محمد باقر الصدر مدرسة الإبداع والتجديد والجهاد.

بواسطة |   |   عدد القراءات : 1446
حجم الخط: Decrease font Enlarge font
محمد باقر الصدر مدرسة الإبداع والتجديد والجهاد.

بقلم فضيلة الشيخ عبد الحكيم الخُزاعي ت

 

 

لا يختلف اثنان على ان الشهيد محمد باقر الصدر رضوان الله عليه من أهم مفكري وفلاسفة الإسلام بل من أكبر فقهاء المسلمين أيضا 

الأصالة والمعاصرة

لقد تميزت مدرسة الشهيد الصدر بميزة أساسية فقدتها اغلب المدارس فالمدارس اما هي أصيلة لكنها تفقد المعاصرة أو معاصرة لكنها تفقد الأصالة ،بينما نجد مدرسة الشهيد الصدر قدس سره تطل على العصر من واقع التأصيل فتخرج إلى الواقع بعيون تراثية لكنها متسلحة بأدوات البحث الحديث ومشكلات العصر ونافذة الموضوعات الحديثة.

أمثلة على ذلك 

أولا: علم الكلام لقد دأب المتكلمون على إثبات وجود الله تعالى والنبوات والمعاد وغير ذلك ،وقد اهتم الشهيد الصدر قدس سره أيضا بذلك ولكن المنهجية مختلفة ،فهم استخدموا البحث العقلي البرهاني والقياس المنطقي الصارم مثل برهان الإمكان والوجوب والحدوث وغير ذلك ،لكن الشهيد الصدر قدس سره اطل عليه من منطق الاستقراء المنطق الذي ساد في العصر الحديث والذي اغرم به مفكرو الغرب ،فالموضوع موضوع قديم جدا ولكن الأداة حديثة لقد استخدم اداتهم فهم قد أثبتوا من خلاله حتى وجود قضايا مادية مثل بعض الكواكب أو في ما يرتبط بالذرة فلماذا لا نثبت وجود الله تعالى من خلاله ؟ 

ثانياً: الفلسفة والفكر الإسلامي: لقد فكر فلاسفة الاسلام في مبحث الوجود كثيرا ولم يفكروا بالمشاكل الفلسفية الحديثة مثل مسائل نظرية المعرفة والنظام الصالح للحياة البشرية وعلاقة الله بالعالم وشكل النظام الفكري والايدلوجي الصالح للبشرية ،نعم يوجد بعض المفكرين فكروا كذلك أمثال العلامة الطباطبائي قدس سره والشيخ مرتضى مطهري قدس سره في إيران ، لكن لم يكن النظام والنسق كما نراه عند الشهيد الصدر قدس سره بحيث يظهر نظام الاسلام في قبال النظام الغربي بشقيه الرأسمالي والشيوعي ،فهو قد كتب بالاقتصاد وكتب بالفلسفة ثم جاء الى أعقد مشكلة وهي المنطق الأساس الذي يجب أن يكون عليه الفكر ، فهو لم يكتف بما أبدعه أرسطو طاليس والذي قبله مفكرو الاسلام كصيغة نهائية للفكر والمنطق ،بل ابدع منطقا اخر ، وهو كتاب الأسس المنطقية للاستقراء معالجا مشكلة المعرفة والانتقال من الجزء الى الكل وحجية ذلك في الفكر .

لذا أسهم الشهيد الصدر قدس سره في دفع حركة الفكر الإسلامي والفلسفة والمنطق دفعة الى الامام تنتظر المضي بها إلى الأمام.

