فوائد عن ليلة القدر

بواسطة |   |   عدد القراءات : 2625
حجم الخط: Decrease font Enlarge font
فوائد عن ليلة القدر

بقلم : الشيخ ميثم الفريجي

 

جملة من الفوائد ، والنفحات عن ليلة القدر نضعها بين أيادي المؤمنين ، والمؤمنين ليستفيدوا منها ، والتمس منهم ان يشركوني ووالديَّ في دعائهم ، وأعمالهم في هذه الليلة المباركة 

 

1️⃣ ليلة القدر ليلة لا يضاهيها في الفضل سواها من اللّيالي وقد خصها الله تبارك وتعالى بخصائص عظيمة : كنزول القران ، ونزول الملائكة والروح ، وتفريق كل امر حكيم فيها ، والعمل فيها خير من عمل ألف شهر ، وفيها يقدّر شؤون السّنة ، وفيها تنزّل الملائكة والرّوح الاعظم بإذن الله ، فتمضي الى امام العصر (عليه السلام ) وتتشرّف بالحضور لديه ، فتعرض عليه ما قُدّر لكلّ احد من المقدّرات ، وقد جعلها الله تعالى سلاماً حتى مطلع الفجر ، وذلك يكشف عن انّ لها فضلاً لا يدرك ولا يوصف لذا عبّر تعالى : (( وما ادراك ما ليلة القدر ))

 

2⃣ امّا معنى القدر 

قيل : المنزلة وإنّما سُمّيت ليلة القدر للاهتمام بمنزلتها أو منزلة المتعبّدين فيها

وقيل : القدر بمعنى الضيق وسميت ليلة القدر لضيق الأرض فيها بنزول الملائكة. 

 والظاهر أن المعنى الأقرب للقدر هو التقدير فهي ليلة التقدير يقدِّر الله فيها حوادث السنة من الليلة إلى مثلها من قابل من حياة وموت ورزق وسعادة وشقاء وغير ذلك كما يدل عليه قوله في سورة الدخان في صفة الليلة : (( فيها يُفرق كلّ أمر حكيم أمراً من عندنا إنّا كنّا مرسلين رحمة من ربّك )) الدخان : 4

 

3⃣ اتفقت كلمة العلماء أنّها في شهر رمضان المبارك ، والأقرب انّها في العشر الاواخر منه ،

 

 عن الفضيل وزرارة ومحمد بن مسلم عن حمران أنه سأل أبا جعفر عليه السلام عن قول الله عز وجل : { إنا أنزلناه في ليلة مباركة } قال : نعم ، ليلة القدر وهي في كل سنة في شهر رمضان في العشر الأواخر فلم ينزّل القرآن إلا في ليلة القدر قال الله عز وجل: { فيها يفرق كل أمر حكيم }.

 

وعن علي (عليه السلام ) أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم كان يوقظ أهله في العشر الأواخر من شهر رمضان قال : وكان إذا دخل العشر الأواخر دأب وأَدْأَبَ أهله

 

 وروى أبو بصير عن أبي عبد الله (ع) قال : كان رسول الله صلى الله عليه واله  إذا دخل العشر الأواخر شدَّ المئزر واجتنب النساء وأحيا الليل وتفرغ للعبادة .

 

وقد أخفى الله تعالى شخص تلك الليلة عن عبادة حتى تردّدت في روايات اهل البيت عليهم السلام بين اكثر من ليلة ، والسر في ذلك كي يجتهدوا في ابتغائها ويتفرّغوا للعبادة في مظانّها فتحصل لهم بذلك السعادة والمقام المحمود عنده تعالى كما اخفى اسمه الاعظم في اسمائه الحسنى ، وساعة الاجابة في ساعات الجمعة ، والصلاة الوسطى في الخمس ، وكذلك فيما جرى من حكمته تعالى في خفاء قبر الزهراء عليها السلام عن الناس ، وخفاء شخص الامام الحجة عليه السلام عن العالمين .

 

4⃣ اشارت الروايات الى ان ليلة القدر هي احدى ليالٍ ثلاث 

 

روى في مجمع البيان عن حماد بن عثمان عن حسان بن أبي علي قال : سألت أبا عبد الله (عليه السلام ) عن ليلة القدر ، قال : (( اطلبها في تسع عشرة وإحدى وعشرين وثلاث وعشرين )) .

