الشيعة والتفسير الموضوعي بأقسامه

بواسطة |   |   عدد القراءات : 1438
حجم الخط: Decrease font Enlarge font

 

الشيعة والتفسير الموضوعي بأقسامه

إنّ نزول القرآن نجوماً، وتوزع الآيات الراجعة إلى أكثر الموضوعات في سور القرآن يقتضي نمطاً آخر من التفسير غير تفسير القرآن سورة فسورة وآية فآية، وهذا النمط عبارة عن تفسيره حسب الموضوع بجمع آيات كلّموضوع في محلّ واحد وتفسير مجموعتها مرّة واحدة، مثلاً المفسّر الذي يحاول التعمق في الحديث عن السماء والاَرض، أو عن المعاد، أو قصص الاَنبياء، أو في أفعال الاِنسان من جهة الجبر والاختيار، لابدّ أن يتبع هذا النمط الذي ذكرناه ليتمكّن من جمع أطراف الموضوع جمعاً كاملاً وشاملاً.
إنّ من جملة الاَسباب التي دعت إلى ظهور عقائد مختلفة بين المسلمين، وتشبّث صاحب كلّ مذهب بآيات القرآن، هو أنّهم اهتمّوا بقسم خاص من آيات الموضوع دون الاَخذ بكلّ ما يرجع إليه، ولو أنّهم اهتموا في كلّ مسألة من المسائل الاعتقادية بمجموع الآيات لدروَوا عن أنفسهم الوقوع في المهاوي السحيقة.

ومن باب المثال نذكر أصحاب عقيدة الجبر في أفعال الاِنسان، أو مذهب التفويض فيها، فانّهم ابتلوا بما ذكرناه، وخبطوا خبطة عشواء في فهم المقاصد الاِلهيّة وتفسيرها. إنّ الرجوع إلى الفهارس ومعاجم الكتب خصوصاً فيما ألّف في أحوال رجال كانوا يعيشون في القرون الاَُولى الاِسلامية إلى رابعة القرون وخامستها يكشف عن أنّ هناك لفيفاً من علماء الشيعة وفطاحلهم اهتموا بهذا النمط من
التفسير في إطار خاصّ، فترى أنّهم ألّفوا كتباً تفسيريّة في خصوص موضوعات محدودة، فجمعوا آياتها في رسائلهم وكتبهم وأدّوا حقّ الكلام في الموضوع الذي لا يمكن في النمط الآخر من التفسير، ونذكر في المقام بعض ما ألّف في ذلك المجال:

أ: المحكم والمتشابه

إنّ القرآن الكريم يصنّف الآيات القرآنية ويقسّمها إلى محكم ومتشابه، فالمحكم هو أُمّ الكتاب، والمتشابه ما يجب أن يرجع إليها في تبيين مفهومه، فكأنّ المحكم أصل، والمتشابه فرع، ويجب أن نستعين في فهم المتشابه بالاَُمّ، قال سبحانه: (هُوَ الّذي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الكِتابَ مِنْهُ آياتٌ مُحْكَماتٌ هُنَّ أُمُّ الكِتابِ وَأُخَرُ مُتَشابِهات) .
ثمّإنّه وقع الاختلاف في تفسير المتشابه إلى أقوال كثيرة ذكرها الفخر الرازي في تفسيره، وأنهاها إلى قرابة عشرين قولاً لا يسع المقام ذكرها ونقدها، وإنّما الغرض هو الاِشارة إلى ما قام به الشيعة الاِمامية طوال القرون من تأليف رسائل خاصّة في ذلك الموضوع، والبحث عن الآيات المتشابهة إلى جانب الآيات المحكمة، ونذكر في هذه القائمة مشاهير الموَلّفين ونترك الباقي لاَصحاب المعاجم:
1.
متشابه القرآن: لاِمام القرّاء أحد البدور السبعة، أبي عمارة، حمزة بن حبيب الزيّات الكوفي، من أصحاب الاِمام الصادق - عليه السّلام- ، والمتوفّى أيّام المنصور، عام (158هـ)، ذكره ابن النديم.

