القران والقراءات واهل البيت(صلوات الله عليهم) وقراءة حفص عن عاصم. الحلقة الثانية: تاريخ قراءة حفص وعلاقتها بالقران الكريم

بواسطة |   |   عدد القراءات : 2567
حجم الخط: Decrease font Enlarge font
القران والقراءات واهل البيت(صلوات الله عليهم) وقراءة حفص عن عاصم. الحلقة الثانية: تاريخ قراءة حفص وعلاقتها بالقران الكريم

الحلقة الثانية: تاريخ قراءة حفص وعلاقتها بالقران الكريم


بقلم: احمد جعفر الفاطمي


بعد ان بينا في الحلقة السابقة افتراق القران عن القراءات اثرنا سؤالا وسنجيبه في هذه الحلقة ان شاء الله تعالى:

السؤال: اليس هذه الامة تقرأ بقراءة من القراءات السبع المشهورة، وهي قراءة عاصم بن ابي النجود المتوفى  بعد رسول الله(صلى الله عليه واله) بما يقارب 120 سنة!!

عاصم الذي كان له راويان هما: شعبة بن عياش(193هـ) وحفص بن سليمان (ت 180 هـ). بينهما اختلاف وتباين في قراءتيهما وصل إلى نحو خمسمائة كلمة، معظمها اختلافات صوتية وصرفية. (انظرها في: دائرة المعارف الإسلامية 15/148).

والجواب: كلا.

ولعل هذا الجواب يكون صادما لما اشتهر بين الناس، والسبب: كم من مشهور لا اصل له!!

نحن الان نقرأ بقراءة رسول الله (صلى الله عليه واله) التي نقلها الاف المسلمين منذ زمن البعثة الى زمن اكتمال القران في السنة العاشرة للهجرة الى زمان حفص واخوته من القراء الذين ولد اول من ولد منهم بعد وفاة النبي(صلى الله عليه واله) بخمسة وثلاثين سنة وهو ابن كثير المكي الذي ولد عام 45 هجرية وتوفي 120 هجرية.

فلو كانت الامة معتمدة على قراءة حفص الذي مات سنة 180 هجرية فكيف كان حالها قبل اشتهار قراءة حفص في القرن الأول الهجري؟ فهل كانت تقرأ بقراءة احد اخر؟

طبعا لا، بل كانت الامة ـ ولا زالت ـ تقرأ بقراءة رسول الله (صلى الله عليه واله) وسيستمر ذلك الى يوم القيامة ان شاء الله.

و الباحث في تاريخ القراءات يدرك أن قراءة حفص الراوي الثاني لعاصم لم تكن هي الغالبة على العالم الإسلامي، فإذا نظرنا إلى قراءة عاصم التي رواها حفص نرى أنها لم تكن سائدة حتى في الكوفة موطنها فـ" إلى قراءة عاصم صار بعض أهل الكوفة وليست بالغالبة عليهم " كما يقول: ابن مجاهد، في كتابه: السبعة في القراءات، ص14.

وهذه القراءة التي رواها حفص لم تكن معتمدة في المساجد في حلقات الذكر أو الصلاة ، كما يقولابن مجاهد:" حدثني علي بن الحسن الطيالسي قال سمعت محمد بن الهيثم المقرئ يقول أدركت الكوفة ومسجدها الغالب عليه قراءة حمزة ولا أعلمني أدركت حلقة من حلقات المسجد الجامع يقرؤون قراءة عاصم" . ( المصدر السابق، ص16).

وعندما ينتقل أي باحث إلى الحلقة الثانية في شبكة قراءة عاصم وإلى رواية حفص فنه لا يجد ذكرا لقراءة حفص في مقابل حضور الراوي الثاني لعاصم أبي بكر شعبة، فحتى الذين أخذوا قراءة عاصم التزموا رواية هذا الأخير، فطريق شعبة عن عاصم كان مقدما عند المتقدمين "فإلى قراءة عاصم صار بعض أهل الكوفة وليست بالغالبة عليهم لأن أضبط من أخذ عن عاصم أبو بكر بن عياش فيما قال لأنه تعلمها منه تعلما خمسا خمسا وكان أهل الكوفة لا يأتمون في قراءة عاصم بأحد ممن يثبتونه في القراءة عليه إلا بأبي بكر بن عياش وكان أبو بكر لا يكاد يمكن من نفسه من أرادها منه فقلت بالكوفة من أجل ذلك وعز من يحسنها وصار الغالب على أهل الكوفة إلى اليوم قراءة حمزة بن حبيب الزيات ". ( المصدر السابق، ص 14).

كانت رواية حفص عن عاصم إذن آنذاك أقل القراءات حظا، فأهل الكوفة لما عزت عندهم رواية أبي بكر شعبة لم يلتفتوا إلى رواية حفص بل مالوا إلى قراءة حمزة والكسائي رغم كرههم لها.

هذا هو الشأن في المشرق الإسلامي ولكن كان الأمر مختلفا في المغرب الإسلامي(مصر وشمال أفريقيا والأندلس)، فلم تكن فيه هذه القراءات معروفة حتى أواخر المائة الرابعة، ومن ثمّ اختار أهل المغرب أن يقرؤوا وفق قراءة نافع المدني برواية ورش، وهو ما يشير إلى أنّ ما ذهب إليه علماء المشرق من انتقاء رواية حفص لم يكن متفقا عليه في بقية العالم الإسلامي وخاصة في مغربه الذي أخذ في آن واحد الفقه المدني والقراءة المدنية.

إنّ انقسام العالم الإسلامي بين هاتين الروايتين يؤكد أنّ قراءة حفص لم تحز على الإجماع حتى في فترة متأخرة من التاريخ الإسلامي، وإنّما سيادة هذه الرواية النهائية في جزء كبير من العالم الإسلامي لا يمكن إرجاعه إلى مقاييس القراءة فقط وانما هناك أسباب أخرى تحتاج الى البحث والتقصي.

والكلام في ذلك طويل يكفينا منه ذلك ومن يروم التفصيل فليرجع الى كتب تاريخ القران وتاريخ القراءات.

اذن اين قراءة حفص من هذه القراءة النبوية؟ وهل لاهل البيت(صلوات الله عليهم اجمعين) قراءة خاصة؟

وهذا ما سنجيبه في الحلقة الأخيرة القادمة ان شاء الله تعالى.

Powered by Vivvo CMS v4.7