مفهوم الفتح وعلاقته لكربلاء الحسين (عليه السلام)

بواسطة |   |   عدد القراءات : 2104
حجم الخط: Decrease font Enlarge font
مفهوم الفتح وعلاقته لكربلاء الحسين (عليه السلام)

 

بقلم الشيخ عبد الحكيم الخُزاعي 

 

إن عاشوراء الحسين عليه السلام حدث تاريخي مهم لكنها تعالت فوق التاريخ وأصبحت حقيقة وواقعا معاشا يمد الواقع بالحياة ولا يمدها الواقع بل هي كما يقول الشهيد الصدر الثاني قدس سره في كتابه الاضواء (هي من صنعت التاريخ ولم يصنعها التاريخ)

  مع هذا علينا دراسة هذه الثورة دراسة واعية تنطلق من خلال ارهاصات هذه الثورة اي المقدمات ثم الفعل الثوري ثم بعد ذلك نتائج الثورة ليس على المستوى التاريخي القصير مابعد الثورة بل على مستوى التاريخ ككل لأننا نعتقد أن الفعل الحسيني فعل ديني إلهي رسالي وهو مرتبط بالإنسان بغض النظر عن مراحل التاريخ . 

إن اقتطاع الحدث عن سياقة إنما هو إفراغ له من محتواه فكثير يحيي عاشوراء لكنه إلى الآن لا يعرف فلسفة الثورة ،يعرف شخص الحسين لا شخصيته يبكيه عاطفيا والحدث يبكي الجميع بل يبكي الأعداء لكنه يبقى بكاء الجسد المقطع وهذه البكاء مالم يصل الإنسان بالحق المضيع بالحقوق التي نادى بها سيد الشهداء ثم تربطه بواقعه حتى تكون نفسيته حسينية وسلوكه كذلك فإنه يبقى ينعى الحسين عليه السلام في الواقع اليزدي إذ كل تخلف يزيد ... 

 

 مفهوم الفتح  

قال سيد الشهداء عليه السلام:من لحق بس استشهد ومن لم يلحق بي لم يبلغ الفتح   

ماهو الفتح الحسيني ؟ 

كلمة الفتح كلمة عميقة الدلالة وهي ارتبطت بالفكر الاسلامي ارتباطا وثيقاً ،والفتح عكس الغلق وهو إما فتح مادي كفتح البلدان مثاله (الفتوحات الإسلامية)أو فتح معنوي روحي عقائدي  

 

أصل صحيح يدلّ على خلاف الإغلاق ، يقال : فتحت الباب وغيره فتحا ، ثمّ يحمل على هذا سائر ما في هذا البناء فالفتح والفتاحة : الحكم. واللّٰه تعالى الفاتح ، أي الحاكم. والفتح : الماء يخرج من عين أو غيرها. والفتح : النصر والإظفار. واستفحت استنصرت. وفواتح القرآن : أوائل السور. 

- وفتحته فانفتح : فرّجته فانفرج. وباب مفتوح خلاف المردود والمقفّل. وفتحت القناة فتحا : فجرتها ليجري الماء فيسقى الزرع ، وفتح الحاكم بين الناس : قضى. وفتّاح مبالغة. وفتح السلطان البلاد : غلب عليها وتملّكها قهرا. 

وافتتحته بكذا : ابتدأته به. والفتحة في الشي‌ء : الفرجة ، والجمع فتح ، وباب فتح : 

مفتوح واسع. والمفتاح : الّذى يفتح به المغلاق ، والمفتح مثله ، وكأنّه مقصور منه والجمع مفاتح ، وجمع الأوّل مفاتيح. 

مفر- الفتح : إزالة الإغلاق والإشكال. وذلك ضربان : أحدهما- يدرك بالبصر ، كفتح القفل. والثاني - يدرك بالبصيرة كفتح الهمّ ، وذلك ضروب : 

أحدها في الأمور الدنيويّة كفقر يزال بإعطاء المال. والثاني - فتح المستغلق من العلوم. وقوله - إنّا فتحنا لك فتحا مبينا- قيل عنى فتح مكّة ، وقيل فتح ما يُستغلَق من العلوم والهدايات الّتى هي ذريعة الى الثواب والمقامات. وفاتحة كلّ شي‌ء : 

مبدؤه الّذى يفتح به ما بعده ، وبه سمّى فاتحة الكتاب.  

فكل إزالة للإغلاق هو نوع من الفتح ولنعدد انواع الفتوحات التي حدثت 

1. فتح مكة :قال تعالى (انا فتحنا لك فتحا مبيناً)وقد قال المفسرون انها في فتح مكة ولاشك أنه فتح عظيم حيث تطهرت مكة من الشرك وتحررت من سيطرة قريش وهي الكعبة وبيت الله الحرام الذي ينبغي أن يكون طاهراً مطهرا بعيدا عن كل سيطرة وقوة وبطش وهناك راي اخر إن الفتح المبين هو انواع الفتوح العظيمة التي ترتبط بالقلب أيضا 

فالفتح المطلق : كما في-. {إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحًا مُبِينًا (1) لِيَغْفِرَ لَكَ اللَّهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ وَيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكَ وَيَهْدِيَكَ صِرَاطًا مُسْتَقِيمًا (2) وَيَنْصُرَكَ اللَّهُ} [الفتح : 1 - 3] يراد الفتح المطلق في مسير الرسالة وإجراء وظائف النبوّة وإبلاغ الأحكام الالهيّة ، برفع الموانع المادّيّة والمعنويّة وكشف المغلقات وإزالةُ الأسداد ، ثمّ التقوية والنصر.  

