمال الدين: في تخريج الأحاديث والآثار.[159]

26. الخوارزمي، موفق: في مناقبه.[160]

27. كمال الدين، محمد بن طلحة الشافعي: في مطالبه.[161]

رواة الحديث عند السنّة

من الصحابة

1. الإمام علي بن أبي طالب(ع).[162]

2. الإمام الحسن المجتبى( ع).[163][164]

3. جعفر بن أبي طالب.[165]

4. فاطمة الزهراء (ع).[166]

5. أم سلمة.[167]

6. زينب بنت أم سلمة.[168]

7. عائشة.[169][170]

8. أبو سعيد الخدري، سعد بن مالك.[171]

9. واثلة [وائلة] ابن الأسقع الليثي.[172]

10. أبو الحمراءهِلالُ بن الحَارِث، خادم النّبيّ .[173]

11. وهب بن زمعة.[174]

12. عمر بن أبي سلمة، ابن زوجة النّبيّ .[175]

13. أبو هريرة، عبد الرحمن بن صخر.[176]

14. أنس بن مالك.[177][178]

15. صفية بنت شيبة.[179]

16. عبد الله بن جعفر الطيّار.[180]

17. البراء بن عازب.[181]

18. جابر بن عبد الله الأنصاري.[182]

19. بشير أبو جميلة.[183]

20. سعد بن أبي الوقاص الزهري.[184]

21. عبد الله بن عبّاس.[185]

22. سعد ين أبي الوقاص.[186]

من التابعين

1. مجاهد بن جبر.[187]

2. قتادة بن دعامة بن قتادة.[188]

3. عطية العوفي.[189]

4. الأعمش، سليمان بن مهران.[190]

5. عطاء بن أبي رباح.[191]

6. عطاء بن يسار.[192]

7. شَهر بن حَوْشَب، أبو سعيد.[193]

8. علي بن زيد بن جدعان القرشي.[194][195]

9. إسماعيل بن عبد الله بن جعفر الطيّار.[196]

10. عبد الله بن أبي عمّار.[197]

11. عبد الرحمان بن جابر بن عبد الله الأنصاري.[198]

12. محمد بن جابر الأنصاري.[199]

13. محمد بن المنكدر.[200]

14. حصين بن عبد الرحمن.[201]

15. هلال بن يساف.[202]

16. العوام بن حوشب، عن هلال بن يساف.[203]

17. عامر بن سعد بن أبي وقاص.[204]

18. عمرو بن ميمون.[205]

19. مصعب بن شيبة( مختلف في صحبته)[206]

20. جميع بن عميرالتيمي.[207]

21. أبو عمّار، شداد بن عبد الله القرشى.[208]

22. سالم بن أبي حفصة.[209]

23. ربعي بن حراش.[210]

24. عبد الله بن وهب بن زمعة.[211]

25. هاشم بن هاشم بن عتبة.[212]

26. عبد الله بن ربيعة مولى أم سلمة.[213]

27. محمد بن سيرين.[214]

28. حكيم بن سعد الحنفي.[215]

29. جعفر بن عبد الرحمان الأنصاري.[216]

30. عمرة بنت أفعى.[217]

31. أبو ليلى الكندي.[218]

32. عمرة الهمدانية.[219]

33. الإمام علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب (ع).[220]

34. شداد بن عبد الله القرشي.[221]

تفسير علماء السنّة للآية ومبانيهم

ليس من السهل تشكيل تَصَوُر موحّد، في تفسير أهل السنّة والجماعة لآية التطهير، ولعلّ هذا يرجع:

أولا: إلى سكوتهم وعدم تفسيرهم للآية بالشكل الذي يساعد على تشكيل تصوُر دقيق لمعناها العام.

وثانيا: للاختلاف الكبير الحاصل بينهم في تفسير مفردات الآية، والذي بطبعه أدَّى إلى الإختلاف في التفسير العام للآية.