 

وفي الكافي بإسناده عن زرارة قال : قال أبو عبد الله ( عليه السلام ) : (( التقدير في تسع عشرة ، والإِبرام في ليلة إحدى وعشرين ، والامضاء في ليلة ثلاث وعشرين ))

 

بينما في بعض الأخبار الترديد بين ليلتين الإِحدى والعشرين والثلاث والعشرين كرواية العياشي بإسناده عن زرارة عن عبد الواحد بن المختار الأنصاري قال : سألت أبا جعفر (عليه السلام ) عن ليلة القدر قال : (( في ليلتين ليلة ثلاث وعشرين وإحدى وعشرين فقلت أفرد لي أحداهما فقال وما عليك أن تعمل في ليلتين هي إحداهما )) 

 

 وعن شهاب بن عبد ربه قال قلت لأبي عبد الله (ع) أخبرني بليلة القدر فقال : (( ليلة إحدى وعشرين وليلة ثلاث وعشرين ))

 

 ويستفاد من روايات اخرى  أنها ليلة ثلاث وعشرين وإنما لم تعيّن تعظيماً لأمرها أن لا يستهان بها بارتكاب المعاصي

 

رَوى مُحَمَّدُ بْن يُوسُف عَنْ أَبِيهِ قَالَ : سَمِعْتُ أَبَا جَعْفَر ( عليه السَّلام ) يَقُولُ :(( إِنَّ الْجُهَنِيَّ أَتَى النَّبِيَّ ( صلى الله عليه و آله ) ، فَقَالَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ لِي إِبِلًا وَ غَنَماً وَ غِلْمَةً وَ عَمَلَةً ، فَأُحِبُّ أَنْ تَأْمُرَنِي بِلَيْلَةٍ أَدْخُلُ فِيهَا فَأَشْهَدُ الصَّلَاةَ وَ ذَلِكَ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ .

فَدَعَاهُ رَسُولُ اللَّهِ ( صلى الله عليه و آله ) فَسَارَّهُ فِي أُذُنِهِ ، فَكَانَ الْجُهَنِيُّ إِذَا كَانَ لَيْلَةُ ثَلَاثٍ وَ عِشْرِينَ دَخَلَ بِإِبِلِهِ وَ غَنَمِهِ وَ أَهْلِهِ  إِلَى مَكَانِهِ))

 

و فِي رِوَايَةِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُكَيْرٍ عَنْ زُرَارَةَ عَنْ أَحَدِهِمَا ( عليهما السلام ) قَالَ : (( سَأَلْتُهُ عَنِ اللَّيَالِي الَّتِي يُسْتَحَبُّ فِيهَا الْغُسْلُ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ .

فَقَالَ : " لَيْلَةُ تِسْعَ عَشْرَةَ ، وَ لَيْلَةُ إِحْدَى وَ عِشْرِينَ ، وَ لَيْلَةُ ثَلَاثٍ وَ عِشْرِينَ .

وَ قَالَ :  لَيْلَةُ ثَلَاثٍ وَ عِشْرِينَ هِيَ لَيْلَةُ الْجُهَنِيِّ " .

" وَ حَدِيثُهُ : أَنَّهُ قَالَ لِرَسُولِ اللَّهِ ( صلى الله عليه و آله ) : إِنَّ مَنْزِلِي نَاءٍ عَنِ الْمَدِينَةِ فَمُرْنِي بِلَيْلَةٍ أَدْخُلُ فِيهَا ؟

فَأَمَرَهُ بِلَيْلَةِ ثَلَاثٍ وَ عِشْرِينَ )) .

 

اقول : يبدو أن المسلمين آنذاك لمَّا تعودوا رؤية الجهني في ليلة الثالث و العشرين من شهر رمضان فقط خلال السنة لإنشغال هذا الرجل بإبله و غنمه و عدم تمكّنه من الحضور في غيرها من الأيام و الليالي لذلك أسموا هذه الليلة بإسمه .

 

5⃣ ايها المؤمنون الكرام :  اجتهدوا وجدّوا في طلب ليلة القدر ولا تستكثروا الاحتياط فيها بأحياء ليلتين او اكثر ولا تدعوا الاختلاف في رؤية الهلال يفوّت عليكم اجر هذه الليلة العظيمة

وخذوا بوصية أمامكم الصادق (عليه السلام ) وهو يوصي خُلص اصحابه كيف يتعامل مع ليلة القدر فاستمعوا وعوا :.