ثالثا: التفسير: لقد أسهم المفسرون إسهاما كبيرا في حركة التفسير من التفسير على مستوى اللفظ فقط إلى التأويل الى الموضوعات المتعددة وباساليب ومناهج مختلفة ، وقد دخل الشهيد الصدر قدس سره هذا المضمار فالموضوع هو الموضوع أي التفسير لكن المنهج مختلف ولقد كان الشهيد الصدر قدس سره مبدعا في المنهج فهو دخل الى عالم التراث من واقع النظرية التي ترييد التغيير فهو قد كتب للتغيير وليس للكتابة فقط أو إثبات الذات ، لذا فكر كيف نخرج القران الكريم الى واقع الحياة كيف نرجع القيمومة والهيمنة القرآنية على الحياة هل بطريقة الدخول من القرآن الى القرآن بطريقة التفسير الموضوعي ؟ ام الدخول من واقع الحياة ومشكلاتها الى القرآن الكريم لنجد عنده الحل في المشاكل الكثيرة وهو التفسير الموضوعي عند الشهيد الصدر قدس سره ، وهناك معنى آخر للتفسير الموضوعي عند الآخرين مبحوث في علوم القران ، فالصدر يرى ان استمرار قيمومة القران الكريم على الحياة في مفاهيمها ومشاكلها وحلولها من خلال دراسة الواقع بما يزخر من تحديات ومشاكل دراسة موضوعية صحيحة وتعيين نوع المشكل ثم الرجوع الى القرآن الكريم لمعرفة تصوراته وحلوله لنوع المشكل، بهذا يخرج القران الكريم عن العزلة ويعود إلى كونه إماما ورحمة وهدى وليس فقط بتلاوته أو تفسيره ،اذ القران نزل حتى يعمل به ويكون نبراسا ودستورا للمسلمين وغير المسلمين.

رابعاً: سيرة أهل البيت عليهم: لقد درست هذه السيرة باشكال متعددة منها الفضائلي الصرف ومنها التحليلي وغير التحليلي، ولكن افتقدت للنظرية الواحدة ، والصدر قدس سره دخل الى سيرة أهل البيت عليهم السلام من خلال النظرية ( فاهل البيت عليهم السلام مختلف ادوار ووحدة هدف ) فنحن يجب أن ندرس السيرة بما تقدم لنا من أدوار وأهداف،فالاهداف واحدة لكن الادوار مختلفة ، وعلينا الغوص في السيرة وفي التاريخ العام ثم معرفة الواقع لنعين التكليف وفق هذه النظرة المعمقة التي ترفدنا بتراث وعطاء كبير وتجعلنا من مصاديق العارف بزمانه الذي لا تهجم عليه اللوابس.

 

هذه بعض الأمثلة والا فالقائمة تطول جدا في المستوى الفكري العام او الخاص اي الحوزوية ، فهو له ابداع في علم الأصول الذي هو منطق الفقه كما يعبر عنه ،ولقد بقيت هذه العلوم بعد الصدر يتيمة تعاني من تضخم في الشكل دون المحتوى أو تخوض في الجزئيات دون الدخول في فقه النظرية الذي يرسم الأطر العامة للحياة الإسلامية الصحيحة.

 

اين نحن اليوم من الصدر ؟ 

اننا مدعوون لمراجعة أنفسنا على مستوى الأفراد والمؤسسات تجاه مدرسة الشهيد الصدر قدس سره فهي المدرسة الوحيدة التي لها قدرة المواجهة وقدرة الصمود أمام تحديات الداخل والخارج وجاء الوقت وخصوصا في ذكرى شهادته ، أن نفكر مليا في المشروع الفكري العظيم اين نحن منه ؟ هل نحن نسير في خطاه هل أكملنا المشروع أم أن هذا المشروع ورقة مطوية الا ببعض الدروس على مستوى علم اصول الفقه وليس على مستوى فلسفتنا واقتصادنا هل أكملنا مجتمعنا ، أم أن اقتصادنا وفلسفتنا ومجتعنا في تيه فكري عام وخضوع للتغريب بعيدا عن رؤى الصدر ومشروعه ونقده الكبير.

رضوان الله على الشهيد الصدر وعلى أخته العلوية بنت الهدى ولعن الله طاغية العراق صدام الذي حرم الأمة الإسلامية من هذا النبع الصافي.

 

Powered by Vivvo CMS v4.7