اختلافهم في مفهوم الرجس

فمجمل الأقوال و الاختلافات الحاصلة بين أعلام أهل السنّة والجماعة في تفسير آية التطهير هو:

اختلفوا في المقصد من لظفة " الرجس " إلى خمسة أقوالة:

الأول: الشرك، قاله الحسن

الثاني: الإثم، قاله السدي

الثالث: الشيطان، قاله ابن زيد

الرابع: الشك، حكاه الماوردي

الخامس: المعاصي، حكاه أيضا الماوردي

السادس: كل مستقذَر من مأكول أو عمل أو فاحشة، قاله الزّجَاج.[222]

ردّ الشيعة على أقوالهم

أنّ الرجس هو لفظ له معنى واحد، وهذا المعنى الواحد له مصاديق عديدة، وما ذكرتموه كلّه هو مصاديق للرجس، لا أنّ الرجس هو الشرك فقط، أو هو الإثم فقط......، ولعّل ما قاله الزّجاج هو أقرب التعريفات لمفهوم ومعنى الرجس، فكلّ مستقذرٍ من فعلٍ أو قولٍ أو غيرهما في نظر الشرع والعقل هو يندرج تحت مفهوم الرجس.

ومع انتفاء الرجس عن أهل البيت(ع)، لا مناص من الإعتراف والقول بعصمتهم.

اختلافهم في تشخيص أهل البيت

اختلفوا أيضا في المقصود بعبارة أهل البيت ، إلى أربعة أقوال:[223]

الأول: أنّ المقصودين بأهل البيت  والتي نزلت فيهم آية التطهير، هم الرسول الأكرم  و الإمام علي بن أبي طالب  و السيدة فاطمة الزهراء  وابنيهما الحسن و الحسين  فقط، وهذا القول قاله أبو سعيد الخدري وكذلك أنس بن مالك، و أمّ سلمة زوجة الرسول ، و عائشة زوجة الرسول  وغيرهم من الصحابة و التابعين، وأصحاب هذا القول تمسّكوا بالروايات المروية عن الصحابةوالتي تحكي عن نزول الآية في أصحاب الكساء الخمسة.

الثاني: أنّهم نساء النبي محمد  فقط لا غير بلحاظ أنّهم في بيته فهم أهل بيته، وهذا قاله مقاتل و ابن السائب وعكرمة وسعيد بن جبير رواه عن ابن عبّاس، وهناك من قوّى قولهم هذا بقوله أنّالآية جاءت في سياق آيات متعلقة كلّها بنساء النبي .

الثالث: أنّ المراد من " أهل البيت  " الواردة في آية التطهير، هم أزواج النبي  وآل الإمام علي بن أبي طالب ، وآل العباس، وآل جعفر الطيّار، وآل عقيل، وكل من حرّمت عليهم الصدقة، وهذا قاله الضحّاك والزّجَاج وحكي عن زيد بن الأرقم.[224]

الرابع: وهو قول ابن الخطيب، حيث قال: الأولى أن نقول أنّ المقصود بأهل البيت  هم أزواج النبي  و علي و فاطمة و الحسن و الحسين .[225]

رد الشيعة على أقوالهم

الردّ على القول الأول

هذا القول هو القول الثابت والصحيح، والذي جاءت به الروايات والأحاديث البالغة من طرق أهل السنّة إلى حدَّ التواتر، وكذلك حالها عند الشيعة، وهو قول الإمام علي ، و أم سلمة زوج النبي ،وعائشة زوج النّبي ، وجعفر بن أبي طالب، وابن عبّاس، وأبوسعيد الخدري، وأنس بن مالك، وسعد بن أبي الوقاص، وأبو هريرة، وغيرهم من الصحابة والتابعين، وأي دعوى أخرى تخالفها هو اجتهاد في مقابل النَّص المحرم شرعًا عند السنّة والشيعة، بل هو كبيرة لكونه ردًّا على النّبيّ ، خاصة وأنّ هذه الروايات المتواترة صرّحت بأنَّ النّبيّ  قد تصدّى لتوضيح وتبيّان من هم أهل البيت(ع)، الذين نزلت فيهم آية التطهير.