2. محكم القرآن ومتشابهه: لسعد بن عبد اللّه بن أبي خلف الاَشعري القمي. قال النجاشي: شيخ هذه الطائفة وفقيهها ووجهها، إلى أن قال: ولقي مولانا أبا محمد - عليه السّلام- ، له كتاب ناسخ القرآن ومنسوخه ومحكمه ومتشابهه، والظاهر أنّ كتابه في فصلين أحدهما: الناسخ و المنسوخ، والثاني: في المحكم والمتشابه، أو هما رسالتان جمعهما في جزء واحد، توفّي سعد عام (301هـ)
3.
متشابه القرآن: تأليف أبي محمد الحسن بن موسى النوبختي. قال النجاشي: شيخنا المتكلّم المبرز على نظرائه في زمانه قبل الثلاثمائة وبعدها، ثمّ عدّ كتبه الكثيرة وقال: «...متشابه القرآن، وله مجالس مع الشيخ أبي القاسم البلخي المعتزلي (المتوفّى 319هـ).
4.
متشابه القرآن: للشيخ أبي عبد اللّه محمد بن هارون، أُستاذ الشيخ محمد ابن المشهدي، صاحب «المزار»، (المتوفّى عام530هـ).
5.
متشابه القرآن و مختلفه: تأليف الشيخ رشيد الدين محمد بن علي بن شهر آشوب السروي المازندراني، المولود عام (488هـ)، والمتوفّى عام (588هـ)، وهو كتاب نفيس ينبىَ عن طول باعه، وسيوافيك الكلام فيه في قائمة أعلام التفسير في القرن السادس.
6.
متشابه القرآن: لصدر المتألّهين المولى محمد بن إبراهيم الشيرازي، المولود عام (979هـ)، والمتوفّى عام (1050هـ).
7. متشابهات القرآن و محكماته: تأليف العلاّمة محمد هادي معرفة، وهو يشكّل جزءاً خاصّاً من موسوعته: «التمهيد في علوم القرآن»، وقد درس الآيات المتشابهة حسب ترتيب السور، وهو كتاب ممتع.

8.أضواء على متشابهات القرآن: تأليف الشيخ خليل ياسين المعاصر، طبع في بيروت في جزءين عام (1388هـ).
ونكتفي بما ذكر، وقد قام المعاصرون بتأليف رسائل مستقلة حول متشابهات القرآن، وفيما ذكرنا غنى وكفاية.

ب: الناسخ والمنسوخ

إنّ البحث عن الناسخ والمنسوخ في القرآن الكريم من الموضوعات التي لفتت نظر الباحثين والمحقّقين، وقد ألّف في ذلك الموضوع كتب ورسائل، وقد قام أبو بكر النحّاس بجمع الآيات التي ادّعى نسخها في كتاب أسماه «الناسخ والمنسوخ» فبلغت (138)آية.
إنّ النسخ في الاصطلاح عبارة عن «رفع أمر ثابت» في الشريعة المقدّسة بارتفاع أمده وزمانه، و المعروف بين الاِلهيين، جواز النسخ أي رفع الحكم عن موضوعه في عالم التشريع والاِنشاء، وخالف في ذلك اليهود، فادّعوا استحالة النسخ، واستندوا في ذلك إلى شبه واهية.
والمقصود في المقام هو نسخ الاَحكام الواردة في القرآن الكريم، لا مطلق نسخ الاَحكام وإن لم يرد في القرآن الكريم، فانّ القسم الثاني ممّا لا كلام فيه، فقد

صرّح القرآن الكريم بنسخ لزوم التوجّه إلى القبلة الاَُولى في الصلاة، والكلام في أن يكون شيء من أحكام القرآن منسوخاً بالقرآن أو بالسنّة القطعية أو بالاِجماع، وقد قسّموا النسخ إلى ثلاثة أقسام:
1.
نسخ التلاوة والحكم.
2.
نسخ التلاوة دون الحكم.
3.
نسخ الحكم دون التلاوة.
والاَوّل: بيّن الفساد لا يقول به إلاّ القائل بالتحريف في الكتاب العزيز، والمسلمون برآء منه إلاّ الحشوية من العامّة وبعض الاَخباريّين من الخاصّة.
ومُثّل للثاني: بآية الرجم، وانّه كان في القرآن الكريم ثمّ نسخ، والقول به أيضاً يلازم القول بالتحريف المصون عنه كتاب اللّه العزيز.

والقسم الثالث: هو المشهور بين العلماء والمفسّرين، فأنكر جماعة وجوده، وخالفهم بعض آخر بعد الاتّفاق على الاِمكان، والعدد الذي ذكره النحّاس إفراط، كما أنّ نفيه من رأس تفريط، والتحقيق موكول إلى محلّه، وها نحن نذكر في هذا المقام الرسائل الموَلّفة في هذا الموضوع من غير فرق بين أن يكون الموَلّف مثبتاً، أو نافياً وإليك البيان:
1.
الناسخ والمنسوخ: لعبد اللّه بن عبد الرحمن الاَصم المسمعي، المنسوب إلى طائفة من العرب باسم المسامعة ذكره النجاشي، وقال: وله كتاب الناسخ والمنسوخ يروي عنه محمد بن عيسى بن عبيد المتوفّى عام (262هـ)، ويروي هو عن مسمع بن كردين، وهو من أصحاب الاِمام الصادق - عليه السّلام- .