2. الفتوحات الإسلامية :تلك التي قام بها المسلمون بعد النبي صلى الله عليه وآله وقد سبب مشاكل كثيرة لازالت تلقي بظلالها إلى اليوم في اتهام الاسلام ببسط النفوذ عبر السيف ،ولاشك هذا موضوع حساس  

3. يحتاج إلى دراسات عميقة وكثيرة حتى نعرف راي الاسلام في هذه المسألة الحساسة وهل ما وقع يكشف واقع التشريع ام هو اجتهاد بشري وتصرف انساني كان هدفه السيطرة وبسط النفوذ للخلافة فقط  

4. الفتح الحسيني : لاشك إن الحسين عليه السلام قد استشهد فاي فتح يكون الحديث عنه بعد ذلك بل بنفس خطابه قال من لحق بي استشهد ومن لم يلحق لم يدرك الفتح إذن كان فتحا من نوع آخر ليس فتح البلدان بل هو الفتح المتعلق بالشهادة نفس الشهادة هي فتح لذلك سنذكر عدة اقوال نراها يجمعها مفهوم الفتح الحسيني 

• فتح الشهادة: وهذا ما اختص به سيد الشهداء وأهل بيته وصحبه الكرام حيث هم من لحقوا به بالتالي أدركوا الفتح وهذا الفتح خاص بهم وهو وصولهم إلى درجات رفيعة جدا لا يدركها غيرهم

• فتح العقول :حيث فتح الحسين عليه السلام العقل الإنساني والإسلامي الذي أصبح أسيرا الشهوات ونزوات الحاكم ولعبة السياسة والهموم الصغيرة في المال والمتع الزائلة ،لقد وجهها الحسين توجيها صحيحاً نحو موضوعات اخرى لم تخطر في بالهم جعلهم يتفكرون بالله بالضمير بالمصير في صلاحية الحاكم في شروط ينبغي أن تكون متوفرة فيه من عدالة ونزاهة وشجاعة وأمانة ،لقد جعل العقل يعود مرة أخرى إلى تلك الموضوعات التي اثارها القران الكريم والنبي صلى الله عليه وآله والامام علي عليه السلام هذه الموضوعات التي هي جوهر الوجود الإنساني ، من دونها يبقى كالبهيمة همها علفها ،لقد أراد للعقل أن يخرج من أسره يتفكر يتأمل يتدبر بعيداً عن سلطة السوق والعشيرة والانتماء الضيق أراد له أن يتفكر بالحق وحده فقط ثم يقف بجرأة ويتخذ قراراته بنفسه دون وصاية من الآخرين . 

• فتح القلوب :حيث فتح سيد الشهداء عليه السلام القلوب على ابعاد اخرى والمهم هو فتحها وربطها بالمحبوب الحقيقي وهذا هو فتح الفتوح والنصر الأكبر . 

فهذه القلوب بعد رسول الله صلى الله عليه وآله تشتت وابتعدت عن الله وارتبطت بحب الدنيا فقط وحب الجاه والمال والامرة والسلاطين الظالمين حتى على مستوى كبار الصحابة ،لقد تبدل وتلبد ذلك الحب وذلك العشق الالهي الذي هو هدف البعثة (فاتبعوني يحببكم الله )  

فالحسين عليه السلام فاتح القلوب وهذا الفتح مستمر مادامت هناك قلوب متعطشة عارفة والهة وفي كل يوم هناك فتح حسيني للقلوب  

 

فكما أن الحسين عليه السلام فتح العقول على هموم اكبر فتح القلوب على عشق اكبر عشق لله وعشق للعدالة والفضيلة والتقوى وكرها للظلم والتخلف والجبن والتقهقر ولعمري هذا فتح عظيم

• فتح الضمائر :هذه الضمائر التي ماتت ما أن مات العقل وكان في سبات وماتت القلوب فكانت ولائها لغير الله أصبح الضمير ميتا وهل الإنسان إلا ضمير حي يستشعر من خلاله الظلم والجريمة والفقر وعذابات أخيه الإنسان ،والا يكون مجرد حجر ومدر والا حتى الحيوانات تسشغر الظلم  

لقد فتح الحسين عليه السلام الضمائر وجعل فيها حساسية كبيرة تجاه الظلم وهذا اكسب ثورته بعدا اجتماعيا إضافة للبعد العقلي والقلبي  

هذه الفتوح الحسينية مستمرة مادام هناك انسان يعشق الحسين عليه السلام ويريد معرفته لكنها تحتاج افقا آخرا وارتباطا آخرا ليس عاطفيا فقط بل واعيا فكريا عقائديا.

Powered by Vivvo CMS v4.7