الردّ على القول الثاني

اعتبر الشيعة أنّ المُتَمَسِّك بهذا القول، كالمُتمسك بخيوط العنكبوت حينما تهوِي به الرياح في وادٍ سحِيق، وذلك لأنّ أدّلة هذا القول هي:

1. الدليل الأول: خبر صرَّحَ فيه ابن عبّاس برأيه: فقال: أنّ آية التطهير نزلت في زوجات النّبيّ ، وهذا الخبر ورد بطريقين؛ الأول: من خلال عكرمة البربري،[226] والثاني: من خلال سعيد بن جبير.[227]

2. الدليل الثاني: خبر ورد عن عكرمة البربري مولى ابن عبّاس: حيث كان ينادي في الأسواق بأنّ آية التطهير نزلت في خصوص زوجات النّبيّ ، أو كان يطلب المباهلة على قوله أنّها نزلت فيزوجات النّبيّ .[228]

3. الدليل الثالث: وحدة السياق، فالآيات التي سبقت آية التطهير وكذلك التي بعدها، هي خطابات إلهية متوجهة لزوجات النّبيّ ، وبالتالي فبما أنّ آية التطهير واقعة بين آيات متعلّقة بزوجاتالنّبيّ  لابدّ وأن تكون آية التطهير متعلّقة أيضًا بهنَّ، وهذا استدلّ به بعض المتأخرين من أهل السنة.[229] [230]

الردّ على الدليل الأول:

أولاً: أنّ الرواة الذين نقلوا قول ورأي ابن عبّاس،فيهم الضعفاء والمتروكين.

الرواية الأولى:

فيها ’’ أبو يحيى الحماني ‘‘ وهو ’’ عبد الحميد بن عبد الرحمن الحماني ‘‘ قال عنه ابن سعد: { كان ضعيفًا }،[231] وقال عنه العجلي:{كوفي ضعيف الحديث مرجئ }[232] وقال فيه أحمد بن حنبل: كان ضعيفا.[233]

وفيها ’’ صالح بن موسى القرشي الطلحي ‘‘: قال عنه البخاري: { منكر الحديث }،[234][235][236] وقال فيه النسائي: { متروك الحديث }،[237] وقال يحيى بن معين:{ ليس بشيء }[238] وقال فيه العقيلي: قول يحيى بن معين { ليس بشئ }،[239] قال عنه ابن حبّان: { لا يجوز الاحتجاج به }،[240] وقال فيه أبو نعيم: { متروك }،[241] وقال عنه الذهبي { ليس بحجّة }،[242] وقيل فيه الكثير عند رجاليي أهل السنّة.

وفيها: ’’ خصيف بن عبد الرحمن الأموي الجزري ‘‘: وثّقه بعضهم وضعّفه البعض الآخر، قال فيه أحمد بن حنبل: { ليس بقوي، وليس بحجّة }، وعن ابنه أنّه قال فيه { ليس بذاك }،[243] وقال أبو طالب: { سئل أحمد عن عتاب بن بشير، فقال: أرجو أن لا يكون به بأس، روى أحاديث ناخرة منكرة، وما أرى إلاّ أنّها من قبل خصيف }،[244] وقال فيه أبوحاتم: { سيء الحفظ }،[245] وقال النسائي: { ليس بقوي }، [246] وقال المدائني: { كان يحيى بن سعيد يضعّفه }،[247] وقال عنه ابن خزيمة: { لا يحتجّ بحديثه }،[248] وقال عنه جرير: { كان متمكنا من الإرجاء }،[249] وقال عنه يحيى: { كنّا نجتنب خصيفًا}،[250] وقال عنه أبو أحمد الحاكم: { ليس بقوي }،[251] وقال عنه الأزدي { ليس بذاك }.[252]

الرواية الثانية:

