• Post on Facebook
  • Twitter
  • pdf
  • نسخة للطباعة
  • save
الأكثر شعبية

دور الائمة وشيعتهم في خدمة القران وعلومه

بواسطة |   |   عدد القراءات : 1225
حجم الخط: Decrease font Enlarge font

دور الائمة وشيعتهم في خدمة القران وعلومه

لا يتنكر لدور أئمّة الشيعة وقادتهم ـ بل أئمّة المسلمين جميعاً ـ في كل العلوم وعلى الخصوص في التفسير الا مكابر، وكيف لا يكونون كذلك، وقد ترك رسول اللّه بعد رحلته الثقلين وحثّ الاَُمّة على التمسّك بهما، وقال: «إنّي تارك فيكم الثقلين: كتاب اللّه، وعترتي أهل بيتي، ما إن تمسّكتم بهما لن تضلّوا بعدي أبداً».

ولكن الموَسف أنّ أهل السنّة والجماعة لم يعتمدوا في تفسير كتاب اللّه العزيز على أقوال أهل البيت، وهم قرناء القرآن وأعداله والثقل الآخر من الثقلين، وإنّما استعانوا في تفسيره بأُناس لا يبلغون شأوهم و لا يشقّون غبارهم، نظراء :مجاهد بن جبر(المتوفّى104هـ) وعكرمة البربري (المتوفّى104هـ) وطاووس بن كيسان اليماني(المتوفّى106هـ) وعطاء بن أبي رباح(المتوفّى114هـ) ومحمد بن كعب القرظي (المتوفّى118هـ)، إلى غير ذلك من أُناس لا يبلغون في الوثاقة والمكانة

وقد بلغت إحاطة أئمّة أهل البيت بالكتاب العزيز إلى حدّ يقول الاِمام الباقر - عليه السّلام- : «إنّ اللّه تبارك و تعالى لم يدع شيئاً تحتاج إليه الاَُمّة إلى يوم القيامة إلاّ أنزله في كتابه وبيّنه لرسوله، وجعل لكلّ شيء حداً وجعل عليه دليلاً يدلّ عليه».

ويقول الاِمام الصادق - عليه السّلام- : «ما من أمر يختلف فيه اثنان إلاّوله أصل في كتاب اللّه عزّوجلّ ولكنّ لا تبلغه عقول الرجال».
أسنادهم موصولة إلى النبيّ - صلَّى اللّه عليه و آله و سلَّم-

إنّ أئمّة أهل البيت - عليهم السّلام- لا يروون في مجال الفقه والتفسير والاَخلاق والدعاء، إلاّما وصل إليهم عن النبيّ الاَكرم عن طريق آبائهم وأجدادهم، وليس مرويّاتهم آراءهم الشخصيّة التي تنبع من عقليّتهم، فمن قال بذلك وتصوّرهم مجتهدين مستنبطين، فقد قاسهم بالآخرين ممّن يعتمدون على آرائهم الشخصيّة، وهو في قياسه خاطىَ فهم منذ نعومة أظفارهم إلى أن لبّوا دعوة ربّهم لم يختلفوا إلى أندية الدروس، ولم يحضروا مجلس أحد من العلماء، ولا تعلّموا شيئاً من غير آبائهم، فما يذكرونه علوم ورثوها من رسول اللّه وراثة غيبيّة لا يعلم كنهه إلاّ اللّه سبحانه والراسخون في العلم.
وهذا جابر الجعفي، قال: قلت لاَبي جعفر الباقر - عليه السّلام- : إذا حدثتني بحديث فاسنده لي، فقال: «حدّثني أبي عن جدّي، عن رسول اللّه - صلَّى اللّه عليه و آله و سلَّم- عن جبرئيل عن اللّه تبارك و تعالى فكلّ ما أُحدثك بهذا الاسناد، ثمّ قال: «لحديث واحد

تأخذه من صادق عن صادق خير لك من الدنيا وما فيها».
وروى حفص بن البختري. قال: قلت لاَبي عبد اللّه الصادق - عليه السّلام- أسمع الحديث منك فلا أدري منك سماعه أو من أبيك؟ فقال: «ما سمعته منّي فاروه عن أبي، وما سمعته منّي فاروه عن رسول اللّه - صلَّى اللّه عليه و آله و سلَّم- ».

فأئمّة المسلمين على حدّ قول القائل:
ووال أُناسا نقلهم و حديثهم * روى جدّنا عن جبرئيل عن الباري
ولقد عاتب الاِمام الباقر - عليه السّلام- سلمة بن كهيل و الحكم بن عيينة حيث كانا يتعاطيان الحديث من الناس، ولا يهتمّان بأحاديث أهل البيت، فقال لهماشرّقا وغرّبا، فلا تجدان علماً صحيحاً إلاّ شيئاً خرج من عندنا أهل البيت».

تلك ـ واللّه ـ خسارة فادحة، حيث إنّ جماعة من المحدّثين والفقهاء والمفسّرين دقّوا كلّ باب ولم يدقّوا باب أهل البيت إلاّشيئاً لا يذكر ففسّروا كتاب اللّه بآرائهم وأفتوا في المسائل الشرعية بالمقاييس الظنية التي ليس عليها مسحة من الحقّ، ولا لمسة من الصدق حتى حشوا تفاسيرهم بإسرائيليّات ومسيحيّات بثّها مسلمة أهل الكتاب ككعب الاَحبار ووهب بن منبه وتميم الداري وأضرابهم بين المسلمين، وأخذها عنهم المحدّثون والرواة والمفسّرون في القرون الاَُولى، زاعمين أنّها علوم ناجعة وقضايا صادقة، فيها شفاء العليل، ورواء الغليل والحال أنّك إذ فتّشت التفاسير الموَلّفة في القرون الغابرة لا تجد تفسيراً علمياً أو روائياً من أهل السنّة إلاّوهو طافح بآرائهم الشخصية وأقوالهم التي لا قيمة لها في سوق العلم، وقد استفحل أمر هوَلاء الرواة حتى اغترّ بهم بعض المفسّرين من الشيعة، فذكروا

جملة من الاِسرائيليات في ثنايا تفاسيرهم، وما ذلك إلاّ لاَنّ تلك الاَفكار كانت رائجة إلى حدّ كان يعدّ الجهل بها، وعدم نقلها قصوراً في التفسير وقلّة اطلاع فيه، ولاَجل ذلك لم يجد شيخ الطائفة محمد بن الحسن الطوسي بداً من نقل آراء هوَلاء في تفسيره «التبيان»، وتبعه أمين الاِسلام في تفسير «مجمع البيان»، ولكن لم يكن ذكرهم لآراء هوَلاء لاَجل الاعتماد عليهم والركون إليهم، وإنّما ألجأتهم إليه الضرورة الزمنيّة والسياسة العلمية السائدة على الاَوساط آنذاك.
إذا وقفت على أئمّة التفسير وأساتذته، فهلمّ معي ندرس حياة شيعتهم ممّن خدموا القرآن في عصرهم، وبعدهم وهم الذين تربّوا في حجورهم، وارتووا من نمير علمهم الصافي، وتمسّكوا بأهداب معارفهم، وقد خدموا القرآن بمختلف أشكال الخدمة، نشير إليها على وجه الاِجمال، ونحيل التفصيل إلى آونة أُخرى.

 

Powered by Vivvo CMS v4.7