2.
الناسخ والمنسوخ: تأليف حسن بن واقد الذي هو أخو عبد اللّه بن واقد المعدود من أصحاب الاِمام الصادق - عليه السّلام- .
3.
الناسخ والمنسوخ: لدارم بن قبيصة التميمي الدارمي السائح، وهو ممّن روى عن الاِمام الرضا - عليه السّلام- وله كتاب آخر باسم الوجوه والنظائر
4.
الناسخ والمنسوخ:تأليف حسن بن علي بن فضّال الكوفي، من أصحاب الاِمام الرضا - عليه السّلام- لمتوفّى عام (422هـ).
5.
الناسخ و المنسوخ: لاَحمد بن محمد بن عيسى الاَشعري. قال النجاشي: شيخ القميين ووجههم وفقيههم غير مدافع، وكان أيضاً الرئيس الذي يلقى السلطان، ولقي الرضا - عليه السّلام- وله كتب، ولقي أبا جعفر الثاني وأبا الحسن العسكري، له كتاب الناسخ والمنسوخ توفي بعد سنة (472)، أو (280).
6.
الناسخ والمنسوخ: لسعد بن عبد اللّه بن أبي خلف الاَشعري القمي، شيخ هذه الطائفة وفقيهها ووجهها، ولقي مولانا أبا محمد العسكري، ثمّ ذكر كتبه، منها ناسخ القرآن ومنسوخه ومحكمه ومتشابهه، توفّي عام (299هـ) أو (301هـ).

7. الناسخ والمنسوخ: لشيخ القميين علي بن إبراهيم بن هاشم الذي كان حيّاً عام (307هـ)، وقد أكثر الكليني النقل عنه.

8.
الناسخ والمنسوخ: لعبد العزيز بن يحيى بن أحمد بن عيسى الجلودي الاَزدي البصري، شيخ البصرة وأخباريها، وكان عيسى الجلّودي من أصحاب أبي جعفر - عليه السّلام- ذكره النجاشي و ذكر له كتباً كثيرة، منها كتاب الناسخ والمنسوخ، كما ذكر له كتاب التفسير وسيجيء في محلّه، وهو من شيوخ محمد بن جعفر بن قولويه، موَلّف كامل الزيارات (المتوفّى عام 367هـ).
9.
الناسخ والمنسوخ: لمحمد بن العباس المعروف بابن الحجام يروي عنه التلعكبري سماعاً عنه سنة (328هـ).
10.
الناسخ والمنسوخ: للشيخ الصدوق، (المتوفّى عام381هـ)، والنسخة موجودة بالنجف الاَشرف مكتبة الشيخ علي كاشف الغطاء واحتمل شيخنا المجيز الطهراني أن تكون النسخة للناسخ والمنسوخ تأليف الشيخ عبد الرحمن بن محمد العتائقي الحلي، كما سيجيء.
11.
الناسخ والمنسوخ من القرآن العظيم: لقطب الدين سعيد بن هبة اللّه ابن الحسن الراوندي (المتوفي عام573هـ) توجد منه نسخة في طهران، وهو موَلّف «الخرائج والجرائح» المعروف.
12.
الناسخ والمنسوخ: لعبد الرحمن بن محمد العتائقي الحلي، المتوفى عام (760هـ)، والنسخة موجودة في النجف.

13. الناسخ والمنسوخ: لجمال الدين أحمد بن عبد اللّه بن محمد بن علي بن الحسن بن المتوّج البحراني من أجلاّء تلاميذ فخر المحقّقين (المتوفّى عام 771هـ)، والمعاصر للشهيد الاَوّل، (المتوفّى عام 786هـ)، وقد بسط في الكتاب القول في بيان الآيات الناسخة والمنسوخة، قال سليمان الماحوزي: «وقد قرأته على بعض مشايخي في حداثة سنّي، سنة (1091هـوالنسخة موجودة في النجف الاَشرف 14. الناسخ والمنسوخ: لعلي بن شهاب الدين الحسيني العلوي الهمداني، (المتوفّى عام 786هـ)، ومنه نسخة في مكتبة المرعشي بقم.
15.
الناسخ والمنسوخ من الآيات القرآنية: لفخر الدين أحمد بن عبد اللّه بن سعيد بن المتوّج البحراني، شيخ ابن فهد الحلي، (المتوفّى عام 841هـ)، وتلميذ فخر المحقّقين، (المتوفي عام 771هـ) وهو غير جمال الدين أحمد بن عبد اللّه الذي مضى برقم 13.
16.
الناسخ والمنسوخ: لشهاب الدين أحمد بن فهد الاحسائي موَلّف خلاصة التنقيح (المتوفّى 806هـ) شرحه عبد الجليل الحسيني القاري، شارح الجزرية في التجويد سنة (972هـ)، وقد شرح هذا الكتاب سنة (976هـ)، وطبع في طهران (عام 1384هـ).
17.
الناسخ والمنسوخ: للشيخ محمد مهدي بن جعفر الكاشاني الموسوي،

ألّفه عام (1250هـ)، وهو حفيد الوحيد البهبهاني.
18.
الناسخ و المنسوخ: للشيخ محمد شريف الموسوي الاصفهاني المجاز من الفاضل الايرواني، (المتوفي عام 1206هـ)، والشيخ زين العابدين المازندراني الحائري، طبع مع رسالته «نسيم السحر» في سنة (1323هـ).

 

 

Powered by Vivvo CMS v4.7