يكفي أنّ فيها ’’ عكرمة البربري ‘‘: الخارجي، وهو مولى عبد الله ابن عبّاس، وقد أقرّ ابن بكير أنّه أول من نقل المذهب الخارجي إلى بلاد المغرب،[253] وشهد أكثر من واحد أنّه كان خارجيًّا، منهم يحيى بن معين، وعلي بن المديني، وأحمد بن حنبل، ومصعب الزبيري،[254] كما شهد عليه البعض بالكذب على ابن عبّاس، منهم ابن عمر عندما خاطب نافع قائلاً: { اتّق الله ويحك يا نافع لا تكذب عليَّ كما كذب عكرمة على ابن عبّاس }،[255] ومنهم سعيد بن المسيب عندما قال لغلامه: { يا برد لا تكذب عليَّ كما كذب عكرمة على ابن عبّاس }،[256] بل إنّ علي بن عبد الله ابن عبّاس قد أوثق عكرمة على الباب تأديبًا له، وعندما سأله يزيد بن أبي زياد لماذا تفعل به ذلك، قال ابن عبد الله بن عبّاس: { إنّه كان يكذب على أبي }، [257] ويكفي ثبوت أنّه خارجيا لفهم حقده وبغضه لأهل البيت(ع) عموما، والإمام علي بن أبي طالب(ع) خصوصا.

ثانيًا: أنّ خبر ابن عبّاس متعارض مع خبرٍ آخر مروي عنه من طريقين الأول عن طريق أبوصالح،[258] والثاني عن طريق عمرو بن ميمون،[259] يقول فيه أنّ آية التطهير نزلت في أصحاب الكساء الخمسة، فلما الإقتصار على روايتي سعيد بن جبير و عكرمة البربري، اللتين فيهما ما فيهما من الضعف والوهن.

ثالثًا: حتى مع تمامية سند رواية ابن عبّاس، وعدم معارضتها مع رواية أخرى لابن عبّاس نفسه، هل من العلم ومن الوثاقة التمسك بخبر الآحاد وترك الخبر المتواتر عن ( 22 ) صحابي وصحابية من ضمنهم زوجات النّبيّ  نفسهن، وهل مِن صنعَة أهل الحديث التمسك بخبر الآحاد حين تعارضه مع المتواتر أو المستفيض.

رابعًا: هل عندما يتعارض قول الصحابي مع قول النّبيّ ، نقدم رأي الصحابي على النّبيّ ، كما هو حال من ذهب لقول ابن عبّاس وترك تشخيص وتحديد النّبيّ في تحديد من هم أهل البيت(ع) الذين نزلت فيهم آية التطهير.

الردّ على الدليل الثاني:

أولاً: لا قيمة شرعية ولا عقلية، لشهادة وقول عكرمة البربري، حتى لو صحّت هذه الأخبار في نسبتها إليه، ولعلّ فعل السير في الأسواق والمناداة بهذا القول، وكذلك الدعوة للمباهلة، يكشف عن ثلاثة أمور مسقطة لشهادة عكرمة ومقوّية لقول نزول الآية في أصحاب الكساء: الأول: وجود دافع سلبي قوي نحو هذه الأفعال المستهجنة في نظر العقلاء، والثاني: سفاهة صاحبها وقلّة عقله، الثالث: أنّ المتداول في تلك الأعصار بين الرواة هو قول أنّ الآية نزلت في غير زوجات النّبيّ ، وإلاّ لما أقدم عكرمة على مثل هذ الأفعال التي يستهجنها كل عاقل.

أمّا الأمر الأول: فلا نجد دافع قوي لمثل هذا الفعل، إلاّ البُغض والكُره الشديدين لأهل البيت(ع)، ممّا دفعه للسير في الأسواق والمناداة بين النّاس بأنّ الآية نازلة في خصوص زوجات النّبيّ ، وذلك لإخراج أصحاب الكساء من الآية، وهذا البُغض يثبت بعد شهادة جملة ممّن عاصروه أو كانوا قريبين من عصره، بكونه من الخوارج.[260]

وأمّا الأمر الثاني:فهو ثابت أيضا بشهادة البعض، فقد وصفه من كان يعرفه، بأنّه كان خفيف العقل، فقد قال أبو الأسود { كان عكرمة قليل العقل خفيفًا}،[261] وعن ابن علية قال: ذكره أيوب فقال: { كان قليل العقل}.[262]

وأمّا الأمر الثالث: أنّه وحسب تواتر الأخبار، فالقول بأنّ آية التطهير نازلة في خصوص أصحاب الكساء دون غيرهم، هو القول المشهور والمتداولة عند الطبقات الأولى من الرواة، فلقد رواه أكثر من ( 20 ) صحابيًا، وأكثر من ( 30 ) تابعي، كما هو مدوّن في مصنّفات أهل السنّة.