 

روى الصدوق ( قدس ) في الفقيه عن علي بن حمزة قال : كنت عند أبي عبد الله (عليه السلام ) فقال : له أبو بصير جعلت فداك الليلة التي يرجى فيها ما يرجى أيٌّ ليلة هي فقال هي ليلة إحدى وعشرين وثلاث وعشرين قال فإن لم أقو على كلتيهما فقال : (( ما أيسر ليلتين فيما تطلب قال قلت فربما رأينا الهلال عندنا وجاءنا من يخبرنا بخلاف ذلك في أرض أخرى فقال ما أيسر أربع ليال فيما تطلب فيها قلت : جعلت فداك ليلة ثلاث وعشرين ليلة الجهني ، قال : إن ذلك ليقال ، قلت : جعلت فداك أن سليمان بن خالد روى أن في تسع عشرة يكتب وفد الحاج فقال يا أبا محمد وفد الحاج يكتب في ليلة القدر والمنايا والبلايا والأرزاق ما يكون إلى مثلها في قابل فاطلبها في إحدى وثلاث وصلّ في كل واحدة منها مائة ركعة وأحيهما إن استطعت إلى النور واغتسل فيهما قال : قلت فإن لم أقدر على ذلك وأنا قائم قال فصل وأنت جالس قلت فإن لم أستطع قال فعلى فراشك قلت فإن لم أستطع فقال لا عليك أن تكتحل أول الليل بشيء من النوم أن أبواب السماء تفتح في شهر رمضان وتصفد الشياطين وتقبل أعمال المؤمنين نعم الشهر شهر رمضان كان يسمى على عهد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم المرزوق ))

 

6⃣  ان اهم احداث هذه الليلة تنزّل الملائكة والروح فيها الى الارض  فلا تبقى بقعة الّا وعليها ملك ، امّا ساجد وامّا راكع ، وامّا قائم يدعون للمؤمنين والمؤمنات ويؤمّنون على دعواتهم ويسلّمون على كل قائم وقاعد ومصلي وذاكر ويصافحونهم ويستغفرون لهم حتى يطّلع الفجر فاذا طلع الفجر ينادي جبرائيل ( عليه السلام ) : (( معاشر الملائكة الرحيل الرحيل ))

 

روى ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال : (( إذا كان ليلة القدر تنزّل الملائكة الذين هم سكان سدرة المنتهى ومنهم جبرائيل فينزل جبرائيل ومعه ألوية ينصب لواء منها على قبري ولواء على بيت المقدس ولواء في المسجد الحرام ولواء على طور سيناء ولا يدع فيها مؤمناً ولا مؤمنة إلّا سلَّم عليه إلّا مدمن خمر وآكل لحم الخنزير والمتضمخ بالزعفران )) 

 

 وفي تفسير البرهان عن سعد بن عبد الله بإسناده عن أبي بصير قال: كنت مع أبي عبد الله عليه السلام فذكر شيئاً من أمر الإِمام إذا ولد فقال : استوجب زيادة الروح في ليلة القدر فقلت : جعلت فداك أليس الروح هو جبرئيل ؟ فقال : جبرئيل من الملائكة والروح أعظم من الملائكة أليس إن الله عز وجل يقول: (( تنزل الملائكة والروح )).

 

7⃣ ان الروايات في ليلة القدر وفضلها كثيرة جداً ، وقد ذكرت في بعضها لها علامات ليست بدائمة ولا أكثرية كطلوع الشمس صبيحتها ولا شعاع لها واعتدال الهواء فيها نكتفي بواحدة منها .

 روى في الكافي عن احدهما عليهما السلام :(( علامتها ان تطيب ريحها ، وان كانت في برد دفئت ، وان كانت في حر بردت فطابت ))

 

نسأل الله تعالى ان يوفّق جميع المؤمنين والمؤمنات لاحيائها ونيل وبركاتها ، وانا اخوكم العبد الذليل الفقير الى ربه العاصي في ساحته وجنبه : ( ميثم ابن الحاج المرحوم طالب الفريجي نور الله قبره وآنس وحشته وآمن روعته وحشره مع أوليائه محمد واله الطاهرين ) التمس منكم ان تشملوني ووالدي في دعواتكم وانفاسكم المباركة في هذه الليلة العظيمة عسى ان اكون مرضياً عند سادتي أئمة اهل البيت عليهم السلام وبذلك اكون مرضيا عند خالقهم وبارئهم فقد ورد عنهم : (( رضا الله رضانا اهل البيت ))

كيف لا ، وهم اصحاب هذه الليلة المباركة

 فقد روى في تفسير القمي عن الباقر (عليه السلام) : انه سئل هل تعرفون ليلة القدر ؟ قال :(( وكيف لا نعرف ليلة القدر والملائكة يطوفون بِنَا فيها ))

الّلهم آمنا بك وصدّقنا بكتابك وسلمنا لنبيك تسليما ووالينا وشايعنا محمد وآل محمد وجعلناهم قادة وسادة بين يديك فأشهد وانت خير الشاهدين

والحمد لله رب العالمين 

 

Powered by Vivvo CMS v4.7