السيدة زينب وريثة النبوة والإمامة وجبل الصبر الذي لم يهتز
بقلم: الشيخ عبد الحكيم الخُزاعي
تمر علينا ذكرى ولادة السيدة زينب عليها السلام في الخامس من جمادي الأولى في السنة الخامسة من الهجرة ،وهذه الذكرى العطرة تستدعي منا الوقوف على شيء من حياتها ؛ لأن الوقوف على كل ما تمثله عقيلة الطالبيين متعذر كمن يروم تناول الشمس.
وريثة المجد
لقد تربت السيدة زينب عليها السلام في بيت طاهر عظيم بل من اطهر البيوت إذ هو المعني بقوله تعالى ((في بيوت إذن الله أن ترفع ويذكر فيها اسمه ))جاء في كتاب الكافي للشيخ الكليني: (أعلى الله مقامه الشريف)
عن أبي بصير قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن قول الله عز وجل ﴿فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَن تُرْفَعَ﴾ قال: هي بيوت النبي (صلى الله عليه وآله) وهو المعني بقوله إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا ، فورثت عن جدها وأبيها وامها واخويها كل معالم الدين، ومعاني القيم والسمو والرفعة، وكل مواقف الجهاد والبطولة ،فهي شابهت جدها رسول الله صلى الله عليه وآله بالوقوف في وجه الباطل وورثت صبر ابيها وأمها ، وبلاغة الامام علي عليه السلام ولقد تجسد كل هذا في واقعة كربلاء.
العالمة غير المعلمة :
هذه العبارة التي قالها الإمام زين العابدين عليه السلام في واقعة كربلاء للسيدة زينب عليها السلام تكشف لنا عظمة هذه المرأة على لسان حجة الله في الأرض ، فمهما اختلفنا في تفسير هذه العبارة فهل عنى الإمام عليه السلام بذلك العلم اللدني ام شيئا آخر ؟ فهي بالتالي من اصفياء الله في العلم اللدني،ام هو العلم الذي مصدره المعصوم بالتالي لم تتعلم على يد أناس عاديين ،مهما اختلفنا وكل المعاني عظيمة تبقى هذه الكلمة مشعة في سماء المعرفة تكشف جانب من جوانب السيدة زينب عليها السلام ، فهي( عالمة) وهذه شهادة بالعلم لها ، والله يقول: (( يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ )) ويقول ( هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون) ولكن هذا العلم بغير تعلم من أناس طبيعيين كما نتعلم نحن بل لها مصدر آخر يعرفه الله تعالى واهل البيت عليهم السلام .. وكفى بهذا شرفا وفخرا .
المجاهدة الصابرة :
لا يكفي النسب أو الحسب أو العلم دون أن يكون للانسان موقف نبيل مشرف في الحياة فكيف لو اجتمعت كل هذه المعاني ؟
والسيدة زينب عليها السلام عليها اجتمع لها النسب الشريف والعلم الدقيق والجهاد في سبيل الله تعالى ،فهي مجاهدة مع أخيها الامام الحسين عليه السلام في كربلاء ، وكانت جبلا شامخا لم تهزه العواصف ،وفي الوقت نفسه كانت صابرة على الرغم من عظم المصاب ،فالامام الحسين عليه السلام يقول (هوَّن بي ما نزل بي أنه بعين الله)وهي تقول ( اللهم تقبل منا هذا القربان)وتشير إلى جسد الامام الحسين عليه السلام وفي رواية أخرى ( هذا القربان القليل ) ،لقد طبقت وصية الامام الحسين عليه السلام ( لا تشمتي بي الأعداء) فهي لم تشمت به الأعداء بل رفعت رأسه عاليا ، واكملت مشوار الثورة بحيث لولاها لما عرفنا معنى كربلاء ، فهي العلة المبقية لثورة سيد الشهداء عليه السلام .
قدوة وأسوة :
إننا اليوم أمام قدوة وأسوة كاملة للنساء والرجال قدوة للمرأة في عفتها وعلمها وعبادتها فقد كانت تصلي صلاة الليل من جلوس في كربلاء ، هي قدوة في تحمل الموقف والصبر والنهضة وهي ترسم دور المرأة شريكة الرجل في الدور الرسالي والقيادي ، فتستطيع المرأة في كامل عفتها أن تقف الموقف الرسالي والبطولي دون أن ينقص من حجابها أو عفتها شيئ ،بل يبرز العفاف والحجاب بشكله الرسالي وهذا ما ارادته السماء ،فلا حجر في المنزل ولا خروج بلا عفة .
على الرجال والنساء أن يقرأوا زينب عليها السلام وان يتعرفوا عليها وعلى الكتاب والمفكرين أن يبرزوا شخصية زينب الحقيقية وليست تلك الشخصية التي يبرزونها احيانا في الخطاب باكية نادبة فقط ...
السلام على زينب يوم ولدت والسلام عليها يوم توفيت ويوم تبعث مع امها الزهراء عليها السلام.