ثانيًا:أنّ هذا القول يسقط بعد أن ثبت نسبة الكذب والوضع له، وخاصة في ما يرويه عن ابن عبّاس، فلا يبقى هناك وجه للأخذ بما يرويه، فضلاً عن أقواله وآرائه الخاصة، كما هو الحال في هذا المقام.

ثالثًا: أنّ هذا القول لا قيمة له، في مقابل ما تواتر من الأخبار في خصوص أنّ آية التطهير نازلة في أصحاب الكساء، بل إنّ تواتر هذه الأخبار، يقدح بوضوح في عكرمة البربري، بسبب نزوعه نحو هذا القول وترك ما تواتر من الأخبار، التي تخالف قوله.

الردّ على الدليل الثالث :

أولاً: أنّ وحدة السياق هي قرينة يمكن التمسك بها في إرجاع المتشابه لمعنى معيّن دون غيره، حينما لا يكون عندنا دليل يبطل الإعتماد على وحدة السياق، والحال في آية التطهير أنّ الدليل الذي يبطل التمسك بوحدة السياق موجود بل ومتواتر ، وهو الدليل الروائي الذي يثبت أنّ الآية نازلة في خصوص أصحاب الكساء، فمع وجود الدليل يبطل التمسك بوحدة السياق .

ثانيًا:أنّ الإعتماد على وحدة السياق في كون الآية متعلّقة بنساء النّبيّ ، يتم ويصح بعد إثبات أنّ آية التطهير قد نزلت مع ما قبلها وما بعدها من الآية المتعلّقة بزوجات النّبيّ ، وهذا دونه خرط القتاد، وذلك :

أولاً:لأنّ هناك اإجماع بين المسلمين أنّ آيات القرآن الكريم، التي هي بين دفتي المصحف، غير مرتّبة كما نزلت .

ثانيًا: أنّ هناك جملة من القرائن والأدلّة التي ترجح أنّ آية التطهير ليست موضوعة في سياقها الذي نزلت فيه:

منها: اختلاف سياق الضمير من المؤنث للمذكر، فكلّ الآيات التي سبقت ولحقت بآية التطهير، وكانت متعلّقة بزوجات النّبيّ ، جاءت بصيغة المؤنث، إلاّ آية التطهير فقد جاءت بصيغة المذكر، فتبَدُّل الضمير قرينة على أنّ الآية ليست في سياقها الطبيعي .

ومنها: وجود أدلّة روائية، تكشف على أنّ آية التطهير نزلت قبل الآيات التي نزلت في زوجات النّبيّ  ، من قبيل ما أخرجه ابن مردويه عن أبي سعيد الخدري حيث قال: ’’ لمّا دخل عليٌ رضي الله عنه بفاطمة رضي الله عنها، جاء النبيّ ـ  ـ أربعين صباحاً إلى بابها يقول: «السلام عليكم أهلَ البيت ورحمة الله وبركاته، الصلاة رحمكم الله﴿إِنَّمَا يُرِيدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا﴾، أنا حربٌ لمن حاربتُم، أنا سِلمٌ لمن سالمتم ‘‘،[263] فهذه الرواية تكشف على أنّ آية التطهير نزلت قبل بناء الإمام علي (ع) بالسيدة الزهراء (ع)، الذي تمّ بعد رجوعه من غزوة بدر[264] التي وقعت في السنة الثانية للهجرة،[265] أمّا باقي الآيات المتعلقة بزوجات النّبي  فهي نزلت بعد ذلك بسنة في أقلّ تقدير ، وذلك لأنّ زواج النّبي  منحفصة بنت عمر -التي تتفقون على شمول آيات زوجات النّبيّ  لها-،[266] وقع بعد أن توفى زوجها الأول’’ خنيس بن حذافة السهمي‘‘ بسبب جراحه التي أصيب بها في معركة أحد، التي جرت أحداثها في القرن الثالث للهجرة.[267]

الرد على القول الثالث

وأدلّة هذا القول عند من ذهب إليه يتمثل في خبرين :

1. الدليل الأول: رواية أخرجها مسلم في صحيحه عن زيد بن أرقم قال فيها ما مضمونه: أنّ مفهوم أهل البيت يشمل حتى آل العبّاس، و آل جعفر الطيّار، و آل عقيل.[268]

2. الدليل الثاني: رواية لابن عبّاس يفهم من قوله فيها: أنّه مشمول بآية التطهير ، وعليه فآية التطهير تشمل آل العبّاس.[269]

الرد على الدليل الأول :

أولاً: أنّ رواية زيد بن الأرقم مع التنزّل وقبول صحة ثبوت نسبة الرواية إليه، يمكن القول أنّها جاءت في سياق بيان من هم أهل البيت الذين حُرّمت عليهم الصدقة، لا أنّها في سياق توضيح من هم أهل البيت الذين نزلت فيهم آية التطهير، والفرق بينهما هو: أن زيد بن الأرقم في مقام بيان مفهوم أهل البيت بمعناه العام، لا أنّه في مقام بيان مفهوم أهل البيت بمعناه الخاص، الذين نزلت فيهم آية التطهير.

ثانيًا: أنّ رواية زيد بن الأرقم قد أخرجت زوجات النّبيّ  من أهل البيت (ع)، فالالتزام بجزء من الرواية يقتضي الالتزام بكل ما جاء في الرواية، وإلاّ صدق قوله تعالى:﴿أَفَتُؤْمِنُونَ بِبَعْضِ الْكِتَابِ وَتَكْفُرُونَ بِبَعْضٍ﴾.[270]

ثالثًا: أنّه وبعد التنزّل والقول بأنّ مفهوم ’’ أهل البيت ‘‘ الوارد في آية التطهير هو عينه المفهوم الذي ورد في رواية زيد بن الأرقم، فعند ذلك نقول: أنّ هذا الإدعاء ينتج عنه تعارض بين روايةزيد بن الأرقم التي هي خبر آحاد، و حديث الكساء الذي هو خبر متواتر عند السنّة و الشيعة، وفي هذه الحالة لا يوجد أحد من المسلمين يقول بتقديم خبر الآحاد على الخبر المتواتر، بل هناكإجماع على إسقاط الآحاد إنْ تعارض مع متواتر، وعليه فلابد من إسقاط خبر زيد بن الأرقم .

رابعًا: أنّ هذا التعارض مستحكم ولا يمكن فكّه إلاّ من خلال إسقاط إحدى الروايتين، والتعارض متحقِّق في نقطتين :

النقطة الأولى: أنّ خبر زيد يفيد أنّ الذي شَخَّصَ أفراد أهل البيت (ع)، هو زيد بن الأرقم نفسه من خلال القول ، أمّا حديث الكساء فيفيد بأنّ المُشخَّص والمُحدّد لأفراد أهل البيت (ع) هوالنّبي الأكرم  بنفسه، من خلال القول والفعل، وحين تعارض قول الرسول ، مع قول الصحابي ، فالمجمع عليه بين الأمّة هو تقديم تشخيص النّبيّ  على الصحابي، بلحاظ كونه صاحبالرسالة والمستأمن عليها .

النقطة الثانية: أنّ حديث الكساء يفيد تخصيص التطهير بأصحاب الكساء الخمسة، وخبر زيد يفيد العموم ودخول آل العباس ، وآل جعفر، وآل عقيل، وهذا يجعل التعارض الحاصل بين الخبرين مستحكم ولا يمكن فكّه، إلاّ من خلال إمّا: أن نسقط أحدهما وهو الصحيح، أو نسقطهما معًا، وهذا غير صحيح، لأنّه لايوجد تساوي بينهما، لوضوح أنّ الخبر المتواتر مقدّم على الآحاد ، ويترتب على ذلك لزوم إسقاط خبر زيد بن الأرقم .

الرد على الدليل الثاني:

أولا: أنّ هذا الخبر مع صحة نسبته لابن عبّاس، فهو رأي ودعوى له، ولا اعتبار لها في مقابل ما ثبت بالتواتر عن النّبيّ الأكرم ، من أنّ آية التطهير محصورة بأصحاب الكساء الخمسة، بشهادة جملة كبيرة من الصحابة منهم بعض زوجات الرسول ، وعبد الله بن عبّاس نفسه في خبر له آخر .

ثانيا: أنّ هذا الخبر هو خبر آحاد وهو متعارض مع أخبار المتواتر تفيد بأنّ آية التطهير مختصة في نزولها بأصحاب الكساء، ووعليه فلا اعتبار له .

ثالثًا: أنّ القول والأخذ بهذا الخبر، هو ردّ صريح لقول النّبيّ ، الثابت بالتواتر .

الرد على القول الرابع

هذا القول هو استحسان من صاحبه، راجع للجمع بين مختلف الأدلّة، ولكن يعترض عليه:

أولاً: يعترض عليه ويُرَدّ بكل الإعتراضات التي أعترض بها على دخول النساء، في رد القول الثاني .

ثانيًا:أنّ إدخال ما لم يثبت إدخاله في مفهوم ’’ أهل البيت ‘‘، بعد أن ثبت بالتواتر أنّ النّبيّ الأكرم  ، قد حدّد من هم أهل البيت (ع)، الذين أذهب الله عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا ، هو في الواقع يؤدي إلى الوقوع في كبيرتين :

الرّدّ على الرسول الأكرم ، وذلك لأنّه  يقرّر ويقول، وأصحاب هذا القول في مقابل ذلك يقولون .

اجتهاد في مقابل النّص الصريح، وذلك لأنّ لا نصّ ثابت عليه، وهو مخالف في مقابل النّص الثابت .

اختلافهم في مفهوم التطهير

وأيضا اختلفوا في المراد من قوله تعالى " يطهركم تطهيرا " إلى ثلاثة أقوال:

الأول: أنّه تعالى طهّرهم من الشرك، قال به مجاهد.

الثاني: أنّه تعالى طهرهم من السُّوء، قاله قتادة.

الثالث: أنّه تعالى طهرهم من الإثم، وهذا قال به السدي ومقاتل.[271]

رد الشيعة على أقوالهم

أنّ ’’ التطهير ‘‘ يفيد معنى إزالة البواقي، ومعناها في الآية جاء بصيغة المبالغة لتّأكيد على إزالة الآثار المتبقية من الرجس الذي تمّ إذهابه عن أهل البيت(ع)، وبما أنّ الرجس يصدق على كل مستقبح ومستقذر لدى الشرع أو العقل، فلا معنى من حصر التطهير في الشرك لوحده، أو الإثم، أو السوء، بل هو شامل لكلّ مستقبح سواء كان ذلك الشرك أو الإثم أو السوء، أو الشكّ، أو الوسوسة...... .

تفسيرهم الإجمالي للآية

يمكن إيجاد بعض نقاط الاتفاق بينهم في تفسير بعض جزئيات الآية، من قبيل؛ إدخال نساء النبي  في معنى أهل البيت  المشار إليهم في آية التطهير، أو رد قول الشيعة بأنّ آية التطهير دالّة علىعصمة أهل البيت ، رغم إقرارهم بكون آية التطهير دالّة على طهارتهم، لكن رغم هذا الإتفاق لا يمكن تصوير تفسير موحّد وواضح لمفهوم الآية العام.

وما يمكن تقريره حول تفسيرهم، هو:

« أنّ الله قد طهّر أهل البيت  الذين هم إمّا أزواجه فقط، وإمّا أصحاب الكساء فقط، وإمّا أزواجه مع أصحاب الكساء، وإمّا أزواجه مع أصحاب الكساء وكل أقارب رسول الله ، وأذهب عنهم الرجس الذي هو إمّا الإثم، أو الشرك، أو المعاصي، أو الشك، وطهرهم تطهيرا من الشرك، أو السوء، أو الإثم ».

 

Powered by Vivvo CMS v4.7